اكثر من 23 الفا في أبها وخميس مشيط فقط وعصابات منظمة للتسول

الأحد 29 أكتوبر-تشرين الأول 2006 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس / عكاظ
عدد القراءات 3828

23075 متسولا القي القبض عليهم في ابها وخميس مشيط خلال السنوات العشر الماضية، الا ان اغرب حالة تسول يوردها مدير مكافحة التسول في ابها فايز علي الاحمري كانت لمتسول من جنسية عربية أوهم الناس انه مريض بالفشل الكلوي بعد ان تمكن من ادخال انبوب قطارة التبول داخل ملابسه معترفا بأن هذه الحيلة جلبت له الكثير من المال.هذه الجولة في عسير تكشف عن تنامي ظاهرة التسول بالمنطقة، اذ لا يكاد يخلو مكان عام في ابها او محافظة خميس مشيط الا ويزاحمك فيه متسولون.. رجال ونساء واطفال من جنسيات عربية وافريقية ينتشرون في الاسواق والمراكز التجارية وفي الشوارع واشارات المرور وامام البنوك والمساجد والمطاعم والمنتزهات يستعطفون الخيرين واصحاب القلوب المرهفة، الامر الذي يزيد في تنامي الظاهرة خاصة ان هؤلاء يستخدمون حيلا عجيبة في استدرار العطف واصطياد القلوب.

قصائد مدح وهجاء

محمد صالح (12 عاما - ) قدم في زيارة لنا لاحد المقاهي اسفل عقبة ضلع، قصيدة مدح واخرى هجاء لشارون اشترط مقابلها 5 ريالات وهناك العشرات امثاله ممن تتراوح اعمارهم بين 5 و10 سنوات ينتشرون بين المقاهي والمطاعم لالقاء قصائدهم ليمد الشخص يده الى جيبه دون ان يشعر ويمنحهم ما تيسر من نقود.

«نورة» تحفظ قاموس التسول

وفي عبّارة لتصريف المياه في ذات العقبة وما ان اخذنا موقعنا في الجلوس حتى روت لنا الطفلة نورة (8 سنوات) قصة مؤثرة من ان والدها في اليمن وهي تعيش مع والدتها واخواتها الخمس.

نورة تجيد فن التسول والالحاح ولديها في ذلك قاموس تحفظه عن ظهر قلب.

وفي احد الاسواق الخيرية في ابها كانت هناك امرأة تتسول بطفلها الرضيع وما ان اقتربنا منها حتى فرت هاربة من امامنا بينما قال مساعدها ان والده مريض ويحتاج الى علاج.

وفي سوق القبة في الجزء الشرقي من ابها كان هناك طفلان يسألان كل من يمر بهما عند العشاء والحجة ان «الوالد مريض والوالدة مريضة» وبسؤالنا عن جنسيتهما اجاب في نبرة حادة: لا نريد منكم شيئا!!

وفي اشارة مرورية وسط المدينة عند دوار (القصبة) هربت طفلة متسولة من الكاميرا، اما الولد فسألنا ريالا حتى يحضر الطعام لوالده المريض ولا اريد منكم سوي ريال واحد؟!

على قارعة الطريق المؤدي الى سوق الخضار في ابها احتل عبدالله الحرازي البالغ من العمر 54 عاما موقعا استراتيجيا لاصطياد الزبائن قبل دخولهم السوق، قال لنا ان لديه خمسة اطفال بالاضافة الى ابناء اخيه ينشرهم للتسول في النهار ويجمع «الحصيلة» في الليل.

وقريبا منه كان هناك رجل في ثياب بالية تجره طفلة متظاهرة بالعمى يتمتم بكلمات اعتادها الناس من امثاله من المتسولين: «اعطونا مما اعطاكم الله»، وبسؤالنا له منذ متى هو كفيف قال: منذ عشر سنوات ولدي اطفال يحتاجون الى الطعام والكساء».

ونورة فتاة مجهولة الهوية قدمت من اليمن مع أمها وعدد من اخوالها سيرا على الاقدام تقول ان احد اخوالها يأتي اليها في موقعها ليجمع حصيلة ما تجمعه من صدقات وتفسر ذلك بانه يخشى ان تتكاثر الفلوس لديهما وتتم مصادرتها ولذلك هو يأتي لأخذها قبل القبض عليهما ـ لا سمح الله ـ وعند النوم تضيف الطفلة يعطينا 10 ريالات كمكافأة واحيانا 5 ريالات.

المنازل المهجورة تؤويهم

من الملاحظات التي رصدناها خلال هذه الجولة ان المنازل المهجورة في الاطراف تعد المكان المفضل لايواء هؤلاء المتسولين والاختباء من عيون رجال الامن والجوازات والمكافحة، بينما هم ينظمون حراسات عليها عن طريق المناوبة فيما بينهم بل هم يصفونها لزملائهم القادمين من الخارج كعناوين ثابتة لهم في ابها وخميس مشيط. ومن اهم المشاهدات ان بعض المتسولين لا يرضون بالمساعدات العينية بل يطلبون مبالغ مالية وانه ليس سهلاً التخلص من احدهم قبل اعطائه ما يريد حتى ولو اضطر لاقتحام السيارة او الطرق على زجاجها في احد اشكال الالحاح الشديد. وبعض هؤلاء يتحدثون لهجات غير مفهومة ولكنهم في النهاية يستطيعون توصيل رسالتهم من انهم اناس بحاجة الى العطف والمساعدة ولكن من اكثر الملاحظات اللافتة هو ازدياد اعداد المتسولات في مدينة ابها، اذ لا يكاد يخلو سوق او مجمع تجاري منهن بينما هن يزاحمن المتسوقين يتبعن اساليب عاطفية متنوعة لاستدرار عطفهم إما بالدعاء لهم او بعرض اطفالهم الصغار أو بعرض القصص والاوراق والشهادات التي تثبت حالات فقدهن. ومن صور اصطناع المسكنة التي اصبحت سمة ملازمة لهؤلاء، لا عجب ان ترى مشلولاً يتحول الى متسابق فجأة بمجرد رؤيته لفرق المكافحة ويبقى السؤال: لماذا يزداد عدد المتسولين في المنطقة وما هي الآلية المتبعة لمكافحتهم؟

عصابات متخصصة

في نهاية هذه الجولة سألنا مدير مكتب مكافحة التسول بمدينة ابها فايز على الاحمري عن سر كثرة اعداد المتسولين بالمنطقة فأكد عن بداية ان التسول بدأ يشكل في الآونة الاخيرة منطلقاً خطيراً كونه اصبح مهنة تدار بواسطة عصابات متخصصة تدر عليهم اموالاً طائلة ودخلاً ثابتاً يزيد وينقص حسب المواسم كالحج والعمرة والاعياد ورمضان. اما لماذا اصبح التسول ظاهرة في ابها فيشير الى الحدود المفتوحة بين المملكة ودول الجوار ما يجعل هؤلاء يعودون مرة اخرى الى المملكة بعد ترحيلهم منها الا ان هناك فرقة مشكلة من عدة جهات (الدوريات الامنية والبحث الجنائي والامن الوقائي والجوازات، اضافة الى مكتب المكافحة تقوم برصد هؤلاء والقبض عليهم، اما في المناطق البعيدة فيتولى القبض على المتسولين فيها مراكز الشرط وحدها حيث يتم بعد القبض عليهم حصرهم وتصنيفهم حسب جنسياتهم وترحيلهم من ثم، اما السعوديون فيتم تسليمهم الى الضمان الاجتماعي بعد دراسات مستفيضة عن حالاتهم. ومنبها الى ضرورة وعي المواطن في مكافحة التسول، يؤكد الاحمري انهم ماضون في القضاء على هذه الظاهرة.

الجوازات تكافح التسول

وهو ما يؤكده ايضاً مدير جوازات منطقة عسير العميد سعد بن احمد بن زياد من ان المتسولين يشكلون النسبة العظمى من المجهولين الذين يتم القبض عليهم في المنطقة مشيراً الى ان جوازات منطقة عسير ممثلة في ادارة مراقبة ومتابعة الوافدين قامت في الفترة من محرم الى جمادى الاخرة من هذا العام بالقبض على 18.011 متخلفاً ومتسللاً وذلك في اطار جهودها للقضاء على ظاهرة التخلف في ذات الوقت التي تم تكثيف الدوريات على مدار الساعة بالتركيز على مخالفات المطاعم وسوق الخضار والباعة الجائلين وضبط المتسولين حيث القي القبض على عصابة تسول تستخدم اطفالاً مخالفين لنظام الاقامة لجمع المال ضبط بحوزتهم مبالغ مالية وهواتف محمولة، مناشداً المواطنين بأن ينتبهوا لمثل هذه الحالات وان يوجهوا صدقاتهم الى الجمعيات الخيرية بالمنطقة.