يمنيون في السعودية يتحدثون عن أوضاعهم بعد "عاصفة الحزم" وحقيقة تعرضهم لإساءات

الثلاثاء 21 إبريل-نيسان 2015 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس - الشرق الاوسط
عدد القراءات 9663

حين دقت الساعة السادسة من صباح أمس، أجرى بائع أغنام يمني الجنسية يقيم في مدينة بيشة جنوب السعودية، اتصالا ببرنامج «بك أصبحنا»، الذي تبثه إذاعة القرآن الكريم في الرياض، وأكد لمذيعي البرنامج أن أوضاع المقيمين اليمنيين باتت أفضل، وأن تعامل السعوديين ينحو إلى تقديم المساعدة والاقتراب منا أكثر.

تلك الحالة التي عبر عنها بائع الأغنام اليمني، عكست الوضع الحقيقي للعلاقة بين السعودي واليمني وأن كل ما يروج له «كذب وتضليل»، يأتي من جهات مغرضة هدفها إثارة الفتنة وبأي وسيلة، مستغلين مواقع التواصل الاجتماعي لبث سمومهم بين أبناء الأمة العربية لتفكيكها، في وقت تعيش فيه المنطقة العربية حربا ضروسا، تقودها قوات التحالف العربية لدك معاقل الميلشيات الحوثية في اليمن ودحرها، الأمر الذي دعا أطرافا خارجية أخرى لتقود حربا نفسية تروج لها عبر حساباتها الوهمية والمواقع الإلكترونية والفضائيات لإثارة الرأي العام وقلب الحقائق وتدليسها.

«الشرق الأوسط» وقفت على عدد من تجمعات الجاليات اليمنية في عدد من المواقع بالعاصمة الرياض، للتأكد من أصحاب الشأن أنفسهم حول صحة ما أثير - أخيرا - في عدد من القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تشير إلى تعرض عدد من الجاليات المقيمة في السعودية لمضايقات أو إساءات لفظية، في الوقت الذي نفى فيه المقيمون اليمنيون في السعودية جملة وتفصيلا ما يجري تداوله من إساءات قد تمسهم بشكل مباشر أو غير مباشر من أبناء المملكة، خصوصا بعد تداعيات «عاصفة الحزم»، مؤكدين في الوقت ذاته، الإخاء الدائم بين أبناء البلدين على مدار عقود مضت، سواء في السلم أو في الحرب.

واعتبروا أن تلك الإشاعات هدفها الأساس نشر الفوضى بين الأشقاء العرب، وأن أمرها مفضوح، مشددين على تأييدهم الكامل لموقف السعودية التي تقود التحالف الدولي للقضاء على رأس الفتنة الحوثية، وإعادة الشرعية اليمنية، خصوصًا أن هذا التدخل العسكري جاء في الوقت المناسب، وبطلب من الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي.

«الشرق الأوسط» رصدت بعض المشاهد وردود الأفعال المصاحبة للحرب للتأكد من مزاعم تلك الروايات، الأمر الذي تأكد جليا وعلى لسان أصحابها بأن السعودية حاضنة رئيسية لأشقائهم في اليمن، سواء بالسلم أو في الحرب، مؤكدين أنهم لم يجدوا إلا المساندة والدعم من الأسر السعودية صغارها وكبارها، داعين الله تعالى أن يجلي هذه الغمة، بل تعدى الأمر إلى مناصرة أبناء السعودية - حسب وصفهم - والوقوف مع اليمن في أحلك الظروف، وفتحوا لهم قلوبهم ومساندتهم في حال وجود أي قصور من الممكن أن يمس الجالية اليمنية سواء من الناحية الإنسانية أو المعنوية.

من جهته، استغرب مهدي الزهير وهو مقيم يمني في العاصمة الرياض منذ أكثر من عقدين، أن يجري الترويج لمثل تلك الإشاعات المغرضة التي تمس الجالية اليمنية بشكل مباشر، ولا تأتي إلا من ضعاف النفوس والمغرضين الذين همهم شق الصف العربي وبالتحديد بين أبناء اليمن والأشقاء في السعودية، مستغلين هذا الظرف للتأثير على العزيمة القوية التي أضحت من سمات الشعبين، معتبرا إياها حربا نفسية يقودها أعداء المنطقة.

وأبان الزهير أن علاقتهم مع الأشقاء السعوديين لا ينكرها إلا جاحد أو جاهل، هذا ما أثبتته العقود الثلاثة الماضية وفي جميع المحن التي مرت بها اليمن، بل على العكس نجد أن الأشقاء في السعودية من أول المبادرين للوقوف على احتياجات الجالية اليمنية التي تربطها معهم عشرة سنين. وقال: «لن نسمح لأي كائن من كان بالمساس بوحدة أبناء البلدين وفي جميع الظروف»، مشيرًا إلى أن مصالحهم التجارية حتى لم تتغير بل إنها كما كانت أو أفضل بمراحل - حسب وصفه ولم يؤثر عليها القيل والقال، معتبرًا أن الشعب اليمني والجاليات الموجودة في السعودية أصبحت تدرك تماما ما يحاك ضدها من ألاعيب وفتن مؤدلجة وفق مخططات خارجية.

