منظمة يمنية تعرض في مقر مجلس حقوق الإنسان بسويسرا تقريرا عن انتهاكات الإنقلابيين "شواهد وأرقام"

السبت 24 سبتمبر-أيلول 2016 الساعة 08 مساءً / مأرب برس-خاص.
عدد القراءات 2006


أطلقت منظمة صحفيات بلاقيود، اليوم، بمقر مجلس حقوق الإنسان في العاصمة السويسرية جنيف تقريرها "لا شيء آمن" الذي يوثق الانتهاكات التي طالت المدنيين والصحفيين في اليمن خلال الحرب، وكذا حالات المختطفين والمخفيين قسريا وضحايا الألغام.

وبحسب بيان للمنظمة وصل مأرب برس ،يتكون التقرير من ثلاثة أبواب هي؛ الانتهاكات التي طالت المدنيين في اليمن خلال عام من الحرب جراء قصف الأسلحة الثقيلة والطائرات والرصاص المباشر والألغام، وانتهاكات حرية الصحافة في اليمن خلال عام ونصف من الحرب، والمعتقلون والمخفيون قسريا خلال عام ونصف من الحرب.

وقالت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام ومؤسس منظمة "صحفيات بلا قيود" توكل كرمان إنه قبل 21 سبتمبر 2014 كانت اليمن تسير بخطى بطيئة نحو بناء دولة اتحادية، فلم يكن قد مضى وقت طويل على اختتام مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي وضع الأسس العامة للدولة الجديدة، والذي كان من المتوقع أن يضمن عملية انتقال ديمقراطي آمن.

وأضافت توكل كرمان "لكن عملية اجتياح صنعاء من قبل ميليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في 21 سبتمبر 2014 قوضت العملية السياسية وما تبقى من مؤسسات الدولة، الأمر الذي قوبل برفض واسع النطاق من قبل كافة فعاليات المجتمع المدني والنخب الإعلامية والفكرية والسياسية في البلاد، كما قوبل اجتياح الحوثي وصالح برفض دولي مطلق تمثل بإصدار مجلس الأمن لثلاثة قرارات بشأن اليمن هي قرار رقم (2201) وقرار رقم (2204) وقرار رقم (2216) أكدت جميعا على دعم الحكومة الشرعية، ودعم وحدته وأمنه، وخيارات شعبه الديمقراطية.

وأشارت كرمان إلى أن تحالف ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح استمر في سيطرتهم على المحافظات ومؤسسات الدولة، ورفض قرارات الشرعية الدولية وما تمخض عنه مؤتمر الحوار الوطني من توافقات ملزمة، لافتة إلى أن ذلك أدى لنشوء مقاومة شعبية مسنودة بألوية الجيش الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي عمت كل الجنوب ومعظم المحافظات في الشمال، فضلا عن كفاح مدني شامل استمر يطالب بالتخلي عن الإجراءات الانقلابية والعودة إلى ما سبق وتم التوافق عليه في مؤتمر الحوار، وإيقاف الحرب وبناء عملية السلام المستدامة في اليمن على هذه الأسس، ولاحقا تسبب انهيار الوضع الداخلي في البلاد بدخول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية على خط المواجهات العسكرية.

وأوضحت كرمان أن ميليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح استخدمت استراتيجية حصار المدن التي رفضت عمليات الاجتياح، وقصفها وخوض الحرب فيها، كما لجأت إلى زرع عشرات الآلاف من الألغام حول المدن ولاسيما في المناطق التي تنسحب منها، فضلا عن ذلك وجد الآلاف من السياسيين والناشطين والكتاب المعارضين أنفسهم رهن الاعتقال والإخفاء القسري من قبل الميليشيا، ولايزال الآلاف منهم حتى اللحظة رهن الاعتقال والإخفاء.!

وقالت كرمان إن الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين كانت تتعرض لمجازر يومية في معظم المحافظات التي طالتها جحافل الميليشيا، لافتة إلى أن "التقرير يوثق لبعض هذه الجوانب والحالات التي تسنى لمنظمة "صحفيات بلا قيود" معرفتها أو الاطلاع على تفاصيلها.

وأضافت كرمان "في المقابل، لا تزال غارات التحالف العربي التي بدأت في 26 مارس/آذار تخطئ أهدافها لتطال المدنيين ومساكنهم والمنشآت والجسور والمحطات ووسائل النقل، مخلفة قتلى وجرحى وسط المدنيين.

