من مأرب عمل مع الإمام وتعاون مع المصريين وأخلص مع الجمهورية

الأربعاء 22 فبراير-شباط 2006 الساعة 07 صباحاً / مأرب برس/ خاص
عدد القراءات 5537

التقاه / أحمد يحيى عائض

يعتبرا لوالد / علي ألحداد أقدم ساعي قي اليمن يبلغ من العمر حاليا قرابة ثمانين عما عمل مع الأمام يحي والأمام أحمد وعمل مع السلال قضى طيلة شبابه في مهنة البريد نسيه اليوم من اعتلوا مقاليد الحكم والسلطة ورمي شيخا كبيرا مقعدا في بيت متواضع يكفيك قولة خدمناهم شبابا فنسونا شيخوا ( مأرب برس ) حاورت رجلا حنكته الأيام بخبرتها ولقنته دروسها فمع تفاصيل الأحداث يرويها لنا أقد م ساعي بريد في اليمن .

(.....انطلقت لزيارة أقدم ساعي بريد في اليمن الذي ما زال على قيد الحياة يروي لزواره أخباره وأحاديثه بأسلوبه المتواضع وابتسامته العريضة . زرته في تمام الساعة العاشرة مع زميلين من عشيرة ساعي البريد

الأول مهندس بترول خريج العراق منذ سنوات يبحث عن وظيفة في أرض البترول والآخر مدرس انتهى عقد تدريسه والعامل المشترك بينهما أنهما شابان عاطلان.

وجدنا الوالد / علي أحمد عمر الحداد والذي يبلغ من العمر حالياً ثمانون عاماً وهو ينادي أحد أبنائه لتشغيل ( مكينة الماء ) . تزوج من عدة نساء ولم يرزق من الأبناء إلا وعمره فوق الستين عاماً لة الآن ستة من الأولاد والبنات . يسكن في بيت طيني متواضع ويشكو شظف الحياة وجور الأيام رغم رضاه بما قسمه الله له من خير الدنيا . وهو من مواليد محافظة مأرب منطقة المنين . انتهت به رحلة العمل في البريد لحادث سيارة عام 1994م أصيب بعدها بكسور عولج منها لكن أضرارها ما زالت إلى الآن ويظهر ذلك في عدم مد إحدى رجليه . يحدثنا عن مسيرة ا لعمل من مهنة البريد أنه أول ما عمل مع الإمام يحيى وأول من قام بتوظيفه في هذه المهنة القاضي / عبدالرحمن اليوسفي قاضي مأرب آنذاك حيث قربه إلى شخص يدعى أحمد بن محمد بن مفضل من آل حميد الدين وكان يعمل عاملاً ( والياً ) على مأرب في حينها .

و عين في ذلك الوقت مسئولاً عن البريد في محافظة مأرب وعمل ساعياً للبريد ( ذهاباً وإياباً ) .

ويتذكر الوالد علي احمد الحداد أن أول معاش استلمه من إسماعيل بن علي الكبسي مسئول المعاشات في المحافظة وكان راتبه 16 ريال فرانصي وقدحين حب شهرياً . استمر الحداد في هذه المهنة سنين عددا جاب فيها الأرض الواقعة بين صنعاء ومأرب مشياً على الأقدام حيث حفظ عدداً من الطرق الواصلة بين مأرب وصنعاء وكان موعد رحلة البريد أسبوعياً تبدأ الخميس من مأرب ويصل مساء الجمعة إلى صنعاء ليسلم بريد مأرب ويستلم البريد النازل من صنعاء وكان مسئول التبادل شخص يدعى ( صالح شبش ) .

المستمع للوالد علي أحمد يلاحظ أن مهنة ساعي البريد قد أثرت فيها الأحداث السياسية وعانى هو شيئاً منها .حيث يذكر لنا مثلاً أن الاتفاق الذي وقعه عدد من المشايخ لاغتيال الإمام يحيى حميد الدين وكان وراء هذه الحادثة أصلاً الشيخ الغادر حسب ما يرويه ويذكر الحداد أن من قدموا على الإمام لم يفصحوا له عن الموضوع بحقيقته حيث قالوا له أن يوقع على اجتثاث الشجرة الخبيثة وطبعاً كان الشيخ / علي بن حسن بن معيلي لا يجيد القراءة الأمر الذي أضطره بعد عملية الاغتيال وتولي الإمام أحمد أن يولي هارباً من مأرب إلى بيحان حيث.

 وحاولت بعض القبائل في إلقاء القبض على ساعي البريد لأنه كان يمثل طرف الإمام لكنه نجى من عملية الملاحقة له والقبض عليه.

 ساعي البريد مكنته مهنته والأحداث التي عصفت باليمن خلال تلك الفترة أن يتعرف على عدد من كبار الشخصيات السياسية في ذلك الوقت حيث ينقل لنا أنه التقى بالأمير البدر أثناء زيارة المحافظة مأرب وكان مرافقاً للأمير سيف الإسلام البدر عبدالله السلال وحضر اللقاء عدداً من المشايخ وكان على رأسهم الشيخ / علي بن حسن بن معيلي . يقول الحداد وعندما خرج كل من الإمام البدر وعبدالله السلال من قصر الضيافة تلقتهم الجماهير بالتصفيق فقال بن معيلي للأمير البدر احذر من السلال وأنصحك ألا تسير معه ولا يعرف أحد ما الذي دفع بن معيلي لهذا القول سوى فراسته في السلال .