من جانبه، يقول أحمد عمران وهو مالك لأحد المحال الموجودة وسط العاصمة الرياض: «إن الأحداث الحالية لم تؤثر قيد أنملة على العلاقات الأخوية بين الجالية اليمنية وإخواننا في المملكة، سواء قبل أو بعد الحرب القائمة، بل إنها أصبحت أكثر تماسكا من ذي قبل وهذا إن دل فإنما يدل على الوحدة العربية التي تعيشها المنطقة هذه الأيام، متمنيا ألا يلتفت الإخوة اليمنيون لمثل تلك الترهات والإشاعات المغرضة التي همها الوحيد بث الفرقة بين أبناء البلدين مستغلين بذلك الأوضاع التي تعيشها المنطقة».

وفي حي آخر، يقطن المقيم اليمني أبو أحمد الذي يرى أن الضربات العسكرية جاءت في وقت تعيش فيه اليمن ظلما لم تره حتى في زمن القحط والجوع، لم يزد الأشقاء من الجانبين اليمني والسعودي إلا قوة وصلابة واتحادا في الكلمة وفي الأهداف، ولم الوحدة الوطنية، ساخرا من بعض ما يشاع حول الإساءات التي جرى الترويج لها - أخيرا - سواء من باب السخرية أو من باب الحرب النفسية التي دائما ما يشرع بها المهزومون والمغرضون الذين يستغلون النواحي النفسية لشق الصفوف وبث الرعب بين الجاليات اليمنية المقيمة في السعودية.

«الشرق الأوسط» التقت جمعا من الجالية اليمنية تناولوا عددا من الموضوعات المرتبطة بـ«عاصفة الحزم» وبصبغة سياسية، ولكن هذه المرة تناولوا حقيقة الإشاعات المسيئة والمحرضة، في الوقت الذي سخروا منها، وقالوا إنها جاءت من أناس أحسوا بالهزيمة من دواخلهم وأرادوا أن يعكسوا هذا الأمر عبر بث الإشاعات التي تتناول المقيمين في السعودية وكيفية التعامل معهم، مؤكدين بالإجماع أنهم وعوائلهم لم يجدوا إلا كل خير سواء من الناحية الإنسانية أو المعيشية، مستشهدين ببعض المواقف التي تؤكد أنه لا يربط اليمنيين المقيمين في السعودية إلا كل عزة ومحبة من الصغير قبل الكبير.

وقالوا: «نعيش اطمئنانا منقطع النظير ونحن بين إخوتنا السعوديين»، مشيرين إلى أنهم لم يجدوا إلا الدعم والمؤازرة المعنوية منهم، مراعين حق الجيرة والمصالح التجارية والإنسانية التي عمرها عقود من الزمن وهي تسير للأفضل بعكس كل ما أثير من أنه قد يحصل بعض المناوشات المسيئة من الجاليات المقيمة والإخوة السعوديين»، مرجعين ذلك إلى أغراض دنيئة يعمل عليها الأعداء سواء من الداخل أو الخارج.

ووصفوا الحالة التي يعيشها الشعب اليمني بأصعب المآسي التي مرت على اليمن بسبب التمرد الحوثي، ناقلين بدورهم عن الشعب اليمني تأييدهم الكامل للتدخل العسكري لإنقاذ اليمن من الحوثيين، معبرين عن امتنان الشعب اليمني للشعب السعودي المناصر لهم في السراء والضراء، مستدلين بذلك بمنظر الشعب اليمني المتفتح الذي رفع شعارات شكر للقيادة السعودية وموقفها النبيل، مبدين سعادتهم لضرب القوات السعودية للجماعات الحوثية التي استولت على معظم مدن ومحافظات بلادهم تحت تهديد السلاح، وهذا التدخل لم يأتِ إلا بعد أن طفح الكيل من تلك الميليشيات المؤدلجة وفق أجندة خارجية.

وقالوا إن الموقف الحالي لم يأتِ من فراغ؛ فالسعودية حاولت بكل الطرق السلمية للحوار مع المتمردين، إلا أنهم رفضوا ذلك وسمحوا للإيرانيين بالسيطرة عليهم والتحكم في مصير الشعب اليمني، مؤيدين الخطوات السعودية الإصلاحية في اليمن لطرد الحوثيين والإيرانيين من المنطقة برمتها حتى لا تقوم لهم قائمة، راجين أن تعود بلادهم إلى ما كانت عليه من أمن واستقرار قبل التدخل الحوثي السافر.