صحف عربية تشيد بتحقيق ثمرة الثورة باليمن وسط أشواق التغيير والإعاقة

الخميس 23 فبراير-شباط 2012 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - متابعات:
عدد القراءات 3766

اهتمت الكثير من الصحف العربية بالانتخابات الرئاسية التوافقية في اليمن وافرزت لها مساحات بارزة بين صفحاتها، وبعضها خصصت لها مقالات رأي وأعمدة افتتاحياتها لعددي أمس واليوم وكان للصحافة الخليجية اهتماما خاصة باعتبار دول مجلس التعاون راعية المبادرة الخليجية في اليمن.

البيان: ثمرة الثورة في اليمن:

لم تنجح المحاولات الدامية لإفشال الانتخابات الرئاسية اليمنية في إثناء أبناء اليمن عن المشاركة في هذا الاستحقاق الذي يعتبر ثمرة عام من ثورة شباب اليمن. الناشطة اليمنية الحائزة جائزة نوبل للسلام توكل كرمان التقطت لحظة الحدث ووصفت الانتخابات الرئاسية أثناء إدلائها بصوتها في صنعاء بأنه «يوم عيد» لليمنيين.

إن محاولة عرقلة عملية الانتقال السلمي للسلطة عبر العنف كشفت عن النوايا المبيتة التي صمتت طويلاً خلال شهور من الثورة، وعادت لتطل برأسها اليوم مستهدفة استحقاق الشعب اليمني وحقه في انتخاب رئيس يأتي عن طريق الانتخابات. كانت جهات في اليمن تعترض سابقاً على ما اعتبرته «خطف» الرئيس علي عبد الله صالح للسلطة والوحدة بين الشمال والجنوب. اليوم، إذا كان يوم الانتخابات هو يوم لرحيل صالح ومجيء رئيس ينحدر من الجنوب ليصبح رئيساً لليمن، فما الذي بقي للمعترضين من تبريرات لرفض العملية السياسية ورفض الإبقاء على اليمن موحداً؟.

إن اللجوء إلى العنف والتفجيرات لعرقلة «ثمرة الثورة» من النضوج يكشف عمق النوايا في الانفصال لدى جهات عديدة، وهي نوايا لا تقيم أي اعتبار لما يشهده اليمن من تحول سياسي نادر في مسيرة ثورات الربيع العربي رغم الروح القبلية وانتشار السلاح في معظم أرجاء اليمن.

ومن الخطأ الجمع بين اعتراض ناشطين يمنيين في ساحات التغيير على اتفاق نقل السلطة وبين من يعترض على اليمن. فالناشطون يعتقدون ان الاتفاق ليس كافياً وهم يريدون المزيد.الانتخابات هي طريقة سلمية وهادئة لتحقيق «المزيد» الذي يطالبون به. إلا أن من يهاجم مراكز الاقتراع بالقنابل اليدوية يريد منع الآخرين من حقهم في اختيار الرئيس التوافقي، وهو بذلك يتعدى على مسألة الاعتراض السياسي إلى الاعتراض على الدولة.

ويبدو جلياً أن هناك قلة ممن يشعر بالحزن لأن اليمن يتجه إلى الاستقرار، وهذه القلة أفلست بعد أن وافق صالح على نقل السلطة وفق المبادرة الخليجية، فما كان ينتظره ويتمناه هؤلاء على ما تشي بها مواقفهم من الانتخابات- هو استعصاء غير قابل للحل. وهذا ما لم يتحقق لهم.

الوطن اليمن.. أشواق التغيير وأشواك الإعاقة

حاجة اليمن لأشقائه وعلى الأخص منهم قادة دول مجلس التعاون الخليجي ما تزال شديدة الإلحاح، وإلى أن يأخذ هذا البلد طريقه ويقف على قدميه لا بد أن تكون الوجهة واضحة.

مثل كل سكان الأرض تنبعث أشواق اليمنيين وتطلعاتهم المرتجاة بوطن يحتمل الأمنيات ويسع نفسه ومشكلاته وبنيه.هل غدا الأمر ممكناً بعد تسنم الرئيس الجديد عبدربه منصور هادي مهام قيادة البلاد خلفاً لثلاثة وثلاثين عاماً من تبعات حكم صالح.

قبل هذا سيكون السؤال الأحرى بالجدل من الذي أنجز مهمة انتقال السلطة من مارشال غير مرغوب به إلى آخر توسم الناس فيه قليلاً من المسرات وشيئاً من تباشير الفرج.

