آخر الاخبار

تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! مجلس الوزراء يُغرق وزارة الدفاع بالثناء اللفظي ويتجاهل صرف رواتب الجيش واستحقاقات وزارة الدفاع المالية صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل

«لوحة مفاتيح» للقاعدة في اليمن.. وصراع معلومات بين الـ«إف. بي. آي» والـ«سي آي إيه»

الإثنين 11 سبتمبر-أيلول 2006 الساعة 05 صباحاً / مأرب برس / الشرق الأوسط
عدد القراءات 4348

  منع الصراع البيروقراطي واخفاء المعلومات بين وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي. آي. إيه) ومكتب المباحث الفدرالي (إف. بي. آي) كشف مخطط هجمات 11 سبتمبر ووصول عناصر من القاعدة الى الولايات المتحدة رغم ان أسماء بعضهم كانت معروفة. وفي هذا الجزء الثاني من الحلقات التي تنشرها «الشرق الأوسط» لفصول من كتاب الصحافي والكاتب الاميركي لورانس رايت «الابراج المشيدة.. طريق القاعدة الى 11 سبتمبر» يبدو هذا الصراع من خلال التركيز على جهود علي صوفان محقق مكتب المباحث وهو أميركي من أصل لبناني الذي قاد فريق التحقيق في تفجير المدمرة كول في عدن باليمن في اكتوبر (تشرين الاول) 2000.

وفي هذا الجزء من الكتاب الذي تنشر بعض فصوله «الشرق الاوسط» بالاتفاق مع الكاتب ومجلة نيويوركر الاميركية، يرصد صوفان الخيوط بين تفجير المدمرة كول بقارب مفخخ قاده انتحاريان من القاعدة والتحضير لهجوم اكبر اكتشف بعد فوات الأوان: انه 11 سبتمبر. وتكشف هذه الحلقة معلومات عن لوحة مفاتيح القاعدة التي كانت في اليمن والمعلومات التي أدلى بها عضو القاعدة الذي فشل في تصوير الهجوم على كول لانه لم يستيقظ في الوقت المناسب، كما يكشف عن ابلاغ السلطات السعودية نظيرتها الاميركية بأن خالد المحضار ونواف الحازمي اللذين شاركا بعد ذلك في خطف طائرات 11 سبتمبر عضوان في القاعدة. أخيرا اعترف فهد القوصو بأنه كان يفترض فيه أن يصور التفجير «تفجير المدمرة الاميركية كول في ميناء عدن يوم 12 اكتوبر عام 2000» لكن النوم أخذه ولم يستيقظ، وقد وجد اليمنيون بعد ذلك كاميرا في منزل شقيقه.

وقال القوصو أيضا إنه قام مع احد مفجري المدمرة، قبل عدة أشهر من العملية، بتوصيل 36 ألف دولار إلى خلاّد ذي القدم المعدنية أحد قادة القاعدة العسكريين وذلك في بانكوك. وأضاف القوصو أن الهدف من المال كان فقط لأجل شراء رجل صناعية لخلاّد «تكشف في ما بعد ان اسمه الحقيقي وليد باعطاش».

شعر علي صوفان «محقق المباحث الاميركية» بالشك تجاه هذا التبرير. لماذا ترسل القاعدة أموالا إلى خارج اليمن قبل عملية تفجير المدمرة كول مباشرة؟ إن الأموال تتدفق عادة نحو مكان العملية وليس بعيدا عنها. وفكر صوفان متأملا فيما إذا كانت هناك عملية اكبر للقاعدة يتم الإعداد لها.

كان هناك مسؤولون تابعون لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في اليمن لجمع معلومات استخبارية عن القاعدة وقد سألهم صوفان عما إذا كانوا يعلمون بأي عملية جديدة ربما في جنوب شرقي آسيا، فاعترفوا له بأنهم مستغربون مثله. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2000، بعد شهر من تفجير المدمرة كول، أرسل صوفان إلى الوكالة أول تساؤل من تساؤلاته الرسمية. إذ بعث مدير مكتب المباحث الفيدرالي نيابة عن صوفان رسالة إلى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية يطلب فيها بصورة رسمية معلومات عن خلاّد وعما إذا كانت القاعدة قد عقدت اجتماعا قبل وقوع التفجير في جنوب شرقي آسيا. فردت الوكالة بأنها لا تملك معلومات. وثق صوفان في هذا الرد واعتقد أن له علاقة جيدة بالوكالة.

أخبر القوصو صوفان أنه حين ذهب مع مفجر كول إلى بانكوك لمقابلة خلاّد أقاما في فندق واشنطن هناك.

راجع عملاء مكتب المباحث الفيدرالي سجلات الهاتف للتأكد من قصته، وجدوا محادثات بين الفندق ومنزل القوصو في اليمن. ولاحظوا أيضا أن هناك محادثات هاتفية إلى المكانين من هاتف عام في كوالالمبور بماليزيا. وفي أبريل (نيسان) عام 2001 أرسل صوفان رسالة رسمية إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أرفق معها صورة جواز سفر خلاّد وسأل صوفان الوكالة عما إذا كانت أرقام الهواتف لها أي مغزى وما إذا كان هناك وجود لأي صلات بين أرقام الهواتف وخلاّد فردت الوكالة بأنها لا تستطيع مساعدته.

في الحقيقة كانت وكالة الاستخبارات المركزية تعرف الكثير عن خلاّد وصلاته بالقاعدة. وقد ظل مكتب المباحث الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية تخوضان غمار صراع طويل في حرب منافسة بيروقراطية كما أن تفويضهما الذي يعملان بموجبه يضعهما في نزاع. إن الهدف النهائي لمكتب المباحث الفيدرالي من جمع المعلومات الاستخبارية هو الحصول على معلومات تمكن من إصدار أحكام بالعقوبة في جرائم بينما تمثل المعلومات في حد ذاتها الهدف الأساسي بالنسبة للوكالة. فلو أجابت الوكالة على طلبات صوفان فإنها تكون قد كشفت معلوماتها حول خلية للقاعدة تشكلت سلفا داخل الولايات المتحدة. لكن الوكالة احتفظت بالمعلومات لنفسها.

