طهران وجنيف.. فرحة لم تكتمل.. قراءة في تخبط الإعلام الإيراني إزاء صفعات دول التحالف!!

الجمعة 29 مايو 2015 الساعة 05 مساءً / مأرب برس - متابعات
عدد القراءات 3197

طائرات عاصفة الحزم.. نزعت الغشاوة عن حلم إيراني كبير في المنطقة، لم يتحقق!!

شهدت أيام 25، 26، 27 مايو الجاري لهاثا إعلاميا متناقضا إزاء رفض الرئيس هادي حضور مؤتمر جنيف الذي دعا له أمين عام الأمم المتحدة.. وشعرت إيران بصدمة كبيرة إزاء فرحة كانت لتحمل عنها عبء الملفين اليمني والسوري في وقت واحد كما كانت تعتقد.. مراقبون اعتبروا ذلك صفعة جديدة يوجهها التحالف العربي للطموح الإيراني في المنطقة..

المواقف الإيرانية حيال اليمن متناقضة. هكذا يمكن النظر إليها من بعيد، ولتوضيح ذلك فالحرس الثوري يُصعد من لهجة الخطاب ضد التحالف والمقاومة الشعبية والتهديد بحرق المنطقة، فيما السياسيون يحاولون تهدئة الأمور أكثر، وهي سياسة إيرانية قديمة- جديدة، تُرضي أدواتها، وتضع لها مجالا للمناورة السياسية.

الأيام الماضية شهدت تراجعا في حدة الخطاب الإعلامي، وبدا واضحاً الرغبة الإيرانية بالخروج من مأزق اليمن، والوصول إلى جنيف!. وصل وزير الخارجية الإيراني إلى الكويت وعمان يوم الثلاثاء، بحثا موضوع اليمن، والتقى جواد ظريف في مسقط بوفد جماعة الحوثي. وبعد ساعات من لقاء ظريف بالحوثيين، تحرك وفد عُماني إلى صنعاء.

عنونت صحيفة "اطلاعات" الإيرانية "مساعٍ لإيجاد اتفاق يوصل إلى الحوار في جنيف". فيما قرأت صحيفة "الوقت" من زاوية مختلفة موضوع "سماح السعودية" بسفر حوثيين إلى عمان ووصول وفد عماني إلى صنعاء وعنونت له: "رضوخ لهادي والسعودية الذين لن يستطيعوا فرض قراراتهم". أما وكالة فارس فتجنبت الحديث عن تفاصيل، وبدا خطابها هادئاً.

لا يبدو أن حوار جنيف سيكون قريباً مع تأجيله،. الفريق كان سيسافر ليل الأحد، وألغى حجوزاته في اللحظة الأخيرة. لا يبدو أيضاً أن الحرس الثوري راغب في إنهاء مأزق اليمن، ولذلك بدا تفاعل وكالة فارس باهتا تجاه حوار جنيف.. حماس السياسيين لإغلاق الأزمة، يقابله تشدد الحرس الثوري الذي ينظر إلى الموضوع باعتباره إهانة للقومية الإيرانية.

كانت إيران تريد الوصول إلى حوار جنيف بشكل عاجل. فهزائم الرمادي، وتردي الحالة السورية، أجبرها على الحديث عن التهديدات القومية القريبة منها. لكنها تريد إنهاك السعودية على الحدود حتى لا تتدخل في سوريا، أشبه بـ"مقايضة"!! يؤكد حديث المقايضة هذا، الربط الإيراني المتكرر لإيجاد حل سوري ويمني في جنيف! وذلك أبرز ما خرج به اجتماع المسؤول في الخارجية أمير عبداللهيان مع نظيرة الروسي.

خطاب "علي أكبر ولايتي" مستشار المرشد في مؤتمر "سيكا" في بكين بدا أكثر تحريضاً للحوثيين بتحويل مسار الحرب إلى الحدود مع اليمن. وأشد من "ولايتي" هوس الإعلام الإيراني بالصواريخ ذات الصناعة اليمنية! في خضم الدعاية المفرطة للإعلام، ومثله الحديث عن سيطرة حوثية على جيزان.

من أبرز تلك الأخبار: (قتل أكثر من 10 جنود سعوديين في كمين نصبه الجيش اليمني واللجان الثورية لحملة إسناد كانت في طريقها إلى جبل تويلق على الحدود بين السعودية واليمن).(السيطرة على موقع التويلق وهو الموقع العسكري الثالث الذي تتمكن القوات اليمنية من السيطرة عليه بعد سيطرتها على موقعي الرديف والمعجاب). (قتل قائد الفوج السادس اللواء ابو عمر).

أما في الحديث عن الحالة الإنسانية في اليمن فيُمّعن الإعلام الإيراني في تحميل قوات التحالف كل شيء من أجل مكاسب إقليمية، حتى (المياة الملوثة) و(انعدام البنية التحتية) يتم الحديث عنها وفقا لهذا التوصيف.

أظهر الإعلام الإيراني تخوفا حقيقيا من مسألتين مهمتين هما: إعلان حضرموت عاصمة مؤقتة، وتشكيل الألوية برئاسة المقدشي. والأخيرة ركز عليها الحوثي عبدالملك في خطابه الأخير كثيرا. أما حضرموت فلارتباطها الحدودي مع المملكة، والذي سيسهل دعم المقاومة والحكومة. الإيرانيون يرون أن هذه الخطوة ستمثل ورقة ضغط كبيرة على "الحوثيين" و"صالح" في أي مؤتمر للحوار قادم. وربما هذا هو الذي يدفعهم للوصول إلى الحوار قبل الوصول إلى هذه المرحلة.

التفاعل العُماني غير المسبوق، والتحركات الواسعة لدبلوماسي موسكو وطهران ومسقط، ينبئ عن صيغة قد تكون مرضية لكل الأطراف يتم التوافق عليها في جنيف، وصلت حد نقضّ تصريحات سابقة بدعم الحوثيين و"أنهم تدربوا تحت علم إيران" إلى تصريح لموقع "اسبوتنيك" الروسي رئيس الدائرة الثانية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الإيرانية "محمد علي بيك" أن إيران لم ترسل أسلحة لليمن إطلاقا. شدد هذا الدبلوماسي الايراني على أن الحوار يجب أن يكون دون "تدخل القوى الأجنبية". بمعنى أنه تعهد إيراني قادم بعدم دعم الحوثيين بالسلاح كما كان في السابق، وهذا يحقق المطلب السعودي الرئيسي بوقف التدخل الإيراني.

وهناك مسألة أخرى هي مخاوف إيران من التقارب التركي السعودي القطري، وتجاوزهما للخلافات. محللون إيرانيون تحدثوا عن أن تحالف كهذا سيحسم جبهة سوريا واليمن، وسيخرجها من القضيتين. في الوقت ذاته تبدو إيران غارقة حتى أذنيها في العراق، وهذا أمر مرهق للسياسة الإيرانية التي تريد حسم الملفين السوري واليمني بشكل مزدوج، قبل أن يكتمل نمو هذا التقارب لينتج "عمليات جديدة في سوريا". إن أكثر ما بدا مرعبا للإيرانيين هو التسريبات التي تتحدث عن مساندة سلاح الجو التركي لـ"الجيش الحر".

إجمالاً من الناحية الإيرانية.. هناك شبه رضا بالتوصل لـ"حّل" للأزمة في اليمن، خوفاً من سقوطها فجأة في المحيط الدولي وأمام شعبها. وبما أن الحوارات ما تزال أبوابها في جنيف موصدة فيما يخص "الاتفاق النووي الإيراني"، فإن وصول الملف إلى الكونجرس سيقضي على أحلام إيران في الشرق الأوسط وأفريقيا، وسيصعد تحالف "سعودي تركي قطري" مؤثر، كأبرز تشاؤم يتوقعه عدد من المحللين الإيرانيين.

المصدر - GYFM