وزير الخارجية اليمني: أميركا عاجزة عن قراءة صحيحة لأوضاع المنطقة

الأحد 10 سبتمبر-أيلول 2006 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس / إيلاف
عدد القراءات 2943

يُعتبر وزير الخارجية والمغتربين الدكتور ابوبكر القربي من أكفأ القيادات الدبلوماسية المحنكة التي تداولت على منصب الخارجية اليمنية، والذي قاد الدبلوماسية اليمنية في أحلك الظروف وتعامل معها وفق الزمان والمكان وبما لا يخل بالإيقاع المرسوم للخصوصية اليمنية جغرافيا وتاريخا ، وبمناسبة الذكرى السنوية لأحداث الـ11 من سبتمبر وما تبعها من ظروف استثنائية وتعامل مزدوج من قبل الجانب الأميركي مع الكثير من قضايا المنطقة العربية كان لـ "إيلاف" هذا اللقاء مع الدكتور القربي فإلى الحوار :

* كيف تنظر إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث سبتمبر 2001؟

- لا أحسب أحداً يُمكن أن يُقلل من دور الولايات المتحدة الاميركية في العالم سواء الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي سواء من خلال عضويتها في المنظمات الدولية أو علاقتها مع دول العالم، فالإمبراطورية الأميركية كما يسميها البعض قد تواجدت بشكل أو بآخر في جميع دول العالم وأصبحت قادرة على التأثير فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة حتى مع تلك الدول التي قطعت أو جمدت علاقاتها الدبلوماسية معها . ولا أعتقد أنني بحاجة لتقديم نماذج لأشكال وأسلوب التأثير الذي تمارسه الولايات المتحدة سواء في العالمين الإفريقي والعربي باعتبارهما اضعف الحلقات في هذه العلاقات الدولية للأسف وفي تأثير الولايات المتحدة الاميركية على أوروبا والاتحاد الروسي وهما القوتان اللتان يتوقع الكثيرون أن تتعامل بندية كاملة مع الولايات المتحدة الأميركية.

* كيف تصف العلاقات اليمنية الأميركية على ضوء إجابتك السابقة ؟

- العلاقات اليمنية الأميركية تشكلت من فهم للوضع العالمي وموازين القوى فيه وعن إدراك بان علينا في الجمهورية اليمنية أن نصيغ علاقة واضحة مع الولايات المتحدة الاميركية مبنية على حماية مصلحة الطرفين واحترام الشأن الداخلي لكل منهما وفتح الباب أمام الجانبين للدخول في حوار حول العديد من القضايا التي تهمها إلا أن هناك تباينا في أسلوب العمل وآلياته ، فالسياسة الخارجية الأميركية قد شابها منذ حرب الخليج الثانية مجموعة من التحولات التي انعكست سلبا على نظرة العالمين العربي والإسلامي لها بالإضافة إلى عجزها عن قراءة صحيحة للأوضاع في المنطقة واعتمادها على معالجات ارتكزت على فكر سياسي أيدلوجي.

رأينا التحول الذي حدث عليها بدءا من رئاسة جورج بوش الأول ومن ثم الرئيس بن كلينتون وأخيرا رئاستي جورج بوش الابن والتي عكست تناقضا في النظرة والتعامل وهي الأمور التي بمجملها أدت إلى الأوضاع المؤلمة التي يعيشها العراق اليوم وفي المخططات الخاطئة التي قادت إلى حرب لبنان السادسة والموقف الأميركي المنحاز كالعادة إلى إسرائيل , الأمر الذي شجع إسرائيل على تدمير لبنان وبناه التحتية غير أنها عجزت عن تدمير إرادة المقاومة ووحدة الصف اللبناني التي كانت ولا شك في عمق ذلك المخطط .

* معنى هذا أنها غيرت إستراتيجيتها في التعامل مع العرب منذ ماقبل 11 أيلول؟

- نحن "كموقف رسمي" في الجمهورية اليمنية ندرك أن السياسية الاميركية التي تشكلت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م أصبحت تركز في تحركها الدبلوماسي والاقتصادي وحتى في تشكيل العلاقات الإنسانية على مكافحة الإرهاب واجتثاثه من جذوره وتجفيف منابع الدعم له إلا إننا لا نتفق مع ما تبناه البعض في أميركا أن هذه المعالجة تعتمد على تبني مبدأ صراع الحضارات أو اعتبار الرفض للاحتلال والمقاومة له إرهابا لأن هذا التفكير يقود في النهاية إلى ضعف الموقف الدولي في مكافحة الإرهاب وانقسامه على نفسه وهو ما تستفيد منه جماعات التطرف والإرهاب سواء في العالم الإسلامي أو الولايات المتحدة الأميركية. 

