«صالح» و«محسن» يلعبان بـ«القاعدة» و«الرئيس» يعترك معهما بشأن هيكلة الجيش

السبت 11 أغسطس-آب 2012 الساعة 11 مساءً / مأرب برس - مجلة التايم – تقرير/ كاسي كومبس – ترجمة/ مهدي الحسني:
عدد القراءات 14279
علي محسن الأحمر وعلي عبدالله صالح - أرشيف

انضمام المسلحين القبليين إلى الحملة ضد فرع التنظيم المتطرف قد يكون ساعد على طرد القاعدة من بعض المدن، لكنه لا يضمن السلام على المدى الطويل.
وبالرغم من حملة التفجيرات الانتحارية المتزايدة في أنحاء اليمن، إلا أن الهجوم على عزاء في جعار بمحافظة أبين جنوب اليمن تحديدًا، كان أمرًا مروعًا ومتعمدًا، تم تصميمه لإلحاق أكبر قدر من الخسائر. ووقع التفجير في 4 أغسطس، الساعة 11 مساءً تقريبًا، بينما كان نحو 150 من الجيران والأقارب متجمعين خارج منزل الشيخ القبلي المحلي عبداللطيف السيد، عقب جنازة لأحد أقاربه. وبينما كانوا في غمرة الحزن، تمكن أحد منتسبي القاعدة من شباب جعار من اختراق الجمع، وجلس متكئًا على برّاد (حافظة مياه الشرب) كان قد جلبه معه. ووفقًا لما قاله عدد من الناجين، فإنه قام بعدها بتفجير حزامه الناسف، الأمر الذي أدى الى تفجير البراد الذي كان مكتظًا بالمزيد من المتفجرات والكرات المعدنية – البيرنج. وقتلت الشظايا ما يقارب من 50 من الحاضرين بينهم اثنين من أخوة الشيخ السيد؛ غير أن الأخير نجى من التفجير الذي استهدفه والذي سعت من خلاله القاعدة إلى اغتياله على وجه الخصوص.
وعبداللطيف السيد انشق عن التنظيم الإرهابي قبل ثلاثة أشهر، وقاد قوة متنامية من المسلحين القبليين ضد القاعدة عُرفت بـ«اللجان الشعبية»، اكتسحت المنطقة.
وإذا كانت الثورة القبلية ضد القاعدة تبدو لك أمرًا مألوفًا، فاعلم أنك تسمع أصداء العراق.
عايش عواس، مدير الشؤون الأمنية بمركز سبأ للدراسات الاستراتيجية؛ وهي مؤسسة فكرية، قال لـ«مجلة التايم» إن ما تقوم به «أنصار الشريعة» في اليمن؛ وهي الواجهة السياسية لتنظيم القاعدة، يشبه ما قامت به القاعدة في العراق عقب الغزو الأمريكي في 2003؛ شن العمليات الانتحارية لحرف مسار الديمقراطية الناشئة في البلاد والتي تدعمها واشنطن واستبدالها بإمارة إسلامية تقوم على تطبيق قوانين الشريعة. وكما كان حال الشيوخ القبليين الذين اتحدوا لحماية مناطقهم والذين دعمتهم الولايات المتحدة في العراق ضد القاعدة، فإن اللجان الشعبية بدأت تبرز في أنحاء اليمن لمواجهة الفرع المحلي للتنظيم الذي أسسه الراحل أسامه بن لادن. يقول عواس «في ضوء الهجمات الأخيرة، يبدو أن أي شيء يمكن حدوثه، ومن المرجح أن الوضع في اليمن يتجه نحو النموذج العراقي».
وخلافًا لمثيلاتها في العراق، لا يبدو أن اللجان الشعبية تحظى بدعم كبير كالذي حصلت عليه مجاميع الصحوات السنية في العراق.
وخلال الأسبوعين الماضيين، دفعت حملة الهجمات الانتحارية اللجان الشعبية إلى التخلي عن الدوريات التي كانت تقوم بها، ورفضت العودة حتى تقوم الحكومة الجديدة بتقديم المزيد من الاستقلالية والمرتبات وبعض الامتيازات التي تتمتع بها القوات الحكومية, لكن الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي خلف علي عبدالله صالح مطلع هذا العام، منشغل في معركة هيكلة الجيش التي يخوضها مع كبار الضباط، و يفتقر إلى الرغبة أو القدرة على التعامل مع هذه المطالب.
وفي خضم أحداث العام الماضي في اليمن، المرتبطة بثورات الربيع العربي الشعبية، استولت جماعة أنصار الشريعة على جعار والبلدات المجاورة، مثل لودر؛ المحاذية للبحر العربي [نهاية مايو ويونيو 2011]. واستغرقت عملية استعادة جعار والبلدات التي استولت عليها القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أشهرًا من القوات الحكومية المدعومة من قبل مليشيات اللجان الشعبية.
لكن الروح المعنوية تراجعت وتوقفت اللجان الشعبية في لودر من التعاون مع جنود الحكومة في تعقبهم لأنصار الشريعة؛ بحجة أن الأرض أرضهم و أنهم المسئولون عن حمايتها. يقول أحمد الشعوي، أحد قادة اللجان الشعبية في لودر «رجالي لن يستمروا في القتال إلى جانب الجيش. لقد أثبتنا أن بإمكاننا قتال أنصار الشريعة بأنفسنا، ونحن مستعدون للقيام بذلك، ولكن بمقابل». ويقول «يجب الاستجابة لمطالب رجال القبائل في أقرب وقت، قبل أن يتحول تحالفهم إلى مراكز قوى أخرى في المنطقة». وعمل التوتر الناشئ على تغذية عدم الثقة بين الجانبين، الأمر الذي أدى إلى عودة بعض القوات الحكومية إلى صنعاء.
وتعرض الجنود إلى ضربة أخرى في 6 أغسطس الجاري؛ عندما قام الرئيس هادي بوضع لواء الحرس الجمهوري المتمركز في لودر وأكثر من 12 لواء عسكري آخر تحت قيادة جديدة [قيادة المنطقة الجنوبية والوسطى]. وينظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة من الرئيس هادي لقلب موازين القوة لصالحه، بعيدًا عن قائديها العسكريَّين البارزين؛ نجل الرئيس السابق العميد الركن أحمد على عبدالله صالح، قائد القوات النخبة [الخاصة] والحرس الجمهوري، ومنافسه الرئيسي اللواء الركن علي محسن الأحمر الذي انشق عن قوات صالح خلال ثورة العام الماضي مصطحبًا معه قوات الفرقة الأولى مدرع. ونصب هادي نفسه قائدًا لقوات الحماية الرئاسية التي تتكون من ثلاثة ألوية من الحرس الجمهوري ولواء من الفرقة الأولى مدرع.
المحلل السياسي والخبير في شؤون القاعدة «أحمد الزرقة» وصف قرار هادي بإجراء ينمُّ عن بعد نظر «خطوة مهمّة نحو إعادة بناء الجيش بعيدًا عن الولاءات الشخصية؛ ليتمكن من إدارة الحرب على القاعدة بدون تدخل الأطراف باللعب بورقة القاعدة كسلاح في صراعاتهم».
ويشتبه في أن كلا الجنرالين «صالح» و«محسن» يلعبان بورقة القاعدة في تسوية خلافاتهما الشخصية وأهدافهما السياسية.
وكباقي المراقبين، يرى «الزرقة» أنه لا يجب الاعتماد على المليشيات القبلية. ويضيف «يجب أن يتم تحديد دور اللجان الشعبية، أو أن يتم دمجهم بقوات الأمن؛ لأنها في الوقت الحالي عبارة عن مليشيات لها ولاءاتها المستقلة, وقد تصبح قريبًا مصدرًا للمشاكل».
ووفقًا لـ«عواس» فإن «الحل طويل المدى للتطرف الإسلامي يجب أن ينطوي على إجراء حرب أكثر ذكاءً تعتمد على المعلومات الاستخباراتية وفرض هيبة الدولة من خلال الخدمات العامة وفرص العمل وإعادة نازحي الحرب وإعادة بناء ما دمرته الحرب».
غير أن المشكلة تكمن في أنه ينبغي على الحكومة أن ترسخ نفسها كوسيط سلطة رئيسي في أبين، وإلا فإن التحالفات لن تكون مضمونة. مسئول أمني يمني من المنطقة قال لـ مجلة التايم «الناس هنا مثل الشيخ عبداللطيف السيد سيغيرون الطرف الذي يقفون معه إذا ما وجدوا هناك فرصة مناسبة. الحياة صعبة في أبين، وهم سيأخذون ما يمكنهم الحصول عليه». وعلى الرغم من خروج التنظيم من المدن التي كان يسيطر عليها من قبل، فإن أنصار الشريعة أثبتوا في الماضي مهارتهم في كسب تأييد السكان المحليين من خلال مزيج من حكم القبضة الحديدية وتوفير الاحتياجات الأساسية والأموال السخية التي يدفعوها للمقاتلين. ومن غير المستبعد تمامًا عودة حكم جماعة أنصار الشريعة والقاعدة الى أبين.
*العنوان لـ «محرر مأرب برس».
إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الحرب على القاعدة