الجنس يجتاح هذه المساحات في مصر ؟

الثلاثاء 07 فبراير-شباط 2017 الساعة 07 مساءً / مأ رب برس - وكالات
عدد القراءات 5050

 

 

نجحت الإعلانات التجارية في تطورها المتصاعد وانتقالها بصورة جذرية من الصناعة ذات الـ20 بليون دولار في أواخر السبعينات، إلى صناعة الـ 200 بليون دولار

"يجلب الإعلان المال أكثر من المنتج نفسه"، تلك هي إحدى القواعد الذهبية في عالم الإعلانات والتسويق، وهي من أكثر القواعد إشارة إلى أن الاهتمام بالدعايات الإعلانية، مهما كان الثمن، ومهما اضطر القائمين على تلك الصناعة من تنازلات سواء كانت مادية أو أخلاقية، ما يهم في النتيجة أن يخلق الإعلان صدًى واسع ذا تأثير أكبر من المنتج نفسه، وهذا أيضًا ما دفع صناعة الإعلانات أن تنتقل نقلة جذرية من الصناعة ذات الـ20 مليار دولار في أواخر السبعينات، إلى صناعة الـ 200 مليار دولار وذلك في بدايات القرن الواحد والعشرين.

جاءت الرأسمالية بثقافة الاستهلاكية الحديثة، يجب على المرء أن يدفع ليستمتع بوقته، وكلما دفع أكثر كلما كان مستوى معيشته وقدرة استمتاعه بوقته أكثر، ومن هنا جاءت الإعلانات بمثابة ذراع يمنى للرأسمالية، تروج لكل ما يمكن للمرء شراءه، سواء كان يحتاجه أم لا، إلا أن الإعلانات لا تقتصر فقط على كونها صناعة مخادعة، بل هي انعكاس واضح لمتطلبات المجتمع، وما يستمتع بمشاهدته، كما أنها أداة توظيف مثالية للأفكار، وكذلك البشر.

فهو لا يستهدفها بالأصل، بل يستهدف عكسها، فيستخدم البدانة كوسيلة مقارنة يحبب فيها كل من كان بدينًا في المنتج، ويكرهه أكثر وأكثر في شكله، كما استغلت الإعلانات جسد المرأة بشكل يمكن إدراج تصنيفه تحت مُسمى "العبودية الحديثة"، لتكون المرأة كغيرها أداة من أدوات إثارة المشاهد وجذبه لمشاهدة الإعلان.

صاحبت الرأسمالية فكرة الطبقية، فهي ببساطة ألا تتدخل الدولة ما دام المرء يعمل ويجني المال بشكل قانوني، لتتسع الفجوات والفروقات بين طبقات المجتمع، بل ويكون ذلك أمرًا مقبولًا واعتياديًا، لا يهم ذلك، المهم أن الإعلانات أيضًا لم تغفل مفهوم الطبقات، ولم تؤكد على فكرة اعتياده فحسب، بل صوّرت مدى سوء الحياة مع الطبقات الأدنى، وأنه من رابع المستحيلات أن يتنازل المرء ليتعايش من يعيش في الطبقات الأدنى.

تتابعت الانهيارات على المجتمع المصري بعد موجة الربيع العربي، فلم تنهار أنظمة سياسية فحسب، بل انهارت معها أفكار وقيم طالما كانت من أساسيات الأخلاقيات عند المجتمع المصري "المتدين بطبعه" كما يقول التعبير الشهير، فصار من الطبيعي الإعلان عن الطبقية والسخرية من كل من كان فقيرًا، وصار من الاعتيادي الاستهزاء بكل من لا يتمتع بجسد يطابق "مقاييس الجمال العالمية"، تعنيف الأطفال صار جزءًا من تربية المجتمع الأساسية، بل يكون مدعاة للضحك كإضافة كوميدية ولمسة فكاهية في الإعلان.

وذلك منذ الثورة الجنسية في الثمانينات من القرن الماضي، فوضع صورة لامرأة عارية على صندوق الكبريت الصغير يسرع من عملية بيعه على عكس نظيره صاحب الملصق العادي، ومن هنا كانت الإعلانات صاحبة الإيحاءات الجنسية الأكثر مشاهدة، والأكثر رواجًا.

أدرك مصممو الإعلانات كل ما سبق، لا سيما أن صناعة الإعلان لا تطلب خبرة تسويقية فقط، فالصورة الواحدة لها ألف أثر نفسي على المشاهد، وللصوت الواحد تأثير قوي يتباين من سامع لآخر، لذا فالأمر يتطلب دراسات مجتمعية خاصة بالجمهور الذي يستهدفه الإعلان، وتحليل نفسي لكل صورة وصوت تم استخدامها داخل السياق.

تلك قاعدة مشهورة لدى المسوقين، وربما هي المحرك الأساسي وراء بيع العديد من المنتجات بإعلانات ذات تأثير أقوى من المنتج نفسه بل وربما تكون ذات محتوى لا يعبر أساسًا عن المنتج، فكان موسم الإعلانات ذات الإيحاءات الجنسية في أوج قوته في مصر في شهر رمضان الماضي، والذي نتج عنه وقف الكثير من الإعلانات عن العرض في الشاشات المحلية بعدما أحدثت ضجة واسعة في كيفية عرض إعلانات ذات محتوى إيحائي واضح بشكل مهين للمرأة.