مكتب الإنشاءات بصنعاء.. رعب في مواجهة المستثمرين

الثلاثاء 08 أكتوبر-تشرين الأول 2013 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - فهد سلطان
عدد القراءات 3559
مشروع حسان
الاستثمار في اليمن قصة لا تنتهي فصولها سريعاً, أن تكون مستثمرًا في بلد مثل اليمن فهذا يعني أن تكون على درجة عالية من الاستعداد لخوض جولات من المعارك، والتي غالباً لن تكون فيها منتصراً إذا لم تكن قد حسمت المعركة مسبقاً من خلال البحث عن طرق لم تكن تخطر لك على بال والمشاريع تداعب خيالك ستدفع فيها مبالغ ربما توازي ما ستدفعه في إنجاز المشروع الذي تحلم به. 

النافذون في هذا البلد أكثر من الهم على القلب, إذا لم يكن هناك من يوفر لك الحماية من هؤلاء فأنت ستكون عرضة لنافذين صغار, ستجد أنك معهم في ملاحقة لا تنتهي, تصاب بالذهول وعليك أن لا يتكرر ذلك إذا ما فهمت أن هذا يحصل في بلد مثل اليمن, فكن على استعداد تام، فالمعاناة هنا جزء من الحياة اليومية التي يعيشها اليمني.

كثير من المستثمرين, ما أن يعود الى بلده اليمن السعيد كما يسمع عنها في وسائل الاعلام ليحقق ذلك الحلم الكبير يجد نفسه، ولكن بعد أشهر قليلة، أنه قد وقع في غربة أخرى وربما هي اشد من الغربة الأولى, بل إن المعاناة تبدأ فصولها في دولة الغربة الأولى, ليستمر باقي فصولها في بلد الغربة الثانية وطنه، ولكن بصورة أشد قساوة وأكثر مرارة.

لجنة مصغرة

كنتُ قد نشرت في "مأرب برس" تقريرًا مطولًا حول سجن مكتب الإنشاءات في محافظة صنعاء، والذي يقع في دار سلم في تاريخ 24/ سبتمبر/ 2013م بعد أن خرجنا بلجنة مصغرة في حينها بصحبة الأخ محمد الهنائي، المحامي في منظمة "هود"، والأخ موسى النمراني - سكرتير المنظمة - أيضاً، وشخص ثالث يعمل دبلوماسيًّا في سفارة اليمن بلبنان، وانتهت الزيارة التي استغرقت ساعة في سجن الانشاءات بالإفراج عن أكثر من خمسة عشر سجينًا كانوا جميعاً في سجن مكتب الإنشاءات بدار سلم وبصورة مخالفة للقانون حسب كلام الأستاذ الهنائي.

الفساد برعاية المدير

لا يصدق المواطنون في تلك المناطق أن شخصًا يمكن أن يواجه اسماعيل المقالح, فأحد أعضاء المجلس المحلي في تلك المنطقة حاول فقط الاعتراض على هذه الطريقة, ما دفع المقالح إلى شن حملة عليه في مذكرة محررة برقم 1378 ومؤرخة بتاريخ 22/ 9/ 2013م، متهمًا إياه - حسب الشكوى - بأنه اعتدى على موظفي الأشغال, والمشاركة في نهب سيارة الاشغال - أيضًا - ومطالبًا بالقبض عليه.

في زيارة عضو المجلس المحلي الشيخ الرهمي

قمت بزيارة هذا الشيخ واسمه يحيى حيدان الرهمي، شاب هادئ جداً، يتحدث بثقة، أدهشني وهو يتحدث عن القانون وكيف يستغل مثل هؤلاء البسطاء، وما هي المنافذ التي يمارسون هذه الأعمال، والذي تحدث بإسهاب سوف ننشرها في الحلقة الثانية من هذه الزيارة عندما نتحدث عن مواطن اخر في حربه المفتوحة مع مكتب الانشاءات في محافظة صنعاء حول هنجر غسل سيارات.

