آخر الاخبار

ما وراء «القاعدة» اليمن الحقيقي

الأحد 25 أغسطس-آب 2013 الساعة 11 صباحاً / مأرب برس - الاتحاد
عدد القراءات 3777

كان من شأن تهديد غير محدد، أدّى مؤخراً إلى إغلاق سفارة الولايات المتحدة، ولعدد من ضربات الطائرات بدون طيار حول اليمن، أن يسلط الأضواء مرة أخرى على البلاد. وأنا كيمني، أخشى أن يبدو اليمن كله للعالم الخارجي كجبهة في الحرب ضد «القاعدة». لكن اليمن أكثر من مجرد إرهاب وقنابل، ويتوق العديد من اليمنيين لأن يضمنوا ألا يتحول ذلك إلى سرد مهيمن حول العالم.
تعبّر الناشطة اليمنية البارزة «أطياف الوزير» عن إحباط اليمنيين جميعاً، وتتحدث في مقال لـ«يور ميدل إيست» (YourMiddleEast) عن «دولة لها تاريخ طويل أشير إليه في يوم من الأيام على أنه اليمن السعيد، وبلاد الخير والكرم والحكمة والقهوة وأول ناطحة سحاب، وأرض العديد من الملكات، والعمارة العظيمة»، لكنه الآن تهيمن عليه «هستيريا العَقْد: الإرهاب».
لو نظر المراقبون العالميون عن كثب لرأوا دولة تملك إمكانات كافية لأن تكون أبعد ما يمكن عن كونها مرتعاً للأصولية. سوف يجدون دولة تمر بتحوّل سياسي مثير للاهتمام، يعتبر مهماً إلى درجة هائلة للمنطقة.
اليمن قبل كل شيء واحدة من دول «الربيع العربي»، رئيسها السابق ما زال حياً يرزق، ليس في المنفى أو في السجن. وهي دولة تختار فيها الأحزاب السياسية المختلفة أن تحل خلافاتها دون اللجوء إلى سفك الدماء.
لقد أسرع الناس لينسوا أنه في الثورة التي استمرت سنة كاملة في اليمن ضد علي عبدالله صالح لم يحمل سوى عدد قليل جداً من المعارضة السلاح في محاولتهم قلب الحكومة، وكانت الاعتصامات في أنحاء البلاد مليئة بالمتظاهرين السلميين والأحداث الثقافية والخطابات التثقيفية. وعندما قتل 52 متظاهراً يوم 18 مارس 2011، توقّع الجميع أن تقوم القبائل اليمنية التي يهان أفرادها أحياناً عديدة، بترك الطبيعة المسالمة للثورة والانتقام لمقتل أبنائها، لكنهم تحدّوا التقاليد القبلية التي طالبت بالثأر والدم وتركوا بنادقهم وراءهم.
كذلك استمرت الحركة الشبابية في محاولتها تحقيق تغيير سياسي من خلال أساليب سلمية، فاستعملت سلاح الإضراب عن الطعام لخوض حملات لإطلاق سراح السجناء السياسيين، أو لتحدي الهيمنة المستمرة للنخبة القديمة، كما تحدّت الصور النمطية وتحاشَت العنف، وهو أمر -كما أحاول أن أوضّح- ليس بالغريب على هذا البلد.
حضرْتُ قبل أسبوعين تجمّعاً لرجال القبائل في منطقة الأهجار النائية جنوب العاصمة صنعاء، بدعوة من وزير الكهرباء والطاقة. كان أحد الخطباء يتحدث عن الديمقراطية، وكيف أن ذلك هو السبيل الأفضل للتغيير والحياة الفضلى لكل اليمنيين. صفّق جميع الحضور استحساناً. لا أحد هناك ينبغي إقناعه بالحاجة للديمقراطية، فالكل يرحب بها بأذرع مفتوحة.
ليست جميع التحديات التي تواجهنا في اليمن تتعلق بـ«القاعدة» والإرهاب. ديمغرافياً، يسجل اليمن أعلى معدلات الولادة في العالم، وتتوقع الأمم المتحدة أن يقفز عدد سكانه من 24 مليوناً إلى 61 مليوناً بحلول عام 2050. وفي الوقت نفسه، يتوقع أن ترزح المصادر الطبيعية، مثل الماء والنفط، تحت ضغوطات هائلة. وفي حالة النفط، يتوقع نضوبه كلياً. هذه هي التحديات التي ستؤثر بشكل مباشر على جيراننا وعلى العالم، وهي تحديات ربما نستطيع حلها معاً شريطة أن تُعطى الاهتمام الذي تستحقه.
ينبغي ألا يكون الإرهاب هو العنوان الرئيسي عندما يتعلق الأمر باليمن. فهذا البلد أكثر بكثير من ذلك، ومن المخجل أن الكثيرين لا يعرفون ذلك.
أبو بكر الشماحي
اكثر خبر قراءة عين على الصحافة