القاعدة” كانت ولا تزال تعد لمواجهة مفتوحة وطويلة الأمد مع النظام في اليمن

الأربعاء 04 أكتوبر-تشرين الأول 2006 الساعة 05 صباحاً / مأرب برس / صادق ناشر:
عدد القراءات 2728

  بشكل لافت وتواتر متواصل بدأت السلطات اليمنية بملاحقة أنصار تنظيم “القاعدة”، وتمكنت منهم إما بواسطة القتل أو الاعتقال، لتعلن بذلك حرباً مفتوحة وصريحة مع عناصر التنظيم، الذين يعتقد أنهم أعادوا بناء أنفسهم خلال فترة الهدوء في الأشهر الماضية، مع انشغال اليمنيين، وبدرجة رئيسة بالتحضير للانتخابات الرئاسية في البلاد التي جرت في العشرين من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.

وأياً تكن المبررات وراء فترة الهدوء هذه، إلا أن استعادة قوات الأمن زمام الأمور وقيادة المعركة المفتوحة مع تنظيم “القاعدة” في اليمن تعطي انطباعاً بأن رغبة السلطة في إغلاق هذا الملف تبدو جدية هذه المرة، فالسلطة تشعر أنها باتت مستهدفة من الجميع، ويجب عليها اليقظة حيال ما كانت تغض الطرف عنه أو تتساهل في ملاحقته خلال الفترات الماضية، ومن بينها بالطبع ملف تنظيم “القاعدة” وما يمكن أن يأتي على كل انجازات الرئيس علي عبدالله صالح لو بقي من دون معالجة صارمة وجادة.

ففي غضون أقل من نصف الشهر أعلنت السلطات الأمنية في اليمن أنها تمكنت من إلقاء القبض على عدد من عناصر تنظيم القاعدة، وإن فشلت في كشف المخطط الكبير الذي استهدف منشآت نفطية في كل من محافظتي مأرب وحضرموت قبل أيام قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية، غير أنها تداركت الأمر بتشديد الحصار على عناصر “القاعدة” سواء تلك الخلية التي قبض عليها قبل الانتخابات وما لحق ذلك من اعلان عن إلقاء القبض على أحد الحراس الشخصيين لمرشح المعارضة المهندس فيصل بن شملان وهو من عناصر “القاعدة” كما أعلنت الداخلية اليمنية، ثم ما تردد عن إلقاء القبض على أحد عناصر “القاعدة” يوم الاقتراع وانتهاء بإلقاء القبض على شخص سادس أمس الأول على إثر مواجهة مع فواز الربيعي ومحمد الديلمي، وهما الفاران من سجن الأمن السياسي في شهر فبراير (شباط) الماضي، ويعتبر الأول من أخطر العناصر المطلوبة في ملف “القاعدة” والإرهاب في اليمن.

وحسب مصادر قريبة من السلطة فإنه يتضح من خلال الأسلحة التي عثر عليها مع الربيعي وزميله الديلمي في مخبئهما أن “القاعدة” كانت ولا تزال تعد لمواجهة مفتوحة وطويلة الأمد مع النظام في اليمن، بخاصة مع إيراد ذكر اليمن في أكثر من خطاب لقادة “القاعدة” أبرزهم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري واللذان يشيران إلى تعاون صنعاء مع الولايات المتحدة الأمريكية العدو الأول للقاعدة، الأمر الذي يجعل من مسألة معالجة بعض الملفات الشائكة غاية في الأهمية.

تضيف المصادر أن هذه الملفات الشائكة تتمثل في الاعتراف بأن للقاعدة جذورها وامتداداتها في صفوف المجتمع اليمني المحافظ، الذي يبدي الكثير من التعاطف مع التنظيمات الإسلامية المعادية للولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل”، وقد تجد “القاعدة” في توسع الخصومة بين السلطة وبعض الأطراف السياسية، بخاصة بعد الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة فرصة للتوغل أكثر في المجتمع اليمني والعمل على إحداث فتنة داخلية تعمق الخلافات بين فرقاء الحياة السياسية وتوجه السلاح إلى صدور بعضهم بعضاً.

لهذا ترى المصادر أنه لابد من أن تعترف السلطة أولاً أن ل “القاعدة” حضورها الكبير في البلاد، كما لها أنصارها وأعوانها بين بعض رجال الدين وبعض زعامات القبائل والعشائر، فالاعتراف بذلك يعد الخطوة الأولى لمعالجة جذرية للموضوع برمته، كما أن على السلطة أن تعي أن حجم التحديات في المستقبل كبير، بخاصة مع التوتر القائم بينها وبين بعض الأطراف السياسية والقبلية في البلاد، والعمل على استيعاب هذه الحقيقة يتطلب حواراً جدياً بين كافة الأطراف السياسية لقطع الطريق أمام من يحاول الإيقاع بين هذه الأطراف والسلطة وتوسيع رقعة الخلافات بينها وبالتالي إدخال البلاد في نفق لا نهاية له.

شيء آخر مهم يجب عمله في هذا الطريق، وهو ما وعدت به السلطة، ويتمثل في وضع قوانين صارمة تحد من عملية انتشار السلاح في الريف والحضر، بالإضافة إلى إجراء صلاحيات قضائية واسعة يتحقق عن طريقها العدل المنشود.

وباختصار فإن المواجهة المفتوحة بين السلطة اليمنية وتنظيم “القاعدة” يمكن أن تتسع لو تجاهلت الأولى خطورة الثانية فيما لو وجدت مناخاً سياسياً يساعد على ذلك، والمطلوب أن توسع السلطة مساحة الحوار بينها وبين كافة الأطراف السياسية لقطع الطريق على “القاعدة” للانتشار في صفوف المجتمع اليمني.

ذلك لا يعني بالضرورة أن تشكل حكومة وحدة وطنية، وهو ما ترفضه السلطة، باعتبار أنها صاحبة أغلبية في البرلمان، بل إبقاء قنوات الحوار مفتوحة بين كافة أطراف الحياة السياسية في البلاد، فذلك يؤمن البلاد من أية مخاطر ويحميها من أية هزات كبيرة في المستقبل.