أكان بوسع المعارضة أن تنجز المهمة وحدها أو على الأقل الجزء الرئيس منها – كما سيكون عليه مزاعمها – لولا تكاتف قوى التغيير والتحام المتضررين ببعضهم؟ وهل كان بوسع هؤلآء وأولئك إزاحة الرئيس اليمني الأسبق لولا مساندة الأشقاء في دول مجلس التعاون إلى جانب ضيق الأصدقاء على مستوى العالم من نظام صنعاء؟

المؤكد حتى الآن وبصورة لا تقبل التشكيك أن أموالاً طائلة ومقتنيات نادرة غادرت اليمن وربما عاد بعض منها لإعاقة أجندات الخلف وإدخال المواد الحافظة على المنتج القديم وضمان جاهزيته في سياق عمل ممنهج يستهدف خلط الأوراق وابتكار أسباب تجبر القوى السياسية على مداراة الحاوي دفعاً لشرور الثعابين السامة في جرابه، الأمر الذي يؤكد خروج صالح من كرسي الحكم وبقائه في صلب معادلات السلطة.. وما عدا ذلك لا مكان لحقائق قطعية على أرض الواقع.

لهذا – وما على شاكلته من أسباب – تظهر أشواق اليمنيين كما لو كانت طفحاً جلدياً يحول ورؤية الجسد الغض أو توصيفه على نحو يمكن الوثوق به.

هي تركة – ثقيلة – ركمتها تضاريس نظام سياسي حكم باسم كل الفضائل والثوابت ولم يمارس منها غير نقائضها. لكننا نخطئ حين نلقي مسؤولية ما حدث في الماضي أو ما نتوقع حدوثه في قادم الأيام من رواسب تنتمي لذات المنحدر على ذمة رجل واحد حتى وإن انتصب على واجهة الأحداث وقبل على نفسه أن يكون كذلك.

لقد جلس على جوار الحاكم وتفيأ ظله وارتعى في ضياعه وتواطأ معه شركاء كثر لم تكن شوكتهم لتقوى دونه، وأحسب دون حاجة إلى دليل أن معظم هؤلآء صاروا ثواراً ينتعلون التغيير في طريقهم نحو السلطة.. وهو وإن عبر في عديد مناسبات عن مرارته ممن نعتهم بالمتنكرين والخونة إلا أنه سيدرك على المدى القريب مردود ممارساتهم على قناعات ومواقف أبناء المجتمع بمن فيهم شباب التغيير تجاهه.

هل أقول إن وعود التغيير في اليمن ما تزال عالقة في شراك الماضي أم اُسرف في وله الأشواق المرحّلة على رصيد مكشوف؟

ومن أين للتغيير أن ينجز شروط التحول التاريخي ويرسم آفاق الوطن الفواح بأريج الحرية والنماء طالما اقتصرت التسوية السياسية على تصالح طرفي الصراع ولم تلتفت وإن من قبيل تطييب الخواطر إلى نزف الضحايا أو تكترث بقوى التغيير لتبقى فرص انتشال البلاد في وضعها السيئ رهن موازين وأطراف الصراع لا هدية الأجيال الشابة إلى المستقبل؟

لئن كانت الحسنة النادرة لطرفي المعضلات المزمنة في اليمن قد تمثلت في اختيار الرئيس عبدربه منصور هادي لقيادة المرحلة الانتقالية خلال عامين قادمين إلا أن هذا وحده لا يكفي لإثبات حقيقة التغيير أو الاعتقاد بأن ممهداته الكاملة تتوافر أمام رجل أجمع معظم الفرقاء على دفعه بقوة للسير في طريق مليء بالأشواك قبل الأشواق وبالمآزق أكثر من الحلول.سوف يكون على الرئيس منصور اقتحام مجاهيل شتى فهل تتركه الأقدار يتدبر مفاتيحها؟

إن حاجة اليمن لأشقائه وعلى الأخص منهم قادة دول مجلس التعاون الخليجي ما تزال شديدة الإلحاح وإلى أن يأخذ هذا البلد طريقه ويقف على قدميه لا بد أن تكون الوجهة واضحة.

دول الجوار الإقليمي هي الأولى بمساعدة اليمن على تحديد وتعيين هذه الوجهة لا بحكم العواطف المسيجة بالثوابت التقليدية التي ذابت على موائد التكرار، ولكن لأن أيادي أخرى تلهث نحو اليمن وتتطلع لاستنساخ نماذجها في كنفه ومد ذراعها إلى الآخرين من خلاله. ولا شك أن تصدر مجلس التعاون مهام التسوية يجعل منظومات الحكم الخليجية محل استدعاء عاقل من قوى التغيير خارج مفاعيل المبادرة الموصولة بمدركاتها حاجات العربية السعيدة إلى شقاء معقول غرار ما ذهب إليه المثل ( بعض الشقاء ولا كله ).إن التجاور على تصورات مضت وتحالفات في طريقها إلى الاضمحلال

يقود إلى الغفلة عن تطورات هامة يمكن إعادتها إلى مسار طبيعي لمصلحة أهداف مشتركة بدلاً عن تجاهلها في زمن يتطلب الاستشعار عن بعد، ناهيك عن أن يكون غياب الإدراك المبكر فسحة لوسائط مفخخة على شاكلة أقرب أمثلتها أن ( العشق ألذ من الزواج )!.

*الصورة عن الرياض السعودية

اكثر خبر قراءة عين على الصحافة