الصحافيون باليمن يدفعون ثمن الحرب غاليا والحوثيون يرتكبون أكثر الانتهاكات ضدهم

الأحد 14 فبراير-شباط 2016 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس - القدس العربي
عدد القراءات 1616

أثارت قضية مقتل الإعلامي اليمني منير الحكيمي في العاصمة صنعاء منتصف الأسبوع ضجة حقوقية وإعلامية كبيرة، خاصة وأنه قتل مع زوجته وأطفاله الثلاثة، في سابقة هي الأولى من نوعها في البلاد.

ورغم تضارب الأنباء حول ملابسات مقتل المخرج التلفزيوني في قناة «اليمن» الفضائية الحكومية التي يديرها الحوثيون من صنعاء منير الحكيمي وزوجته الموظفة الإعلامية في ذات القناة سعاد حُجيرة وأطفالهما الثلاثة، إلا أنها حضيت باجماع لدى كافة الأوساط الحقوقية والإعلامية اليمنية بأنها انتهاك خطير وجريمة غير مسبوقة استهدفت العاملين في الوسط الإعلامي اليمني.

وقال مصدر حقوقي لـ«القدس العربي» ان «استهداف أي صحافي بهذه البشاعة لمجرد إشاعة أنه يعمل مع الحوثيين أو يدير قناة تابعة للرئيس السابق علي صالح يعتبر جريمة لا تغتفر».

واشار إلى أن هذه القضية تحتاج إلى تحقيق دقيق من أطراف حقوقية محايدة حتى لا تمر مرور الكرام، والكشف عن كافة ملابساتها، والرد على العديد من التساؤلات الملحة المطروحة حاليا في طاولة الأوساط الحقوقية.

وكانت قضية مقتل الحكيمي وزوجته وأطفاله الثلاثة من أبشع الانتهاكات التي ارتكبت ضد الصحافيين في اليمن منذ مطلع العام الماضي، والذي تصاعدت فيه موجات العنف والاغتيالات التي طالت الصحافيين والإعلاميين، حيث شهدت الساحة اليمنية خلال السنة الماضية وحتى اليوم مقتل نحو 15 صحافيا وإعلاميا يمنيا من مختلف الأطراف السياسية.

وشهد اليمن حالات كثيرة من الاختطاف والاخفاء القسري طالت عشرات الصحافيين المعارضين أو غير المواليين لجماعة الحوثي والتي استخدمتهم في العديد من الحالات كدروع بشرية في الأماكن العسكرية المستهدفة من قبل طيران التحالف العربي، وقتل جراء ذلك مراسلين محليين لقنوات محلية في محافظة ذمار وهما عبدالله قابل ويوسف العيزري منتصف العام الماضي.

واختطفت جماعة الحوثي العشرات من الصحافيين والإعلاميين اليمنيين والأجانب، أشهرهم مراسل قناة «الجزيرة» في اليمن حمدي البكاري وطاقمه الإعلامي الذي تم الافراج عنه مؤخرا، وما زال هناك أكثر من 13 صحافيا يمنيا يقبعون في معتقلات سرية لجماعة الحوثي بصنعاء منذ أكثر من 10 أشهر وغيرها، في ظروف خطيرة وغامضة.

وذكرت مصادر حقوقية لـ«القدس العربي» أن هؤلاء المعتقلين من الصحافيين اليمنيين يتعرضون للتعذيب الوحشي الجسدي والنفسي ويوضعون في زنازين انفرادية وتمنع عنهم زيارات أهلهم وذويهم أو حتى زيارة المحامين المستقلين.

وقالت «أثبتت العديد من الوقائع والحالات أن الصحافيين والإعلاميين في اليمن يدفعون ثمن الحرب غاليا وأصبحوا رأس حربة في الاستهداف خاصة من قبل جماعة الحوثي التي ارتكبت أكثر من 80 في المئة من حالات الانتهاكات ضد الصحافيين والإعلاميين وفقا للتقارير الحقوقية المحلية والدولية».

وأعرب العديد من الصحافيين اليمنيين لـ«القدس العربي» عن قلقهم البالغ من حالة الحرب المجنونة التي طالت الصحافيين اليمنيين خلال هذه الحرب وبالذات من قبل جماعة الحوثي المسلحة التي أصبحت تطارد الصحافيين غير الموالين لها في كل المناطق التي تقع تحت سيطرتها أو التي يتواجد فيها بعض مسلحيها كخلايا نائمة.

وقال الصحافي ومراسل قناة «سهيل» الخاصة في محافظة الحديدة عبدالحفيظ الحطامي ان «الظروف التي يعمل فيها الصحافيون اليمنيون بالغة الخطورة، فقدنا زملاء قتلوا والعشرات في معتقلات الانقلابيين الحوثيين والمئات ملاحقين ومشردين من منازلهم ومن أعمالهم، لا لسبب إلا لممارسة مهنة الصحافة».

