تخبط سياسي وميداني في جنوب اليمن

الثلاثاء 30 يونيو-حزيران 2015 الساعة 10 مساءً / مأرب برس - العربي الجديد
عدد القراءات 4152

تداخلت التطورات السياسية والميدانية في جنوب اليمن، وتعقدت مساراتها، في ظل تصعيد للحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح واستهدافهم لخزانات الوقود في مصفاة عدن وتداعيات هذه الخطوة، فيما بات لغز "تحرير عدن" محيراً ومحبطاً، ولا سيما وسط الداعمين للشرعية الذين سبق أن وجهوا اتهامات للفريق الرئاسي بإعاقة الحسم الميداني.

ويضاف ذلك إلى التسريبات عن تخبط الفريق الرئاسي الموجود في الرياض، في ظل الحديث عن تعيينات جديدة في مناصب سياسية ودبلوماسية ، بدأت الانتقادات توجّه إليها قبل صدورها رسمياً، على الرغم من أنّ الجميع يطالب بضرورة تغيير طاقم العمل الدبلوماسي، الذي لا يزال أغلبه نفس الطاقم الذي يعمل في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

مصادر سياسية يمنية في الرياض، مقربة من الرئاسة، تؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ التسريبات تشير إلى أن "الناشط ماجد السقاف سيكون مدير مكتب الرئيس خلفاً لمحمد مارم، الموجود في عدن منذ غادرها هادي مع بداية العاصفة، بينما كان يدير المكتب حتى اللحظة، أحمد عوض بن مبارك فعلياً، مع أنه قد أقيل في وقت سابق".

كما أنّه "من ضمن التغييرات في السلك الدبلوماسي، برزت بعض الأسماء، بينها بن مبارك كسفير في واشنطن"، وهو ما أكدت مصادر أخرى لـ"العربي الجديد" أن واشنطن تتريث في قبول ترشيحه.

كما برز اسم الناشطة مها السيد كمرشحة لإحدى السفارات. وهو ما أثار غضب بعض الأطراف السياسية، وشخصيات دبلوماسية، حسب المصادر، لما اعتبروه "هشاشة وركاكة قرارات كهذه"، واصفين إياها بأنها "محاباة ليس لها أي علاقة بالأزمة الحالية".

وتوضح المصادر أنّ "المطالبة من قبل بعض الأطراف بإجراء تغييرات دبلوماسية، الهدف منها تفعيل العمل الدبلوماسي اليمني، بما يتماشى مع الأوضاع الحالية في البلاد وحصار الانقلابين، وليس تحقيق رغبات ومصالح شخصية، كما هو واضح من بعض الأسماء التي سربت".

وعلى الرغم من أنّ مصدرا مقربا من الرئاسة نفى وجود قرارات من هذا النوع، ولا سيما في ما يتعلق بالأسماء المطروحة، إلا أن أطرافا سياسية في الرياض لم تستبعد قرارات كهذه، فيما تؤكد أطراف أخرى "عدم معرفتها بكل ما يصدره الرئيس من قرارات، إلا بعد صدورها، وأحياناً تكون صادمة".

شحّ المعلومات لدى الأطراف السياسية بما يقوم به هادي، وطاقم حكمه، يشير إلى وجود فجوة في التواصل بين القوى المؤيدة للشرعية يرجعها بعضهم إلى تدخلات طاقم الحكم.

وبات المدنيون من يدفع ثمن التعقيدات التي تحيط بقوى الشرعية، وتحديداً الرئاسة والحكومة، على يد مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع، الذين سرعان ما يردون على أي تحرك للتحالف والقيادة الشرعية، من خلال الإمعان في استهداف المدنيين في مناطق الجنوب والوسط والشرق والغرب ولا سيما في عدن وتعز والضالع، على غرار ما يحصل في الأيام الأخيرة.

رد الحوثيون والرئيس المخلوع، على التسريبات حول مخطط "تحرير عدن" وتحويلها إلى منطقة آمنة بتصعيد جديد شمل حصار واستهداف المدنيين. ومثّلت حادثة البريقة، إحدى أهم الرسائل لفريق هادي، عندما استهدفت المليشيات خزانات الوقود، وعرضت حياة عشرات الآلاف من المدنيين، في مدينة البريقة غرب عدن للخطر، فضلاً عن أنها تمكنت من إغلاق ميناء، يخضع لـ"المقاومة"، من خلال التهديد باستهداف السفن في حال اقتربت منه.

