هكذا سيؤثر الاستفتاء التركي على الوضع السياسي في الشرق الأوسط بأسره .. رؤية روسية

الخميس 30 مارس - آذار 2017 الساعة 07 مساءً / مأ رب برس - صنعاء
عدد القراءات 2117

 

 

وصف الخبير الروسي والدبلوماسي السابق، بيوتر ستجيني، الاستفتاء الدستوري في تركيا في شهر أبريل القادم بأنه حدث بالغ الأهمية في التاريخ التركي، وسيؤثر في الوضع السياسي في محيط تركيا والشرق الأوسط بأسره، مضيفا أن الاستفتاء ليس مجرد إصلاح نموذج حكومي، من الجمهورية البرلمانية إلى الجمهورية الرئاسة. بل هو أيضا تحول في التجربة السياسية التي جمعتها تركيا في القرن العشرين.

وقال ستجيني في حوار مع موقع المجلس الروسي للشؤون الدولية، وهو مركز بحثي أسسه الكرملين إن التحول الدستوري في تركيا هو عملية اجتماعية مؤلمة، وهذا واضح من محاولة الانقلاب الساقط في يوليو/ تموز. ولهذا السبب من السابق لأوانه التنبؤ بالعواقب على مستوى المنطقة أو على نطاق أوسع، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بعد نتائج الاستفتاء، وآمل أن تدعم أغلبية الأتراك مسيرة أردوغان.

وأرجع الخبير الروسي سبب الخلاف بين تركيا وعدد من الدول الأوروبية إلى سياسة التعددية الثقافية التي لا تزال تهيمن على السياسة الاجتماعية الأوروبية، مشيرا إلى أن رد فعل بعض القادة الأوروبيين تجاه سعي القيادة التركية للتواصل مع الجاليات في الخارج ترجع إلى سوء الفهم والعداء وعدم الاستعداد لقبول خصوصيات الآخر، اعتقادا بأن البلدان الشرقية والأوراسية لديها ثقافة مختلفة، وربما طريقة مختلفة في التفكير والسلوك. وحقيقة أن أوروبا تنظر إلى هذه الاختلافات على أنها غير ديمقراطية تثبت أنها ليست مستعدة لأشكال أكثر تنوعا من الديمقراطية.

ورأى ستجيني الذي عمل سفيرا فوق العادة ومفوضا للاتحاد الروسي في تركيا حتى عام 2007، أن أسباب التوتر التقليدية بين موسكو وأنقرة مثل السيادة على البحر الأسود والقضية الكردية، والحدود الشرقية لتركيا قلت حدتها عن الماضي، وأن هناك آفاقا جديدة للعلاقات بين البلدين.

وقال إن التعاون التجاري والاقتصادي سيعيد العلاقات الروسية التركية إلى ما كانت عليه قبل أزمة إسقاط الطائرة الروسية في عام 2015 ، مشيرا إلى أن الاقتصاد والتجارة هما القوة التي تقود قاطرة العلاقات بين روسيا وتركيا.

وأضاف " الاستفتاء الدستوري في تركيا الذي سيعقد في نيسان/ أبريل يعد معلما بارزا وحدثا بالغ الأهمية في التاريخ التركي، وغني عن البيان أنه سيكون مؤثرا في الوضع السياسي لا في محيط تركيا فحسب، بل في الشرق الأوسط بأسره. تركيا هي لاعب قوي ومهم في الأحداث الإقليمية. والاستفتاء ليس مجرد نموذج حكومي للإصلاح، بالتحول من الجمهورية البرلمانية إلى الجمهورية الرئاسية. بل هو أيضا بطريقة ما تحول في التجربة السياسية التي جمعتها تركيا في القرن العشرين.

واضاف الخبير الروسي " أعتقد أن مرحلة ما بعد الكمالية ستكون مصدر قلق كبير، وهي بالتأكيد ليست مرحلة الاستبعاد والنقاش، ولكن توليف الأفكار الكمالية للتنمية ومشاعر الجمهور التركي تجاهها. هذا الاستفتاء على قدر بالغ من الأهمية حيث ارتبط دور حزب العدالة والتنمية وطبيعة أنشطته بحقيقة أن حزب رجب طيب أردوغان جلب الطبقة الوسطى الأناضولية، فضلا عن سكان المناطق التركية النائية، إلى السياسة. ولم تكن أنقرة أو إسطنبول من لعب الدور الرئيس في السياسة، ولكن الناس عموما. لذلك أعتقد أن هذا تقدم تدريجي ينعكس في الإحصاءات المرضية للنمو الاقتصادي والتغير الاجتماعي.

  

وحول سبب الصراع بين تركيا وهولندا قال الخبير الروسي " هذه ليست القضية الأولى بين تركيا وأوروبا. في عام 2005، عندما بدأت مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، أعربت روسيا عن موقفها الإيجابي. وكانت هناك تصريحات رسمية عديدة مفادها أن روسيا تدعم التقارب بين تركيا وأوروبا. كانت علاقات روسيا والاتحاد الأوروبي في مهدها في ذلك الوقت. لقد رأينا التحديات التي تواجهها أوروبا الكبرى التي تشهد توسعا سريعا، ولكننا كنا نعتمد على الحس السليم، وأن الدوافع التي شهدناها عند إنشاء الاتحاد الأوروبي ستكتسب زخما. عندما كان الحوار حول أوروبا وهل هي ممتدة إلى الأورال أم إلى مدينة فلاديفوستوك الروسية على بحر اليابان، لم يشر أحد ضمنا إلى انضمام روسيا إلى الاتحاد الأوروبي.

ومضى قائلا "إن أساس العديد من التوترات والخلافات هو الاختلافات الدينية وسوء الفهم بين الحضارات التي أعتقد أن السبب فيها سياسة التعددية الثقافية التي لا تزال تهيمن على السياسة الاجتماعية الأوروبية. ويمكننا تفهم محاولة الأتراك للعمل مع ناخبيهم بطريقتهم الخاصة، حيث إن عليهم اتخاذ قرار يغير مسار حياتهم. وأعتقد أن رد فعل بعض القادة الأوروبيين يدعمه نوع من سوء الفهم والعداء وعدم الاستعداد لقبول خصوصيات بعضهم بعضا، اعتقادا بأن البلدان الشرقية والأوراسية لديها ثقافة مختلفة، وربما طريقة مختلفة في التفكير والسلوك. وحقيقة أن أوروبا تنظر إلى هذه الاختلافات على أنها غير ديمقراطية تثبت أنها ليست مستعدة لأشكال أكثر تنوعا من الديمقراطية. وأخشى، إذا بقيت أوروبا متمسكة بهذا النهج، فإن تعزيز الديمقراطية على النمط الأمريكي والأوروبي، سيبدو شكلا جديدا من أشكال الاستعمار.