آخر الاخبار

الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافأة مقابل معلومات عن القطة السوداء بعد التوترات في البحر الأحمر.. سفن حربية روسية تدخل على الخط معارك شرسة في غزة ليلاً... والضربات الإسرائيلية تسقط 66 قتيلاً بعد 6 مجازر خلال 24 الساعة الماضية .. غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة القصف الإسرائيلي رئيس مقاومة صنعاء الشيخ منصور الحنق يوجه مطالب عاجلة للمجلس الرئاسي بخصوص جرحى الجيش الوطني .. والمقاومة تكرم 500 جريح تفاصيل يوم دامي على الحوثيين في الضالع وجثث قتلاهم لاتزال مرمية.. مصادر تروي ما حدث في باب غلق بمنطقة العود اليمن تبتعث ثلاثة من الحفاظ لتمثيل اليمن في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته بجيبوتي قصة موت جديدة تخرج من سجون الحوثيين.. مختطف في ذمار يموت تحت التعذيب ومنظمة حقوقية تنشر التفاصيل واحصائية صادمة حملة إلكترونية لإحياء أربعينية مدير دائرة التصنيع الحربي اللواء مهندس حسن بن جلال تعطل كافة أنظمة السداد الالكتروني شركة الاتصالات اليمنية تليمن ويمن نت.. تفاصيل الاسباب

قال بعد هجمات سبتمبر: نحن هنا للبناء لا للتدمير.. وبعد 9 سنوات دعا إلى قتل وتدمير أميركا

الإثنين 10 مايو 2010 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - الشرق الأوسط
عدد القراءات 7402

واشنطن: سكوت شين وسعاد مخينت*

خلال الأسابيع التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) تحول إمام أحد المساجد الواقعة خارج واشنطن المفوه البالغ من العمر 30 عاما إلى مقصد للصحافيين للاستفسار بشأن الإسلام، أدان الرجل القتل الجماعي وأجرى لقاءات تلفزيونية شرح فيها بروية عقائد دينه الوسطية.

وقال العولقي في خطبة جمعة بعد الحادث: «نحن هنا للبناء لا للتدمير، نحن جسر بين الأميركيين وعالمنا الإسلامي الذي يبلغ تعداده مليار مسلم».

منذ الوهلة الأولى بدا هذا الرجل الطموح، الذي يتمتع بقامة هزيلة والذي يجيد اللغة الإنجليزية قدر إجادته اللغة العربية، ذلك الجسر، وكانت محاضراته حول النبي محمد جزءا رئيسيا في منازل آلاف المسلمين الأميركيين.

يتمتع هذا العولقي الأميركي المولد بروح الدعابة وحب جارف للصيد كما أنشأ شركة وقبيل أسابيع قليلة من الهجوم ألقى كلمة في مقر الكابيتول الأميركي.

بعد تسع سنوات من اختفائه في اليمن أعلن العولقي الحرب على الولايات المتحدة. عاد العولقي ليطل من جديد ليكتب في بيان نشره على موقع شبكة الجهاديين في مارس (آذار) الماضي: «لقد تحولت أميركا بالكامل إلى دولة للشر»، على الرغم من أنه قضى في الولايات المتحدة 21 عاما من بين أعوامه التسعة والثلاثين وأضاف: «لقد توصلت أخيرا إلى قناعة بأن الجهاد ضد أميركا واجبي، كما واجب كل مسلم قادر».

أسلوب العولقي البسيط الذي يمزج فيه بين استخدام آيات القرآن والنقد اللاذع للولايات المتحدة ساعده كثيرا في اجتذاب الشباب من المسلمين إلى تنفيذ الكثير من المؤامرات، فقد أثنى على مسلح فورت هود وكان له دور في التشجيع على تفجير طائرة عيد الميلاد في ديسمبر (كانون الأول)، كما تشير إلى ذلك وكالة الاستخبارات. وخلال الأسبوع الماضي أخبر فيصل شاه زاد المتهم بمحاولة تفجير ميدان تايمز أن محاضرات العولقي على الإنترنت التي تحث على الجهاد كواجب ديني حثته على العمل.

مع تزايد قلق الغرب تجاه تحول المسلمين في الغرب إلى التطرف العنيف، لا توجد شخصية أكثر محورية من العولقي الذي سخر الإنترنت لخدمة آيديولوجية وأفكار «القاعدة». وقد أبدى مسؤولو مكافحة الإرهاب قلقا بالغا تجاه قوة تأثيره على المسلمين الشباب الذين يتبعون طريقة الردكلة.

فيقول فيل مود، خبير مركز مكافحة الإرهاب التابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، الذي تقاعد بعد توليه رئاسة كبير مستشاري مكتب المباحث الفيدرالية لشؤون الاستخبارات: «العولقي صاحب شخصية مغناطيسية، أشبه ما يكون بخطيب مفوه في حركة ثورية».

