صدام .. كان يعلم بموعد إعدامه واستعد للظهور بكامل أناقته أمام فرقة الإعدام فارتدى بدلة أنيقة وروب فاخر أسود وحرص على تلميع حذائه وتنعيم لحيته وارتدى برنيطة الكابوي..

الأربعاء 03 يناير-كانون الثاني 2007 الساعة 04 مساءً / مأرب برس / فلسطين / رندة عود الطيب/ خاص
عدد القراءات 4885

تقدم صدام حسين صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك الموافق لـ يوم الثلاثين من كانون أول / ديسمبر الماضي إلي منصة الإعدام كالجبل الأشم، رافع الرأس، ممشوق القوام، مترفعاً عن الصغائر والصغار ، مؤمناً بعقيدته وعروبته، مردداً شعارات العزة والكرامة ، بعد أن عزز إيمانه، وأكد عليه بترديد آيات من القرآن الكريم والشهادتين، سيحسده كل الزعماء العرب، الأحياء منهم والأموات، علي هذه الشهادة المشرفة، وهذه المحبة العارمة في أوساط مئات الملايين من العرب والمسلمين في مختلف أنحاء المعمورة.

لقد أظهر شريط فيديو الجوال النقال اللحظات الأخيرة ليقدم لنا بالصوت والصورة أننا أمام أسد شجاع، يرفض ارتداء قناع، مثلما يرفض اخذ حبوب مهدئة عرضوها عليه، ولماذا القناع، ولماذا الحبوب، فالقناع للخونة والمجرمين الذين يخجلون من خيانتهم أو جرائمهم، والحبوب المهدئة تصلح لمن لا يستطيع مواجهة التاريخ من سوء أفعاله ..

كان يعلم بموعد إعدامه واستعد للظهور بكامل أناقته أمام فرقة الإعدام

لقد احتلت صور إعدام الرئيس الخالد صدام حسين جميع الصفحات الأولى في معظم الصحف الأمريكية الشهيرة .

 صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية ذكرت ان صدام كان يعلم بموعد إعدامه وانه استعد للظهور بكامل أناقته أمام فرقة الإعدام فارتدى بدلة أنيقة وروب فاخر اسود وحرص على تلميع حذائه وحلاقة وتنعيم لحيته وصبغ الشيب في شعره وارتداء برنيطة الكابوي .

وحين قال احد الحراس الملثمين لـ صدام بعد وصوله إلى غرفة الإعدام انه تسبب في إفقار الشعب العراقي وحول العراقيين إلى شحادين رغم أن بلدهم من أغنى دول العالم فرد صدام بأنه بنى دولة العراق وهنا تدخل المدعي العام منقذ فرعون وابعد الحارس ومنعه من مواصلة الحديث.

 وتحدثت الصحف الأمريكية عن رفض صدام وضع قناع على رأسه رغم أن رئيس فرقة الإعدام المكونة من ستة مقنعين من ضخام الأجسام حاول إقناع صدام بأن الهدف من القناع هو حماية رقبته من الجروح المؤلمة وتخفيف آلام الخنق والموت ولكن صدام رفض وتم لف رقبته بالقناع بدلا من ذلك.

وذكرت الصحف الأمريكية أن مكتب رئيس الوزراء العراقي اتصل قبل الإعدام بأربعة عشر شخصا منهم منقذ فرعون وطلب منهم التوجه لمكتب رئيس الوزراء حيث ابلغوا بقرب إعدام صدام وكان على رأسهم القاضي منير حداد وموفق الربيعي وعدد من مستشاري المالكي وبعض الوزراء.

وفي صبيحة يوم السبت يوم الإعدام توجهوا بطائرتي هليوكوبتر أمريكيتين إلى قاعدة أمريكية على النهر في بغداد بالقرب من احد قصور صدام في الكاظمية حيث كانت عمليات الإعدام تتم في عهد صدام ...

وبعد قليل تم نقل صدام بطائرة هليوكوبتر من زنزانته في المطار إلى غرفة الإعدام حيث تم تسليمه رسميا للعراقيين الذين نقلوه بسيارة مدرعة إلى غرفة الإعدام.

وأشارت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية إلى أن غرفة الإعدام لا نوافذ فيها وكانت وفقا لحداد باردة جدا وتفيح منها رائحة الموت ...

وكان صدام وفقا للواشنطن بوست يضع طاقية أوروبية كابوي التي اشتهر بارتدائها ... نزع صدام الطاقية وقامت فرقة الإعدام بإجلاسه على كرسي للاستماع إلى قرار إعدامه ثم تم فك يديه وربطهما من جديد من الخلف وتوثيق رجليه.

في هذه اللحظة سأله موفق الربيعي إن كان خائفا فرد صدام أنا لست خائفا فقد اخترت هذا الطريق أو هذه النهاية ، وقال احد الشهود : انه يعتقد أن صدام لم يكن يصدق ما يجري له حتى بعد لف رقبته بحبل المشنقة ..

وقال شهود عيان ممن حضورا مشهد الإعدام : إن المدعي العام قال انه يشاهد صدام حسين آخر غير الذي يعرفه فهو متماسك الأعصاب وقوي ولا يرتجف من الموقف.

ومات صدام بعد عشر ثوان من سقوطه ولم ترتجف رجلاه أو تتحرك وظلت جثته معلقة بالحبل خمس دقائق قبل أن يتم تنزيلها وتغطى بكيس ابيض ثم تم نقل الجثة بطائرة هليوكوبتر إلى مكتب نوري المالكي حيث كانت مجموعة من أهالي الدجيل موجودة هناك.

وأشارت الصحف الأمريكية إلى أن ترتيب جنازة صدام تم بموافقة جورج بوش شخصيا الذي وافق على تسليم الجثة لأهله لدفنها في العوجة مع أن أسرته أرادت أن يدفن في الرمادي.

 وأشارت صحيفة نيويورك تايمز في تغطيتها أن عائلة بوش كانت على خصومة مع صدام الذي اتهم بمحاولة اغتيال جورج بوش الأب في الكويت.

صدام كان الزعيم الوحيد في تاريخ هذه الأمة الحديث الذي ذهب إلي المقصلة لأنه وطني رفض الاحتلال والاستسلام للغزو، واختار المقاومة، ولم يسبقه إلي هذا الشرف إلا عمر المختار ويوسف العظمة

أما صحيفة القدس العربي التي تصدر في لندن فقالت في مقالها الافتتاحي الذي يكتبه رئيس تحريرها الصحافي المشهور (عبد الباري عطوان ) هذا الاهتمام العربي والعالمي غير المسبوق بإعدام الرئيس العراقي صدام حسين، والطريقة الوحشية التي تم بها، يؤكدان أهمية الرجل، ومكانته البارزة، ودوره المتميز في تاريخ المنطقة العربية.

الإدارة الأمريكية وأدواتها في العراق الذين خططوا بعناية لهذا الحدث، من خلال خبراء في الإعلام والعلاقات العامة وتوجهات الرأي العام، لم يتوقعوا مثل هذه النتيجة العكسية تماما، وفوجئوا بها وبالآثار المدمرة التي يمكن أن تترتب عليها فيما هو قادم من الأيام. صدام حسين كان الزعيم الوحيد في تاريخ هذه الأمة الحديثالذي ذهب إلي المقصلة لأنه وطني رفض الاحتلال والاستسلام للغزو، واختار المقاومة، ولم يسبقه إلي هذا الشرف إلا رجال من أمثال عمر المختار ويوسف العظمة، تشرفت الأمة وتاريخها بنضالاتهم، وحفظتها لهم في سجلات العزة والكرامة.

سارعوا بإعدامه لأنهم كانوا يخافونه حتى وهو خلف القضبان، مثلما سيظلون يخشونه وهو جثة تتواري بين حنايا تراب الوطن، فالمقارنات بين زمانه وزمانهم الدموي الفوضوي جاءت دائما لصالحه، والمطالبات بعودته لإنقاذ العراق من محنته والزمرة الفاسدة الحاقدة التي تحكمه باتت تصم آذان الاحتلال والمتواطئين معه.

لقد أحرجهم وقزمهم بوقوفه كالرمح في قفص الاتهام، وأرعبتهم نظرات عينيه الثاقبة، وفضحتهم وطنيته وعروبته وترفعه علي التقسيمات الطائفية الكريهة التي زرعوها في عراقهم الجديد الموبوء، فقرروا التخلص منه في عجالة مربكة ومرتبكة. وقال عطوان شكراً لتكنولوجيا الهاتف النقال التي مكنتنا منالتعرف علي الوجه البشع للطائفية البغيضة الحاكمة في عراق أمريكا ، فهذا الشريط، فضح حكومة المنطقة الخضراء، ونسف كل مخططات الرقابة والتزييف لخبراء المخابرات الأمريكية وعملائهم، وقدم لنا الحقيقة عارية، دون أن يقصد صاحبه.