استهداف خزانات الوقود وميناء الزيت، ومنع اقتراب السفن منه، ستكون تداعياته خطيرة، حسب بعض المسؤولين، إنسانياً وعسكرياً وسياسياً، ما يشير إلى أنّ المليشيات دخلت مرحلة جديدة من عملياتها، للرد على فكرة "تحرير عدن"، في تحدٍ صريح. وقد تمنع هذه التطورات وصول القوات المدربة لتحرير عدن، والتي تأخرت، باستثناء دفعة عددها 400 مقاتل وصلت الأربعاء الماضي، عبر البحر إلى ميناء الزيت في البريقة. وهو ما يعتبره بعضهم سبباً في أن الحوثيين والمخلوع جعلوا مدينة البريقة والميناء فيها، هدفاً لهم، من خلال ضربها من مدينة التواهي المقابلة لها من الجهة الشرقية، والخاضعة لسيطرة المليشيات.

كما أنّ المليشيات وسّعت قصفها ضد المدنيين، في شرق وشمال وغرب عدن، على الرغم من أنّ هذا الخط تحت سيطرة "المقاومة". وكان بالإمكان تأمينه للحيلولة دون قصف عدن، في حال تم دعم "المقاومة" في اقتحام لحج وإنشاء سياج أمني عليها. وقد تمّ تجاهل دعوات "المقاومة" المتكررة فضلاً عن دعوات وجهتها المقاومة في لحج نفسها، تطالب بالسماح لها في حسم معركة العند، المعقل الرئيسي للمليشيات، لفك الحصار عن عدن.

هذه التطورات باتت تشكل ضغطاً محرجاً لقيادة الشرعية وفق البعض، ولا سيما في ظل تأخير "تحرير عدن" الذي طال انتظاره.

وفيما تقول بعض المصادر إنّ عملية تطهير عدن بدأت من دون أن تفصح عن كيفية بدء ذلك، يرى كثيرون أنّ الحكومة لا توجد لديها استراتيجية واضحة في مواجهة المليشيات والقضاء عليها.

ففي ظل ما يتعرض له الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع من استهداف، سواء من قبل التحالف أو من "المقاومة الشعبية" التي وصلت أيضاً للعاصمة صنعاء، فضلاً عن تشتت قواتهم في مختلف الجبهات وتعرضهم للانهيارات في مناطق كثيرة، إلا أنّ تحرك الحكومة البطيء يساعد المليشيات على استعادة زمام المبادرة في كل مرة.

يقول مصدر حكومي إنّ "الحوثيين والمخلوع يتحركون بشكل أسرع، ويستغلون بطء قيادة الشرعية والتخبط داخل الرئاسة، ولا سيما المسؤولين عن العمليات العسكرية من الجانب اليمني، وهم المقربون من الرئيس هادي".

يشير المصدر نفسه إلى وجود مخاوف من أّن "التخبط والبطء لدى طاقم فريق الرئاسة، قد يعقد الحسم في عدن، وقد يعقد العلاقة بين الشعب و الرئاسة والحكومة، لأن المواطنين لن يجلسوا مكتوفي الأيدي. كما ان ترك الساحة بدون تحرك سريع، قد يسهل عملية تشتيت الجهود، ويعطي فرصة لأطراف أو جماعات، لاختراق الشارع الصامد، حتى اللحظة، وداعم للشرعية، وقد يقلب الطاولة".

من جهته، يقول المحلل السياسي فضل مبارك لـ"العربي الجديد" إنه يوجد "فراغ قيادي لم يحسم حتى بعد مرور ثلاثة أشهر من الحرب، وجعل المقاومة مفككة تفتقد للخطة الاستراتيجية، ولغرفة عمليات تنسق الجهد والعمل". ويضيف "كان هناك شباب يحملون لأول مرة السلاح، ويتولون مقاومة الحوثيين وقوات صالح، حيث لم نجد في خطوط الجبهات الجيش الموالي لهادي الذي نسمع عنه في الإعلام". ويعتبر مبارك أنّ "الرئيس والحكومة عزلا نفسيهما كلياً عن المشاركة في المقاومة وعن معاناة الناس". ووفقاً لمبارك، فإن "الحوثيين استغلوا تلك المعطيات وأخذوا يتوسعون على الأرض ويسيطرون، فيما هادي وحكومته يعتقدان أن الخطب والتصريحات ستلجم الحوثيين وصالح عن مشروعهم".

ويحذر مبارك من أنّ "تحركات الرئاسة والحكومة، لن تجدي نفعاً سوى مكاسب شخصية ومادية، إن لم تقترن وترتبط بصورة جذرية بميدان العمليات والقتال وتقترب من الناس وتتلمس معاناتهم".

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن