بطالة الشباب وقود حروب اليمن... تجنيد وتجنيد مضاد درءاً للجوع

الإثنين 06 يوليو-تموز 2015 الساعة 04 صباحاً / مأرب برس - الحياة
عدد القراءات 2392

يجذب القتال الذي يشهده اليمن كثيراً من الشبان الفقراء والعاطلين من العمل ممن تضطرهم الظروف الاقتصادية للانخراط في الجماعات المتحاربة، ليس حباً في القتال فحسب، بل نتيجة لعدم وجود مصدر بديل يكسبون منه عيشهم. وأدى انقلاب مسلح تقوده منذ مطلع العام الحالي ميليشيا الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، إلى انهيار سلطات الدولة ودخول البلاد في حرب أهلية، وتوقف الأعمال فيما قامت بعض المؤسسات الخاصة بتسريح موظفيها أو قلصت أعدادهم أو أعطتهم إجازات من دون راتب.

وتنظر مؤسسات يمنية وأجنبية بينها البنك الدولي إلى بطالة الشباب اليمني باعتبارها أحد الأسباب الرئيسة للنزاع والتطرف في وقت تشكل فئة الشباب النسبة الأكبر من عدد السكان المقدر بنحو 26 مليون نسمة.

وتشير تقديرات إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب اليمني إلى نحو 70 في المئة مقارنة بحوالى 50 في المئة العام الماضي، ما يوفر بيئة ملائمة للتنظيمات الإرهابية مثل «القاعدة» و «الحوثيين» (أنصارالله) و «داعش».

وفي البلد الأفقر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي تقول الأمم المتحدة أنه مهدد بمجاعة تبدو النزاعات المسلحة أحياناً وجهة وحيدة للشبان الفقراء والعاطلين من العمل لتفادي الموت جوعاً.

وأكدت مصادر متطابقة لـ «الحياة» انخراط شبان جدد للقتال في صفوف كل من ميليشيا الحوثيين وصالح والمقاومة الشعبية المؤيدة للرئيس هادي، سعياً للحصول على الغذاء والمال والقات والغنائم.

اختراق متطرف

وخلّف علي عبدالله صالح الذي أجبرته انتفاضة شعبية على التنحي عن الحكم في 2011، نظاماً هشاً واقتصاداً منهاراً يعتمد على ريع النفط والمساعدات الخارجية. وخلال حكمه الذي استمر 33 عاماً أدار صالح السلطة معتمداً على شراء الولاءات القبلية وتنصيب المقربين. وينظر إلى تشظي ولاء المؤسسة العسكرية والأمنية في اليمن باعتباره أحد أسباب عدم الاستقرار وفشل بناء دولة القانون والمواطنة.

وأدت «شخصنة الدولة» وتفشي الفساد إلى اختراق تنظيمات سنّية وشيعية متشددة، مؤسسات الجيش والمخابرات. وتفيد معلومات مؤكدة بتجنيد مبكر لعناصر من جماعة الحوثيين الموالية لإيران ضمن تشكيلات عسكرية ساهمت الولايات المتحدة في تدريبها ومدها بالعتاد مثل الحرس الجمهوري والأمن المركزي (سابقاً) وهي القوات التي بقيت على ولائها للرئيس المخلوع وتلعب حالياً الدور الرئيس في القتال الذي تخوضه ميليشيا الحوثيين وصالح في عدد من المحافظات اليمنية.

ووفق مصادر محلية، فإن تجنيد حوثيين في تشكيلات عسكرية رسمية بدأ غداة هجمات 11 أيلول (سبتمبر) وبعلم من الرئيس اليمني حينذاك علي عبدالله صالح وغض طرف من الأميركيين بهدف تعضيد قوة صالح آنذاك في مواجهة التشكيلات المحسوبة على حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين).

وبات واضحاً أن «حروب صعدة» وهي جولات قتال خاضتها جماعة الحوثيين، خلال الفترة 2004 و2009 ضد القوات الحكومية هدفت إلى إنهاك الفرقة الأولى مدرعة المحسوبة على «الإخوان المسلمين» وخصوم صالح والحوثيين مثل عائلة الشيخ الأحمر.

وفي مختلف جولات النزاع السياسي والمسلح كان الشباب العاطل من العمل، والذي يعاني من «حرمان وانفلات وتشرد»، قوة مغذية للنزاعات المسلحة وهدفاً لتجنيد الجماعات المتشددة والإرهابية.

وإضافة إلى البطالة، تشكل الأمية التي تصل نسبتها إلى 70 في المئة في الريف و38 في المئة في المدن أحد أسباب توجه الشباب اليمني إلى مجالات غير منتجة. ويقدر عدد الذين تم تجنيدهم عقب احتجاجات 2011 بحوالى 20 ألف شاب. ووفق تصريحات سابقة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي سعت جماعة الحوثيين وصالح إلى تجنيد 60 ألف عنصر من منتسبيها.

مناخ طائفي

وتتضافر عوامل الفقر والبطالة والشحن الأيديولوجي في تقليص فضاءات المدنية والتعايش. ومنذ سيطرتها على صعدة في 2011 واجتياحها صنعاء في أيلول الماضي وتمددها إلى معظم المدن اليمنية أشاعت ميليشيا الحوثيين وصالح مناخاً طائفياً غير مسبوق، فمارست التهجير الجماعي للمخالفين لها دينياً ومذهبياً مثل يهود آل سالم في صعدة والسلفيين وقتلت واعتقلت مئات المعارضين وعينت في المناصب الحكومية موالين لها يفتقرون إلى الكفاءة. ويتسم نهج الميليشيا الحوثية بالواحدية والقمع الذي يصل أحياناً إلى درجة القتل الوحشي على غرار إعدامها معارضين بينهم صحافيون وأشخاص سجنتهم في مخازن للسلاح تعلم أنها مستهدفة من طيران التحالف العربي الذي يش منذ آذار (مارس) الماضي ضربات جوية على مواقع عسكرية ومخازن سلاح واقعة تحت سيطرة الميليشيا الانقلابية.

ويجد كل من تنظيمي «القاعدة» و «داعش» في ما يسمى «الغزو الطائفي» لمحافظات ذات غالبية سنّية مثل عدن وتعز والضالع، مناخاً مذهبياً مناسباً لتجنيد عناصر تحت راية الدفاع عن أهل السنّة، لتدور عجلة التجنيد والتجنيد المضاد وتسرع الدوامة التي لا يعرف اليمنيون متى قد تنتهي.