وتابعت كرمان "وقف هذا التقرير على هذه الحالات وقام بإحصائها بمهنية عالية، وأشار إلى الحالات التي لم يتسن للفريق الميداني للمنظمة زيارة مواقع حدوثها بسبب منع مسلحي ميليشيا الحوثي وبسبب المخاطر المحققة التي تهدد سلامة وحياة الفريق الميداني للمنظمة وناشطيها من التحقيق، والزيارة، كما أن فريق المنظمة لم يتمكن من توثيق حالات الرصاص الراجع في صنعاء نتيجة سيطرة ميليشيا الحوثي وقوات صالح".

ومضت كرمان قائلة "وفي المقابل، فإن فريق المنظمة الميداني قام بتتبع حوالي 1340 حالة انتهاك، وقع العدد الأكبر منها في محافظة تعز، ومحافظات عدن والضالع.

وأشارت كرمان إلى أن الأرقام التي يتضمنها التقرير ليست شاملة لكل حالات الانتهاك نتيجة صعوبة الانتقال والعمل في العديد من المحافظات مثل صعدة والبيضاء والجوف، غير أن ما تم التوصل إليه هي أرقام صحيحة، وفي معظم الحالات توصلنا لمعلومات أساسية مثل أسماء القتلى والجرحى.

إلى ذلك أكد ابراهيم القعطبي عضو فريق التوثيق والرصد إنه لا يوجد شيء آمن في اليمن، فالحرب ما إن تهدأ في مكان حتى تشتعل في مكان آخر، وهو الأمر الذي يضاعف من الخسائر في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، فضلا عن ما يلحق السلم والنسيج الاجتماعين من تصدعات هائلة.

وقال القعطبي أن اجمالي عدد القتلى المدنيين الذين سقطوا نتيجة نيران ميليشيا الحوثي وقوات صالح بلغ 1424 قتيل بنسبة 50% بينهم 308 طفل، و109 امرأة، بينما بلغ اجمالي عدد ضحايا التحالف العربي حوالي 1230 قتيل بنسبة 40% بينهم 313 طفل، و169 امرأة.

وأضاف القعطبي "وبالنسبة للجرحى، فإن العدد الأكبر منهم كان نتيجة قصف ميليشيا الحوثي وقوات صالح للمدن وخصوصا تعز والضالع وعدن، فقد بلغ اجمالي الجرحى حوالي 6090 جريحاً بنسبة 72%، بينهم 1763 طفل، و583 امرأة، في الوقت الذي تسببت غارات طائرات التحالف العربي في إصابة 1122 جريحا، بينهم 237 طفلا، و130 امرأة.

وتابع القعطبي "ووفقا لتحقيقات فريق المنظمة الميداني، فإن أكثر الأماكن التي شهدت اعتداءات كانت الشوارع بعدد 528 حالة بنسبة 46% ويلي ذلك المنازل التي حلت ثانيا بعدد 513 بما نسبته 45%، ما يشير بوضوح إلى أن هناك عشوائية في تحديد الاهداف المشروعة التي يمكن استهدافها.

واشار القعطبي إلى أنه وبحسب النتائج التي توصل إليها فريق المنظمة فإن أكثر الوسائل التي تم استخدامها وتسببت في سقوط قتلى وجرحى بين أوساط المدنيين، كانت القصف بالأسلحة الثقيلة، حيث بلغ عدد الحالات 443 بما نسبته 39% ويلي ذلك الاعتداء بالرصاص الحي المباشر بواقع 430 حالة بما نسبته 38% ويشمل هذا الاعتداء القنص الذي تعرض لها المئات من القتلى والجرحى.

من جهتها استعرضت اسوان شاهر باب حالة الحريات الصحفية في اليمن، موضحة أن ميلشيا الحوثي بدت مهتمة بتكبيل الصحافة، من خلال إغلاق اقتحام مباني ومقرات وسائل الإعلام المختلفة وسرقة محتوياتها، واعتقال الصحفيين ومطاردتهم والتنكيل بهم.

