«صندوق القذافي الأسود» يعلن رغبته في رئاسة ليبيا ويكشف عن أسرار وتفاصيل أيام «معمر» الأخيرة

السبت 23 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 10 مساءً / مأرب برس ـ وكالات
عدد القراءات 6918

«مستعد لرئاسة ليبيا إذا رغب الليبيون في ذلك فأنا مهتم ولدي الكفاءة»؛ «يداي ليستا ملطختين بدم أحد، وذنبي الوحيد هو الصمت عن سياسات القذافي وهل لي من خيار؟»؛ «أتحدث باستمرار مع حفتر ومع السراج ومع بلحاج ومع الجميع فكلهم يحترمونني» آراء أخرى أدلى بها للتو بشير صالح (71 عاما) مدير ديوان القذافي و»صندوق القذافي الأسود» كما يسمى في الإعلام، في أول مقابلة صحافية مع مجلة «جون أفريك» الصادرة باللغة الفرنسية خصصها للكشف عن جزء من حقيقته.
يعيش بشير صالح حاليا لاجئا في ضاحية جوهانسبرج جنوب أفريقيا، وقد خرج عن صمته بعد أن استجدت لديه طموحات في إمكانية التأثير في مستقبل الوضع السياسي في ليبيا؛ لم ينكر في المقابلة أنه كان رجل سر القذافي ورجل مهامه السياسية ورجل الديبلوماسية الخاصة ومدير صندوق الاستثمار الذي كان القذافي ينفق منه من دون حساب على سياساته ومغامراته، كان الوحيد الذي يناجي القذافي في أذنه والذي يناوله قصاصات الورق في الاجتماعات والمؤتمرات أيام عز «ملك ملوك أفريقيا».
قبل سنة من الآن، عاد بشير صالح للأضواء من ظلام الملجأ واستجد الكلام عنه داخل ليبيا بعد أن تمكن، عن بعد، من عقد اجتماع لأعيان فزان في مدينة تراغان مسقط رأسه وذلك لإسماع صوت هذه المنطقة المنسية منذ اندلاع الثورة؛ من هنا انحشر بشير صالح في معمعة الصراع.
وعن أول لقاء له مع القذافي، أكد بشير صالح أنه كان عام 1974 عندما انتخب واليا لفزان فقربه القذافي بعد ذلك وعينه سفيرا في جمهورية وسط أفريقيا وطلب منه التخصص في منطقة أفريقيا ما وراء الصحراء، ثم عين سفيرا في عدد من العواصم قبل أن يختاره القذافي قائما بأعمال ديوانه عام 1988.
وردا على سؤال حول ما يعرفه عن الزعيم الشيعي اللبناني موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا عام 1978، قال بشير صالح «كنت ذلك الوقت سفيرا في بانغي وليس لدي معلومات أخرى عن الموضوع».
وبعد أن تحدث عن علاقاته القوية مع نظام الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي، أضاف بشير صالح «عندما اندلعت الثورة في ليبيا عام 2011 وتدخلت فرنسا عسكريا داعمة للثورة، اقترحت على معمر القذافي أن أسافر إلى باريس لتهدئة الفرنسيين حيث وافق على ذلك، فطرت إلى باريس والتقيت وزير الخارجية ألين جوبي والتقيت كذلك اكلود غيان الأمين العام للإليزيه صحبة وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم، وقد سلما إلي اقتراحا للقذافي بأنه لن يتضرر إذا تخلى عن السلطة وانسحب إلى سرت، فعدت إلى ليبيا حاملا الرسالة التي لم تكن غريبة بالنسبة لي».
وقال «بعد اندلاع المظاهرات الأولى يوم السادس من فبراير/ شباط حضرت اجتماعا بين القذافي ورئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، ألمح فيه القذافي لأول مرة عن نيته التخلي عن السلطة في اجتماع سيعقده مع اللجان الثورية قبل أن ينسحب من المشهد كالضفدعة القافزة في الماء، لكن القذافي تراجع بعد ذلك لأنه لا يثق في الضمانات الفرنسية، وهنا عدت ثانية إلى باريس لكن محملا بسؤال واحد من القذافي لساركوزي هو: لِمَ تعاملني بهذه المعاملة؟، وكان جواب ساركوزي هو «لأنك تسخر مني».
وأضاف: «الحقيقة أن الذي يعنيه ساركوزي هو عدم تنفيذ الجانب الليبي لصفقات تعهد بها القذافي للرئيس ساركوزي تتعلق بشراء طائرات وتجهيزات عسكرية فرنسية بقيمة أربعة مليارات دولار، والسبب هو معارضة قائد الأركان الليبي المتعود على السلاح الروسي لذلك وكذا معارضة رئيس الحكومة البغدادي محمودي وأبناء القذافي سيف الإسلام والمعتصم والساعدي لأي امتياز يمنح لفرنسا، كل هذا أدى لتجميد صفقة كانت قد أسالت لعاب الفرنسيين؛ برغم كل ذلك فقد أقنعت الرئيس ساركوزي بأن يقترح على القذافي عقد مؤتمر للمصالحة الليبية في طرابلس مسبوق بوقف لإطلاق النار، وبعد مشاورات مع الفرنسيين تحدد يوم 20 أغسطس/ آب موعدا للمؤتمر، ثم واصلت جهودي وتحركاتي مع الوزير دومينيك دفيلبان الذي اقترح علي أن نسافر معا للدوحة لأن فرنسا لا تقبل أي تفاوض لا تشارك فيه الحكومة القطرية، وفي يوم 16 أغسطس والثوار محيطون بطرابلس، أخذت الطائرة متوجها إلى جربة التونسية للقاء الوزير ديفلبان، وعندما وصلت لزوارة اتصل معي معمر القذافي وسألني: لِمَ أنت مستعجل يا بشير؟ إلى أين أنت ذاهب؟، وعندما شرحت له هدف الرحلة وأنني في طريقي إلى الدوحة ثم إلى باريس، قال لي: إذا ذهبت إلى قطر فسيقطعك الليبيون إربا إربا»، وهنا عدت منتظرا نهاية التاريخ».
وأكد البشير «أنه بعد سقوط طرابلس سلمني إبراهيم المدني رئيس المليشيا لضباط فرنسيين حيث عشت تحت إقامة جبرية ثلاثة أشهر كنت أجري خلالها اتصالات مع بعض الرؤساء، قبل أن اسمع عبر التلفزيون بموت القذافي يوم 20 أكتوبر، بعد ذلك وبوساطة من الرئيس جاكوب زوما والسلطات الفرنسية استقبلني رئيس الحكومة الانتقالية مصطفى عبد الجليل وأخبرني بأنني حر حيث سافرت إلى فرنسا».
وحول وضعه القانوني، قال بشير صالح إنه ما زال خاضعا لعقوبات الاتحاد الأوروبي التي تمنعه من السفر في فضاء «شينغان.
وبخصوص عودته للساحة السياسية الليبية قال «أنا مضطر لذلك فبلدي ليبيا يتشظى منذ ست سنوات، وليس في إمكاني أن أبقى متفرجا فلدي علاقات واتصالات وهدفي هو عقد مؤتمر للمصالحة الليبية بدعم من الاتحاد الأفريقي، فنسبة 90 ٪ من مشاكلنا تكمن في التدخلات الخارجية في شأننا الداخلي فعلينا أن نفكر في «ليبيا أولا»، و»أفريقيا أولا»، والهدف بعد المؤتمر هو التوجه لبناء دولة ديمقراطية عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية تشرف على اقتراح دستور للبلاد والتحضير لانتخابات عامة، ويجب أن يصدر عفو عام عن الليبيين جميعهم وأن يعود المهجرون أولا وقبل كل شيء وأن يكون الاعتماد على قوة حفظ سلام أفريقية».
وحول رأيه في المارشال حفتر قال بشير صالح «حفتر يحظى بمساندة العسكريين ما يجعله شخصا لا محيد عنه، لكنه إذا أراد أن يكون رئيسا فليستقيل من الجيش كما فعل المارشال السيسي في مصر». وأضاف « حفتر صديق خاص ووطني مخلص، لكنني مع ذلك لا أقبل بأن يكون الليبيون محتاجين لرجل قوي يقودهم أي لديكتاتورية عسكرية».
وحول إطلاق سراح سيف الإسلام والبغدادي وعبد الله السنوسي قال بشير صالح «هؤلاء إطلاقهم وإشراكهم جزء من الحل، وقد أخطأت الأمم المتحدة والولايات المتحدة عندما رفضوا التفاوض مع البعثيين في العراق فألقوهم بين أيدي «داعش».
وحول معاملة الحكومة الليبية للمهاجرين الأفارقة قال «مشكلة المهاجرين تتجاوز قدرات ليبيا وحل مشكلة الهجرة تمر حتما بالمساهمة في تنمية بلدانهم الأصلية». وبخصوص ما إذا كان لا يزال قذافيا مقتنعا قال بشير صالح «نعم.. بقدر ما أنا معجب بحب القذافي لليبيا فهو يحبها أكثر من أي شخص آخر، يمكن أن نتهم القذافي بكل شيء سوى حبه لليبيا؛ لقد كان القذافي كما عرفته عن قرب غيورا على بلده ودينه وشعبه، وكان كثيرالصلاة أيضا، والقذافي كان يعتبر نفسه رئيس قبيلة ويرى أن الليبيين أولاده وأن عليهم طاعته، والغريب أن شعبية القذافي عادت بعد ست سنوات على موته، فالليبيون يحبون القذافي اليوم بقدر ما يكرهون ساركوزي».