الصحافة المصرية تكشف مأساة مصري سجن في ألأمن السياسي بصنعاء

السبت 03 مارس - آذار 2007 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - جريدة الكرامة المصرية -أحمد محجوب
عدد القراءات 3158

لم يكن عبدالعاطي محمد عبدالعاطي يعرف أن حلمه البسيط في العمل وتكوين أسرة سيتحول إلي مأساة ويضيع شقاء عمره وتضيع أسرته وأولاده بل وتضيع حياته ثمنا لمجاملة رجل أعمال عربي لمجرد رفضه العمل بمدارسه الخاصة باليمن.

ولأسباب ـ لا يعرف عبدالعاطي عنها شيئا تتعلق بقوة ومتانة العلاقات الأمنية بين الحكومة العربية ـ علي عكس كل المستويات الأخري ـ يتم ترحيله بطريقة لا يعرف كيف تمت، من سجنه المقام تحت الأرض باليمن إلي سجنه الثاني بطره في مصر حيث يواصل جلادو الداخلية المصرية تأديبه حتي أشرف علي الموت فتم نقله إلي مستشفي قصر العيني. وفجأة يلقي به أحد ضباط أمن الدولة إلي الشارع خارج أسوار المستشفي ليموت بعيدا.

ومأساة عبدالعاطي تبدأ عندما سافر لليمن عام 1992 للعمل كمدرس لغة عربية في إحدي مدارس «هايل» الثانوية بصنعاء، واستمر عمله بهذه المدارس لمدة 11 عاما كان خلالها مدرسا مثاليا شهد الجميع له بالكفاءة وتزوج خلال هذه الفترة من يمنية تدعي نظيرة إسماعيل الصبري، ورزق بثلاثة أولاد: «إبراهيم ـ سهام ـ ابتسام»، ونتيجة لزيادة أعبائه الأسرية ترك العمل بمدارس «هايل» التي يمتلكها عقيد سابق بالأمن السياسي اليمني والتحق بالعمل في مدارس «حدأ» النموذجية التي عرض عليه صاحبها ضعف راتبه».

وهنا تكمن المأساة حيث قرر صاحب مدارس «هايل» تأديب عبدالعاطي علي طريقته الخاصة ولم تشفع له كل سنوات خدمته لديه وبالفعل أثناء توجه عبدالعاطي لعمله الجديد يوم 3 أكتوبر 2003 وأثناء خروجه من باب منزله استوقفه أربعة أشخاص وألقوا به داخل سيارة ملاكي واختفي منذ ذلك التاريخ وحتي الأسبوع الماضي.

د. محمد عبدالمنعم عبدالرحيم أستاذ القانون بحقوق بنها وزوج شقيقة عبدالعاطي الذي كان يعمل مستشاراً قانونيا لإحدي الشركات اليمنية في نفس الفترة يحكي لنا القصة قائلا: عقب اختفاء عبدالعاطي توجهت بصحبة زوجته لجميع الجهات المسئولة لمعرفة مصيره فأنكروا علمهم بالأمر فتوجهنا للسفارة المصرية حيث قابلنا السفير الدكتور بدر الدين زايد والقنصل المصري طارق عبدالله اللذين حاولا معرفة الجهة التي اختطفته ومكان احتجازه ولكن باءت محاولاتهما بالفشل، وخلال عامين في رحلة البحث لم نترك باب مسئول مصري أو يمني إلا وطرقناه دون فائدة.

وفي نهاية الأمر توجهنا إلي إمام جامع الشهداء بصنعاء وهو مصري يتمتع بالسمعة الحسنة والعلاقات القوية بالمسئولين اليمنيين علي أعلي مستوي، وهو الشخص الوحيد الذي نجحت اتصالاته في تحديد مكان احتجاز عبدالعاطي بسجن تحت الأرض يطلق عليه سجن «الأمن السياسي»، وحاولت زيارته بصحبة مستشار الأمن بالسفارة المصرية إلا أن مسئولي السجن رفضوا بشدة.

وفي اليوم التالي لمحاولة الزيارة تم القبض علي وحجزي بسجن غرب العاصمة صنعاء وواجهني مسئولو الأمن هناك صراحة بضرورة الابتعاد عن موضوع عبدالعاطي وإلا سألقي نفس المصير وقيل لي بالحرف الواحد: «ممكن ندفنك أنت وهو ولا حد يسأل عليكوا» وتم الإفراج عني بعد تدخل القنصل المصري والشيخ العيسوي.

عدت لمصر وواصلت جهودي وقدمت عديداً من الشكاوي للخارجية المصرية ومنظمات حقوق الإنسان ولكن لم تثمر هذه المحاولات عن جديد، وفي يناير 2005 فوجئت باتصال تليفوني من الدكتور بدر الدين زايد السفير المصري باليمن يخبرني بالإفراج عن عبدالعاطي وترحيله لمصر لتبدأ رحلة البحث عن عبدالعاطي في مصر ـ ومصر واليمن في الهم سواء ـ توجهت إلي جهاز أمن الدولة فأنكروا وصوله فتوجهت إلي مباحث أمن الدولة فاستغربوا الموضوع لعدم معرفتهم به خاصة أن عبدالعاطي غير مسجل لديهم وليس له أي اتجاه سياسي، فذهبت لمصلحة الجوازات فأكد لي المسئول هناك عدم تسجيل وصوله للقاهرة وأنه منذ مغادرته لا أخبار عنه وهكذا دخلنا من جديد في حلقات مفرغة، واستمر الحال علي ذلك أكثر من عام حتي فوجئنا في أول ديسمبر الماضي باتصال تليفوني يخبرنا بوجوده بسجن طره فذهبت مع أهله لزيارته، حيث كان في حالة مرضية صعبة نتيجة لاحتجازه طيلة 11 شهرا بزنازين الحبس الانفرادي فضلا عن معاناته السابقة بسجن تحت الأرض لأكثر من عامين، فقدمت له تظلماً في أمر اعتقاله خاصة أنه لا توجد له أي تهمة رغم احتجازه طيلة الأعوام الثلاثة وحددت جلسة 24/12/2006 لنظر التظلم أمام الدائرة الرابعة جنايات القاهرة وتم رفض التظلم!

وفي يناير الماضي تدهورت حالته الصحية بصورة كبيرة فتم تحويله إلي مستشفي قصر العيني بناء علي طلب طبيب السجن، وفي المستشفي أخبر الأطباء ضباط أمن الدولة أن عبدالعاطي علي وشك الموت حيث أصيب بسرطان الرئة نتيجة معاناة السجن فتم تحويله إلي مستشفي الصدر بالعباسية وهناك قال الأطباء: إنه في لحظاته الأخيرة فأعادوه في نفس اليوم إلي قصر العيني ومن داخل المستشفي اصطحبه الضباط وألقاه في الشارع طالبا منه العودة لمنزله.

وفي الشارع وجد عبدالعاطي أولاد الحلال الذين تمكنوا من معرفة عنوانه من أوراقه الشخصية فأعادوه لأسرته بين الحياة والموت حيث تم نقله إلي مستشفي الحسين بوحدة الطب النووي والعلاج الكيماوي، ضاع شقاء عمره تماما كما تبعثر شمل أسرته ما بين القاهرة وصنعاء فقط ينتظر العناية الإلهية.. فهل آن لرجل الأعمال والمسئول اليمني السابق ولأصحاب المجاملات ولمسئولي الداخلية في مصر واليمن أن يستريحوا؟!