قال لي صوفان «أنا انتمي إلى جيل من عملاء مكتب المباحث الفيدرالي الذين ظل عملهم يرتبط على نحو وثيق بوكالة الاستخبارات المركزية». في الوقت الذي التحق فيه صوفان بالمكتب كان تعزيز حكم القانون قد صار أمرا عالميا. وفي تسعينات القرن الماضي كان رئيسه أونيل قد أسس علاقات وثيقة بأجهزة شرطة أجنبية وهو توجه صار في بعض الأحيان يتخطى الحواجز إلى داخل الأطر التي تقع في اختصاص الوكالة. وفي عام 1999 أرسل صوفان وأحد مشرفيه، باسكال دامورو إلى الأردن عندما اكتشفت السلطات أن أصوليين على صلة بالقاعدة كانوا يخططون لتفجير مواقع سياحية وفنادق. والمعلومات التي تقاسمها الأردنيون مع صوفان جعلته يدرك أن المعلومات التي كانت الوكالة تقدمها ناقصة على نحو عميق. وقد أجبرت تحليلاته ممثلي الوكالة المحليين على سحب 12 تقريرا كانوا قد أرسلوها إلى المقر الرئيسي للوكالة. وعلى أرضية مكتب محطة وكالة المخابرات المركزية الأميركية في عمان اكتشف صوفان صندوقا مليئا بالمعلومات كانت قد قدمتها الاستخبارات الأردنية للوكالة. وكانت مثل هذه الأدلة هي ما يحتاج لها مكتب المباحث الفيدرالي ليبدأ في شن ملاحقات قضائية ولم يكن أحد قد قام بفحص محتويات الصندوق أو حوله إلى المكتب. وقد وجد صوفان في الصندوق خريطة لمواقع التفجير المقترحة أثبتت أنها ذات قيمة حاسمة في مقاضاة 28 من المدبرين لمخطط في الأردن وتم إصدار أحكام ضد 22 منهم. وقد أحرج نجاح صوفان وكالة الاستخبارات المركزية وعمق من النزاع بين المؤسستين. وأبلغني مسؤول في قسم مكافحة الإرهاب بمكتب «إف بي آي» عمل مع صوفان أن «عناصر الـ«سي. آي. إيه» لم يتحملوا حقيقة أن وجهة نظر علي صوفان وتحليله كانت صحيحة. كان متحدثا للغة العربية وعميلا لمكتب المباحث الفيدرالي على الأرض يرسم الدوائر حولهم». ومع ذلك اعترفت وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه» بقدرات صوفان وحاولت مرارا تجنيده. وقال له أحد ضباط الوكالة ذات مرة «تعال إلى الجانب المظلم. أنت تعرف انك مهتم بذلك»، وقال صوفان إنه رد على ذلك بأن ضحك فقط. وبالطبع، فإن أفضل معلومات السي آي ايه عن القاعدة أتتها من مكتب المباحث الفيدرالي. وفي عام 1998 وجد محققو المباحث الفدرالية «إف. بي. آي» معلومة أساسية هي رقم هاتف في اليمن يعمل بمثابة لوحة مفاتيح فعلية للشبكة الإرهابية. وقد اتصل مفجرو قنابل شرق أفريقيا بذلك الرقم قبل الهجمات. ويخص ذلك الرقم أحد الاصوليين ويدعى أحمد الحدا وبالبحث المتأني لجميع سجلات المحادثات التي أجريت من ذلك الرقم استطاع محققو المباحث الفيدرالية الاميركية تركيب خريطة لمنظمة القاعدة على المستوى العالمي. وقد تمت مراقبة خط الهاتف هذا بعد اكتشافه مباشرة. لكن الوكالة بوصفها المنظمة الأساسية لجمع المعلومات الاستخبارية الأجنبية تملك السلطة القضائية على المحادثات التي تجرى على خط الحدا ولم تزود مكتب المباحث الفيدرالي بالمعلومات التي كانت تحصل عليها عن خطط القاعدة.

أوردت محادثة هاتفية على خط الحدا في نهاية عام 1999 معلومة عن اجتماع مقبل لحركيي القاعدة في ماليزيا. وقد علمت الوكالة باسم احد المشاركين هو خالد المحضار والاسم الأول لشخص ثان هو: نوّاف، وكان الشخصان سعوديين. لم تمرر الوكالة تلك المعلومة لمكتب المباحث الفيدرالي.

ومع ذلك فان الوكالة لم تطلع السلطات السعودية على المعلومة الاستخبارية رغم أن السلطات السعودية أبلغت وكالة الاستخبارات المركزية بأن خالد المحضار ونواف الحازمي أعضاء في القاعدة. وبناء على هذه المعلومة فان الوكالة اقتحمت غرفة فندق في دبي حيث كان المحضار يقيم وهو في طريقه إلى ماليزيا. أخذ عملاء الوكالة صورا لجواز سفر المحضار وبعثوها إلى محطة أليك التي تعتبر الوحدة المتخصصة في ملاحقة بن لادن في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية. وكان داخل جواز سفر المحضار معلومات خطيرة بأن لديه تأشيرة سفر للولايات المتحدة. لم تنبه وكالة الاستخبارات مكتب المباحث الفيدرالي أو وزارة الخارجية بذلك كي يوضع اسم المحضار على قائمة مراقبة الإرهاب مما كان سيمنعه من دخول الولايات المتحدة.

