الرئيس صالح لم يعد ولن يعود.. ما الذي أبقى أحمد حاكماً عسكرياً لليمن؟

الجمعة 17 يونيو-حزيران 2011 الساعة 11 مساءً / مأرب برس- خاص
عدد القراءات 46295
 
نجل الرئيس صالح

على الرغم من محاولة الاغتيال الغامضة والمفاجئة التي تعرض لها الرئيس علي عبدالله صالح وعدد من أهم رجالات دولته, الجمعة 3/6/2011, في خضم ثورة عارمة, إلا أن البلد لا يزال في قبضة نظام صالح العسكري؛ في يد نجله أحمد على وجه التحديد. 

في الـ21 من مارس, تناقلت الأنباء انضمام علي محسن صالح - برتبة لواء وقائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى مدرع – للثورة. ويوصف الرجل بأنه الشخصية الأقوى في الجيش اليمني. هذا الرجل لا أحد يقلل من حضوره الطاغي في كثير من مناطق اليمن, حضوراً قبلياً لافتاً, كما أن لديه حضوره العسكري البارز أيضاً. كما انضم للثورة شيخ مشايخ قبيلة حاشد صادق الأحمر, وعدد لا يستهان به من الشخصيات الاجتماعية والسياسية والعسكرية والدبلوماسية. وهؤلاء رأى الجميع فيهم ترجيحاً لكفة الثورة؛ أي أن الرئيس صالح حوصر في الزاوية, وانتظر الجميع لحظة سقوطه, وطالت هذه اللحظة.

ويتضح الآن أن هناك شخصية عسكرية استمرأ الجميع الاستهانة بها. قالوا إنه موجود بوجود أبيه, وهو لا يشكل رقماً. وحين غاب أبوه, وهو ما بين أن يكون قُتل أو لم يصب بأذى, ظل ممسكاً بزمام الأمور عسكرياً, وبقوة, وحتى الآن لا يزال يمارس أعمال القتل ضد المتظاهرين بذات الوتيرة التي كان يبدو عليها أثناء وجود والده. بل وأكثر من ذلك فالرجل لا يؤمن إلا بالعقيدة العسكرية التي لا تؤمن إلا بالقوة. منع, وبكل جرأة, الرئيس بالإنابة عبد ربه مصور هادي من دخول دار الرئاسة الذي شهد محاولة اغتيال صالح. هذا الإجراء لم يقف أمامه أحد, ولم يستطع أن يمنعه أحد. والعاصمة الآن بيديه كاملة.

وأياً كان الأمر, قوة شخصيته أو القوة العسكرية التي تخضع له, والمتمثلة بالحرس الجمهوري والقوات الخاصة, إلا أن أحمد علي صالح يشكل رقماً. وهو في مقدمة من يطالب الشباب بتقديمهم للمحاكمة؛ لممارسته أعمال القتل والترويع بحق المعتصمين في ساحات الحرية والتغيير في أنحاء الجمهورية.

من هو أحمد علي عبد الله صالح؟

من المسلم به أن "أحمد" ما كان ليكون كذلك لولا أنه نجل الرئيس. ويحمل رتبة عسكرية كبيرة في الجيش فيما لا يزال في الـ39 من عمره.

تقول المعلومات, المدوّنة عنه في الويكيبيديا, إنه حصل على بكالوريوس في علوم الإدارة من الولايات المتحدة، قبل حصوله على الماجستير من الأردن التي تلقى فيها أغلب تدريباته العسكرية.

في عهد أبيه, تولى:

رئاسة مجلس الإدارة في مؤسسة الصالح الاجتماعية الخيرية للتنمية.

الرئاسة الفخرية لكلٍّ من: نادي التلال الرياضي في مدينة عدن، وجمعية المعاقين حركيا.

قيادة الحرس الجمهوري وقيادة القوات الخاصة منذ أحد عشر عاماً.

وحين ترشح عام 1997م لانتخابات مجلس النواب اليمني في إحدى دوائر العاصمة كان من المؤكد أنه سيفوز, مثله مثل بقية النافذين.

الولد الذي يسعى لخلافة أبيه, في نظام جمهوري, ورد اسمه في تهمة فساد بعد كشف إحدى المحاكم الأميركية تورطه بمعية مسؤولين بوزارة الاتصالات اللاسلكية اليمنية بتلقيه رشوة من شركة اتصالات أميركية مقابل الحصول على أجور عالية للخدمات التي تقدمها الشركة.

وتعرض لمحاولة اغتيال عام 2004م على يد ضابط من محافظة ذمار, أصيب حينها بعدة رصاصات مما أسفر عن إصابته ونقله إلى مستشفى الحسين بعمان لتلقى العلاج، فيما تم قتل الضابط الذي حاول اغتياله, ونفت الحكومة اليمنية صحة الحادثة.

دور أمريكي سعودي

من المؤكد أن العميد أحمد علي صالح يستند لدعم أمريكي سعودي خفي. ويشكل هذا الاتكاء إحدى أهم نقاط قوته في مواجهة خصومه التقليديين, ومواجهة الثورة الشعبية. ففي يده تقبع قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة, وهما أكبر قوتين في الجيش اليمني, دون منافس, وهو الآن يستغل كل ما لديه؛ ليس لتجنب محاكمته أو لخروجه سالماً بعيد خروج أبيه, بل لأن يبقى الرئيس الفعلي لليمن, أو أحد عناصر الدولة القادمة. الدولة بمفهوم نظام صالح لا بمفهوم الثورة.

فالولايات المتحدة الأمريكية تقول – وقالت من سابق - إنها لا تريد لأبناء الرئيس, وتقصد أحمد, أن يرحلوا؛ ذلك أنهم شركاء معها في محاربة الإرهاب. وكلا الحليفين, واشنطن والرياض, يريدان منه مواصلة الدور الذي كان ملقي على أبيه من قبل. هذه الحسابات تأخذ بعين الاعتبار الواقع الذي تغيّر فجأة باندلاع الثورة الشعبية. لكنها تسعى لتكييف أهدافها وطموحاتها في اليمن بما يتناسب وهذه المتغيرات. فالآن, وبعيد غياب صالح لما يقارب النصف الشهر, كأن صنعاء لم يطرأ عليها شيء. فيما المساندون للثورة لا يبحثون إلا عن تسويات وحلول بعيداً عن نبض الشارع.

لننظر هنا: أين الكفّة التي قيل إنها سترجح مسار الثورة في اليمن؟ أين القادة العسكريون الذين أسندوا الثوّار؟ أين القبائل الذين قيل إنها سَتُخْرِج صالحاً حافي القدمين؟ أيعقل أن قائد الحرس الجمهوري أقوى منهم جميعاً؟ أم أن الحكمة اليمانية تحتم على اليمنيين أكل العنب حبّة حبّة؟

سياسياً.. عسكرياً.. من الذي يقود اليمن؟

عسكرياً, وكما أسلف الكاتب, تقبع تحت سيطرة نجل الرئيس وأشقاء الأخير وأبنائهم, بدعم ومباركة أمريكية سعودية تسعى إلى إفراغ الفعل الثوري من محتواه.

ولا يخفى على أحد, سياسياً, التحركات التي يقودها السفير الأمريكي بصنعاء.

الثوّار في ساحات الحرية يطالبون الرئيس بالإنابة الذي لا حول له ولا قوة بنقل السلطة وتشكيل مجلس انتقالي, وحين قال لهم الهادي عبدربه, إنه يريد وقتاً لإحداث تغيير عميق, ولا أحد يدري ما العميق في الأمر, اعتبروا ذلك تقدماً. وكيف سيتم ذلك الشيء العميق؟ لا يدرون. واللقاء المشترك يقول لهم إنه لا يستطيع تشكيل مجلس انتقالي؛ لضغوطات تمارس عليه. وحين هدد الشباب بتشكيل ذلك المجلس خلال 24 ساعة, قال لهم العقلاء: لا تتسرعوا. هذه خطوة مجنونة. العقلاء أولئك يجب أن يضعوا الأمر على طاولة جيرالد فيرستاين.

ولننظر: هل قال أحد غير الشباب: لماذا لا يرحل أحمد؟ أو يجب أن يرحل فوراً. أو يجب أن يقدم للمحاكمة حالاً. الأمر موضوع على طاولة الحوار. طاولة واشنطن والرياض. وهو الرجل الأنسب لخدمة تطلعاتهما في اليمن.

وخلال الأسبوع الجاري, عقد مسؤول أميركي غير حكومي، لقاءات مع عدد من القيادات العسكرية البارزة في اليمن، منها العميد الركن أحمد صالح.

المسئول الأمريكي هو المدير الإقليمي للمعهد الديمقراطي الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط ليس كامبل، وبحث مع نجل صالح “التهدئة العسكرية والأمنية”، إضافة إلى “الحوار السياسي” بين الأطراف اليمنية، و”توفير الخدمات الأساسية” للمواطنين.

وخلال نصف شهر, لم تتزحزح الأوضاع في اليمن قيد أنملة بعد أن قيل أن الثورة انتصرت في مرحلتها الأولى.

فأين ستتجه أشرعة الحسابات؟

-  سيتم إعلان هادي رئيسا مؤقتاً؛ لإدارة البلاد حتى إجراء انتخابات مبكرة.

-  سيتم تشكيل حكومة انتقالية بمشاركة كل الأطياف السياسية برئاسة المشترك الذي يمثل القوة السياسية الأبرز في الساحة؛ سياسياً.

-  سيتم تشكيل مجلس عسكري يضم أبرز القادة العسكريين, علي محسن, أحمد صالح, قادة المناطق العسكرية, وزير الدفاع, رئيس هيئة الأركان, وسيتم استيعاب شخصيات عسكرية جنوبية.

-  ستتم الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة يشارك بها مرشحون عن المعارضة, والحزب الحاكم, لن يتم فيها ترشيح العميد أحمد صالح.

وقطعاً ستسعى السعودية والولايات المتحدة بقوة إلى فرض أحمد صالح في المرحلة القادمة. وبيد هاتين القوتين قوة السياسة والاقتصاد. وحينها لن يكون بالإمكان إلا القبول بشكل التغيير الجديد بالكلفة التي تجنب اليمن الانزلاق نحو الحرب الأهلية والصوملة.

وتلك مصيبة أكبر؛ كأن ثورة لم تقم, وكأن شيئا لم يحدث.

خيارات العميد أحمد

-  التزام واشنطن والرياض بعدم محاكمته أو محاكمة أي من أفراد أسرته.

-  فرض أحمد على الواقع الجديد بشكل أو بآخر؛ قد يكون ضمّه لمجلس عسكري إحدى تلك الأشكال.

-  إن فشلت خيارات بقائه, ربما يقبل التنحي جانباً ومغادرة اليمن إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ استراحة محارب.

-  رفضه شخصياً أي خيار يقصيه عن الحكم؛ ما يعني طرح آخر السيناريوهات التي ستؤول كفة الحسم إلى فيها إلى عدد من العوامل؛ منها خيار التصفية بطريقة أو بأخرى.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة سوبر نيوز