هكذا يتم إبتلاع مليارات اليمن تحت عين الأمم المتحدة التي لا ترغب أن توثق ذلك
الموضوع: أخبار اليمن

من الواضح للجميع أن الحروب الطويلة والشرسة تتسبب في تدمير اقتصاديات الدول على مستوى كل القطاعات العام والخاص والمختلط ويصل أثرها إلى تدمير سبل العيش المجتمعية والاقتصادات البسيطة، وهو ما حصل ويحصل حالياً في اليمن، إذ حرصت المليشيا الانقلابية كل الحرص لبسط سيطرتها الكاملة على مؤسسات الدولة المالية والاقتصاد لضمان تمويل أنشطتها الحربية وتأمين متطلبات قاداتها ومشرفيها وأتباعها وهو ما جعلهم يبددون المال العام لصالح خدمة أجندتهم الضيقة ونشر أفكارهم اﻹرهابية والانقلابية على حساب احتياجات الناس ومتطلبات معيشتهم ومستحقات موظفي القطاع العام، اﻷمر الذي تسبب بأزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل، وأصاب الاقتصاد الوطني في خاصرته ومن غير المجدي على المستوى البسيط أن يتم معالجته ببرامج التعافي الاقتصادي إلا بتكامل الجهود وتوحدها وامتلاك الشجاعة من كل المعنيين محليين ودوليين لفعل ذلك.

اليمن…. الاقتصاد والحرب

نتيجة ﻵثار الحرب وأزماته المتفاقمة والمتعاقبة انهار النظام الاقتصادي في اليمن كلياً ووقعت مختلف مؤسساته في قبضة المليشيا كونها تتمركز في اﻹطار المكاني الخاضع لسيطرتها وقد شهد المراقبون سلسة أعمال السطو المنظم لخزائن واحتياطي البنك المركزي وسيطرتهم الكاملة على بنك التسليف الزراعي والمؤسسة الاقتصادية اليمنية وسائر المؤسسات اﻹيرادية كالمؤسسة العامة للاتصالات والمصلحات وغيرها من روافد الاقتصاد الوطني التي تم توجيهها لدعم الحرب، وحرفها عن مسارها الصحيح وهو الأمر ذاته بالنسبة للموارد المحلية.

وقد عمدت المليشيا إلى تدمير المنشآت التجارية والاقتصادية الخاصة التي لا تستطيع تجيير بعض أرباحها لخدمة مصالحها وحربها، وهو ما أصاب الاقتصاد بالركود وزاد معدلات البطالة وجعل الوضع اﻹنساني أكثر سوءاً وتعقيداً وأضعف قدرة المواطنين على الشراء والتردد على السوق، من جانب آخر سعت المليشيا وفصائل إرهابية أخرى إلى تدمير الاقتصاد الزراعي والريفي البسيط في كل منطقة يتمكنون من شن حربهم عليها ومنعوا من تسويق المنتجات الزراعية من خلال مصادرتهم لهذه المنتجات أثناء مرور المزارعين في نقاط التفتيش التابعة لهم.

ومن الملاحظ أن لدى كافتهم نزعة قوية ﻹيقاف الحياة وتعطيل اقتصاديات الناس منذ نشوب الحرب وهم بذلك من يستحقون أن تتوجه لهم اﻹدانة والشجب ومن يتحملون ضعف قدرة الدولة على إنعاش النظام اﻹقتصادي وعلى تسليم الرواتب لكافة الموظفين بانتظام.

اﻷمم المتحدة والكيل بمكيالين :

لم تتخذ اﻷمم المتحدة موقفاً صريحاً أو إجراءاً عملياً ضد المليشيا الانقلابية وهي تسدد ضرباتها الموجعة للاقتصاد الوطني منذ سيطرتها على مفاصل الدولة ومقومات الاقتصاد، مقابل تمنعها المستمر من تسليم اﻹيرادات قبل وبعد نقل البنك المركزي إلى محافظة عدن لكنها مؤخراً أبدت قلقها على لسان السيد “اوكل لوتسما” مدير البرنامج اﻹنمائي للأمم المتحدة باليمن على مصير إيرادات المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة حكومة الشرعية.

وقال السيد لوتسما: “إن المنظمة لا تعلم أين تذهب إيرادات المحافظات الجنوبية منذ قيام الرئيس هادي بنقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في سبتمبر الماضي متسببا بقطع مرتبات الدولة ومضاعفة اﻷزمة اﻹنسانية”، وقد تضمن تصريحه هذا مغالطات واضحة وخروج عن الحقائق الواضحة للجميع؛ وكأن مرتبات الموظفين كانت تصرف بانتظام ولكل القطاعات قبل نقل البنك إلى مدينة عدن وهو مالم يكن أساسا وبدا من تصريحه بأن عملية نقل البنك هي من ضاعفت المأساة اﻹنسانية في البلاد، متناسياً نهب أموال البنك واحتياطه وإصرار المليشيا على الاستئثار بالموارد دون توريدها. وأضاف لوتسما: “نحن نعلم أن البنك المركزي قد انتقل إلى عدن ومن غير الواضح إلى أين تنتهي اﻹيرادات التي تحصل في محافظات اليمن الجنوبية وبيع أي نقد متبق”. متسائلاً: “ليس من الواضح ما إذا كانت الأموال تذهب إلى البنك المركزي في عدن أو لحسابات الحكومة في الخارج، لكن ما هو واضح أنه أينما ذهبت تلك الأموال إﻻ أن المرتبات لم يتم دفعها من قبل الحكومة في عدن”.

مصير اﻹيرادات

يؤكد الخبراء بأن ما نسبته 73% من إيرادات الدولة في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين بعد إيقاف تصدير النفط وبالتالي فإن مصير النسبة اﻷكبر من اﻹيرادات بيد المليشيا، وبالتالي لا تقع مسؤولية توفير رواتب الموظفين في كافة القطاعات على الحكومة التي لا تسيطر على هذه اﻹيرادات.

مصير مرتبات 7أشهر

أبدت الحكومة الشرعية حسن النوايا وبادرت بتسليم موظفي الدولة مرتباتهم على أمل إلتزام الحوثيين بتوريد الموارد لكنهم لم يكونوا عند قدر المسؤولية وامتنعوا عن ذلك.

أفشلت المليشيا الانقلابية كل جهود ومبادرات المبعوث اﻷممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ في إخضاع إيرادات ميناء الحديدة ﻹدارة دولية.

مصير اﻹيرادات في المحافظات الجنوبية

يوضح محافظ محاقظة عدن عبدالعزيز المفلحي أن “عدن ثروة منهوبة ومغتصبة لا تذهب إلى أوعية الدولة بل تذهب إلى أوعية مليشيا وأوعية من أرادوا لعدن أن تركع” ويشمل هذا الكلام كل المحافظات الجنوبية كون محافظة عدن هي اﻷنموذج اﻷبرز بهذا الصدد، ويضيف المفلحي “عدن ما زالت مخترقة وما زالت أجهزة الحوثي وأزلامهم من كل اﻷطياف الحاقدة تمارس النهب والتخريب واﻹرهاب وهم يدركون أن العالم في هذه اللحظات الفارقة يضع المجهر علينا جميعا في الحساب، هل ستكون عدن عاصمة حقيقية؟ وهل هناك وجود لدولة أم لا؟!..” وهو بهذا يشير إلى تغلغل الدولة العميقة وتلاعبها بالثروات والموارد تحت مسميات وشعارات مختلفة تهدف في مجملها إلى حجب الموارد وعرقلة وصولها إلى حسابات الدولة.

وأبدى المفلحي استعداده وجاهزيته للمحاسبة وتوضيح كل الجوانب المتعلقة ياﻹيرادات.

مشكلات متداخلة ومعوقات

من الصعب جداً أن تجرى إصلاحات اقتصادية على المستوى القريب في مناطق ما تزال في طريق التعافي من الحرب وما زالت أوضاعها اﻷمنية هشة وتعاني أيضاً من التدمير الداخلي من قبل الدولة العميقة وتعاني من مشكلات متداخلة وقد أشار المفلحي إلى عدد من المشكلات العامة والخاصة في المحافظات الجنوبية أهمها:

– أكثر من 8 مخططات ﻹشعال حروب أهلية من قبل المغرضين والحاقدين تم إفشالها.

– نهب الثروات والموارد وعدم توريدها لخزينة الدولة.

– اضطراب اﻷمن وألاعيب الحاقدين واختراق مؤسسات الدولة.

– صرف الكثير من اﻷموال وبالعملة الصعبة لمشاريع وهمية.

– ضريبة القات مليار وأربعمائة مليون سنوياً ولا يورد منها سوى 500 ألف ريال، واﻷمر كذلك في بقية القطاعات.

– إدارة الجمارك يأخذون ضريبة 100% على التجار برغم وجود البنك المركزي والبنوك اﻷخرى وهذا يؤثر على الدورة المالية وهناك الكثير من الموارد لا تودع بنفس الوقت للحسابات.

وبرغم هذه المشكلات وغيرها يثق المحافظ في إحداث تغيير ايجابي من خلال حزمة الاصلاحات التي يسعى لتحقيقها.

خطوات وإصلاحات

يشير المحافظ إلى جملة من اﻹصلاحات التي سيتخذها بهذا الشأن مؤكداً على أن عجلة التنمية بدأت بالتقدم ولن يستطيع أحد إيقافها وأن الخطوة اﻷولى في اتجاه بناء الدولة ومؤسساتها قد بدأت ومصممون على إحداثها على أرض الواقع ويجب أن نمارس جمعياً هذا التحدي، وأبرز هذه الخطوات:

– إعادة اﻷمن والإستقرار لمحافظة عدن.

– الحد من الفساد والتجاوزات.

-التعاون مع كافة اﻷطراف لحل المشكلات.

– الوضوح والشفافية.

دور البرنامج اﻹنمائي

يفترض بمكتب البرنامج اﻹنمائي في عدن وهو المعني اﻷول بالتنمية الاقتصادية أن يسند جهود المحافظ وكل جهود المحافظات الجنوبية الأخرى في مجال إدارة الموارد والتغلب على كافة المشكلات التي تعيق ذلك من خلال دراسة المشكلات وبناء القدرات والتنسيق مع كافة اﻷطراف وتبني البرامج واﻷنظمة الكفيلة بتحقيق ذلك.

ومهما يكن اﻷمر فإن النسبة اﻷكبر من موارد الدولة تقع تحت سيطرة الحوثيين.

مأرب برس - سبتمبر نت- أحمد عفيف
السبت 12 أغسطس-آب 2017

أتى هذا الخبر من مأرب برس | موقع الأخبار الأول :
https://marebpress.net

عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://marebpress.net/news_details.php?sid=130041