قراءة نقدية للفيلم الامريكي سلاحف النينجا‎
الموضوع: ثقافة

الهاجس الامني اصبح سوقا مربحة للسينما في امريكا ليس المرة الاولى و لن تكون الاخيرة ان يكون هناك تهديد امني لمدينة امريكية خصوصا نيويورك في فيلم سلاحف النينجا 2014 للمخرج "جوناثان ليبزمان" من انتاج مايكل بي بطولة "ميغان دنير فوكس – جوني نوكسفيل– ويليام فيكنر– توني شلهوب– و روبي عولبرغ " بلغت ميزانيته بحدود 125 مليون دولار، ملخص قصة الفيلم : تحكي طموح الفتاة الشابة (أبل) ميغان فوكس، التي تعمل كصحفية باحدى القنوات التلفزيونية الاخبارية تتابع انشطة الشرطة و حوادث الجريمة لكنها تتطلع لدور اكبر من مجرد نقل الاخبار بعد وقوعها، تكثر الحوادث الاجرامية في نيويورك يبرز اعلاميا دور قائد الشرطة (شريدر) الذي يكون هو رئيس عصابة اجرامية تسعى لجريمة كبيرة و جني ارباح طائلة، بالصدفة تكتشف الصحفية(أبل) عملية تهريب تكون المفاجأة ان اشخاص يملكون قوة عجيبة يحبطون هذه العملية، ثم يكون لقاء(أبل) مع الابطال الاربع (رفائيل، مايكل انجلو، لينوناردو و دوناتيلو) ليست في حلم بل حقيقة اربع سلاحف قوية يقودهم الفأر (سبلينتر) مهمة هولاء القضاء على الشر، تكتشف الصحفية ان هولاء اصدقاء الطفولة كانت تعتني بهم في مختبر والدها الذي كان يحاول الوصول لاكتشاف مهم مع شريكة (شريدر) اخيرا نكتشف ان (شريدر) غدر بوالدها و قتله لكن اكتشاف والدها تحقق بعد ان اكتشف عقار سحري يمنح صاحبه قوة خارقة السلاحف و الفار شربو من هذا العقار... بعد معارك ينتصر الخير و يتم انقاذ سكان نيويورك من مخطط خطير.

هناك مئات الافلام تناولت الموضوع اي وجود مخطط اجرامي يهدد مدينة امريكية و ليس جديدا ان يكون المنقذ شخصية خيالية خارقة، لكن الجديد هنا اننا لم نشاهد معارك عنيفة مليئة بالدم و الدمار و الرعب المخيف ، تقريبا لم نشاهد نقطة دم واحدة خلال الفيلم كله، يختلف هذا الفيلم ايضا بثوبه الكوميدي المرح حتى في اصعب الاوقات حيث يكون الابطال في ازمة و الرصاص فوقهم نرى لوحات مرحة كما نرى فريق النينجا الابطال يغنون و يرقصون، كل مشهد تقريبا تصبغه روح الدعابة الخيفية بحوار سلس مفهوم مرح هي تطالبك ان تكون صديقها، لا يتم طرح قضايا معقد او رؤية فلسفية او فكرية حول الشر، لا توجد عقدة صعبة لعل الفيلم بثوبه الكوميدي المرح ابتعد عن كل التعقيدات و العنف، لم يكن عنف دموي كانت المبارزات جذابة و شيقة تثير الضحك و المرح و ذلك لتوسعة الفئة الموجهة اليها الفيلم، فالمعني هنا ليسو الصغار او فئة المراهقين الفيلم يمكن ان يشاهده الجميع، لعل هذا جعله يتصدر قائمة الافلام في اسبوعه الاول و الثاني في امريكا كما انه تم توزيعة بشكل كبير عالميا و يعرض في صالات العرض العربية.

نحن اذن امام فيلم امريكي خفيف كوميدي مسلي يحوي الكثير من المؤثرات الصورية تم استخدامها ببراعة لاثارة الضحك و المرح خلال المبارزات و المعارك بعيدا عن لون الدم و بشاعة القتل و الجثث المتناثرة التي نشاهدها في الكثير من افلام هذا الموسم، بعض هذه المبارزات كلعبة الفيديو المسلية، لكن ذلك كله لم يمنع من تمرير الكثير من الرسائل و المفاهيم كعادتها الافلام الامريكية، لعل اهم هذه المفاهيم تقديس حب الوطن و جعله بالمرتبة الاولى، فدافع الصحفية الحسناء التي كانت تبحث عن دور لخدمة بلدها خصوصا ان والدها كان ضحية جريمة شريرة، لم يكن هدفها انتقام شخصي من قاتل والدها حتى عندما تعلم ان صديق والدها هو رئيس العصابة الشريرة و هو من قتل و احرق مختبره، هنا الشخصية تريد خدمة بلدها فقط دون اي غرض جني مصلحة مادية او انتقام او حتى شهرة، كذلك لم تستسلم لإحباطات و سخرية الغير رئيستها في العمل تطردها هذا لا يؤثر فيها تعود الى ارشيف الطفولة لتحل اللغز، تكتشف انها هي من انقذ هؤلاء الابطال من الحريق، فهي تعلم بحقيقة السلاحف الاربع و دورها في انقاذ المدينة لكنها لا تقوم مثلا باعداد تقرير عنهم و نشره كي تحوز على شهرة لهذا الاكتشاف، فهولاء الابطال يعملون في الخفاء لا يبحثون عن شهرة و لا مركز هدفهم فقط الخير كونهم ينتمون لهذا البلد و حتى انتصارهم على العصابة و القضاء على الشر لا يطلبون سلطة، اكلهم بسيط شرائح البتزا يودون البقاء خلف الاضواء، يواصلون عملهم في محاربة الشر حبا في الخير فقط و الفضل طبعا يعود للتربية فهم عندما كانو صغارا كانت (أبل) تهتم بهم و تطعمهم، المدرب علمهم فنون القتال للدفاع عن الخير فقط.

الرسالة الثانية الاهم هو ان الشر ياتي من الخارج، فالشرير (شريدر) امريكي نعم لكنه تربى خارج امريكا قضى وقتا كبيرا في اليابان وحيدا، مساعدته اسيوية بقية العصابة بلثام لا نعرف الوجوه، كعادتها الافلام الامريكية تجعل منبع الشر دائما خارجيا، ان كان يحمل مثلا الجنسية الامريكية او امريكي مئة بالمئة فهناك جذور او عوامل خارجية خلقت في نفسه عنصر الشر، اما ما هو امريكي خالص فهو نموذج مثالي لا يمكن ان يؤذي بلده، حتى في تلك الافلام التي تتناول شخصيات اجرامية شخصية سفاح او قاتل دائما ما يتم البحث عن اعذار للشخصية و اظهار عنصر الخير المدفون، فيركز الفيلم في مثل هذه الحالات البحث عن الخير الداخلي للشخصية الاجرامية او خلق تبريرات ان المجرم مصاب بحالة نفسية هذا في حال كون المجرم امريكي خالص شكلا و عمقا، اما ان كان من اصول عربية او اسيوية او جنسية افريقية فلا يكلف صناع الفيلم البحث عن عنصر الخير في اعماق الشخصية، لا يتم طرح عناصر اخرى تجعلنا نتعاطف مع شخصية المجرم، هنا ايضا نرى المساعدة الاسيوية تعارك و تصارع من اجل الشر دون ان نقترب منها لم تتاح لها فرصة للحديث تظل فقط طيلة الفيلم صورة للشر، بالنسبة للزعيم اتيحت له فرصة للحديث ان يحكي ذكريات الطفولة و الشباب و البعد عن وطنه و كيف اثرت فيه المتغييرات الخارجية تلك الاساطير اليابانية المليئة بصور الرعب و القتل كأنه يريد القول انه ضحية.

هنا الشخصية الواقعية (أبل) او صديقها لم تكن هذه الشخصيات سلبية او مجرد عامل مساعد للشخصية الخيالية بل تقاسمت البطولة معها و اسهمت بشكل ايجابي في مجابهة الشر، هذه المخلوقات اي السلاحف و الفأر لم تكن خارقة لحد مطلق، هي جابهت ذاك الرجل الآلي يحمل اسلحة اكثر فتكا و قوة، لكن اتحادها مع بعضها و مع الشخصيات الواقعية خصوصا (أبل) هذه هي العوامل التي ادت للانتصار، بطبيعة الحال تم ابراز قيمة الصداقة من اجل الخير كقيمة قوية كما تم التركيز في نهاية الفيلم ميلاد قصة حب بين أبل و رفيقها.

فيلم سلاحف النينجا بنسخته الجديدة 2014 كغيره من الافلام الامريكية يُظهر امريكا القوية القادرة على قهر كل العصابات الارهابية الاجرامية، يستخدم هذه المخلوقات التي لها طبيعة ضعيفة لكن العبقرية الامريكية اي المكتشف والد أبل اي ان الامريكي هو من خلق فيها القوة الخارقة و ليست عناصر طبيعية، والد أبل كان هدفه نبيل مساعدة الشرطة بايجاد عنصر قوي يحمي الامن و قد تحقق الهدف اليوم على يد ابنته ايضا التي شاركت في الصراع لهزيمة الشر و نال المجرم العقاب، تظل هذه المخلوقات كحارس لخدمة الامن كونها صناعة امريكية خالصة، الفيلم ايضا بصورة غير مباشرة يعمق التخوفات الامنية التي اصبحت تجارة مربحة تستغلها السينما معظم الاوقات لجني الارباح الطائلة، الضغط باستمرار على الهاجس الامني ياتي من توجهات سياسية بجعل الشعب الامريكي دائما يعيش حالة رعب من الارهاب او من شخصيات متخيلة شريرة او القادمون من خارج كوكب الارض حتى الكوارث الطبيعية الضخمة المفجعة فالافلام الامريكية تبحث عن عوامل خارجية ساعدت في توحشها، لكن امريكا تنتصر على كل

اصناف الشر و لو بابطال يخرجون من اعماق مجاري الصرف الصحي.

سينمائي يمني مقيم بفرنسا

aloqabi14000@hotmail,com

 
مأرب برس - خاص - حميد عقبي
الأحد 07 ديسمبر-كانون الأول 2014

أتى هذا الخبر من مأرب برس | موقع الأخبار الأول :
https://marebpress.net

عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://marebpress.net/news_details.php?sid=105564