انهيار غير مسبوق في صفوف الحوثيين والعد التنازلي يبدأ نحو التلاشي

الأحد 07 فبراير-شباط 2016 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس - القدس العربي - خالد الحمادي
عدد القراءات 4484

كان أدق توصيف لظاهرة التمدد الحوثي المسلح في اليمن هو وصف السياسي المخضرم محمد محمد قحطان حين وصفها بـ»الانتفاشة»، حيث أوجعهم كثيرا بهذا التوصيف الدقيق، فأوجعوه تنكيلا بالاعتقال والتعذيب في معتقله منذ الأيام الأولى لاجتياحهم العاصمة صنعاء والذي ما زال حتى الآن يدفع الثمن غاليا في غياهب المعتقل الحوثي.

المتمردون الحوثيون الذين برزوا فجأة إلى المشهد العسكري اليمني خلال العام 2014 بقوة خرافية التهمت القوة القبيلة وابتلعت جيش الدولة، لتجتاح العاصمة صنعاء والعديد من المدن، الواحدة بعد الأخرى، وكأنه جيش هولاكو، ولكن كما يبدو أن هذه الظاهرة المسلحة المدمّرة التي صعدت بسرعة إلى السطح بدأت بالتلاشي والزوال بذات السرعة.

التقدم العسكري الكبير الذي بدأت القوات الحكومية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي تحققه باتجاه العاصمة صنعاء خلال الأيام القليلة الماضية، بدأت تدق أجراس الخطر على الحوثيين والذين بدأوا بشد الرحال عن العاصمة صنعاء بشكل تدريجي، إما داخليا أو خارجيا.

وتوالت الانهيارات النفسية لدى الحوثيين مع الانهيارات العسكرية وخلقت نوعا من الارتباك حتى في الأداء السياسي، والتي دفعت بهم إلى عرقلة مباحثات السلام التي كان من المقرر أن تعقد جولتها الثالثة منتصف الشهر الماضي وتم تأجيلها لأجل غير مسمى إثر رفض الحوثيين لذلك، بسب انهيار قواتهم المسلحة وفقدان المكاسب العسكرية التي حققوها على الأرض خلال عامي 2014 و2015.

وتزامن هذا الانهيار العسكري والميداني للتمرد الحوثي مع التسارع في خلخلة العلاقة مع الحليف العسكري وهو الرئيس السابق علي عبدالله صالح وقوات الحرس الجمهوري الموالية له والتي بناها خلال فترة حكمه على أساس الولاء لعائلة صالح وليس على أساس وطني لحماية البلد. 

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء الدكتور عبدالباقي شمسان لـ«القدس العربي»: «اعتقد أن الانهيارات سوف تنطلق بشكل واضح مع تقدم الجيش الوطني والمقاومة متزامنا مع انضمام قطاعات من الحرس الجمهوري لقوات السلطة الشرعية وكذا إعلان انضمام عدد من القبائل لدعم سلطة الشرعية».

وأوضح «اعتقد أن مقادير القوة قد تغيرت على الجغرافيا اليمنية لصالح السلطة الشرعية ودول التحالف الأمر الذي لم يؤد إلى انهيار معنويات وقدرات الانقلابين من قوات الحوثيين وصالح فحسب، بل أدى إلى بروز الرهانات الأصل لكل طرف، وفك ارتباط غير معلن بينهما، أفصح كل منهم عن ذاته بمحاولات كل طرف اتخاذ أفعال تدل انه اللاعب الرئيس في المشهد العسكري».

وأضاف «اعتقد أن استعادة العاصمة صنعاء أصبح قاب قوسين أو أدني وهي معركة المخلوع صالح، حيث سينسحب الحوثيون إلى عاصمتهم الرمزية والدينية صعدة، وسيبقى صالح منفردا».

وأكد شمسان أن «المقاومة ستترجم في بقية المناطق لدحر الانقلابين مع تأييد ودعم شعبي كبير.. وبشكل ملخص أقول ان صنعاء ستعود إلى أحضان الدولة بسرعة تسليمها نفسها». 

مشيرا إلى أن معركة تحرير مدينة تعز ستنطلق مع اقتراب القوات المسلحة التابعة للسلطة الشرعية وتفكك الحزام القبلي حولها، «ما سيجعل المعركة ثلاثية صنعاء، صعدة وتعز».

من جانبه قال الكاتب السياسي عارف أبوحاتم لـ«القدس العربي» «ان الانهيارات العسكرية المتتالية مؤخرا لتحالف الحوثي/صالح تأتي في سياق مصفوفة خسائر متوالية، بدأت بخسارتهم أخلاقياً حين شنوا حربا شرسة ضد اخوانهم وأبنائهم اليمنيين».

وقال «من الطبيعي أن يستعيد الشعب دولته وعافيته ويكسر تحالف الشر الانتقامي.. وإن خسائر ميليشيا الحوثيين وصالح في معركة تحرير صنعاء ستكون محسومة لصالح شرعية الدولة، فقد جرب الناس سنة من حكم الميليشيا التي عجزت عن تحقيق الأمن لساعات وتوفير كسرة الخبز، فضلاً عن تحقيق الاستقرار والتنمية، والآن خرج الشعب يستعيد دولته».

وأضاف أبوحاتم «كان اليمن ما بعد صالح عبارة عن برميل بارود وحاول العقلاء تخفيف وتفكيك حمولة هذا البرميل من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل، إلاّ أن صالح والحوثي قلبا الطاولة في وجه الجميع وأخرجا مكدساتهم من السلاح والضغائن وفجروا هذه الحرب، وجلبوا هذا التحالف العربي لتحرير البلاد من شرورهم».

ويرى العديد من المراقبين أنه على الرغم من الآلام الكبيرة التي خلفتها هذه الحرب المجنونة التي شنها المتمردون الحوثيون مع حليفهم المخلوع صالح، إلا أنها كانت ضرورية لتفكيك البنية العسكرية التي صنعها صالح خلال 33 من حكمه بطريقة عبثية تخدم نظامه أكثر مما تخدم الوطن، وربما كانت هذه الحرب محطة إصلاح الوضع السياسي وتطهير الوضع العسكري من الأدران التي خلفها حكم صالح. 

وقال شمسان «أعتقد أن البناء لنظام صالح كان سوف يبقى لعقود طويلة في إطار جمهورية وراثية فلا يمكن موضوعيا افتكاك السلطة أو اختراقها من قبل الجماعات الوطنية المقصية من المشاركه أو التأثير في صناعة القرار وأعتقد ان هذه الحرب كانت فرصة لإعادة بناء عقد اجتماعي جديد ينظم العلاقة قولا وفعلا بما يؤسس لصياغة جمهورية ديمقراطية متينة».

وبالتوازي مع ذلك «كشفت ميليشيا الحوثيين أنها لا تمتلك مشروعا وطنيا بل مشروعا أماميا للعودة للسلطة من خلال آليات تأريخية للتعامل مع المواطنيين من حيث التوصيف وكيفية التعامل القائم على الاعدامات وتفجير البيوت ونهب كل مقومات الدولة من قبل السلالة وتحريمها على البقية».

وأكد أن هذه الحرب رغم كل الآلام التي واكبتها تظل «فرصة ليس فقط للقطع مع هياكل المخلوع صالح بل أيضا للقطع نهائيا مع عودة المشروع الإمامي.. انها فرصة أمام الشعب اليمني والســلطة الشرعية والنخب الســــيـــاسية والمدنية لإعادة بناء الــــدولة والوطن ليتأسس على القــــطع مع المشـــــروع العائلي لدى صالح والسلالي لدى الحوثيبن».