اسماعيل المقالح يعرفه الجميع في دار سلم وسنحان وبلاد الروس وقاع القيضي وشارع تعز الممتد حتى خارج بلاد الروس, فحسب إفادتهم هذا شخص لا يتفاهم ابداً ومجرد كلمة فقط في وجهه مثلاً أين التكليف الذي خرجتم بموجبه تكفي لأن يهد كل العمل الذي قمت به أو سجن العمال الذين في العمل, هذه الكلمة وحدها من صاحب ورشة كانت سببًا في حصول اشتباك بين الطرفين أصيب على إثره ثلاثة من المواطنين بينهم طفل في السابعة من عمره وإطلاق رصاص على المكان بشكل عشوائي.

الحاج حسان – تمنى - لو أنه لم يضع حجرًا واحدًا في هذا المشروع..!!

الحاج حسان محمد سعد يتحدث بمرارة عن مبنى ضخم سيصل ارتفاعه الى ما فوق عشرة طوابق, بنايتين متقابلتين يتوسط ساحة سمائها قبة دائرية الشكل, وساحتها واسعة, العمارة مغلقة والعمال هناك في الدور الخامس ولا أحد يجلس بالقرب من العمارة كونه سيكون عرضة سهلة لصيد طقم الإنشاءات.

حسان في الخمسين من عمره متواضع جداً, يتحدث ويريد أن يؤكد لك عن كل كلمة قالها, يقول: لو كنت أعرف أننا سنواجه كل هذه المصاعب، والله لن أعمل حجرة واحدة, 35 عامًا وأخي مغترب بالسعودية, يحلم باليوم الذي يرى هذا المشروع قائمًا بذاته حتى يتخلص من المعاناة التي يعيشها هناك ويفتح صفحة جديدة هنا في بلده, ولكن وجد نفسه أنه في معاناة أكثر وأشد. يضيف: تخيل عندما اشترينا الارضية التي فيها هذه البنايات وبدأنا ببناء المشروع الذي تراه الآن, عندما بدأنا بالبدروم لم يعترض علينا أحد, وكانت الأمور تمر بسلام.

كان الجميع يتعامل مع حسان بصورة عادية, أثناء المعاملة في كل الإدارات لم يجد أية عرقلة, واكتشف فيما بعد أن هذه المعاملة كانت خوفًا من أن يتوقف المشروع في البداية, ولكن سرعان ما تغيرت المعاملة, يقول حسان: لو فكرنا في إيقاف المشروع عند بداية هذه المشاكل, نكون قد خسرنا ملايين ومواصلة المشروع تعني أننا في حرب مفتوحة مع الجميع ومع إدارة الإنشاءات بشكل خاص.

في الطريق الى المبنى أخرج لنا ملفًّا كاملًا, أضاف (بحسرة): أخي الكبير جاء من السعودية من اجل الاستثمار في بلده, إحنا ما فيش عندنا مانع ندفع أي مبلغ من الألف الى المئة مليون، المهم يكون بسند قانوني.

الحرب مع مكتب الانشاءات

مليون ومئة ألف ريال هو المبلغ الذي دفعه حسان لمكتب الانشاءات حال انتهائه من بناء البدروم والدور الأول, وبدون سند رسمي, وعندما طلبنا السند الرسمي لم يسجل عن هذا المبلغ المليون والمئة ألف ريال إلا بمبلغ 200 ألف ريال فقط.!!

يقول الحاج حسان: قلت للمدير اسماعيل المقالح الى وجه، وباقي المبلغ لماذا لا تعطونا سند – قال - لي هذه مبالغ ليس لنا كل واحد حقه من عند الوزير الى عند الحارس حق المكتب.

كنا نظن أن هذه المبالغ الكبيرة التي دفعناها سوف تجعلهم يستحوا من العودة مرة ثانية, وابتزازنا بصورة ثانية, وعلى الأقل في المبالغ التي لا يتم تقييدها, ولكن اتضح لنا أن هذا الشخص طماع، وإذا شعر أننا دفعنا يعود مرة ثانية ويطالب بخمسة أضعاف.