طلبت وكالة الاستخبارات المركزية من السلطات الماليزية أن توفر وسيلة مراقبة للاجتماع في كوالالمبور والذي عقد في 5 يناير (كانون الثاني) عام 2000 في مبنى مطل على ملعب للجولف صممه جاك نيكلوس. ويملك المبنى رجل أعمال ماليزي له صلات بالقاعدة. كان الهاتف العمومي الذي سأل صوفان الوكالة عنه يوجد أمام المبنى مباشرة. وقد استخدمه خلاّد في اتصالاته الهاتفية مع القوصو في اليمن. وبالرغم من أن السي أي ايه نفت فيما بعد معرفتها لأي شيء عن الهاتف فان رقم الهاتف كان مسجلا في إدارة الرقابة الماليزية والتي كانت قد أعطيت إلى الاستخبارات المركزية الاميركية.

أثناء اجتماع كوالالمبور قامت شعبة خاصة تابعة لخدمات الأجهزة الماليزية السرية بتصوير نحو 12 شخصا من مساعدي القاعدة وهم أمام المبنى أو خلال زيارتهم لمقاهي إنترنت مجاورة. وقد أرسلت هذه الصور للوكالة. لم يتم تصوير الاجتماع ولو كان قد تم ذلك لكانت الوكالة قد كشفت مخططات بلغت ذروتها في الهجوم على المدمرة كول وهجمات 11 سبتمبر. وفي 8 يناير (كانون الثاني) أبلغ القسم الخاص الـ«سي. آي. إيه» أن ثلاثة من الذين حضروا الاجتماع، وهم المحضار والحازمي وخلاّد، كانوا مسافرين معا إلى بانكوك. وهناك قابل خلاّد القوصو وأحد الانتحاريين الذين فجروا المدمرة كول. وقد أعطى القوصو خلاّد مبلغ الـ36 ألف دولار والمرجح انه استخدمها في شراء تذاكر سفر إلى لوس انجليس للمحضار والحازمي وزودهم بتكاليف العيش في الولايات المتحدة. وانتهى الرجلان إلى أن صارا على متن الطائرات التي شاركت في هجمات 11 سبتمبر.

في مارس (اذار) علمت الوكالة أن الحازمي قد سافر إلى لوس انجليس قبل شهرين، في 15 يناير. ولو كانت الوكالة راجعت قائمة ركاب الطائرة لكانت قد علمت أن المحضار كان مسافرا فيها. ومرة أخرى أهملت وكالة الاستخبارات إبلاغ مكتب المباحث أو وزارة الخارجية بان واحدا على الأقل من حركيى القاعدة قد دخل البلاد.

مع أن وكالة الاستخبارات كانت ملزمة قانونيا باقتسام هذا النوع من المعلومات مع المكتب إلا أنها كانت تتشدد في حماية المعلومات الحساسة. وكانت الوكالة تتخوف أحيانا بان ملاحقات المكتب القضائية المستندة على هذا النوع من المعلومات الاستخبارية قد تضر بعلاقتها بأجهزة الاستخبارات الأجنبية رغم أن هناك أشكالا من الوقاية لحماية المعلومات الاستخبارية السرية. وكانت الوكالة حذرة على نحو خاص من اونيل الذي طالب بالتحكم في أي قضية ذات صلة بتحقيق يجريه مكتب المباحث الفيدرالي. وكان العديد من مسؤولي الوكالة لا يحبونه ويتخوفون من أنه ليس محل ثقة يمكن أن يطلع على معلومات حساسة. وقال مايكل ستشوير مؤسس محطة أليك والذي ترك الآن وكالة الاستخبارات المركزية أن «أونيل كان متحاملا. لم يكن له اهتمام عدا أن يجعل مكتب المباحث الفيدرالي يبدو جيدا»، وقد أوحى العديد من مساعدي أونيل بان الاستخبارات أخفت معلومات بسبب عداوات شخصية. وأبلغني مسؤول مكتب المباحث الفيدرالي الذي عين في محطة أليك «في الاستخبارات أنهم يعلمون أن جون اونيل كان سيتقدم مقتحما هناك ويتحكم في تلك القضية».

