الثأر.. ردة تغذيها السلطة ويستثمرها الساسة ويتجاهلها العلماء ويقودها المشايخ

الجمعة 08 أكتوبر-تشرين الأول 2010 الساعة 05 مساءً / مأرب برس- الوسط: محمد غالب غزوان
عدد القراءات 14190
 
 

يمتلك اليمنيون 88 مليون قطعة سلاح من مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وشبه الثقيلة، أي ما دون الدبابة والطائرة وأغلب تلك الأسلحة في المناطق ذات التركيبة القبلية المعقدة، في مديريات محافظات صنعاء وذمار ومأرب والجوف وعمران والبيضاء وأجزاء من إب وشبوة وصعدة وتمتلك القبيلة اليمنية بحكم النشأة ثقافة قتالية وانتقامية ما زالت سائدة. وبمناسبة حلول هذا الشهر الكريم تقدم صحيفة الوسط هذا التحقيق الذي يناقش قضايا الثأر التي تحصد يوميا عشرات القتلى من أوساط القبائل ولكنها أيضا تجر الويل والثبور على المجتمع برمته.. فإلى مفاصل التحقيق.

شاهد فيديو يتحدث عن معضلة الثأر:

http://video.marebpress.net/watch.aspx?vid=482

إن كافة القبائل اليمنية مثقلة بالثأر "طالب ومطلوب" بمعنى أن كل قبيلة لها دم مطلوب عند أكثر من قبيلة ومطلوبة بالدم لعدد من القبل الأخرى وخاصة قبائل المحافظات الشمالية باستثناء بعض قبائل محافظات تعز والحديدة وأن أغلبية المعارك التي تندلع بين القبائل جراء الثأر تكون قبائل متجاورة أما القبائل غير المتجاورة، فالصراع بينها يكون عن طريق الكمائن والقتل المباغت وعادة يكون مضمار تنفيذ تلك العمليات في المدن الرئيسية والمديريات التي تتمتع بأسواق حيوية.

السلاح

ونتيجة الظروف والمتغيرات التي مرت بها اليمن انتقل السلاح إلى أيادي قبائلها التي ظلت حاضرة مدى التاريخ إما كحليفة للدويلات أو مناهضة لها فكان للاستعمار البريطاني والاحتلال العثماني دور في ذلك، ثم قيام الثورة اليمنية والظروف التاريخية التي مرت بها حتى عام 1970م وكانت حرب صيف 94 الأهلية قد غدت القبيلة اليمنية بمئات الآلاف من قطع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.. ولكن كيف امتلكت القبيلة السلاح المتوسط والثقيل ومن أين يتم تغذيتها بالمؤن وتأمينها بالرصاص المتنوعة الحجم، سؤال طرح نفسه على عدد من المشائخ الذين التقت بهم صحيفة الوسط على مدى ثلاثة أشهر وكان رد الشيخ عبدالله عبدالعزيز الدبا من أبرز مشائخ الأعروش خولان والذي بادرنا بالقول: امتلكنا السلاح من أيام الحروب وأيام الإمام والجمهورية والسلاح لدينا لا يمكن أن يباع والسلاح الحديث من فائض الجيش نشتريه من الألوية.

شرارة الاندلاع

عادة تكون بداية صراعات الثأر جراء خلافات بين قبيلة وأخرى على شجرة أو حدود أو مجرى ماء أو غيرها والذي يؤدي إلى نشوب حرب تستمر يوماً أو بضعة أيام ويسقط عدد من القتلى من الطرفين وتتدخل قبائل مجاورة أخرى كوسيط لإيقاف الحرب وتبرم الاتفاقية على هدنة محددة وأحيانا يتم حل سبب النزاع الذي قد يكون شجرة أو حدود لكن تبقى قضية الثأر لعدد القتلى الزائدين عند القبيلة الأخرى من القبيلة المتضررة والتي عادة لا تستطيع ضبط عملية الانتقام في عدد الأفراد التي تقوم بقتلهم من الطرف الآخر فيصبح الزائد عندها وهنا تتحرك القبيلة الأخرى لاستيفاء العدد وتقع في نفس خطأ أختها وتستمر عملية الثأر متواترة ومتواصلة.

أيضا هناك مسببات أخرى لعملية الثأر منها خلافات بين أشخاص من قبيلتين في سوق عام أو في مدينة مثلا على قطعة أرض أو تجارة أو حتى شجار أو تهاتر بالكلمات جراء خلاف على أتفه الأمور فيستخدم السلاح طرف ضد آخر ما يؤدي إلى القتل وهنا تلزم القبيلة بدعم الأسرة أو الفخيذة بأخذ ثأرها بغض النظر عن من هو صاحب الخطأ وكذلك القبيلة الأخرى تعمل على حماية القاتل بدون أي اعتبار للجرم الذي ارتكبه الجاني.

وللثأر حلاوة

 وهناك العديد من الحالات التي يصادف أن الاجهزة الأمنية تقوم فيها بالقبض على القاتل الذي يرتكب جريمة قتل في مدينة ما أو في مكان عام أو أن القاتل يسلم نفسه للأجهزة الأمنية وتتم محاكمته ولكن أسرة المجني عليه ترفض تلك المحاكمة وتسعى إلى الإفراج عن القاتل بالتنازل أو عدم متابعة القضية كأولياء دم بل أن بعض القبل تقوم بالمتابعة وتتكبد مخاسير مادية حتى تفرج عن القاتل ثم بعد أن يتم الإفراج عنه يتم قتله من أسرة أو فخيذة المجني عليه وأحيانا ينفجر صراع ثأر بين القبييلتين بسبب أن القبيلة التي ينتمي لها الجاني تعتبر ذلك التصرف إهانة لها خصوصا وأن بعض الجناة يتحرك وبرفقته عدد من الأشخاص من أجل حمايته وأثناء هجوم القبيلة الأخرى للانتقام يسقط أكثر من قتيل جراء وابل الرصاص الذي لا يعرف التمييز.

استغلال الثأر لتأديب القبائل

تفشي ظاهرة الثأر فتح شهية السلطة لتأديب القبائل من خلال استثمار الثأر وإشعال فتيل الحروب بين القبائل من أجل تأديبها جراء تصرف أو موقف سياسي مثل ما حصل في حاشد عام 94 بعد انتهاء حرب صيف 94، حيث بمجرد أن انتهت الحرب تم شن حرب على قبيلة الشيخ علي جميل عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي جراء موقفه وتحت حجة الثأر وصراعات سابقة تكالبت قبائل حاشد وبدعم حكومي وقامت بمهاجمة مضارب قبيلة الشيخ وشردت النساء ولاأطفال وبعد تدخل وساطات قادها الشيخ المرحوم مجاهد أبو شوارب تم إجبار الشيخ علي جميل على التنازل عن المشيخ والخروج من قريته والعيش في العاصمة صنعاء تحت حماية ووجه الشيخ مجاهد وبالفعل انتقل هذا الشيخ الليبرالي الحاشدي إلى صنعاء من أجل العيش فيها ولكن قرار قتل هذا الشيخ كان قد أبرم حتى لا يتحول إلى رمز حاشدي وتم ملاحقته إلى داخل العاصمة وتم اغتياله في داخل العاصمة وفي منطقة الحصبة بالتحديد ومن يومها همدت القبيلة وتم التخلص من فكر متحرر في وسط قبيلة تقبع تحت استبداد مشائخ ينعمون باسمها وهي تتكبد المخاطر.

