من جرائم الأئمة عبر التاريخ

الخميس 17 مايو 2018 الساعة 03 مساءً / مأرب برس-مارب
عدد القراءات 5678

 

لم تمر اليمن بعصر من عصور الأئمة إلا وتعرضت للتدمير الشامل والمجاعات المختلفة، ولطالما عرفت عصور الإمامة في اليمن بعصور الظلام والانحطاط.

بينما الأجيال الحديثة (غير القارئة) لم تكن تعرف جرائم الإمامة وظنتها من مبالغات المؤرخين والكتاب ها هو عصرنا الحالي مع عودة مليشيات الإمامة – الحوثية- تثبت للعالم أجمع صحة تلك المقولات (عصور الإنحطاط) بتدميرها اليمن اليوم. وهو الأمر الذي يخوف اليمنيين من عودة تلك العصور الانحطاطية والعودة إلى عهد العبودية والاستبداد.

وفي هذه الأسطر نورد فقط نماذج بسيطة من جرائم الأئمة عبر التاريخ وليست حصراً لكل جرائمهم؛ فجرائمهم لا تحويها إلا أسفار من المجلدات.

الإمام أحمد حميد الدين

"بعد حرب الزرانيق التي استمرت عامين انتصر عليهم أحمد يحيى حميد الدين واستباح لجنوده كل شيء يخطر ببالك في ديارهم.

 إنتهب الأموال ثم جمعها في بيت لفقيه واستباح النساء، ثم جمع من سلم من القتل أسرى يساقون في سلاسل الحديد واختار 800 من أعيانهم واقتادهم إلى سجن حجة، وهناك أراد أن يعمل فيهم السيف بساحات المدينة دفعة واحدة، ولكن مشيراً عليه خوفه من أبيه؛ إذ كان يحيى لا يحب أن يقتل خصومه جهرة أبداً بل كان يلجأ إلى الاغتيال بالسم والوقيعة، فوكل أحمد بزعماء الزرانيق من يتعهدهم بالسم، فلم يمض عام حتى أجهز على ثمانمائة مقاتل لم يبق منهم إلا الشيخ سالم درويش الذي التقى بثوار 48 في سجن حجة وكان يروي لهم ما صنعه الطاغية بالرجال. وبعد حرب الصليل من بلاد الزيدية بتهامة ساق ألفاً وثلاثمائة مقاتل وكان مصيرهم كمصير الزرانيق" .

وكانت شهوة القتل والتشفي في نفس الرجل تدفعه إلى التجرد من كل مظاهر الإنسانية، فإذا أراد الفتك بإنسان تحت يده مد له في الأمل حتى يتوقع العفو ثم يفاجئه بتوقيع عقابه فيه، حتى أن أخويه عبدالله والعباس بعد ثورة 1955 لم يتحرج عن التصرف معهما هذا التصرف. أرسلا إليه يراجعانه ويطلبان عفوه وإطلاق سراحهما من سجن حجة، فكان جوابه: "أنتما لا تبقيان في الحبس غير يوم أو يومين"، وبعد يومين جاء إليهما أمر الطاغية لا بالإفراج ولكن بالسيف والنطع" .

ومن صور طغيان الرجلين (يحيى وأحمد) أن "أحمد كان ولياً للعهد وأصدر أمراً لمدير المال أن يقدم له مبلغاً كبيراً، ورأى مدير المال أن يرجع إلى يحيى قبل التنفيذ، ورفض يحيى بما عهد عليه من بخل شديد، فما كان من أحمد إلا أن ذهب ليلاً إلى منزل مدير المال ومعه صفائح البنزين وصبها على المنزل من أطرافه وأشعل النيران في المنزل بمن فيه، واستمع يحيى إلى الخبر في سعادة وفخر أن وهبه الله خليفة بهذا الحزم" ( [3]).

من صور الخراب والتدمير لدى الأئمة

ومن صور الخراب والتدمير لدى الأئمة ما قام به الإمام المهدي صاحب المواهب أثناء الثورة عليه التي اقتلعت حكمه، حينما ثار الإمام المنصور حسين بن القاسم بن المؤيد على الإمام المهدي صاحب المواهب في سنة 1127هـ "ضاق الأمر على صاحب المواهب حتى لم يبق تحت يده إلا بعض تهامة والبنادر [الموانئ] ومن ذمار إلى اليمن الأسفل، فإذا به يلجأ إلى النوبة ويطلب السودان [العبيد والعمال] من كل بندر ويلبسهم الطرابيش الحمر والجوخ الأحمر [الميري] فاجتمع منهم خلق لا يحصى كثرة وألزمهم بوضع السيف من باب شبام إلى أطراف الشام بجهات صعدة. وكانت الجيوش لا تمر بقرية أو مدينة إلا خربتها وأتت على ما فيها حتى ودع البلاد أهلوها وارتحلوا عن اليمن يطلبون النجاة، وإذا حاصروا مدينة غلت الأسعار وانقطعت الميرة [التموين] وعز الحطب فيضطرون إلى خراب البيوت وإيقاد أخشابها وأبوابها".

ولقد وصف الإمام الشوكاني – رحمه الله- جانباً من هذا الجمع للمال من حلال وحرام، متحدثاً عن الإمام الناصر المهدي صاحب المواهب بالقول: "والحاصل أنه ملك من أكابر الملوك، كان يأخذ المال من الرعايا بلا تقدير، وكانت اليمن من بعد خروج الأتراك منها إلى أن ملكها صاحب الترجمة مصونة عن الجور والجبايات، وأخذ ما لا يسوغه الشرع، فلما قام هذا أخذ المال من حله وغير حله، فعظمت دولته، وجلت هيبته، وتمكنت سطوته، وتكاثرت أجناده، وصار بالملوك أشبه منه بالخلفاء …. وكان سفاكاً للدماء بمجرد الظنون والشكوك، وقد قتل عالماً بذلك السبب، وشاع على الألسن أنه كان يأتيه في الليل من يخاطبه بأنه يقتل فلاناً وينهب مال فلان ويعطي فلاناً ويمنع فلاناً، فإذا كان النهار عمل بجميع ذلك، ولعل هذا المخاطب له من مردة الجن

وكان صاحب المواهب لا يرعى للقرابة حرمة ولا يعرف أمام أطماعه أباً أو إبناً ولا أخاً ولا صديقاً، كما كان غداراً لا يقيم وزناً لعهد ولا يرعى حرمة لميثاق. فقد رأيناه ينصر القاسم بن محمد على أبيه بعد موت المتوكل إسماعيل، وأراد الله أن يمثل ابنه معه نفس الدور؛ يوجهه إلى حرب منافسيه وعندما يصل إلى غب يخشى بادرة أبيه فينضم إلى خصومه ويبايع يوسف بن المتوكل. ويطلب ابنه المحسن فيحبسه ويضيق عليه حتى يموت في سجن ذمار ويسلط ابن أخيه القاسم على البلاد ويعلم الله كم سفك القاسم من دماء وخرب من ديار وارتكب من جرائم في سبيل عمه صاحب المواهب. يداهم قبائل المشرق ليلاً [البيضاء] حتى إذا أصبح الصباح عاد بالرؤوس محمولة والأسرى مغلولة والأسلاب مسوقة" .

نهب الأموال

وقد لاقى الناس من أبناء الأئمة هؤلاء ومن استهانتهم واستهتارهم الكثير. وليس أدل على ذلك من أن يعين المتوكل إسماعيل ابنه الحسن قائداً على جيش كثيف ويوجهه إلى بلاد ضعدة ثم يقطعه بلاد اللحية ومور والزيدية والضحي وما إليها من جهات تهامة حتى دعا هذا الموقف الحسن بن أحمد الجلال إلى أن يقول متمثلاً:

طفل يرق الماء في وجناته ويرق عوده  ويكاد من شبه العذارى فيه أن تبدو نهوده

ناطوا بمنطق خصره سيفاً ومنطقه يؤوده جعلوه قائد عسكر ضاع الرعيل ومن يقوده

وكان سخط الشعب على العامل أو الوزير مدعاة لتمسك الإمام به حتى ولو ظهرت سرقاته وتأكدت جنايته. وكان صالح الحريبي ومحسن الحبيشي وزيرين لصاحب المواهب، وكثيراً ما تعالت الصيحات من مظالمهما وقسوتهما، ثم أمر صاحب المواهب بالقبض على محسن الحبيشي فبادرت العامة إلى نهب بيته في ذمار، ثم كان تفتيش بيوته التي في إب فوجد فيها من نفائيس الذخائر وكل ثمين من الحلي والحلل والسلاح الفاخر والمال المتكاثر والجواهر وهدايا ملك العجم التي أرسلها لصاحب المواهب وهي على صفتها مطبوعة بخاتمها، ومن الجنابي الجليلة ذوات الأثمان نحو مائتين وربعين جنبية وما لا يخطر على البال من اللؤلؤ والذهب والقماش وكل ثمين، ونقلت جميعها إلى المواهب.

وكان نقل محسن الحبيشي قبل موت المهدي ففرح الناس بزواله، ومع ذلك فما كاد يمضي عامان من تولية القاسم حتى أعاد الوزيرين إليه وأعاد الناس الشكوى والضجيج من أعمال الحريبي وتقريبه محسن الحبيشي" (

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن