النفوذ على حساب المؤهل : فساد و تلاعب بالدرجات الوظيفية بتوجيهات عليا

الأحد 26 نوفمبر-تشرين الثاني 2006 الساعة 11 صباحاً / مأرب برس - تعز- خاص
عدد القراءات 3203

كشف عبد السلام الحزمي مدير مكتب الخدمة المدنية بتعز عن جزءا من جوانب الفساد والتلاعب الذي يمارس بالدرجات الوظيفية ونقل عنه موقع المؤتمر قوله بأن واسطات وتوجيهات عليا فرضت عليه مما اضطره للرضوخ لها وذكر حالة عملية بأنه تم حجز 12 درجة وظيفية من موازنة السنة المالية 2006 لأشخاص بتوجيهات عليا مرحلة من السنة الماضية .

ويأتي تصريح مدير مكتب الخدمة بتعز بعد تأجيل إعلان المرشحين لوظائف الجهاز الإداري للدولة أكثر من مرة عن موعدها السنوي المحدد في يوليو وكان نصيب محافظة تعز حسب الموازنة لعام 2006 550 درجة وظيفية تم الإعلان فقط عن 470 درجة بينما تم حجز ما يقارب حوالي 80 درجة وظيفية لدى مكتب الخدمة لم يعلن عنها ويتم حاليا المماطلة والتسويف فيها لحسمها لنافذين .

وبحسب وزارة الخدمة المدنية فان إعلان أسماء المرشحين يتم وفق شروط المفاضلة العلمية بعيدا عن أية واسطات ومتنفذين وتوجيهات عليا إلا أن ما أفصح عنه مدير مكتب الخدمة في تصريح نقلته المؤتمر نت منتصف الشهر الجاري يكشف عن حجم الخلافات بين مراكز القوى والنافذين في السلطة والحزب الحاكم حول طريقة توزيع حصصهم في إمكانيات الدولة والوظيفة العامة بناءا على ما يرونه مكافآت خاصة بهم لقاء استحقاقات الانتخابات الرئاسية الماضية .

جدير بالذكر إن تأجيل إعلان الوظائف عن موعدها المحدد في يوليو كان بسبب الانتخابات الرئاسية التي استغلت فيها إمكانيات الدولة والوظيفة العامة على أوسع نطاق في دعم مرشح السلطة الأمر الذي أسفر عن وعود صارت استحقاقات واجبة الأداء على حساب حقوق مئات الآلاف من المسجلين لدى مكاتب الخدمة وبعيدا عن معايير الأهلية والكفاءة ، ويلاحظ إن تداعيات هذه الأزمة بين مراكز القوى والتي بدت تطفو على السطح تمثل احدى جوانب الصراع الذي يتمحور حول اقتسام الحصص والوعود والاستحقاقات .

وكانت النتائج المعلنة في بداية نوفمبر الحالي عن أسماء المرشحين لشغل الدرجات الوظيفية قد كشفت عن مدى واقع الظلم وحجم الاختلالات الوظيفية الناجمة عن معايير الفساد المسنودة بالمتنفذين ومراكز القوى في السلطة والتي عادت لتفرض نفسها مجددا بقوة التوجيهات العليا والواسطات الأقوى نفوذا وذلك استغلالا لظروف استحقاقات الانتخابات الرئاسية .

حيث وقد أظهرت النتائج المعلنة لجزء من المرشحين للدرجات الوظيفية و كذا عدم الإعلان عن بقية الدرجات المرصودة في الموازنة عن مدى خطورة اتساع نطاق الفساد الذي يمارس بكل حرية وشفافية إذ ورد في تصريح مدير مكتب الخدمة المدنية بتعز أيضا بأنه واجه ضغوط وواسطات ونفوذ جهات سلطوية عليا للحيلولة بينها وبين إفساد معايير المفاضلة إلا انه لم يستطع الوقوف ازائها وذكر حالة عملية فرضت نفسها وأضاف أنه تم فتح باب التظلمات وذلك كإجراء روتيني اعتيادي جدا في واقع الفساد هو الحاكم والبقاء والوظيفة للأقوى فسادا ونفوذا و يدا بالسلطة

ويعد مكتب الخدمة المدنية بتعز القلعة الحصينة للفساد والأشهر تقليدية في ممارسته اذ انه ظل لسنوات طويلة وكرا لكافة أنواع الفساد و المتاجرة والتلاعب بالدرجات الوظيفية بيعا وشراءا وواسطات وتوجيهات عليا سرا وعلانية إلى أن وصل قيمة الدرجة الوظيفية حتى بالمزاد إلى 500000 ريال يمني هذا فضلا عن الفساد العالي المستوى الذي يمثله كبار الشخصيات ومراكز القوى النافذة في الحكم التي تستغل مراكز المسؤولية والنفوذ في الدولة لتنفيذ وتبرير ما تريد على حساب حقوق من لا يمتلكون إلا مؤهلاتهم وكفاءاتهم لا أكثر وشاهد الحال هو هذا التردي والانهيار في بنية الجهاز الإداري للدولة على كافة المستويات إذ صارت الوظيفة العامة مرتعا للفساد والنهب والعبث .

ومما يجدر الإشارة إليه إلى أن أحد أهم جوانب الفساد والعبث الذي يمارس في كافة المصالح الحكومية والذي أدى إلى تدهور مريع في مؤشرات الأداء للوظيفة العامة هو عدم الانضباط والالتزام الوظيفي لشاغليها وصولا إلى مستويات فساد متقدمة تتمثل في الانقطاع الدائم عن ممارسة الوظيفة العامة واستلام مستحقاتها بنفس الوقت في إطار تنسيق وتواطؤ مفضوح إذ في أحسن الأحوال يكون الالتزام بالدوام الوظيفي فقط بالتوقيع على حوافظ الدوام اليومي والانطلاق لممارسة وظائف خاصة وهذا كله في ظل تسيب وإهمال وغياب دور الخدمة المدنية عن أداء واجباتها في رقابة ومتابعة الانضباط وتقييم الأداء وكشف واقع الفساد الذي تعيشه مرافق الدولة المختلفة

وكان مكتب الخدمة المدنية شهد تطور نسبيا خلال سنتين مضت في تخفيف نسبة الرشوة وجزءا من عوامل الفساد مما سبب قلقا لمراكز القوى والنفوذ التي أظهرت مخاوفها على مصالحها في عودتها مؤخرا بقوة التوجيهات العليا لتثبت سطوتها و تدافع عن مصالحها و لتؤكد أيضا انه في هذه البلاد لايمكن أن يوجد عائقا أمام الفساد ومصالحه .