وقالت شاهر إن ميليشيا الحوثي تعتقد أن الصحفيين الذين لديهم آراء مختلفة يرتكبون خيانة وذنبا بمعارضتهم، وتأسيسا على ذلك، يتم تعريف الصحفي الجيد والوطني بأنه ذلك الذي ينخرط في دعم قرارات زعيمهم عبدالملك الحوثي الذي قال في خطاب متلفز بتاريخ 19 سبتمبر/أيلول 2015 إن المثقفين والصحفيين "خونة" وأكبر خطرا من "المقاتلين المرتزقة"، ودعا إلى مواجهتهم، وهو ما استلزم تحذيرا من قبل الاتحاد الدولي للصحفيين للحوثي، طالبا منه إصدار أوامر واضحة لأتباعه تنهاهم عن مهاجمة الصحفيين، باعتباره خرقا للقانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان.

وأكدت شاهر أن "هذا التحذير لم يكن ليجدي شيئا مع ميليشيا عقائدية تحتكر الصواب".

ولفتت شاهر إلى أن النظرة المتشككة تجاه الصحفيين ليست حكرا على ميليشيا الحوثي وصالح، ولكنها نظرة تشمل الحكومة الشرعية والقوى الفاعلة على الأرض من قوى سياسية ومقاومة شعبية، لكنها تتخذ طابعا أكثر عنفا وقسوة لدى ميليشيا الحوثي باعتبارها الجهة التي تحتكر الصواب.

وأشارت شاهر إلى أن الحرب الدائرة باليمن أسهمت في اتساع حجم الانتهاكات ضد الصحفيين، وجعلت الصحفي هدفا دائما للأطراف المتصارعة، خلافا لاتفاقية جنيف التي تعتبر الصحفيين أثناء الحرب مدنيين وليسوا مقاتلين.

وأوضحت شاهر أن التقرير يوثق لحوالي 368 انتهاكا طال الصحفيين والمؤسسات الإعلامية خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2015 وحتى يونيو/حزيران 2016 موزعة على 13 نوعا من الانتهاكات هي: القتل، والشروع في القتل، واحتجاز خارج القانون، واقتحام، وإغلاق، والاعتداء بالضرب، والملاحقة غير القانونية، والتحريض والسب، والقصف والتفجير، والمنع والمصادرة، والحجب، والتهديد.

وقالت شاهر "هناك استنتاجات أساسية يمكننا الخلوص إليها من خلال قراءة خريطة الانتهاكات والأطراف التي قامت بهذه الانتهاكات، فأول استنتاج نشير إليه، هو أن عدد الانتهاكات كبير للغاية في بلد لا يزال يتلمس طريقه في بناء المؤسسات الصحفية على الرغم من كونه يملك هامشا لا بأس به من الحريات السياسية والصحفية".

وأضافت شاهر "ومن الاستنتاجات التي يمكن الوثوق بها، ما يمكن وصفه بالتعامل غير المسؤول مع موضوع بالغ الحساسية وهو حرية التعبير، وفي مقدمته حرية الصحافة، ويبدو أن سلطة الأمر الواقع وهي سلطة ميليشيا الحوثي التي تحالفت مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح قررت مصادرة المجال العام لمصلحتها، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، فقد تم تحديد الخصوم المفترضين الذين من المتوقع أن يعارضوا هذه الهيمنة، ويبدو من القسوة التي تم التعامل بها مع الصحفيين أنه قد تم تحديد الصحافة بمثابة عدو مهم يجب مواجهته بكل السبل.

ومضت شاهر تقول "تشير النتائج إلى أن الريبة من الصحافة والصحفيين مستفحلة لدى جميع الأطراف، وإن كانت النسب متفاوتة، لكن من الواضح أن تحالف الحوثيين وصالح المسيطر على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة يمارس انتهاكات أكبر من الآخرين، اعتقادا منه أن هذا سيكفل له أن يمضي في تنفيذ خططه السياسية دون إزعاج من أحد"، موضحة أن عدد الانتهاكات التي قام بها تحالف الميليشيا حوالي 281 انتهاكا ما نسبته 76.4% فيما ارتكبت الأطراف الأخرى من تحالف عربي وحكومة شرعية وجماعات إرهابية ومسلحين مجهولين أو معروفين ضد الصحفيين والمؤسسات الصحفية والإعلامية 87 انتهاكا ما نسبته 23.6% فقط".