كان مصيباً عندما التفت اليهم وقال هل هذه هي مراجلكم؟ عندما كانوا يوجهون إليه الإهانات وهو يتقدم إلي حبل المشنقة برحابة صدر وعزة نفس، مردداً القول الكريم واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً .

فهل من الرجولة الهتاف بشعارات طائفية بغيضة أمام رجل، لم يكن طائفياً في أي يوم من الأيام، وحبل المشنقة يلتف حول عنقه، وستذهب روحه إلي خالقها بعد ثوان معدودة؟

هل هذه هي أخلاق الإسلام السمحاء، وهل هذه من قيم العروبة والشهامة والإباء، وهل هؤلاء هم أبناء العراق العظيم الذي وقف دائماً في وجه الغزاة علي مر التاريخ وكان سنداً لأمته وقضايا العدل في العالم بأسره؟

نأسف، ولكن لا نفاجأ، لأن بعض الحكومات العربية احتجت فقط لأن الإعدام جري تنفيذه يوم عيد الأضحي المبارك، وكأن إعدام هذا الرجل الرجل جائز ومبارك في اي يوم آخر.. نأسف مرة أخرى لأن معظم الزعماء العرب تواروا في قصورهم ولم يجرؤ أي منهم علي النطق بكلمة احتجاج واحدة خوفاً من أمريكا.

يقول عبد الباري عطوان في مقاله: " لقد طْعنّا مرتين، في الأولي عندما شاهدنا زعيماً عربياً يساق إلي منصة الإعدام وفق عدالة طائفية حاقدة وثأرية، وفي المرة الثانية عندما لم نشاهد أحدا يعترض علي إعدامه من نادي الزعماء الذي انتمي إليه لأكثر من ثلاثين عاماً ".  سياسي عراقي معارض لصدام :  صدام   صعد المشنقة شجاعا وترك تحته أناسا لا يستحقون الحياة

وشنّ السياسي والديبلوماسي العراقي السابق ، صلاح عمر العلي عضو مجلس قيادة الثورة ، الذي كان عضوا في قيادة حزب البعث، ورفيقا لصدام حسين وصديقا له قبل أن يختلف معه عام 1968 ويلجأ إلى المنفى ؛ شن العلي  هجوما حادا على حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي لإقدامها على تنفيذ حكم الإعدام بحق الرئيس السابق صدام حسين، الذي وصفه بأنه "عاش شجاعا وانتهى بطلا"  .

وقال  العلي ": "لقد كنتُ عضوا في قيادة حزب البعث، ورفيقا لصدام حسين وصديقا له قبل أن أختلف معه عام 1968 وألجأ إلى المنفى، لكن هذه الخصومة لا تمنعني من رؤية الواقع بعيون فاحصة .

وأضاف "صحيحٌ أنني عدتُ للعراق لأول مرة بعد الاحتلال، لكنني مع ذلك أقول: إن صدام حسين كان شجاعا ولا يهابُ الموت، وإذا كان متهما بقضايا، فهي ليستْ نشازا عن ظروف الحكم في المنطقة .. لقد عاش شجاعا وانتهى بطلا، ويكفيه فخرا أنه صعد على أعواد المشنقة وترك تحت أقدامه أناسا لا يستحقون الحياة". 

وشكك صلاح عمر العلي في صدقية الرواية التي نقلتها وكالات الأنباء عن أن الولايات المتحدة لم تكن ترغب في إعدام صدام حسين في أيام عيد الأضحى المبارك، وقال: "أنا أشك في هذا الأمر، هذه عبارة عن محاولة للتنفيس عن الاحتقان، لأن رئيس الوزراء نوري المالكي ليس إلا مجرد موظف صغير عند الإدارة الأمريكية، وهو غير قادر على اتخاذ مثل هذا الموقف، فالمقصود بهذه التصريحات محاولة امتصاص الغضب الشعبي الذي تولد عن عملية الإعدام التي جرت في أول أيام عيد الأضحى المبارك .