كل همنا أن لا يتوقف المشروع

منذ البداية ونحن لا نريد أن يتوقف المشروع وكلما مر الوقت نشعر أننا لا يمكن أن نتراجع والمستثمر أخي يقول لنا "أهم شيء لا يتوقف المشروع اتفقوا معاهم بالمعروف".

يواصل الحاج حسان سرد تفاصيل المعاناة قائلاً: "وعندما بنينا الدور الاول دفعنا مبلغ 250 ألف ريال ومثله الدور الثاني والثالث لتكون المبالغ المدفوعة 750 ألف ريال وعندما طالبنا اسماعيل المقالح بالسند الرسمي أعطانا ثلاثة أسناد فقط مع كل سند 56 ألف ريال فقط, يعني المبالغ المقيدة رسمياً بسندات رسمية 168 ألف ريال وباقي 582 ألف ريال، هذا كما أشار المقالح توزع من عند الوزير الى المحافظ الى اصغر موظف, يعني 900

ألف + 582 الف = 1000482. مليون وأربع مئة واثنين وثمانين ألف ريال هذا لا سند قانوني.

لم تنته فصول المعاناة في موضوع المبالغ التي تم تحصيلها بصورة غير قانونية, فالدور الرابع دفعت مكرهاً مبلغ 250 ألف ريال دون الحصول على سند كما حصلت عليه في الدور الأول والثاني والثالث، وإنما قال لي خلاص واصل البناء يعني سند شفوي فقط.

المقالح يطالب بمبلغ خيالي

يضيف الحاج حسان: "عندما حاولت بناء الدور الخامس لم يعد يطالب بمبلغ 250 ألف ريال فقد طلب هذه المرة ستة ملايين ريال, والعمال يشتغلوا في الدور الخامس.. ويضيف حسان: وهذا المبنى مغلق تماماً كما ترى وكل ما نحتاجه نأتي به قبل أن يأتي الطقم, هو لا يريد إلا سجن العمال من أجل أن نصل ويضع الشروط حقه التي يريدها. يريد حسان أن يدفع أي ريال من الآلف الى المليون بصورة قانونية, يا أخي – يقول لي - والله أني أحب بلادي، والله لن أعمل أي عمل فيه مخالفة، أنا انسان مصلي وصائم مؤدي حق الله الذي للدولة سوف أدفعه وأنا رافع الرأس وآمن على المشروع وعلى العمال.

شخص في الأربعين من عمره قال لي: عندما كنت أفرغ الحمولة من النيس جاء طقم الانشاءات وأخذوني بالقوة، كنت أقول لهم: أنا ما أعرف صاحب العمارة ولا لي علاقة به, أنا صاحب النيس الذي اتصل بي المقاول, رفضوا تماما التفاهم معي وهددوني بالضرب", دخل الرجل السجن في مكتب الانشاءات من تاريخ 24 / 9/ 2013م وخرج في تاريخ 1/ 10 / 2013م ولما وصل احد اقربائه لزيارته ولإعطائه الغداء, تم إيداعه السجن, "والله ان اسماعيل المقالح بيده أدخله الى الحبس".. يحلف المسن.

يخبرنا الشيخ الرهمي أن كل شخص اشترى ارضية أو بنى بيتًا أو مطعمًا أو أي عمل هنا له قصة طويلة ومؤلمة مع اسماعيل المقالح", وهناك نماذج كثيرة لهؤلاء الذين تنتهك حقوقهم ولا يجدون أحد يقف معاهم, الناس هناك لا تمانع من دفع أي مبالغ, المحامي الهنائي يقول: "تقتصر مهمة مكتب الانشاءات على ابلاغ النيابة عن أية مخالفة فقط , لا يحق له أن يهدد أو يخرج بهذه الطريقة. عليه أن يرفع الى النيابة ثم الى المحكمة، والتي تصدر حكمًا بأية مخالفة, ما يمارس بهذه الطريقة هو خارج دائرة القانون.