يقول الحداد في نفس تلك الزيارة قام البدر برفع راتبي من 16 ريال إلى 18 ريال فرانصي

 ظل الحداد يعمل في البريد وفي مكتبه في مدينة الناصرة في مدينة مأرب القديمة .

يقول كانت عملية السفر تتم على قدمي ما عدا في حالات نادرة إذا كانت هناك حمولات كبيرة كان يستعين بحمار . ويقول كانت وسيلة النقل التي أنقل بها البريد عبارة عن قرعة ( مسب ) مصنوع من جلد الأغنام وكان يحمله على كتفيه ويقول الحداد ولقد كانت آثار هذا المسب رسمت آثار على كتفيه من كثرة الحمولة التي تستمر لمدة أربعة أيام يومان ذهاباً ويومان إياباً .

ساعي البريد في عهد الثورة

يقول الحداد قامت الثورة ففكرت أن أترك عمل البريد لأنه أتعبني كثيراً ولكن واصلت عدة سنوات بعد الثورة ثم عزمت على ترك هذه المهنة حتى تدخل وزير الداخلية آنذاك وهو ( محسن اليوسفي ) وهو من أهل مأرب وطلب مني أن أبقى على هذه المهنة بعد أن قدمت ملفي رسمياً إلى وزارة المواصلات .

ساعي البريد والقيادات السياسية

 عندما قامت الثورة وعندما تدخل المصريون في إنجاح الثورة صنفت مأرب أنها ملكية فقامت الطائرات المصرية بقصف مأرب بشدة ولكي لا يصنف أهل مأرب أنهم ملكيون وحتى يتجنبوا قصف الطائرات اتفقوا على أن يعملوا رسالة للسلال الذي كان رئيس الجمهورية في حينها واتفق أهل مأرب أن يكون مندوبهم لمقابلة الرئيس السلال هو ساعي البريد علي أحمد الحداد وبالفعل تحرك بتلك الرسائل وحصل له أثناء توجهه من مأرب إلى صنعاء أن وقع في يد أكبر أنصار الملكية شخص يدعى قاسم منصر يقول الحداد فخفت على حياتي لأنه لو انكشف أمر الرسائل عند قاسم منصر لكانت نهايتي الموت لكني خبأت الرسائل في مكان لا يخطر لهم على بال ( في سرواله الداخلي ) وبالفعل نجحت الحيلة وقابل الرئيس السلال وتوقفت الطائرات عن قصف مأرب .

 ساعي البريد يقابل قائد القوات المصرية عبدالحكيم عامر :

 في بدايات الثورة اشتد الصراع بين الملكيين والجمهوريين الأمر الذي استدعى تدخل القوات المصرية وعلى رأسها قائد قواتها / عبدا لحكيم عامر حيث نزل إلى مأرب وأثناء نزولها وقع في حصار في منطقة جهم ، الأمر الذي استدعى التدخل السريع من قبل القوات المصرية الموجودة في مأرب لفك الحصار عن بقية قواتها في تلك المنطقة . حيث استدعى علي أحمد الحداد ساعي البريد والتقى بعبد الحكيم عامر قائد القوات المصرية في اليمن وطلبوا منه التعاون والاستعانة بخبرته في الطريق ومرافقة القوات المصرية . ومن مصادفات القدر أن ساعي البريد علم أثناء تحركاته أن الملكيين استعانوا بعدد من الخبراء الأردنيين استقدمهم الإمام حيث كان هؤلاء الأردنيون خبراء في زرع الألغام ولقد حدد الحداد أماكن هذه الألغام لهم وبالفعل قام المصريون بنزع تلك الألغام وتم فك الحصار عن القوات المحاصرة وقد لعبت هذه العلاقة بين الحداد والمصريين أنهم كانوا يساعدونه في تنقله ونقلة معهم في سيارتهم .

وقد وصفه بعض أهل مأرب أنة عميل خطير للجمهوريين نظرا لتعاونه مع المصريين والجمهورية

وضعه الحالي :

يعيش أقدم ساعي بريد حالياً في بيت طيني متواضع براتب شهري (7000)سبعة ألف ريال ويقول لقد تقاعد كل زملائي وأصحابي ولم يعد أحداً في الوزارة يعلم بجهودي خلال هذه السنوات الطوال ولم أتمكن من صرف مستحقاتي بفارق هذه الخدمة التي استمرت أكثر من خمسين عاماً بل انتهت رحلة البريد بحادث سيارة أصبت فيها بعدد من الكسور وأنا قابع حالياً في بيتي . اعتمد على رزقي من مزرعتي المتواضعة وإني أناشدكم عبر موقعكم رئيس الجمهورية ووزير المواصلات أن ينظر إلينا وأن نمنح على الأقل مكافأة على خدمة دامت لأكثر من خمسين عاماً ذقنا الموت خلالها أصنافاً وطعمنا الجوع وأنهكنا البرد أحياناً ، فلمن نحن اليوم فهل نخدمهم شباباً وينسونا شيوخاً أظن ذلك من الإجحاف ومن الظلم الكبير .

 

اكثر خبر قراءة المحلية