قد تكون وكالة الاستخبارات المركزية أيضا تقوم بحماية عملية فيما وراء البحار وتتخوف من أن يكشفها مكتب المباحث الفيدرالي. وفوق ذلك، فإن المحضار والحازمي قد يبدوان كإمكانيات جذابة للتجنيد بالنسبة لوكالة الاستخبارات المركزية والتي كانت شديدة الحاجة لمصدر داخل القاعدة بعد أن فشلت في التغلغل إلى داخل الدائرة الداخلية لها أو أن تضع شخصا في معسكرات تدريب مع إنها كانت منفتحة بصورة أكبر أمام أي شخص يعرض التعاون معها. ومع ذلك فبمجرد دخول المحضار والحازمي إلى الولايات المتحدة فانهما يكونان قد صارا في مجال عمل المباحث إذ أن الوكالة ليس لها سلطة قانونية للعمل داخل البلاد.

وفي نهاية الأمر فان فشل الاستخبارات المركزية في إبلاغ المباحث الفدرالية قد يمكن شرحه بطريقة أفضل بإرجاعه لحقيقة أن الوكالة كانت غارقة في بحر من التهديدات والإنذارات وهي ببساطة لم تر أهمية كبيرة لهذه المعلومات الاستخبارية، وأيا كان السبب لهفوة الوكالة فان العديد من محققي المباحث ما يزالون غاضبين بأنهم لم يخطروا بوجود عناصر من القاعدة داخل اميركا. وقد وصل المحضار والحازمي قبل 20 شهرا من 11 سبتمبر. وأبلغني كينيث ماكسويل الرئيس السابق لصوفان قائلا «اثنان من القاعدة يعيشان في كاليفورنيا ـ هل تمزح معي؟ كنا سنغطيهم كما يغطي البياض الثلوج. كانوا سيخضعون لمراقبة أشخاص وللمراقبة الإلكترونية وستسخر وحدة خاصة بأكملها لهم». وبالطبع كانت أمام مكتب المباحث الفيدرالي فرص أخرى لمنع وقوع هجمات 11 سبتمبر. ففي يوليو (تموز) 2001 اقترح عميل تابع للبماحث في فينيكس إجراء مقابلات مع عرب التحقوا بمدارس طيران أميركية، وبعد شهر من ذلك طلب منيسوتا التابع لمكتب المباحث إذنا بإجراء تحقيق متشدد مع زكريا الموساوي الذي اعترف فيما بعد بأنه عنصر مشارك في شبكة القاعدة. وقد رفض رؤساء المكتب كلا الاقتراحين. لكن المحضار والحازمي كانا متورطين مباشرة في مؤامرة 11 سبتمبر. وبسبب صلتهما بابن لادن الذي توجد ضده عريضة اتهام فيدرالية فان لدى المكتب كل السلطات التي يحتاجها لاستخدام أي وسيلة تحقيق للتغلغل في خلية القاعدة وإعاقتها. وبدلا عن ذلك فان مختطفي الطائرات كانوا يتمتعون بالحرية في تطوير مخططهم حتى فات أوان إيقافهم.

في اليمن تدهور الوضع الأمني بصورة سريعة وقد أسكن صوفان وعملاء المكتب الآخرين في فندق في عدن، وحشر مع موظفين عسكريين وحكوميين اميركيين بمن فيهم حراس من القوات البحرية ووضع ما بين ثلاثة وأربعة منهم في كل غرفة. وقد كان العشرات منهم ينامون على فرش دون أسرّة في الصالة الأمامية بالفندق. وقد انفجرت أصوات إطلاق النار خارج الفندق مرات عديدة لدرجة جعلت المحققين ينامون بملابسهم الكاملة وأسلحتهم إلى جانبهم. وقد علم المحققون من ميكانيكي في عدن انه بعد تفجير المدمرة احضر بعض الرجال شاحنة إلى ورشته شبيهة بالشاحنة التي استخدمت بواسطة مفجري المدمرة وأراد الرجال تركيب ألواح معدنية في الشاحنة بطريقة تجعلهم يستطيعون التحكم في توجيه قوة انفجارها. لم يكن من الواضح أن قوات الحكومة اليمنية التي تتولى حراسة الفندق برشاشات قادرة حقيقة على حماية الاميركيين. وقال أحد المحققين وهو يتذكر «كنا سجناء». ذات ليلة أطلقت زخات رصاص في الشارع بينما كان اونيل يدير اجتماعا داخل الفندق. اتخذ جنود البحرية وفريق تحرير الرهائن مواقع دفاعية. خرج علي صوفان دون سلاح كي يتحدث مع القوات اليمنية.