وقالت شاهر إن "الاستنتاج الثاني الذي يؤكد مسؤولية تحالف صالح الحوثي عن العدد الأكبر من الانتهاكات هو مسؤوليتهم بشكل أكبر عن الاحتجاز غير القانوني الذي طال الصحفيين، والذي لا يستند إلى أي معطى قانوني، إذ بلغ عدد حالات الاحتجاز غير القانوني الإجمالي 120 حالة، نصيب تحالف الحوثي وصالح 98 حالة بما نسبته 82% وهي نسبة تؤكد أن هذا التحالف وإن كان يتصرف بوصفه السلطة الفعلية للبلاد، فإنه يبالغ في الإساءة في

استعمال هذا الحق.

وبينت شاهر أن التقرير سجل 78 حالة حجب وإغلاق لمواقع إلكترونية وصحف وإذاعات وقنوات، نصيب تحالف صالح والحوثي 74 بما نسبته حوالي 95% وهو ما يشير إلى حقيقة مؤسفة تفيد إلى أن هذا التحالف قرر تنظيف اليمن من وسائل الإعلام، ومن التنافس والتعدد الذي يحكم أي إعلام يتصف بالمهنية والاحترام.

ولفتت شاهر إلى أنه وفقا لتوزيع الانتهاكات على المحافظات، يمكن القول إن صنعاء وحدها شهدت نحو 219 انتهاكا من إجمالي الانتهاكات التي وثقها التقرير والبالغة حوالي 352 انتهاكا، بما نسبته 62% وهي نسبة معقولة جدا، كون أغلب وسائل الإعلام والصحفيين يتواجدون فيها بحكم أنها عاصمة البلاد.

وقالت شاهر إن من النتائج التي يجب لفت الانتباه اليها، أن الانتهاكات بحق الصحفيين لم تتوقف، بل شهدت صعودا في العام الحالي، إذ بلغ عدد الانتهاكات في آخر 3 أشهر من العام الماضي حوالي 58 انتهاكا، فيما بلغ عدد الانتهاكات في الثلاثة الأشهر الأولى من العام الحالي حوالي 62 انتهاكا.

وأكدت شاهر أن الحرب تكشف كل يوم كيف يمكن التنكيل بالصحافة على نحو محزن وقاس.

وأورد التقرير العديد من التوصيات "فيما يخص الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيين " موجهة الى : الرئيس هادي والحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي وصالح ومجلس الأمن الدولي.  

للرئيس هادي والحكومة الشرعية :فقد أوصى التقرير بضرورة التعامل بطريقة لائقة مع الصحفيين من قبل الحراسة الرئاسية او أجهزة الأمن التابعة للحكومة , كما أوصى التقرير بتشكيل لجنة تضم ممثلي لنقابة الصحفيين ومسولين حكوميين لدراسة حجم الأضرار التي لحقت بالصحافة والصحفيين ووضع الحل المناسب لكل حالة .وشدد التقرير على ضرورة الالتزام بمقررات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الخاصة بحرية الصحافة وحرية تملك وسائل الإعلام .

بالنسبة لمليشيات الحوثي وصالح أوصى التقرير بسرعة الإفراج الفوري عن جميع الصحفيين المختطفين بصورة غير قانونية , ووقف الإجراءات التعسفية ضدهم ، ووقف تعيين الموالين من غير المؤهلين مهنيا في المؤسسات الصحفية والإعلامية التابعة للدولة.

وأوصى التقرير على ضرورة إعادة المنهوبات التي تمت سرقتها من مقرات ومباني وسائل الإعلام المختلفة , كما أوصى مليشيات الحوثي وصالح بتغيير خطابهم العدائي تجاه الصحفيين.

وفيما يخص مجلس الأمن أوصى التقرير بضرورة إلزام ميليشيا الحوثي بالإفراج عن جميع المعتقلين، وبالأخص الصحفيون، واعتبار ذلك معيارا لاستئناف أي عملية تفاوض مستقبلا.

من جهته، قال منسق الفريق الميداني بشير المصباحي إن التقرير يمثل بلاغا للمؤسسات والهيئات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان، فضلا عن كونه مرجعية حقوقية وتأريخية لكل المهتمين بالنشاط الحقوقي ومعرفة حجم المخالفات التي تعرضت لها حقوق الإنسان الأساسية في اليمن والمكفولة في القوانين الدولية وفي مقدمتها الحق في الحياة.

