الاحتلال يحارب التجار المقدسيين في مصادر رزقهم .. محلات البلدة القديمة بالقدس خاوية على عروشها من المتسوقين

الأربعاء 14 فبراير-شباط 2007 الساعة 05 مساءً / مأرب برس/ القدس المحتله/ رندة عود الطيب / خاص
عدد القراءات 5161

برغم قرار " شركة تطوير الحي اليهودي " مالكة ارض حائط المبكى (البراق ) يوم أمس الثلاثاء "13/2" إلغاء مشروع بناء جسر باب المغاربة وحديقة الآثار ومشروع تلة المغاربة والبحث عن بدائل جديدة لها وخطط أكثر للمنطقة (!) ؛ إلا أن قاضي قضاة فلسطين، الشيخ تيسير التميمي، حذر من الوقوع في الخديعة الإسرائيلية بادعائها وقف أعمال الهدم والحفريات في محيط المسجد الأقصى، وقال التميمي في بيان صحافي وصل ((( مأرب برس))) إن ذلك القرار يأتي لوقف الهبة الجماهيرية والغضب العارم الذي بدأ ينتشر في كل المدن الفلسطينية، وبعض البلاد العربية والإسلامية والضغوط الدولية على حكومة إسرائيل ؛ لكن الأمر على الأرض يختلف.

واليوم وتزامنا مع مع الحرب التدميرية الهادفة إلى تهويد مدينة القدس المحتلة، والتي برزت بشكل جلي بهدم تلة باب المغاربة وتدمير الآثار الإسلامية هناك باتت البلدة القديمة محاصرة من كل المداخل بعد أن أصبحت حلما لكثير من الشبان الفلسطينيين الذين ترعرعوا داخلها ووجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها بعيدين عنها وممنوعون من الدخول إليها ..

وللبلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة أهميتها الخاصة في قلوب ملايين البشر، لأنها تحتضن المقدسات والآثار الإسلامية والمسيحية، والاحتلال الإسرائيلي سعى منذ احتلالها عام 1967 إلى تهويدها وطمس معالمها، وعزلها عن باقي المناطق الفلسطينية، بإقامة الحواجز العسكرية وبناء جدار الفصل العنصري.

ومنذ انطلاق الحفريات الإسرائيلية في باب المغاربة منذ أسبوع منعت سلطات الاحتلال جميع من تقل أعمارهم عن 45 عاما من الدخول إلى البلدة القديمة بحرية، بل أنها حولت مداخل البلدة القديمة إلى حصون يتمركز فيها مئات الجنود المحتلون وعلى الاستعداد دائم للبطش بكل من تسول له نفسه الاحتجاج على ما يجري من تزوير وتهويد في محيط المسجد الأقصى وباب المغاربة.

وإضافة الحرب التدميرية الهادفة إلى تهويد مدينة القدس المحتلة، تبرز حرب احتلالية جديدة ضد السكان المقدسيين تتمثل في حرمانهم من مصدر رزقهم الوحيد وهو التجارة بعد إغلاق البلدة القديمة بالكامل أمام المتسوقين القادمين إلى مدينة القدس منذ أسبوع تقريبا.

ونتيجة لإغلاق البلدة القديمة تعرض التجار المقدسيين إلى أضرار تجارية بالغة لحقت بمصالحهم جراء منع المتسوقين الفلسطينيين من الوصول إلى محالهم التجارية في حين يسمح للمستوطنين اليهود بالتجول ولكنهم لا يفضلون الشراء من المحال التجارية العربية بل أنهم يذهبون إلى حارة الشرف التي أصبح يطلق عليها " حارة اليهود" للتسوق من هناك ، حيث المحال التجارية اليهودية .

ويقول أحد التجار المقدسيين ويُدعى " الحاج غالب العمد " صاحب محل حلاوة "في سوق خان الزيت" اليوم لم يعد السوق كما كان، فهو فارغ من المتسوقين، المحلات تفتح أبوابها متأخرا، والباعة يأملون بأن يكون يومهم خال من مداهمة رجال الشرطة والبلدية اليهودية التي تطالب بالمستحقات الضريبية .

وتواصل بلدية الاحتلال جباية ضرائب " الأرنونا الباهظة " من السكان التجار والسكان المقدسيين التي تصل نسبتها قرابة 20% من قيمة السلع المباعة ، إضافة إلى انتشار العشرات من جنود الاحتلال باللباس المدني والعسكري ويحولون دون حرية التجول ويقومون بين الحين والأخر بالتدقيق في هويات الشبان الفلسطينيين المارين من هناك.

ويعود التاجر المقدسي " الحاج غالب العمد " بذاكرته لثلاثين عاما إلى الوراء، حيث كان وكل أصحاب الدكاكين في " سوق خان الزيت" يفتحون محلاتهم باكرا، لتُسمع أصوات التصبيحات وطقطقة الزرافيل والأبواب من كل مكان، والبضائع تعرض والفلاحات المقدسيات يرتبن الخضار الطازج، وكلهم على وجوههم ترتسم الابتسامة. 

ويقول التاجر المقدسي بمرارة مستذكرا ذكريات عزيزة عل قلبه :كنا نفتح المحلات التجارية في الساعة السابعة صباحا، وكان السوق يعج بالناس من مختلف المناطق الفلسطينية، لهجات وأزياء مختلفة تدل على المنطقة التي جاءوا منها.

واستذكر أيضا كيف كان التضامن بين التجار المقدسيين واضحا، ومعاني الجيرة بينهم، فذكر الحاج " العمد " أن سوق " خان الزيت " كان مليء بمحلات اللحوم، مثل ملحمة الحاج " أبو يعقوب الكالوتي " فعندما كان يشعر بأن جاره لم يعمل كان يرسل له من زبائنه ليسترزق (..). 

واليوم يقول الحاج العمد متمتما :"لم يعد السوق كما كان، فهو فارغ من المتسوقين، المحلات تفتح أبوابها متأخرا، والباعة يأملون بأن يكون يومهم خال من مداهمة رجال البلدية اليهود ".

وكان تقرير جمعية (عير - عاميم الإسرائيلية) حول أعمال الحفريات والتنقيب والبناء المخطط في الحرم القدسي الشريف، قد بيّن أن الغاية الرسمية المعترف بها للمخطط تتجاوز مجرد الترميم وتتجاوز أيضاً بكثير ما يصرح عنه صناع القرار الإسرائيليون.

ويسعى إلى إجراء تغيير كبير في التوازن المحيطي الحساس في منطقة الحرم الشريف ومحيطه، ويسعى إلى إجراء تغيير جوهري في التنقل والحركة في هذه المنطقة وتغيير الوضع القائم منذ عام 67م وفتح المجال لتدفق كبير لليهود إلى باحة المساجد، ويمكن من دخول مئات رجال الأمن في آن واحد عن طريق الجسر المخطط.

ويتم استغلال عملية بناء جسر باب المغاربة لإزالة تلة ترابية صغيرة لتوسيع موقع حائط البراق (المبكى)، وهو مطلب قديم للجمعيات الاستيطانية والمتدينين اليهود، يتم تنفيذه بحجة بناء الجسر.

وأعلن رئيس بلدية القدس المحتلة، (أوري لوبليانسكي) يوم الأحد (11/2 ) ، أنه قرّر تأجيل بناء الجسر في باب المغاربة، ريثما تستكمل لجنة التخطيط والبناء الخريطة المسماة (خريطة بناء مدينة).

وأفادت مصادر إسرائيلية أن رئيس بلدية القدس المحتلة والحاخام المسؤول عما يسمى (حائط المبكى) (شموئيل رابينوفيتش) قد اتخذا هذا القرار في أعقاب محادثات مع رجال دين مسلمين وممثلين من سكان القدس البلدة القديمة من أجل إتاحة المجال للجمهور للاطلاع على خطط بناء الجسر وتقديم اعتراضات.. وفي المقابل فإن عمليات الحفر سوف تتواصل من قبل سلطة الآثار.

الهدف من الحفريات تحويل مسجد البراق إلى كنيس للمصليات اليهوديات 

وكشف عالم الآثار الإسرائيلي، " مئير بن دوف " خلال جلسة لجنة الداخلية التابعة للكنيست التي اجتمعت ظهر يوم الاثنين" 12/2" أن جسر طريق باب المغاربة الذي انهارت أجزاءه كان يمكن ترميمه بتكاليف بسيطة وأن هدف المؤسسات الإسرائيلية هو تحويل مسجد البراق إلى كنيس إسرائيلي ..

واجتمعت لجنة الداخلية التابعة للكنيست ظهر الاثنين لبحث موضوع الحفريات في الحرم القدسي الشريف.

 وشارك عالم الآثار الإسرائيلي مئير بن دوف في جلسة لجنة الداخلية التي عقدت للتباحث حول الحفريات في الحرم القدسي الشريف وشارك أيضا ممثلو الحكومة وسلطة الآثار والشرطة.

 وكان الملفت في هذه الجلسة العرض الذي قدمه "عالم الآثار بن دوف " حيث دحض المزاعم الإسرائيلية بأن ما يجري هو مجرد ترميم أو إعادة بناء لجسر انهارت أجزاء منه نتيجة للأمطار الغزيرة، موضحا أنه كان بالإمكان ترميم الجسر بتكاليف بسيطة دون إحداث ضجة والتسبب في أزمة كبيرة، ولكن المخطط يتعدى ذلك بكثير فهو يهدف إلى بناء كنيس داخل الحائط الغربي للحرم، أي تحويل مسجد البراق إلى كنيس للمصليات اليهوديات.

وقال بن دوف: " لقد استدعيت إلى مكان انهيار الجسر عام 2004 وقلت أنه يمكن ترميمه بتكاليف بسيطة وأنه يشكل أي خطر؛ موضحا أن مصدر الخطر الرئيسي على أساسات الحائط الغربي هو الحفريات التي تجرى اليوم، كما وأنها تؤدي إلى تدمير الآثار الإسلامية في المنطقة.

وقال بن دوف : إن المعلومات التي قدمها صحيحة ومؤكدة ويستطيع أن يثبتها، ويستطيع أن يعرض صورا تؤكد نظريته، مشددا على أن الانهيارات بسيطة ويمكن إصلاحها.

كما ودحض العالم بن دوف ادعاءات الوزير الصهيوني " يعكوف إيدري " وممثلي الحكومة بتأكيد وجود حفريات تحت الحرم القدسي ؛ معتبرا أن ما تقوم به سلطة الآثار الصهيونية هو الذي يؤدي إلى هدم الآثار الإسلامية، مضيفا: حتى لو كان هناك أثر للهيكل فالحكومة هي التي تقوم بهدمها.

وطالب عالم الآثار " مئير بن دوف " المؤسسات الإسرائيلية إلى وقف أعمال الحفريات والبناء وإعطاء فرصة للأوقاف الإسلامية لترميم الجسر الذي انهارت أجزاء منه.