صالح .... من التخويف للاستعطاف

الإثنين 11 يوليو-تموز 2011 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس - خالد الانسي
عدد القراءات 13802
 
  

شعرت يوم أمس بالأسى لمنظر الرئيس علي عبدالله صالح لما ال اليه الحال .... وكم كان تصرف أبنائه قاسيا وجارحا ومهينا له شخصيا ولنا كيمنيين بوصفه رئيس سابق لليمن .... لقد كانت حالة تسول بكل ماتعنية الكلمة ... مثلما يفعل كثير من الأبناء السيئين فعل بالأمس أبناء صالح وأبناء أخيه .... أحضروه وهو مقعد ومشوه وشبه مشلول وتعمدوا تركيز الكاميرا على بيان العاهات التي لحقت به جراء حادث الرئاسة المؤسف بقصد تسول التعاطف بعد أن فشل الأبناء في سد الفراغ الذي تركه.

كانت لعبة قذرة لم يكن ضحيتها الرئيس صالح فحسب بل مثلت أجترار للصورة اليمني الذي يتسول بعاهاته وأعاقته وهي صورة كانت أحد أهم دوافع اليمنيين ليثوروا ضد نظام صالح دفاعا عن كرامتهم التي أريقت في دول الجوار بسبب التعامل معهم كمجاميع بشريه تحيا على حلم الحصول على فيزة عمل في السعودية أو التسلل لتسول في أسواقها ومساجدها.

كانت قنوات سبأ واليمن والأيمان واليمانية والعقيق تؤدي دورها في استثمار حادثة تفجير الرئاسة وعلى نحو مبتذل لكسب تعاطف العامة والبسطاء دون مقتضى لحرق الصورة الذهنية لما كان يوصف بالزعيم الرمز .

كم هو محزن أن نشاهد الأبناء وقد جعلوا والدهم ومن قاتل ليورثهم شعب و أرض اليمن محل للتندر والسخرية ووسيلة لتسول تعاطف الداخل ودعم الخارج ....

لقد أرادوا استغلال ظهوره مشوها محروقا ومعاقا لأستحضار محاولة أعتياله فاذا بهم يستحضرون معها صور عشرات الجثث التي تفحمت والأجساد التي أحرقت في ضرب المعجلة بأبين وتفجير مصنع الذخيرة في زنجبار وأحراق المعتصمين في ساحة الحرية بتعز ....لقد أعادوا للذهن عشرات المعاقين الذين أحرقتهم نيران ميليشيات صالح في ساحة الحريه أحياء ولم يتمكنوا من الفرار بسبب أعاقاتهم .... لقد تركوا فرصه لتخيل كل هؤلائك الضحايا لكل من لم يراهم ... بمافيهم شهداء جمعة الكرامة وشهداء رئاسة الوزراء وشهداء التلفزيون وغيرهم ..... لقد تخيلنا كم من الجرحى والحرقى الذين طالتهم نيران نظام صالح ولم يحضوا بأن تجرى لهم عملية من العمليات التي حظي بها صالح ... ولم تذرف عليهم دموع محمد المحمدي أو زعفران المهنأ....

لقد شكك كثير في أصابة الرئيس ومنهم من ذهب بعيدا للقول أنها عملية من عمليات هوليوود فأعادت واقعة ظهو ر صالح للأذهان الخطاب المبتذل للجندي وهو يشكك في أن الدماء التي شاهدها العالم لقتلى وجرحى النضال السلمي هي مجرد الوان وصبغات وعمل تمثيلي ... بالطبع لم يكن صالح يؤدي دور المتسول ... وانما كان هنالك من يتسول به وهو مافسر نبرة الانسكار والانهزام في نبرة صوته التي لم تخفيها عبارات التحدي التي وردت في خطابه ... كان أنكسار يعبر عن عدم رضا بالدفع به للظهور على ذلك النحو وقد أعتاد أن يظهر في صورة من لا منازع له ... لا صورة الزعيم المقعد العاجز المشوه والمشلول ..... حق له أن يشعر بالهزيمة فمن تعمد أن يرسم لهم صورة مثالية في أعين الناس لم يتبق الا أن يسيروا به في شوارع الرياض في عربة للمعاقين لتسول مزيد من تعاطف المغتربين قبل أن ينتهي بهم المطاف في بلاط خادم الحرمين للحصول على صك أعتماد لهم خلفا له .

الم يكن لائقا خطاب التشفي الذي تناقلته السنة وأقلام المكلومين مثلما لم يكن لائقا جعل ظهوره مدخل لأستراتيجية البقاء في السلطة كثمرة للتسول العواطف بعد أن فشلت أستراتيجية البقاء بأستثمار الخوف من التغيير و من القاعدة أو بأثارة الذعر في نفوس الناس خوفا من غضب الأبناء والأنصار الذين تسقط فرحتهم بنجاح عملية جراحية عشرات القتلى والجرحى وبعد أن سقطت استراتيجية التركيع والعقاب الجماعي بالتجويع ومنع وصول المشتقات النفطية ورفع أسعار المواد الغذائية وجعل اليمن تسكن بالظلام بسبب قطع الكهرباء .

ولأول وهلة قرأت فيها الدعوات للأهالي بعدم أطلاق النيران والالعاب النارية احتفاء بظهور الرئيس بأنها دعوة تنم عن مكر حتى تؤتي استراتيجية التسول بوضعه الصحي أكلها والتي بددتها حالة الهوس الناري والاطلاق العبثي للنيران على ساحات الحرية والتغيير في انحاء الجمهورية وباتجاه منازل وممتلكات الخصوم المفترضين فوأدت حالة التعاطف وأحلت محلها سخط عارم دفع بتضاعف المتوافدين على تلك الساحات للمشاركة في جمعة رفض الوصاية.

ذكرني ظهور الرئيس على ذلك النحو برد للبردوني على سؤال عن حال اليمن بأن الأجابة تعرف بالنظر لوجهه ... فكان مظهر الرئيس معبر لحالة الشلل والعجز التي تعيشها بقايا نظامه وأن جميع عمليات التجميل قد عجزت عن أزالة تشوهاته مثلما عجزت أموال الجارة الكبرى ودعم الدولة العظمى عن بعث الحياة في نظام صالح مجددا والذي صار مجرد بقايا نظام معاق على كرسي محاصر لم يتبق له سوى لسان عاجز عن رسم صوره جميله لوجه مشوه حاضر .... نظام يتوسل دعما سعوديا للحفاظ على بقاء نصفه على الأكثر وبتشوهاته كما ساهم في الحفاظ على بقاء رمزه وان كان بقاءا مشوها.

كما أن لحظة ظهور صالح عقب حادث الرئاسه على ذلك النحو مؤكدا انه سيواجه التحدي بالتحدي في خطاب تحاشى الأشارة للثورة والثوار يؤكد فشل سيناريوهات الحل السياسي وأن الحل الثوري هو مافر منه الرئيس صالح وما يحاول الفرار منه بقايا نظامه وأن على المعارضة أن تدرك ان من يهددها بمواجهة التحدي بالتحدي قد صار عاجز عن الوقوف على قدميه طبيعيا أو بتدخل جراحي وأنه قد صار ظاهرة صوتيه تستمد بقائها من رفض السعودية وامريكا الاعلان عن وفاته .