وأضاف المصباحي "ولا يكاد يمر يوماً واحداً منذ بداية الحرب دون وقوع ضحايا في صفوف المدنيين ورصد انتهاكات بالجملة للقانون الدولي الإنساني شملها تقرير "لا شيء آمن".

وأوضح المصباحي أن عملية إعداد التقرير مرت بعدة مراحل التزمت خلالها منظمة صحفيات بلاقيود بأعلى درجات المهنية والإنضباط والإنحياز الكامل للحقيقة ورصد وتوثيق الضحايا والإنتهاكات بصورة شفافة بعيدةً عن تأثيرات الحرب وأطرافها في سبيل الإنتصار للمدنيين والأخلاق والمبادئ الإنسانية العالمية.

وأشار المصباحي إلى أن عملية إنجاز التقرير بمراحله المختلفة استغرقت عدة أشهر من خلال فريق عمل رئيسي وفرق عمل فرعية, وبسبب ظروف الحرب فقد واجهت فرق العمل الكثير من الصعوبات التي أشير إلى جزء منها في التقرير, حيث ألقت الأحداث بظلالها على النشاط الحقوقي والإنساني في اليمن, لافتاً إلى أن منظمة صحفيات بلا قيود بذلت جهوداً كبيرة للتغلب على تلك العقبات وصولاً إلى إنجاز التقرير بالصورة التي يبدوا عليها اليوم.

وقال المصباحي "إن "منظمة صحفيات بلاقيود" وهي نقدم هذا الجهد الكبير للرأي العام العالمي وأنصار الحقوق والحريات والهيئات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان للإضطلاع بالدور القانوني والتأريخي بمستوى الإنتهاكات الخطيرة والجسيمة التي تحدث على الأرض ويتعرض لها المدنيين كل يوم, فإنها تدعو جميع الأطراف إلى الالتزام بأخلاق الحرب وتجنيب المدنيين عواقبها وفق ما تنص عليه الإتفاقيات الدولية ذات الصلة وفي مقدمتها القانون الدولي الإنساني.

إلى ذلك قالت المدير التنفيذي لمنظمة صحفيات بلا قيود بشرى الصرابي إن اليمن دخل طريقا مظلما بعد انقلاب 21 سبتمبر 2014، وصولا للحرب التي لم تتوقف منذ 18 شهرا، لافتة إلى أن "المؤسسات انهارت دفعة واحدة، وتدهورت الحريات على نحو غير مسبوق، وتم الاطاحة بالمسار السياسي الذي كان سيفضي الى الاستفتاء على دستور جديد وانتخابات رئاسية وبرلمانية".

وأوضحت الصرابي أن جهود منظمة "صحفيات بلا قيود" انصبت خلال الفترة الماضية على رصد وتوثيق الانتهاكات التي طالت المدنيين خلال عام من الحرب يبدأ من مارس 2015 وحتى مارس 2016.

وأضافت الصرابي "وإذ تمكنا من حصر عدد كبير من اسماء وجرحى هذه الانتهاكات، فقد قمنا بتوثيق مكان وقوع الانتهاك، وما إذا كان قد وقع في المنزل أو الشارع أو المدرسة أو في أي جهة أخرى، ونوع وسيلة الاستهداف ما إذا كان ناتج عن رصاص مباشر أو قصف بالأسلحة الثقيلة أو قصف بالطيران".

وبينت الصرابي أن التقرير كشف أن أغلب هذه الانتهاكات قد وقع في المنزل والشارع بما نسبته 91%، وهي نسبة كبيرة جدا، تشير بوضوح إلى أن الاعمال القتالية في جزء كبير منها يتوجه نحو السكان المدنيين.

وقالت الصرابي "ووفقا لتقارير فريقنا الميداني، فإن معظم هذه الانتهاكات قد حدث من جانب ميليشيا الحوثي وقوات صالح، الذين يملكون الأسلحة الثقيلة، ويتحكمون في مداخل المدن التي ما يزال القتال فيها مستمرا".

وأشارت الصرابي إلى أن عملية التوثيق ارتكزت على جهد فريق ميداني تولى عملية الرصد والتحقق من صحة الحالات، معتبرة أن "ما هو موجود في التقرير ليس شاملا لكل حالات الانتهاك التي حدثت في اليمن خلال هذه الفترة، وإنما للحالات التي استطاع فريق المنظمة تتبعها، خصوصا في ظل صعوبة العمل في بعض المحافظات نتيجة سيطرة ميليشيا الحوثي على الوضع الأمني هناك، أو نتيجة اشتداد المعارك وعدم توفر مناسبة للعمل الحقوقي في محافظات أخرى".

ولفتت الصرابي إلى أن منظمة صحفيات بلا قيود لم تستطع توثيق انتهاكات الاعتداء بالرصاص الراجع في صنعاء بشكل دقيق، كون ذلك يستلزم أن يعمل فريق المنظمة بحرية مطلقة، من بينها الاطلاع على دفاتر المستشفيات، وهو غير متحقق في الوقت الحالي

وبينت الصرابي أن التقرير يحتوي على جزء خاص بحالة الحريات الصحفية في الفترة من يناير 2015 الى يونيو 2016، لافتة إلى أن نتائج التقرير تشير إلى عملية تجريف واسعة للصحافة.

وقالت الصرابي "إذا استمرت الأوضاع تسير على هذا النحو من اغلاق المؤسسات الإعلامية وملاحقة الصحفيين، فإنه لن يكون هناك صحافة يمنية في المستقبل، وهذا لا شك أنه أمر سيء للغاية".

وأضافت الصرابي "رصدنا حوالي 368 حالة انتهاك طال الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، وقد توزعت هذه الانتهاكات على 13 نوع، من بينها الاحتجاز غير القانوني، والتعذيب، والقتل، والاعتداء بالضرب، والتهديد، والحجب، والاغلاق، والاقتحام. وقد قمنا باستثناء انتهاك التعسف الوظيفي نتيجة عدم انتهاءنا لحد هذه اللحظة من إحصاء دقيق يشمل كل الحالات التي تندرج تحت هذا النوع من الانتهاك، وقد رأينا أن يتم ادراج ما يتعلق بذلك ضمن التقرير النهائي".

وأكدت الصرابي أن العمل الصحفي يواجه تحديات كبيرة أثناء الحرب، "ولا شك أن تهديدات زعيم ميليشيا الحوثي عبدالملك الحوثي ضد الصحفيين في كلمة له في سبتمبر الماضي، واعتبارهم أشد خطرا على البلاد من المقاتلين في جبهات الحرب أمر يؤشر للمرحلة المظلمة التي تنتظر الصحافة في المستقبل".

وقالت الصرابي إنه وعلى الرغم من أن تحالف الحوثي وصالح يتحمل النسبة الأكبر من هذه الانتهاكات بواقع 76.5% من اجمالي الانتهاكات إلا أن الأطراف الأخرى ليست مؤمنة تماما بجدوى العمل الصحفي التنافسي والحر.

واستدركت الصرابي قائلة "غير أن ما يمكن تسجيله هنا، هو أن الجماعات ذات الطبيعة السلطوية أو المتطرفة دينيا هما أكثر الجهات توحشا ضد الصحافة والصحفيين".

وأشارت الصرابي إلى أنه تناسل من هذه الحرب وجع كبير وضحايا في كل الاتجاهات بحيث أصبح كل شيء في اليمن غير آمن. موضحة أن "هذا الأمر يتطلب من الجميع بذل جهود مضاعفة لإيقاف الحرب".

وأكدت الصرابي أن "الانتهاكات لن تتوقف إلا بوقف الحرب، وبناء سلام مستدام، يضمن عودة مؤسسات الدولة لممارسة أعمالها، وينهي وجود الميليشيات والجماعات المسلحة التي تمارس الإرهاب تحت رايات متعددة".

ولفتت الصرابي إلى أن فريق منظمة "صحفيات بلا قيود" يعمل حالياً على رصد وتوثيق حالات الانتهاكات في فترة الحرب، بحيث يمكن إصدار التقرير النهائي مع نهاية العام الحالي، وسوف يغطي هذا التقرير أيضا ما له علاقة بالألغام والمتعقلين والمخفيين قسريا.

وتحدثت وزير حقوق الانسان السابق حورية مشهور عن المعتقلين والمخفين قسريا، معتبرة أن ما يحدث في اليمن يمثل انتهاكا لحقوق الإنسان.
للاشتراك في قناة مأرب برس على التلجرام. إضغط على اشتراك بعد فتح الرابط      
    
https://telegram.me/marebpress1