صاح اونيل «يا علي.. انتبه». هرع اونيل مسرعا على درجات سلم الفندق للتأكد من أن صوفان يرتدي سترته الواقية من الرصاص. لقد دفع الإحباط والضغط والخطر بالإضافة إلى الصداقة الحميمة التي يعضدها وضعهما إلى جذبهما الواحد نحو الآخر فصارا أكثر قربا من أي وقت مضى. بدأ اونيل في وصف صوفان بأنه «السلاح السري». وفي حديث مع اليمنيين ناداه بكل بساطة بقوله «يا ابني». غطى القناصون صوفان وهو يتقدم نحو ضابط يمني أكد له بأن كل شيء على ما يرام.

قال صوفان «إذا كان كل شيء على ما يرام لماذا لا توجد سيارات في الشارع؟».

قال الضابط إنه لا بد أن هناك عرسا في الجوار. نظر صوفان حوله فرأى أن الفندق محاط بعدد كبير من الرجال في ملابسهم التقليدية، وهناك بعض الرجال في سيارة جيب. كانوا مدنيين وليسوا عسكريين يمكن أن يكونوا ضباط استخبارات أو مجموعة قبلية مصممة على الأخذ بثأر. وفي الحالين فإنهم يفوقون الأميركيين عددا. ذكر الأمر صوفان بحادثة عام 1993 في الصومال التي انتهت بمقتل 18 جنديا أميركيا وسحب احد الجثث وجرها عبر شوارع مقديشو. كانت خلفية الفندق تنتهي في المرفأ وكان الاميركيون كمن وقع في فخ.

بعد أن جاء صوفان إلى الداخل وقدم تقييمه للوضع أمر أونيل جنود البحرية بوضع سيارتين مصفحتين لإغلاق الشارع أمام الفندق. مرّ المساء دون وقوع أي حادث لكن أونيل حرك المحققين في اليوم التالي إلى السفينة يو إس إس دولوث الموجودة على بعد 10 أميال في خليج عدن. وقد أتضح أن ذلك كان خطأ فادحا. في صباح اليوم التالي حينما كان اونيل وصوفان عائدين بطائرة هليكوبتر إلى المدينة مالت فجأة تحت تأثير مناورات عنيفة مراوغة وأبلغهما الطيار بأن قذيفة SM-7 قد أطلقت عليها وتم تحاشيها. قرر أونيل إرجاع معظم المحققين إلى الولايات المتحدة، وأعيد أولئك الذين بقوا هناك إلى الفندق المهجور.

بعد عيد الشكر مباشرة أخرج مكتب المباحث الفيدرالي أونيل من اليمن فيما يبدو كتسوية مع السفيرة الاميركية بودين التي شعرت بأن وجود مكتب المباحث الفيدرالي يساهم في توتير العلاقات بين الولايات المتحدة واليمن. ظل صوفان في اليمن لكن التهديدات في عدن صارت مؤلمة للغاية فتحرك هو والعملاء الآخرون إلى السفارة الاميركية في العاصمة اليمنية صنعاء. وهكذا فقدت التحقيقات زخمها.

