دراسة حديثة تكشف أبرز معوقات التنمية في محافظة مأرب

الثلاثاء 09 مارس - آذار 2010 الساعة 06 مساءً / مأرب برس
عدد القراءات 4768

نفذت شركاء اليمن خلال شهري نوفمبر وديسمبر من العام الماضي 2009م دراسة مسحية واستبيان تنموي حول مشاكل ومعوقات التنمية في محافظة مأرب، وقد اشتملت الدراسة على (144) استبيان وثلاث حلقات نقاش بؤري على عينات تمثل مختلف شرائح المجتمع من الذكور في المديريات الأربعة عشر، كما تم إجراء عدد من اللقاءات مع ذوي العلاقة من قطاعات الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

توصيات الاستبيان التنموية شددت على ضرورة التعاطي مع إدارة مشاريع التعليم والصحة وخصوصاً فيما يتعلق بمتابعة المشاريع القائمة، أما بالنسبة للتنمية وتوفير فرص العمل فقد نوهت نتائج الدراسة إلى أن قطاع الزراعة قد أبرز قضية المياه في مأرب وتحديداً المرتبطة باستخدام المياه بشكل فعال وإدارة المياه عموماً، وفيما يتعلق بالقطاع الخاص فقد ذكرت النتائج أن هناك فرصة لتطوير مؤسسات صغيرة ومتوسطة في التعدين والمحاجر.

اعتبرت مقدمة ملخص تقرير منتدى الحوار التنموي وتقييم البرنامج أن محافظة مأرب تمتلك تاريخاً طويلاً كمركز للمملكة السبئية التي ازدهرت من القرن العاشر قبل الميلاد حتى القرن السادس الميلادي ولايزال سد مأرب القديم شاهد على عظمة تلك الحضارة، غير أن مأرب تعد متأخرة إلى حد ما بالمقارنة مع بقية مناطق اليمن من حيث نسبة الالتحاق بالتعليم ومعدل الأمية وعدد العاملين الصحيين، بالإضافة إلى أنه يغلب عليها طابع الحياة الريفية وترتفع فيها نسبة الفقر والبطالة.

أولويات التنمية

أكدت الدراسة وجود رضا عن كمية المشاريع الموجودة، مع وجود سخط مساوٍ على جودة التخطيط والتنفيذ والمتابعة، وقد جاءت زيادة الأمن ووجود أداء قانوني فعال يتزامن مع تنمية فعالة على رأس الأولويات التي تتطلبها التنمية بالإضافة إلى إدارة التنمية بناءً على تطبيق دقيق للتخطيط الجيد وإدراج المجتمعات المحلية والوعي والشفافية والمحاسبة فيما يتعلق بالموازنات والمقاولات، مع إدارة جودة المياه وتوفير وسائل مختلفة مثل ترشيح المياه لتجنب الآثار الناتجة وتقليل التكلفة، وهو ما يتطلب أيضاً مراجعة طرق الري القائمة حالياً لمواجهة نقص المخزون المائي، يضاف إلى ذلك دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة كوسيلة لتوفير فرص العمل، وتوفير الكهرباء كأساس لأي استثمار، وفي الوقت الذي أكدت أولويات التنمية أهمية الزراعة، تطرقت النتائج إلى ضرورة توفير العاملين في القطاع الصحي وتدريبهم وتوفير الدعم اللازم.

عوامل الاستقرار وأسباب اللااستقرار

توصلت الدراسة فيما يتعلق بمسببات عدم الاستقرار إلى أن الانفجار السكاني أدى إلى وجود مجتمع شاب نصفه دون خمسة عشر عاماً وهو ما يعني الضغط على خدمات التعليم والصحة مع ضعف إمكانياتها وجودة ما تقدم من خدمات وازدياد البطالة مع دخولهم سوق العمل، كما أن التغيير الذي تعرضت له البنية القبلية وتضخم هيكلية القبيلة سكانياً زاد من أعباء قياداتها مع تعدد مصالح السكان، ويمكن اعتبار تلك العوامل المتمثلة في حدوث تغيير في دور الشيخ بوجاهات ونفوذ موازية لوجاهة المشائخ من أسباب حالة اللااستقرار.

بالإضافة إلى كون الأراضي الزراعية في مأرب تعاني من مشاكل تتعلق بنقص الأمطار وانجراف الأراضي الزراعية والتصحر الناتج عن الاستغلال الجائر للنباتات وتناقص حجم الملكيات الزراعية وهبوط مستويات المياه الجوفية وعدم الاستفادة من سد مأرب بسبب عدم تنفيذ المرحلة الثانية للسد، فإن الطابع الريفي وتشتت السكان في مناطق وعرة يصعب الوصول إليها، ووجود فوارق اقتصادية واجتماعية بين الشرائح المختلفة من حالات غنى كبيرة جداً وفقر مدقع والبطالة الناتجة عن عدم وجود قطاعات توفر فرص عمل، كل ذلك من مسببات عدم الاستقرار، والتي تأتي من بينها أيضاً حالة الفساد وسوء الإدارة وتنامي النزاعات القبلية ومن أجل الوصول إلى الاستقرار فقد شددت الدراسة علي ضرورة تقوية بعض العادات القبلية ذات الفائدة مثل (التهجير) و(التغريم) باعتبارها من الممارسات القبلية التي يمكن أن تسهم في دعم التنمية، مع إيجاد شعور لدى القبائل بملكية مشاريع التنمية وحمايتها، كما أن العادات القبلية التي تشتمل على قواعد التوسط والتحكيم وإدارة النزاعات والمفاوضات على استخدام الأراضي، كلها غاية في الأهمية لنجاح التنمية.

ثلاث وجهات نظر

عبر سلسلة من اللقاءات التي أجريت مع المانحين والقطاعين الحكومي والخاص، أبدى المانحون تشجيعاً لمبادرة منتدى الحوار التنموي ورأت المنظمة الألمانية للتعاون أن هناك حاجة للتدريب والتأهيل مع الإبقاء على ربط المجتمع المحلي ببيئته، مقترحين أن يتعاون المنتدى مع الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي تمت هيكلته لتقديم مشاريع وفقاً لآلية طلب المجتمع المحلي.

أما أعضاء المجالس المحلية فقد تطرقوا إلى وجود عدد من التحديات التي تواجه جهود المجالس والتنمية تتمثل في الضعف الإداري وقلة المخصصات وانعدام التنسيق، وضعف القدرة على جذب واستيعاب المساعدات والاستثمارات والصراعات الناتجة عن ضعف الثقة بين مختلف الأطراف، مشيرين إلى أن أسباب ضعف التخطيط التنموي بالمحافظة تعود إلى افتقار أعضاء المجالس إلى القدرات والمهارات والخبرات وانتشار السكان وتوزيعهم الجغرافي والانقسام القبلي إلى خمس أو ست كتل قبلية رئيسية، مع ضعف الموارد المحصلة محلياً وعدم إسهام شركات النفط في التنمية المحلية وإصابة قطاع الخدمات والسياحة بضرر بالغ وقيام عدد من المانحين بتمويل مشاريع تفتقد إلى الشفافية والتخطيط المتكامل، بالإضافة إلى وجود أفراد أو مجموعات صغيرة جداً مرتبطة بتنظيم القاعدة.

القطاع الخاص اعتبر المنتدى بأنه يمثل فرصة لجلب مشائخ ورجال القبائل إلى إطار تنموي يمكن أن يعالج قضايا متوسطة أو طويلة المدى، مؤكداً على ضرورة العمل مع القبائل وإبرام عقود بينهم وبين الشركات، وكذا إجراء المفاوضات بين القيادات الاجتماعية الشرعية والقطاع التجاري من أجل قيام الاستثمار في مأرب.

أسباب إحباط التنمية في نقاشات بؤرية

في الوقت الذي أبرزت مجموعات النقاش البؤرية الثلاث التي تم تنفيذها ضمن دراسة مسح الواقع في مأرب جملة من المشاكل أهمها الإهمال المتعمد للمناطق القبلية من قبل الدولة وانعدام مبدأ العدالة في توزيع المشاريع والبرامج التنموية والفساد المعيق لجهود المتابعة من قبل المشائخ والمواطنين وضعف أجهزة الأمن وصعوبة المواصلات، وجميعها أسباب تحبط التنمية، إلا أن طريقة التخطيط والتنفيذ للمشاريع السبب المباشر والأكثر أهمية، الأمر الذي يوجب توزيع المشاريع بشكل عادل من أجل قبول التنمية والحد من المشاكل الأمنية، وفي حين ذكرت النتائج وجود هوة كبيرة بين كمية الأموال التي تضخ في التنمية وبين جودة التخطيط والتنفيذ والإشراف والمتابعة، أشارت إلى أن انعدام فرص العمل أو البطالة ونقص التشغيل تعد مشكلة كبرى إذ أن الوظائف المتاحة متوفرة لدى الحكومة وقطاع الزراعة والأعمال الصغيرة فقط، كما ربطت مناقشات المجموعات البؤرية بين البطالة وانتشار التطرف (التشدد) الديني إضافة إلى الجهل وانعدام الوعي والتربية والأسرية والفقر.

نتائج الاستبيان بالنسب والأرقام

اعتبر 40٪ من المشاركين في الاستبيان أن طريقة تخطيط وتنفيذ المشاريع هي سبب إحباطها كما اعتبرها 47٪ من المعوقات التي تقف أمام التنمية، فيما رأى 14٪ أن النزاعات هي سبب للإحباط، ،اعتبرها 21٪ من المعوقات، غير أن هناك اتفاق كان على أنه قد تم تنفيذ عدد كبير من المبادرات التنموية في المحافظة خلال العقد الماضي وخاصة في مجالات التعليم والصحة والمياه والطرق مع وجود اتفاق على ضعف جودة تلك المشاريع وفشل بعضها خاصة المتعلقة بالمياه، وهو ما نتج عنه إجماع على أن هناك حاجة للمزيد من الدعم والمبادرات التنموية وخصوصاً التنمية البشرية كحاجة بالغة الأهمية.

يعزو المستجيبون فشل المشاريع التي جاءت من الحكومة المركزية والسلطة المحلية والمانحين والمشائخ إلى وجود مشاكل قبل وأثناء التنفيذ، كما أن قلة الوعي لدى المواطنين من رجال القبائل وضعف ثقتهم بالجهات ذات العلاقة كلها أسباب لضعف دعم المواطنين للمشاريع.

وعند تسليط الدراسة الضوء على مصادر تلقي المعلومة والأخبار لدى المشاركين، اعتبر 24٪ القنوات الفضائية مصدراً موثوقاً للأخبار حول التنمية واعتبر 20٪ الإذاعة مصدراً موثوقاً بينما كان هناك 19٪ يعتبرون الصحف الحكومية مصدراً موثوقاً.

القطاع الخاص وشركات النفط وتجاهل القبائل.

تصطدم مصالح القطاع الخاص والذي يشكل قطاع النفط واحد من أهم القطاعات الاقتصادية في المحافظة بمصالح بعض القبائل القريبة والبعيدة من حقول النفط حيث لا تخلو هذه الخلافات من تصادم وصراع يصل أحيانا إلى الحالة الدموية مع أن إيجاد وسائل وآليات لإدارة الخلافات بين الشركات والمجتمعات المحلية قد يكون له مردودات جيدة للغاية على التنمية.

كذلك الأمر بالنسبة للقطاع الخاص التجاري- المحدود - حيث يتعرض لهزات عنيفة جراء النزاعات القبلية وضياع رؤوس الأموال بسبب الثارات والقطاعات القبلية وعدم تهجير الأسواق والمدن الرئيسية والثانوية والطرق المؤدية إليها بالإضافة إلى عجز أدوات الدولة عن ضبط العلاقة بين التجار ورجال القبائل هذا بالرغم من أن القطاع الخاص يمكنه أن يوفر فرص عمل لعدد كبير من أبناء المحافظة بالمقارنة مع الفرص المحدودة المتوفرة الآن.

وقد كانت تجارب القطاع الخاص سلبية بسبب سوء إدراكها إلى أن القبائل تعتبر أن الأرض هي ملك لها ولها الحق في الحصول على عوائد مقابل ذلك. لعله من المهم أن تقوم شركات القطاع الخاص بالتوظيف المحلي ومنح عقود لمقاولين محليين وإيجاد آليات بسيطة لإدماج المجتمع المحلي وتعريفه بعملياتها تماما كما تفعل الشركات المتعددة الجنسية في بلدانها الأصلية.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة المنتديات الحوارية