* ما موقفكم من هذه التحولات والتناقضات وخصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب؟

- كان الموقف اليمني واضحا في تعاونه مع الولايات المتحدة الاميركية والمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب وهو الموقف الذي تمسك بالحق المشروع للشعوب في مقاومة الاحتلال وأهمية معالجة الأسباب التي قادت إلى ظهور التطرف والإرهاب مع القناعة أن القوة وحدها لا يمكن أن تقضي على التطرف والإرهاب إذا كانت هذه الحركات منطلقة لإزالة الظلم سواء الظلم الذي تعاني منه الشعوب في غياب تطبيق مبادئ القانون الدولي أو تحقيق العدالة والمساواة لأبناء الوطن الواحد. ولذلك فإن المعالجات لرفع الظلم وتحقيق العدالة وحماية الحقوق هي أهم المقومات لمواجهة التطرف والإرهاب .

* سياسياً كيف هي العلاقات اليمنية الأميركية الآن بعد أحداث 11 أيلول ؟

نفتخر في اليمن بما وصلت إليه العلاقات اليمنية الأميركية سياسياً من متانة ونجاح فاليمن كانت الدولة السباقة في العالم العربي إلى تطبيق الإصلاحات السياسية وهو الأمر الذي فتح مجالا لتعاون جاد بين البلدين لدعم جهود اليمن في خطوات الإصلاح. كما أن الانتخابات الرئاسية والنيابية وكذلك انتخابات المجالس المحلية قد عززت من مصداقية اليمن في مسيرة الديمقراطية وفرضت على الولايات المتحدة الاميركية تبني موقف ايجابي من برامج الحكومة اليمنية وحث المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من الدعم التنموي لليمن بل أن المؤتمرات العديدة التي عقدت في اليمن حول الديمقراطية والحريات قد شكلت علامة بارزة في هذه العلاقة باعتبار اليمن نموذجا يحتذى به في الممارسة الديمقراطية ومبادئ الحريات العامة .

كما أن الزيارات التي قام بها الرئيس علي عبدالله صالح إلى الولايات المتحدة الاميركية قد عززت العلاقات بين الجانبين وأزالت ما شابها من سوء الفهم وذلك من خلال الوضوح في شرح الموقف اليمني الذي يسعى إلى تعزيز الأمن والاستقرار في منطقتنا وهذا لن يتحقق إلا باستيعاب الولايات المتحدة الاميركية للأسباب التي أدت إلى تدهور الأوضاع فيها وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي وتدهور الأوضاع في العراق والتي إذا لم تقف الولايات المتحدة الاميركية موقفا جادا أمامها بإيجاد الحلول العادلة لها فإن الولايات المتحدة الاميركية ستدفع ثمنا كذلك في علاقاتها ومصالحها في المنطقة وهو ما تحرص اليمن على تجنيب الولايات المتحدة باعتبارها صديق وشريك لدول المنطقة جميعا.

إننا في اليمن نولي علاقتنا بالولايات المتحدة الاميركية اهتماما خاصا ونعمل من اجل تعزيزها في كافة المجالات ونحن على ثقة بأن الولايات المتحدة الاميركية تشاركنا نفس الشعور في حالة حدوث تباين في بعض المواقف الناتجة عن تفسير خاطئ لمواقف أو معلومات مدسوسة تسعى إلى تشويه العلاقة فإن الوضوح والصراحة التي نتعامل بها والحوار المسؤول الذي نديره بين فترة وأخرى كفيل بإزالة سوء الفهم ويقود إلى مزيد من التعاون الصادق في كافة المجالات سواء الأمني منها أو التنموي مدركين جميعا أن الأمن والاستقرار وإزالة التطرف ومكافحة الإرهاب أمور لن تتحقق إلا بالتنمية الشاملة وبتحسين أوضاع المواطنين المعيشية وتقديم الخدمات التي تكفل لهم العيش الكريم.