ماذا جنى الشيعة العرب في العراق ؟ حصاد الاستعباد الإيراني للعراق .

الأحد 11 ديسمبر-كانون الأول 2016 الساعة 04 مساءً / مأرب برس - نظير الكندوري
عدد القراءات 3861

 

 

لطالما غطَّت الدراسات والمقالات والتحليلات حالة العرب السنَّة في العراق، بسبب ما يلاقوه من اضطهاد ومعاناة تحت نظام الحكم الطائفي في العراق، وبالمقابل انهال كلام العتاب والتجريح بحق شيعة العراق، ووصل بعضها إلى حد اتهامهم بخيانة الوطن الذي يعيشون فيه، وعدم الوفاء لحسن الجوار والعيش المشترك مع باقي طوائف العراق وخاصة العرب السنَّة منهم.

ويعود السبب في ذلك، أن كثير من الباحثين والكتَّاب يخلط ما بين الشيعة العرب في العراق والمشروع الصفوي الإيراني الذي يتم تكريس العمل به في العراق من خلال الأحزاب الشيعية الموالية للمشروع الصفوي الإيراني.

والحقيقة أن معظم الشيعة العراقيون براء من هذا المشروع وإنما يتم التلاعب بهم وخداعهم لغرض جعلهم مادة هذا المشروع وقضيته، مستغلين حالة الجهل عند عوامّهم. وقد نجحت تلك الخطط مع البعض ولم تنجح مع البعض الأخر فتم اخراسهم بالقوة أحياناً وبالإغراء أحياناً أخرى.

وعلى الرغم من أن العرب السنَّة في العراق هم أكبر مكون عراقي لاقى الظلم والاضطهاد بعد الاحتلال عام 2003، من قبل الاحتلال تارة ومن الحكومة الطائفية التي نصبها الاحتلال تارة أخرى، إلا ان المكون العربي الشيعي يعتبر أكبر مكون قد تم خِداعه وتظليله بعد الاحتلال، وتظافرت على هذا جهود مرجعيّاته الدينية وجهود الأحزاب المنتمية لهذا المكون ظلماً وزورا، وبتوجيه ورعاية من النظام الإيراني.

علي السيستاني أفتى بحرمة مقاومة المحتل الأمريكي

كان أول الخداع والتضليل، حينما حرَّمت مرجعيات الشيعة قتال مقلديها الشيعة للمحتل الأجنبي، بحجة إن الاحتلال جاء ليخلّصهم من حكم صدام، ثم تم تظليلهم مرة أخرى بجعلهم يستأثرون بحكم العراق لوحدهم دون باقي المكونات، بحجة إنهم كانوا مقصيّيون من الحكم في عهد صدام حسين، والواجب عليهم الاستئثار بالحكم لوحدهم لكي لا يتسلط عليهم أحد أخر مثل صدام حسين، بالرغم من أن حزب البعث الحاكم وقت صدام حسين أكثريته من الشيعة، وكثير من قيادات الحكم البعثي كانت قيادات شيعية.

ثم توالت أساليب الخداع على هذا المكون العراقي مستغلين ولائهم للمذهب الجعفري وحبهم لآل البيت (عليهم السلام) ليصوروا لهم إنَّ السنَّة هم أحفاد الأمويين وقتلة الحُسين (عليه السلام) كما يتفوه بذلك قادة أحزابهم السياسية وميليشياتهم، ومن ثمَّ تجنيدهم على هذا الأساس. وحينما كانوا يريدون أولئك الساسة استنهاض همم الشيعة ضد السنَّة، لم يتورعوا عن سفك دمائهم من خلال التفجيرات التي تنسب زوراً للسنَّة ليشعلوا نار الاحتقان الطائفي بين المكونين العراقيين.

فقد أفادت وثائق سُرِّبت من خلال “ويكيليكس” ان السفارة الأسترالية في بغداد، ذكرت في تقرير لها، أن قائد منظمة بدر "هادي العامري"، قد شارك بفاعلية في تنظيم هجمات ميليشياته على المناطق السنيَّة في أثناء فترة العنف الطائفي 2004-2006. كما أكدت أنه كان شخصيًّا من يعطى أوامر الهجوم على السنَّة، وكانت إحدى وسائل القتل المفضَّلة لديه استخدام مِثقَاب لتعذيب مناوئيه.

لقد كان الغرض من تنظيم القاعدة الذي اصطنعته المخابرات الامريكية والإيرانية، خلق عدو يوحدون به صفوف الشيعة ضد المكون السنَّي في العراق، وجعلوا من هذا التنظيم، يُثخنُ بدِماء الشيعة، لإبقاء ولاء الشيعة لتلك المرجعيات الدينية والأحزاب الشيعية مستمراً. حتى لو كان على حساب أرواح الالاف من أبناء الشيعة العراقيون.

  ولكي تنجز إيران مخططاتها التوسعية في العراق وفي البلدان الأخرى، جعلت من شباب الشيعة مشاريع دائمة للقتل، من خلال الزج بهم بمعارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فشكلت منهم إيران أكثر 67 مليشيا شيعيَّة مسلحة، ناهيك عن تشكيل جيش عراقي غالبيته العظمى من المليشيات الشيعية التي كانت ترعاها إيران على أراضيها قبل الاحتلال، والدفع بهم لخوض حرب طائفية ضد السنَّة لتغير ديمغرافية مناطقهم.

الشيعة العرب في وسط وجنوب العراق يعانون الفقر وسوء الخدمات

لقد عمدت الأحزاب الشيعية وبنصائح إيرانية، إبقاء الشيعة في حالة فقر عام، والامعان في قتلهم من خلال التفجيرات التي كانت تنظمها بحقهم وفي مناطقهم، لكي يستثمرون بعد ذلك مشاعر غضب الشيعة الناتجة عن فقرهم وقتل احبائهم، لدفعهم إلى التطوع بالمليشيات التي شكلتها لهم. وزجهم بمعارك ضد اهل السنَّة، وجعلهم يدفعون ثمناً باهضاً من دمائهم نتيجة اشتراكهم بتلك الحروب ضد السنَّة في العراق، وضد الثورة السورية.

توَّجت المرجعية الشيعية عملها في تضليل الشيعة بالفتوى سيئة الصيت التي عُرفت بفتوى (الجهاد الكفائي) التي أطلقت العنان لكل المليشيات الطائفية بالتحرك بالعلن، ولتجنَّد من أبناء الشيعة بالعلن وتدفع بهم في أتون الحرب ضد السنَّة بحجة محاربة داعش. بل ويُأمَّل لهذا الحشد أن يتم الزج به في معارك خارج حدود العراق في سوريا كما أعلن ذلك قادة ذلك الحشد، وغداً ربما يذهبون إلى اليمن أو أي بلد تريد إيران فرض إرادتها عليه. ففي لقاء أجرته قناة "الإخبارية" التابعة لحزب الله مع مساعد قائد جيش الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، أكّد فيه المهندس قائلًا: "بعد هزيمة تنظيم الدولة، سيستمرّ دور جيش الحشد الشعبي في مواجهة الإرهاب والدفاع عن العراق ضد أي تهديد محتمَل، وسوف نوسّع عملياتنا لتشمل سوريا". وهو بذلك يبرر وجود الحشد بنفس طريقة تبرير وجود "حزب الله" في لبنان والاحتفاظ بسلاحه دفاعاً عن لبنان ضدّ العدو الصهيوني!!، ومن هذا فإن الشيعة العراقيون سوف لن يعرفوا لا راحة ولا سلام، طالما ارتضوا بجعل أنفسهم جنوداً وتبعاً للدولة الفارسية ومخططاتها الشيطانية.

ماذا جنى الشيعة بعد 13 عشر سنة من الحكم المطلق لأحزابهم الشيعية؟ فمناطقهم مازالت تلاقي الإهمال، ومستوى الخدمات فيها تحت الصفر، والاميَّة تنتشر بوسطهم بشكل مخيف، وتُنهب ثروات مناطقهم النفطية والمعدنية دون أن يستفيدوا منها بشيء، والانفلات الأمني وانتشار العصابات وانتشار المخدرات، حتى جعلوا من مناطقهم ليس ممراً للمخدرات فقط، وإنما سوقاً لاستهلاكها. ووصل الأمر ببعضهم أن يترحموا على أيام صدام عندما يقارنوها بإيام حكّام العراق الأن.

إنهم لم يستفيدوا مادياً كما أوهموهم، ولم تعرِف مناطقهم الاستقرار كما كانوا يمنّوهم، وجعلوا من أبنائهم آلة للقتل، فعندما لا تجد المليشيات من تقاتله، فإنها تتقاتل مع بعضها، كما يحصل في المعارك التي تدور بين العشائر الشيعية في البصرة وبين المليشيات المختلفة في ديالى، وهذه الظاهرة سوف تتفاقم بعد نهاية الحرب على تنظيم داعش، حين يجد الآلاف من مسلحي الحشد الشعبي أنفسهم بلا وظيفة محدّدة، فهم يحملون السلاح ويمتلكون الخبرة القتالية، مما يتيح لهم استخدام مهاراتهم بالاستيلاء على الأموال والممتلكات بالقوّة، أو تصفية الحسابات الشخصية والحزبية بينهم، خصوصا مع تعدد الولاءات داخل تلك الميليشيات، وموزّعة بين قادة يحمل الكثير منهم عداوات مستحكمة لقادة آخرين. وإذا ما كان بعض المخدوعين من يعتبر وجود الحشد هو ضمانة لاستمرار حكم الشيعة في العراق، فإن الكثير من يعتقد أن ظهور ذلك الحشد يعتبر المسمار الأخير في نعش مشروع الدولة في العراق، وتحولها إلى دولة مليشيات مصدّرةً للإرهاب لا تختلف عن وضع الصومال كثيراً قبل سنين. ومصداقاً لهذا يقول رجل الدين الشيعي أكرم الكعبي: ان الحشد الشعبي مستمر بنشاطاته من أجل دحر تنظيم الدولة، ولقد درّب "حزب الله اللبناني" جيش الحشد الشعبي، فنحن لا نؤمن بالحدود، والقائد سليماني يمثِّل المقاومة أمام العالَم.

ألم يحن الوقت لأن يستفيق الشيعة العرب من غفلتهم هذه، ألم يحن الوقت للقول لتلك الأحزاب والمليشيات، كفى خداعاً، وكفى متاجرة بدمائنا، ألم يحن الوقت لأن ينتفض الشيعة على النفوذ الإيراني الذي أستغل أبنائهم أسوء استغلال، ألم يهتف الشيعة من داخل المنطقة الخضراء قبل سنة من الان (إيران برة برة، بغداد تبقى حرة)؟ وأسقط الحكومة في عقر دارها، حتى جاءت الأوامر للأحزاب الشيعية عبر الحدود، لتفض جمعهم. ماذا تنظرون بعد كل هذا ليتبين لكم زيف تلك الأحزاب والمرجعيات الدينية التي تمشون خلفها؟ هل تنظرون أن تلحقكم لعنة السماء والعالمين أجمعين؟ أنكم يا أخوة الوطن ويا أخوة المصير المشترك قد وصلتم إلى مفترق الطرق، فإما أن تكونوا مع أوطانكم وأبناء شعبكم، او أن تكونوا مع اعدائه، وحينها سوف لن تنجوا من لعنة التاريخ ولعنة الدماء التي سالت والارواح التي أُزهقت والتي سوف تطاردكم لعنتها حيثما ذهبتم.