إرهاب الرموز السياسية

تقوم القبيلة بأخذ ثأرها تحت شعار (الغريم أو ابن عمه) أو استهداف الرأس الدسم أو الشيخ أو أبنائه ولهذا فأغلبية المسئولين والوزراء والقيادات العسكرية تنتمي إلى قبائل عليها دماء وحين تتمسك تلك الشخصيات بمواقف معينة تشهر في وجوههم عصا الثأر ويتم إحياء صراع قبلي قديم وقد صرح عدد من المشائخ الذين التقتهم صحيفة الوسط أن الثأر يستهدف أحيانا أبناءهم أو شخصيات من القبيلة تعمل في الدولة وتلك الشخصيات هي من تقوم بالضغط على وجهاء ومشائخ القبيلة لتتجاوب مع السلطة في الأمر التي ترغب القبيلة أن تؤيده أو تنفذه.

استغلاله خارجيا

ويستغل الصراع القبلي من قبل حكومات من خارج الحدود، فمثلا عند عملية ترسيم الحدود بين اليمن والسعودية كانت قبائل وائلة تطالب بمساحات واسعة من أراضيها في العمق السعودي وكانت تعارض كل التقارير التي قدمتها لجان الترسيم، وحقوق قبائل وائلة في تلك الأراضي تضمنتها اتفاقية الطائف وفي زخم تحرك اللجان ميدانيا اشتعلت حرب ضروس وواجهت قبائل وائلة تكالباً من قبائل دهم المجاورة لها جراء ثارات قديمة وجرتها إلى الحرب وأربكتها عن قضيتها الأساسية وهي مواجهة لجان ترسيم الحدود التي تجاهلت حقوق القبيلة واعتمدت ما كانت ترغب فيه الدولة الأقوى والتي استحوذت على كل ما كانت ترغب فيه.. أيضا ما زالت الحروب مستعرة بين قبائل همدان في الجوف وقبائل الشولان والذي كان بداية الصراع قد نشب قبل ثلاثين عاما على بئر ماء، لكن كان حقيقة الصراع هو معارضة قبائل الشولان شق الخط الأسفلتي إلى محافظة الجوف تلبية لرغبات دولة أخرى وما زال هذا الصراع إلى اليوم يعيق التنمية في محافظة الجوف وربط مديرياتها ببعضها البعض وحرم المئات من الساكنين من حق التعليم والصحة وكذلك حرم السلطة من الاستفادة من الاستثمار في صحاري الجوف الغنية بالمعادن والمناطق السياحية وتعيش الجوف أشبه بقرية جراء ذلك الصراع وأفادت مصادر أن إحدى القبيلتين كانت تدعم من الحكومة وتصرف لها الأسلحة من مخازن الجيش بينما القبيلة الأخرى كان يقدم لها دعم مادي من إحدى دول الجوار وتشتري السلاح أيضا من الحكومة.

تأمين قبيلة الرئيس من الثأر

كانت قبيلة سنحان (قبيلة رئيس الجمهورية) تتقاتل مع قبائل خولان المجاورة لها وقبيلة خولان تعتبر قبيلة كبيرة ويعود نسبها إلى بكيل بينما سنحان يعود نسبها إلى حاشد وقد خاضت القبيلتان حروباً عدة وكادت خولان أن تفتك بسنحان وكان سبب تلك الحروب الخلاف على جبل يسمى (كنن) وبرعاية الرئيس تم السعي إلى حل مشكلة هذا الجبل عن طريق الوساطات بتقسيم الجبل إلى ثلثين لخولان وثلث لسنحان وعلى إثر هذا الاتفاق تم توقف الحرب وتم حل مشكلة القتلى ولكن هذه المبادرة جاءت لتأمين قبيلة الرئيس لأن هناك صراعاً ما زال قائماً بين قبائل خولان وقبائل الحدا.

الحدود

الخلافات القبلية على الحدود معضلة لم تفكر السلطة في حلها رغم قدرتها على ذلك ولكن عدم تحرك السلطة في حلها نابع من أن هذه المعضلة التي دمرت البنية الاقتصادية اليمنية تجرى لها المصالح حين ترغب بالفتك بالقبيلة بواسطة قبيلة أخرى فقبل اشتعال الحرب السادسة في صعدة بشهر واحد اشتعلت حرب ألقت بظلالها على حياة آلاف المواطنين من منقطتي حدوديتين بين العصيمات التابعة لقبيلة حاشد والشيخ الأحمر ومنطقة سفيان التابعة لقبيلة بكيل والتي كانت لها مواقف عديدة لا تعجب السلطة كان آخرها عدم مباركتها حرب صعدة فتم إحياء صراع قديم كان قد همد قبل 25 عاما واستخدم في الحرب التي شنت باسم القبيلة وعلى سفيان مدافع الهاون 120 ومدافع ميدانية من طراز 85 و75 و14.5 ومدافع بي 10 وتعود نواة قضية الاحتراب إلى خلفية ادعاء القبيلتين بأحقيتها بالأراضي الحدودية وبعد أن تم إرهاق القبيلة تم إشعال حرب صعدة السادسة وكانت سفيان أول القبائل المستهدفة بحكم أنها تعتبر بوابة محافظة صعدة، ولكن بهذه الحرب التي شنت باسم حاشد على سفيان تم تأسيس الثأر بين سفيان وحاشد والذي سيستمر إلى ما لا نهاية حتى وإن انتهت حرب صعدة وكانت إدانات متنوعة من شخصيات ومشائخ وسياسيين ومنظمات مدنية قد استنكرت حرب حاشد على سفيان التي اندلعت بغطاء شفاف كشف عما تحته بسهولة وبوضوح.

حروب متفرقة

حرب قبيلتي همدان والشولان في الجوف وحرب العصيمات وحرف سفيان في عمران ليسا الوحيدين، فهناك حروب وصراعات اخرى عديدة فحروب قبيلة عبيدة متعددة الأطراف ومنها مع آل بوطهيف في حريب التي أودت بحياة شخصين من عبيدة وإصابة شخصين من آل بوطهيف في 22 يوليو الماضي وتقوم خلفية الحرب القبلية إلى قيام أفراد من عبيدة بإحراق خيمة وسيارة أحد أبناء آل بوطهيف بعد نصب الأخير للخيمة بغرض الإقامة في منطقة الهجلة السفلى وهي منطقة نزاع بين القبيلتين وهناك حرب خولان مع الحدا وعاصفة نهد وكبس في جحانة وبين سهمان خولان وسهمان بني ضبيان وقيفة ومراد والحيمة وبني مطر وغيرها كثير جدا وهناك صراعات أخرى بين فخائذ القبائل فيما بينها على ثارات قديمة تصل إلى أربعين عاما وسنورد لكم مثالا عن الصراعات الداخلية في بني ضبيان، القبيلة التي اقترن ذكرها بظاهرة الاختطاف لتتوقف المعرفة في حدود ذلك دون أن تتخطاه وصولا إلى أغوار القبيلة، وقراها 122 قرية يتعايش أهلها مع الويل والحرمان، فعلى مدى مساحتها المترامية الأطراف يقذف الثأر حمم نيرانه دون توقف.. فرحى الحروب القبلية بين فخائذ القبيلة بينها البين أودت بـ80 قتيلاً وهذا الامر ينطبق على كافة أفراد القبائل الأخرى ليصبح رجل القبيلة محاصراً بين الثارات الداخلية والخارجية مما يعيق طموحاته وتطلعاته ويعطل رغباته في التنقل بحرية حتى على مستوى أرض قبيلته، فما بالك بالتنقل على مستوى الوطن برمته.

المشائخ

السلطة والمثقفون يتهمون المشائخ أنهم هم وراء تلك الحروب القبلية وأنهم يستفيدون منها وتزيد السلطة أثناء ما تكون علاقتها متوترة لدولة الجوار السعودية أن المشائخ يستلمون رواتب شهرية من السعودية ويعملون لصالح الغير ولكنها سرعان ما تسد هذا الباب حين تتحسن العلاقة وقد قامت السلطة بتشكيل عدد من اللجان من أجل معالجة مشكلة الثأر ولكن سرعان ما تتبخر تلك اللجان مع ميزانيتها ومخصصاتها ولا يتفاعل معها المواطنون لثقتهم أن السلطة غير جادة في حل مشاكل الثأر، لأن ذلك سيكبد النافذين فيها من تجار السلاح خسائر فادحة، كون حل مشاكل الثأر سؤؤدي إلى كساد أسواق السلاح المنتشرة وسيجرد السلطة من العصا التي تشهرها في وجه القبيلة التي ستعارض الدولة، ويدلل المواطنون على تلك الاستنتاجات أن السلطة بمجرد أن تولت زمام الأمور في الجمهورية اليمنية سعت بجدية إلى إحياء الثارات القبلية في الجنوب وتفجرت الصراعات بين القبائل في شبوة وأبين وبعض اطراف حضرموت وفي لحج منطقة الصبيحة، أما المشائخ فلا ينكرون أنهم يستلمون رواتب ومخصصات من السعودية منذ عهد قديم وبمعرفة السلطة وأكدوا أن مسئولين يستلمون رواتب وإعانات من السعودية وأن رأس هرم السلطة يعلم ذلك ولكن لم يوضحوا مقابل ماذا تصرف السعودية هذه المبالغ الشهرية للمذكورين سلفا؟ صرف هذه المبالغ أمر محير حقاً.

الشيخ أحمد عباد شريف:مشروعي اعتمده الرئيس وناقشته الدولة وغاب في أدراجها

يشدد الشيخ/ أحمد عباد شريف على أهمية مشروعه الذي حظي بإعجاب الدولة واعتمده رئيس الجمهورية وناقشته الحكومة وغاب من أدراجها وتضمن المشروع إنشاء لجنة وطنية عليا مستقلة ومتفرعة وصيغتها الرئيسية تحقيق المصالحة والسلم الاجتماعي ويشارك فيها كل من المحافظين والمجالس المحلية ووزارة العدل والداخلية ومشائخ ووجهاء الجمهورية وأكاديميين متخصصين في علم الاجتماع وقانونيين ويتكون قوام اللجنة العليا من 11 إلى 13 عضوا يتم اختيارهم من 33 اسماً ويتم العمل لتنفيذ المشروع وترجمته إلى أرض الواقع على خمس مراحل المرحلة الأولى التمهيدية ويتم فيها التنسيق مع الوجهاء والمرجعيات القبلية والجهات ذات العلاقة لغرض توفير بيئة مناسبة والمرحلة الثانية إعلان صلح عام لفترة لا تقل عن عامين ونصف ولا تزيد عن أربع سنوات بضوابط حازمة لجميع المتخاصمين ويتم الإعلان عنه في مؤتمر عام ويتم التوجيه بسرعة البت في القضايا المتعلقة بالثأر في المحاكم ويمنع حمل السلاح في العواصم.

والمرحلة الثالثة يتم إعداد دراسة ميدانية حول أسابب ظاهرة الثأر وتحديد حجمها ومناطق تواجدها وفقا لخصوصياتها ووفقا لخارطتها الجغرافية المستشرية فيها. والمرحلة الرابعة تقوم اللجنة العليا ولجانها الفرعية بحسم مختلف المشاكل والقضايا بناء على الحلول المناسبة التي تنسجم مع الأسلاف والأعراف وطبيعة قضايا الثأر.

المرحلة الخامسة تتم فيها متابعة القضايا والرقابة عليها والتقييم وإنهاء ما تبقى من قضايا لضمان عدم عودتها.

ويؤكد الشيخ/ شريف بأن ما تضمنته المبادرة يحتوي على الطرق الصحيحة والسليمة للقضاء على الثأر في عموم اليمن ويضيف: لقد كلفت من الرئيس لمعالجة قضايا الثأر ولكن لا أعلم تماما إلى أين اتجه المشروع.

أنا عدو ابن عمي

العصبية في الثأر من منطلق أنا عدو ابن عمي وأنا عدو من يعاديه.. هكذا يشير الشيخ/ أحمد عباد شريف إلى تعامل القبيلة المتناحرة مع العدو الآخر مدللا على تغلب القبيلة على مشاكلها الداخلية في حالة ما تعرض أحد أبنائها لاعتداء أدى إلى مقتله فتثير قواها وتستثير عصبيتها للنظر في ما لحق بأحد أبنائها من أذى فيقول: قتل اثنان من بني ضبيان في حجة وتولت الدولة مقاضاة الجناة ولما صدر حكم المحكمة بالقصاص تفاجأنا بنقل ملف القضية إلى محافظة الحديدة فاجتمعت 6 مديريات للضغط على الحكومة بإعادة ملف القضية وتم ذلك. ويتابع الشريف تتقاتل القبائل لأعوام وعندما يجتمع مشائخها نوقع صلحاً في لعام خلال ساعتين في حالة ما وجدت نوايا حسنة.. ويتابع: القبائل يتقاتلون دون أن تحرك الدولة ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها فاقتتال قيفة ومراد لم تتدخل الدولة فيه وكون جميع القبائل من دم واحد وإخوة فعلى القبيلة أن تحل محل غياب الدولة، مستشهدا بحرب قيفة ومراد بالقول: عندما اشتعلت نيران الحرب تدخلت بني ضبيان لفض الاقتتال كأول قبيلة ثم تحرك محافظ البيضاء ومحافظ مأرب وأخذوا 6 * 6 رهائن من الجانبين وأبرموا صلحاً لمدة ثلاثة أشهر.. وحول حرب سفيان والعصيمات في محافظة عمران ولكون إحدى تلك القبائل من حاشد والأخرى من بكيل لا يستبعد الشيخ/ شريف أن يكون وراء اشتعالها فعل فاعل وأياد خفية.

أكبر المشائخ امتلاكا للسلاح

وأكد الشيخ أحمد الشريف أنه أحد كبار المشائخ امتلاكا للسلاح لكنه في حالة ما وجدت دولة مؤسسات ودولة نظام وقانون وقضاء فمستعد أن يسلم كل ما يملك وأضاف شريف أن قبائل بني ضبيان مستعدة لدفع كل ما تملك من أجل الخروج من دائرة الثأر.

والشيخ أحمد عباد شريف كان أحد أعضاء اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي وأحد أبرز القيادات القومية في اليمن وتم تعيينه وكيلا لوزارة الداخلية لشئون القبائل ثم لم يفعل هذا المنصب وقد قاد عدد من الفعاليات القبلية من أجل توحيد القبيلة اليمنية وشغل وعيها الثقافي وقد واجه الكثير من التهميش ولكن قوة شخصيته فرضت أن يكون حاضرا في مفاصل المجتمع القبلي حسب تصريح عدد من المشائخ.

لجنة سالم صالح

وكانت الحكومة قبل سنوات تطرقت إلى قضية الثأر والصراعات القبلية وقامت بتكوين لجنة طويلة وعريضة وصرفت لها مخصصات وتزامنت معها ترويجات إعلامية وكان يرأسها الأستاذ سالم صالح محمد مستشار رئيس الجمهورية ثم غابت وتوارت تلك اللجنة وقالت بعض المصادر إن ذلك الضجيج كان من أجل لهف مساعدات دولية لهذا الغرض.

استجابة القبيلة ورخاوة السلطة

تصريحات المشائخ السالفة الذكر مجرد نماذج لمشائخ بارزين ومهمين بل هناك تصريحات عديدة لمشائخ كثر التقينا بهم أثناء زيارتنا لمحافظات الجمهورية كافة، تصريحاتهم أجمعت على تجاوب القبيلة في القضاء على الثأر ولكن السلطة هي من ترغب في استمرار ظاهرة الثأر وتغذيها وضرب المشائخ مثالاً على ذلك بتجاوب قبائل خولان وبني ضبيان في ترك سلاحها مع دعوة الرئيس لهدنة لمدة عامين ونصف وبرغبة ذاتية تجاوبت أغلبية القبائل ولكن بعد ذلك تبخرت تلك اللجنة مؤكدين أنه لو اجتمعت عشرة ألوية عسكرية على كل قبيلة من أجل أن تجبرها على ترك سلاحها ما تمكنت من ذلك ولكن رغبة القبائل في التخلص من الثأر. وقال أغلبية المشائخ إن اتهام مشائخ القبائل في تغذية الثأر مجرد دعاية وهروب من حل مشاكل المجتمع، فليس لنا أي مصلحة بل ندفع الغرم مثل أي فرد ونستهدف في القتال أكثر من أي شخص آخر بل العكس فمشائخ القبائل يتحملون أعباء الثأر ويدفعون ضريبة تفشي هذه الظاهرة ولا يوجد لنا صالح في تقاتل أبنائنا.. وعزوا تقاتل القبائل ولجوءهم للخطف إلى غياب العدالة بقولهم لو وجد العدل ما تقاتل القبائل وما كانت القبائل تحتاج إلى العمل بالقضاء العرفي أو التحكيم القبلي وإذا ضاعت الشريعة والعدل يحق لنا أن نلجأ إلى التحكيم القبلي.

علماء

وصرح للصحيفة عدد من الشخصيات الثقافية والحزبية والبرلمانية أبدوا استغرابهم في سياق التصريحات من علماء الدين البارزين أمثال الزنداني والإمام وأبو الحسن المصري وغيرهم الذين يضجون إعلاميا في قضايا ختان البنات وقانون تحديد سن الزواج ولكنهم يخرسون عند قضية الثأر التي غالبا ما تزهق أرواح أبرياء ليس لهم أي علاقة في قضية قتل صاروا يتحملون تبعاتها بالإضافة على أن جرم القتل يعتبر من الكبائر.

المشائخ يبادرون في الحل ..الثأر .. نار هائجة في أدغال المجتمع القبلي أحرقت الحرث والنسل

صحيفة الوسط التقت بعدد من المشائخ البارزين لمناقشة قضية الثأر وأخذ آرائهم وكان من ضمن المشائخ شخصيات مثقفة تشكل ذات توجه تحرري ومدني ولكنها مكبلة رغما عن أنفها بقيود القبيلة والانسجام مع توجهاتها حتى لا تعتبر أنها تغرد خارج السرب وقد أبدت شخصيات منهم عن استغرابها من اهتمام وسيلة صحفية بهذه الظاهرة، لأن كافة وسائل الإعلام لا تناقش قضية الثأر إلا مع تشكيل اللجان الحكومية أو مع تزامن عقد الندوات المدعومة من المنظمات الدولية.

16 قتيلاً

تولد الحروب القبلية ثأراً واسع النطاق بين أبناء القبائل حتى بعد انتهاء الحرب بعدة سنوات وتتقاتل القبائل اليمنية على المرعى والحطب ومصادر المياه ثم تستغل بعد ذلك سياسيا، وصرح الشيخ عبدالوهاب سنان الشمري من مشائخ اليمانية العليا في خولان لصحيفة الوسط بقوله: كنا في خلاف مع سنحان بسبب جبل كنن ونشبت حروب بيننا لمدة من الزمن وأفضت المساعي القبلية إلى تقسيم الجبل إلى ثلثين لخولان وثلث لسنحان وأكد بالقول: تتصارع القبائل على بوشه يقصد الغنم، كلا يريد أن يزرع فيها وتؤدي إلى عشرات القتلى والجرحى، فبين خولان والحدا 16 قتيلاً بسبب مرعى بسيط، كل يريد أن يرعى فيها ويحطبها والمنطقة محاددة لخولان والحدا وعندما يحدث السبب تحدث المشاكل وتشتعل الحرب وعبر الشيخ سنان عن رفضه لتلك التهم التي توجه للمشائخ في إشعال فتيل الثأر.

العلماء

الشيخ عبدالعزيز الدبا من مشائخ الأعروش أكد أن السلاح الذي تملكه القبيلة من فائض الجيش حمل مهمة القضاء على الثأر على عاتق العلماء والدولة وأن المشائخ يتجاوبون دائما مع نداء العقل والضمير ولا مصلحة لهم من استمرار الصراع بين رعيتهم الذين يعتبرونهم إخوة وأولاداً لهم.

السلطة السبب

الشيخ/ محمد الكديم شيخ بني هلال في محافظة شبوة قال لصحيفة الوسط: بعد قيام الوحدة وإعلان الجمهورية اليمنية فوجئنا بأن السلطة أحيت الجانب السلبي في القبيلة ووجدنا أنفسنا في قبيلتنا مطالبين بدماء لها أكثر من ثمانين عاماً وجهات أخرى تحرضنا على المطالبة بدماء للقبيلة لكننا تنازلنا عن كافة تلك الدماء القديمة التي هي لقبيلتنا ودفعنا مبالغ مالية للقبائل التي طالبتنا بالدم، وعزا شيخ بني هلال ذلك إلى ضعف الدولة أو عدم تواجدها وقال: ربما رغبتها استمرار الظاهرة وأكد أن افتقاد الأمن هو الذي أحيى ظاهرة الثأر التي كانت قد انقرضت ولم يكن لها أي أثر في زمن الحكومة السابقة (جمهورية اليمن الديمقراطية)، وأنه بعد حرب 94 الأهلية، تم إحياؤها بشكل غير متوقع وهناك أياد تدفع بها وتحييها.

خبرات المشائخ الكبار

الشيخ ذياب المعيلي الذي بدأ يتصدر لحل المشاكل في قبيلة عبيدة أهم قبائل مأرب والتي يطلق عليها قبيلة النفط والذي يشغل منصب وكيل في المحافظة مأرب تحدث عن الثأر بأن مواجهته تتم بحل المشاكل قبل أن تتوسع دائرتها لأن الخلافات والمشاكل هي أساس انطلاق الصراع الذي يؤدي إلى القتل ثم دخول المتصارعين إلى دائرة الثأر.. وأضاف المعيلي أن القضاء على ظاهرة الثأر يتطلب خبرات المشائخ الكبار الذين لهم تجارب ومعرفة ودراية في أعراف القبائل ويملكون نفساً طويلاً في التخاطب وبتعاون الجميع يمكن لنا أن يتم القضاء على ظاهرة الثأر.

المقادشة

وفي تصريح لشيخ قبائل المقادشة في محافظة ذمار عن ظاهرة الثأر قال إن قبيلة المقادشة تسعى دائما إلى حل المشاكل بين القبائل حتى لا تتطور إلى صراع دائم جراء سقوط ضحايا والدخول في دائرة ديمومة الثأر وأكد الشيخ أن قبيلة المقادشة لا تتوقف مساعيها على مستوى المحافظة فقط وإنما كان لها دور عندما اشتعلت الحرب بين قبائل قيفة ومراد، حيث تحرك شيخ القبيلة على رأس موكب من قبيلته وقاموا بنصب الخيام في وسط خطوط النار معرضين أنفسهم لمخاطر الموت من أجل إجبار القبيلتين على إيقاف لعلعة الرصاص وإيقاف نزيف الدماء بين القبيلتين المتحاربتين وتم لهم ذلك.. وكأنه يشير إلى أن قبائله تعرض نفسها للموت من أجل قبيلة أخرى فكيف لها لا تستجيب للسلم والقضاء على ظاهرة الثأر.

إيجاد دولة

الشيخ أحمد مبارك نهشل عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني -عاد إلى حضن القبيلة ليتحصن من أي هجمات شرسة- صرح للصحيفة بقوله إن انتشار الثأر واتساع دائرة الحروب القبلية نتيجة لاختلالات الوضع القبلي الذي لا يمكن إصلاحه دون إصلاح الوضع العام للدولة، فالقضية كما يراها تتطلب ضرورة إيجاد دولة نظام وقانون ومؤسسات وعدل وتطبيق شرع الله دون هوادة ومحاربة العادات السيئة في القبيلة، وتشجيع عادات القبيلة الإيجابية.