وأوضح أن هناك من الصحافيين من اضطروا إلى مغادرة اليمن بسبب هذه الأوضاع الصعبة وهناك من لجأوا إلى مناطق ريفية بحثا عن الأمان والبعض اضطر إلى تغيير مكان اقامته للافلات من العقاب الجماعي على الصحافيين.

مشيرا إلى أن المئات من الصحافيين فقدوا مصادر دخلهم بعد ان اغلقت عشرات الصحف والقنوات التلفزيونية والمواقع الاخبارية الالكترونية التي بسبب ممارسة العمل الصحافي فيها فقد بعض الصحافيين حياتهم أو حرياتهم.

وقال «طالما أنت تحمل كاميرا في اليمن إذا أنت صحافي ملاحق ومطلوب حيا وميتا.. ما يحدث للصحافيين من قتل وتغييب قسري في السجون واختطاف وملاحقة وصمة عار في جبين حرية الصحافة وفي جبين منظمات حقوق الإنسان والمنظمات المعنية بالحريات الإعلامية والصحافية في العالم».

وقال «على صحافيي العالم ان يلتفتوا إلى مأساة الصحافيين في اليمن وإلى حرية الصحافة المنتهكة فيها وإلى كل قتيل وجريح ومشرد ومختطف ومعتقل من الصحافيين». مضيفا أن «تاريخا مأساويا» يتشكل ضد حرية الصحافة المذبوحة في اليمن أمام مرأى ومسمع أحرار العالم وأدعياء الديمقراطية والحرية التي يذبح بسببها الصحافيون في اليمن كل يوم في أبشع صور الانتهاك.

من جانبه أوضح الصحافي صلاح قعشة المحرر في جريدة «الجمهورية» الحكومية المصادرة من قبل الحوثيين في مدينة تعز أن وضع العمل الصحافي في اليمن «كارثي». وقال «ان هذا الوضع الخطر يمكن ان يقودك إلى الموت المحقق بسبب انتسابك لمهنة الصحافة في اليمن».

وأضاف لـ«القدس العربي» «يعيش الصحافيون حاليا ظروفا هي الأخطر على الاطلاق في ظل توحش ميليشيا الحوثي وصالح وحيث أصبح مجرد عملك كصحافي مناوئ للميليشيات الحوثية سببا لملاحقتك كفريسة يرون فيها عدوا لابد من اعتقاله وفي أحيان كثيرة تعذيبه وتصفيته».

وذكر انه «لا عزاء لأحد، حيث لا يزال العشرات من الصحافيين والإعلاميين يرزحون تحت نير الاحتجاز غير معروف مصيرهم منذ عشرة اشهر، في حين قتل الكثير من الصحافيين والإعلاميين، اثنان منهم استخدما من قبل الحوثيين كدروع بشرية في مخازن سلاح ومواقع عسكرية».

موضحا أن جميع الصحف وقنوات التلفزيونية، كذلك نالها الكثير من الانتهاكات حيث تم اغلاقها ونهب مقارها ومصادرة معداتها، باستثناء الوسائل الموالية للميليشيا الانقلابية ومثلها اغلاق معظم الصحف الحكومية والخاصة وايقاف مرتبات عشرات ان لم يكن مئات الصحافيين في المؤسسات الحكومية بسبب رفضهم للميليشيا وعدم تأييد الانقلاب ضد الشرعية.

وأشار إلى أن في مدينة تعز تتضاعف المعاناة على الصحافيين حيث يعانون من ظروف قاسية جدا «ربما تكون نتاجا لجحيم الحرب فيها والقصف اليومي عليها وبفعل حصار مدينتهم، وانعدام الكثير من مقومات الحياة فيها».

إلى ذلك قال رئيس تحرير صحيفة «الأهالي» المستقلة أحمد الشبح ان «العمل الصحافي والإعلامي هو الخ¯ءk¹الأكبر والأكثر استهدافا في ظل الأحداث الجارية في اليمن، وإذا كانت بيئة العمل الصحافي غير آمنة في الماضي فإنها اليوم أصبحت بالغة الخطورة بل وخطرة جداً».

وأوضح لـ«القدس العربي»أن «المخاطر تعدت الاعتداءات والاعتقالات وقطع الأرزاق ووصلت حد قطع الأعناق». مؤكدا أنه تم اغلاق المؤسسات الإعلامية واقتحامها ونهبها وتشريد العاملين فيها وفقدت آلاف الأسر مصادر دخلها.

واضاف «بتنا مشردين وملاحقين بلا وظائف ومؤسستنا أغلقت بشكل كامل، والسوق الإعلانية أغلقت وتم الاستغناء عن العاملين والموظفين اضطرارا، ويمكن القول ان الوسط الصحافي والإعلامي في اليمن تعرض لمذبحة».

مشددا على ضرورة ان تلعب المنظمات الحقوقية الدولية والمجتمع الدولي عموما ليس فقط دورا في حماية الصحافيين بل المساعدة في تعويض المتضررين منهم وتوفير الأمن الغذائي لأسرهم وصولاً إلى عودة المؤسسات الصحافية للعمل مجدداً في ظروف آمنة.