في ربيع عام 2001 كان توم ويلشير الذي تربطه صلة وثيقة بوكالة الاستخبارات المركزية يدرس العلاقة بين خالد المحضار وخلاّد الجهادي ذي الساق الواحدة. وبسبب تشابه الاسمين كانت الوكالة تظن أنهما قد يكونان اسما لشخص واحد لكن يعود الفضل جزئيا لتحقيقات علي صوفان في اليمن في أن تكون الوكالة الآن على علم بأنهما ليس اسمين لشخص واحد وان خلاّد قد قام بتنسيق الهجوم على المدمرة كول. قال ويلشير عن خلاّد في رسالة إلكترونية لرؤسائه في الوكالة «بلى، هذا أمر هام. هذا قاتل يتبع لعصبة كبيرة». كان ويلشير يعرف سلفا أن نواف الحازمي قد وصل إلى الولايات المتحدة وان هناك احتمالا أن يكون المحضار معه. كتب ويلشير لزميل له يقول «هناك بالتأكيد شيء سيئ يجري». وطلب الإذن بكشف هذه المعلومات الحاسمة لمكتب المباحث الفيدرالي لكن رؤساءه في الوكالة لم يردوا إطلاقا على طلبه. في تصريح رسمي شككت الوكالة في صحة هذه المقالة لكنها لم تتطرق إلى مزاعم محددة. ذكرت الوكالة في تصريحها استنادا إلى مراجعات دقيقة خارجية وداخلية قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية لأشكال قصورها ونجاحاتها قبل وبعد 11 سبتمبر استطاعت الوكالة أن تحسن من أدائها في مجال معالجة المعلومات الاستخبارية وتقاسمها. وتركز الوكالة على التعلم بل وحتى على التعاون الوثيق مع الشركاء داخل وخارج الحكومة لكن ليس على عمليات توجيه الإصبع علنا بالاتهامات والذي لا يخدم الشعب الاميركي بطريقة حسنة. في ذلك الصيف طلب ويلشير من محللة في مكتب المباحث أن تراجع مادة اجتماع ماليزيا لكنه لم يكشف أن بعض المشاركين قد يكونون في الولايات المتحدة. والأكثر أهمية انه لم يكشف عن الإلحاح الذي تعكسه رسائله الإلكترونية. وقد أبلغ المحللة أن عليها أن تفحص المادة في وقتها الخاص. وهي لم تنته منها حتى نهاية يوليو (تموز).

لكن ويلشير كان يريد أن يعرف ما يعرفه المكتب من معلومات. طلب من دينا كورسي وهي محللة أخرى تابعة لمكتب المباحث الفيدرالي ان تعرض ثلاثا من الصور التي التقطت خلال مراقبة اجتماع ماليزيا على عدد من عملاء الوحدة 1 – 49. وقد أظهرت الصور المحضار والحازمي ورجلا آخر تعتقد الوكالة أنه القوصو الذي كان عليه أن يصور تفجير المدمرة كول. أبلغ ويلشير كورسي أن أحد الرجال يدعى خالد المحضار لكنه لم يشرح لماذا أخذت الصور ولم يذكر أن المحضار حصل على تأشيرة سفر للولايات المتحدة.

وفقا لتقرير مفوضية 11 سبتمبر فان أحد رؤساء وكالة الاستخبارات ذهب في 11 يونيو 2001 مع محلل من مكتب المباحث الفيدرالي وكورسي إلى نيويورك لمقابلة عملاء مكتب المباحث المختصين بقضايا تحقيقات المدمرة كول. لم يحضر صوفان الذي كان حتى ذلك الوقت في اليمن. بدأ الاجتماع في ساعة متأخرة من الصباح وافتتحه عملاء المباحث بتقديم تنوير لمشرف وكالة الاستخبارات كلارك شانون على امتداد 3 أو 4 ساعات حول تقدم تحقيقاتهم. قدمت كورسي فيما بعد صور ماليزيا لزملائها في مكتب المباحث الفيدرالي. كانت الصور جيدة من ناحية تقنية. كانت إحداها ملتقطة من زاوية منخفضة تظهر المحضار والحازمي يقفان إلى جانب شجرة في ماليزيا. أراد شانون أن يعرف ما إذا كان العملاء يستطيعون تمييز أي شخص. سأل عملاء الوحدة 1 – 49 عن الأشخاص الذين يظهرون في الصور وأين ومتى التقطت الصور.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن