عزان : على حركة الحوثي الإدراك أن زمن القهر وتحشيد العواطف قد ولَّى

الجمعة 24 فبراير-شباط 2012 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - الجمهورية
عدد القراءات 9377
 
محمد عزان
 

قال الكاتب والمحقّق محمد يحيى عزان، أحد مؤسسي (تنظيم الشباب المؤمن) في صعدة: إن حركة الحوثي اليوم أمام مفترق طرق، فإما أن تدخل فيما دخل فيه الشعب من التعايش والتسامح والتنافس السلمي وتدرك أن زمن القهر والهيمنة وسحق الإرادات وتحشيد العواطف وشحن النفوس قد ولّى، وعند ذلك سيقدّمون ما لديهم من فكر ديني أو مشروع سياسي أو مسلك تربوي إن كان لديهم شيء من ذلك؛ وللناس أن يأخذوا أو يتركوا ولن يكونوا بذلك كفاراً ولا فساقاً ولا مخالفين للحق ولا عصاة ولا مذنبين ولا عملاء ولا منافقين ولا ينطبق عليهم شيء من توصيفات خصومهم, وفي هذه الحالة تزول الأخطار ويذهب شبح الخوف والاضطرابات عن المنطقة والجوار، ويصير الناس مواطنين متساوين ومسلمين متكافئين.

وإما أن يستمروا في السعي لفرض وجودهم بالقوة والغلبة ومصادرة الآخرين وإقصاء المخالفين ومقاطعة المشاريع الوطنية وتوصيف من خالفهم بالعملاء والمنافقين وأولياء أمريكا واسرائيل، وبذلك يفرضون على المجتمع حالة من عدم الاستقرار، ويسترسلون في حشد الأطفال إلى جبهات الموت؛ مرة ضد الجيش وأخرى ضد القبائل وثالثة ضد المتدينين بطريقة لا تروق لهم.. وهكذا كلما سُدّت جبهة فتحت أخرى وتتوسع الخصومات لتستنفر فيها العصبيات بكل أشكالها، ويواجه الناس أنواع التمزق الاجتماعي وصنوف المعاناة التي تطال الجميع نتيجة تمددها عبر مسارات المذهبية والسلالية والمناطقية ونحوها, وهذا ينعكس سلباً على عموم المنطقة ويؤثر في الجوار ويتيح الفرصة لمختلف أنواع التدخلات الأجنبية.

وفي تعليقه على موقف الحوثيين من الانتخابات الرئاسية، قال عزان لـ«الجمهورية»: من مسلمات النظام الديمقراطي أن من حق الأشخاص والجماعات أن يشاركوا أو يقاطعوا في أي انتخابات أو استفتاء، وهذه حقيقة لابد من ترسيخها في ثقافة المجتمع؛ لأنها تمثّل حق الإنسان في اختيار نمط عيشه والتعبير عن رأيه..ومن مسلمات الديكتاتورية أن الإرادة الشريفة للسيد الزعيم والأمير المبجل هي الحق والصدق والصواب وفيها السلامة والنجاة، كيف لا وهو من هو، ففي قوله الحق، وفي فهمه النجاة، فلا يسعنا إلا أن نقاطع إن قاطع ونشارك إن شارك ونسالم إن سالم ونحارب إن حارب، ومن كان له رأي آخر وضع في الدوائر الحمراء والسوداء.

وإخواننا أمراء صعدة مارسوا المسلِّمتين معاً، فمارسوا حقهم في المقاطعة باعتبارهم من رعايا الجمهورية اليمنية، وهذا لا لوم عليهم فيه, ومارسوا منهج الاستبداد كونهم أمراء مستجدّين لم يدركوا بعد أن الشعوب صارت عصية على القهر والاستبداد، ولم يدركوا حتى الآن أن صمت الناس ومسايرتهم الواقع لا يعني القبول والرضا.

 إن الآلاف الذين صودرت إرادتهم وغلبوا على أمرهم بالتهديد والوعيد المبطن والمكشوف، قد بدأوا - قبل أن تغيب شمس 21 فبراير - مراجعة جادة ومقارنة واعية بين ما يقوله أمراؤهم وما يفعلونه، وثارت لديهم الشكوك في كل شيء سمعوه.

وبشأن إمكانية استعادة الدولة سيطرتها على صعدة وبسط نفوذها, ردَّ عزان بقوله: يمكن للدولة أن تستعيد سيطرتها على صعدة بقوة القانون والوسائل السلمية، والتي من أهمها في نظري كسر الحصار الفكري، واختراق التعتيم الإعلامي، حتى يتمكن الجميع من التخاطب مع المجتمع بحرية، مما يساعد على استعادة الثقة ويمهّد للحوار والتفاوض لمعالجة بؤر التوتر وحلحلة العقد؛ لأن أبناء المنطقة لا يريدون أن يظل وضعهم على ما هو عليه، وتلك الإرادة هي التي ستفرض وضعاً آخر شاء الحوثي أم أبى.

ولا يصلح أن نيأس من إمكانية الوصول إلى حل مقبول مع الحوثيين، وإن اختلفنا معهم واستنكرنا بعض أفعالهم، فالحوار يكون أساساً بين المختلفين، ومن العجز أن نتراجع عند أول عائق يصادفنا، وأنا على قناعة أنه يوجد فيهم العقلاء الذين يمكن التحدث إليهم، ومن مصلحتهم أن يتخففوا من حمل مسؤولية المجتمع وحمل تبعات تصرفات بعض المتهورين منهم.

اكثر خبر قراءة عين على الصحافة