ونظرا لاعتقادها بأن الرجل يمثل سلاحا فتاكا، أصبح العولقي الأميركي الأول على قائمة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية المستهدفين بالقتل، الأمر الذي زاد من شعبيته بين معجبيه من أمثال شاهدور رحمان، 27 عاما، البريطاني المسلم ذي أصول بنغلاديشية والذي درس مع العولقي في لندن عام 2003.

ويشير رحمان إلى أنه قبل سبع سنوات أوضح العولقي أنه يحس بنوع من وخز الضمير، وقال: «كان العولقي يقول إن الإسلام لا يبيح العمليات الجهادية. لكن التضحية بالنفس أمر مختلف».

هناك روايتان بشأن تحول العولقي إلى مسار الجهاد، الأولى رواها هو ذاته: فقد كان معتدلا لا يميل إلى العنف إلى أن هاجمت الولايات المتحدة المسلمين في العراق وأفغانستان وسرا في باكستان واليمن وحتى في أميركا ذاتها عبر استهداف المسلمين بشن غارات لتفتيش منازلهم واعتقالهم. وكان يقيم الفروض الدينية للدفاع عن دينه.

تساءل العولقي في أحد أشرطة الفيديو التي تحمل بصمات «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية: «ما هي التهم الموجهة إلي؟ أهي الدعوة إلى الحقيقة؟ والدعوة إلى الجهاد في سبيل الله؟ أم علي الدفاع عن الأمة الإسلامية؟».

النسخة المقابلة في قصة تحول العولقي إلى التطرف تحدثت عنها لجنة الحادي عشر من سبتمبر، على الرغم من عدم تأكيدها ذلك، والتي تقول إنه كان عميلا سريا للاستخبارات المركزية الأميركية قبل الهجمات عندما صلى ثلاثة من خاطفي طائرات 11/9 في المسجد الذي يعمل إماما فيه. ووفق هذه الرواية فكل ما حدث منذ ذلك الحين هو أن العولقي توقف عن إخفاء وجهة نظره الحقيقية.

القصة التي حصلنا عليها من الزيارات إلى مسجده والمقابلات التي أجريناها مع أكثر من عشرين شخصا كانوا يعرفونه، أكثر تعقيدا ومراوغة، فالرجل ربيب لثقافتين إحداهما ثقافة يمنية دينية متحفظة وثقافة أميركية متحررة. ففي الوقت الذي كان يتردد في مصافحة النساء كان الرجل مع العاهرات. كما كان مولعا بالأفكار الجهادية عندما كان مراهقا، لكن القضية التي كان يؤيدها في صغره، هزيمة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، كانت قضية تناصرها الولايات المتحدة أيضا.

حاول العولقي فيما بعد تقمص عدة أدوار ممثل الإسلام السمح في الولايات المتحدة المتعددة الثقافات، ظهر في شريط فيديو على موقع صحيفة «واشنطن بوست» يشرح فيه رمضان في الشريعة الإسلامية، ثم عاد لطرح نظرية المؤامرة وشكك في دور المسلمين في هجمات 11 سبتمبر، وكتب بعد أيام قلائل أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يتعامل بقسوة مع المسافرين ذوي الأسماء العربية.

وأخيرا بعد أن قامت السلطات اليمنية بضغط من السلطات الأميركية بسجنه في الفترة بين عامي 2006 و2007، ازدادت أفكار العولقي تطرفا ليصبح أحد منظري الجهاد الذين يحضون على غير المسلمين ومن يساعدونهم، وباتت رسالته لا تختلف كثيرا عن رسالة أسامة بن لادن - عدا تمكنه من اللغة الإنجليزية وألفته للثقافة البريطانية والأميركية. تلك السمات تجعله بالغ الخطورة يخشاه مسؤولو مكافحة الإرهاب وهو يتباهى بذلك.

وقال العولقي في كلمته في مارس (آذار): «لقد أصبح الجهاد كفطيرة التفاح الأميركية وشاي الساعة الخامسة البريطاني».

كان والد العولقي يشغل منصبا رفيعا في الحكومة اليمنية حيث عمل كوزير للزراعة ورئيس لجامعتين وكان مقربا من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. أرسل العولقي إلى مدرسة آزال الحديثة، التي تعتبر واحدة من أرقى المدارس في البلاد.

لكن ناصر العولقي كانت لديه خطط أخرى بشأن ابنه الذي درس الهندسة المدنية في كولورادو استعدادا للعمل في اليمن سيرا على خطا والده. لكن في أعقاب وصولهم إلى اليمن تقدم أنور للحصول على الرقم القومي وزعم كذبا أنه ولد في اليمن، من المؤكد أن ذلك كان بدافع الحصول على أموال المنح التي لا يحصل عليها الأجانب.

وقال يوسف صديقي، زميل العولقي الذي كان نشطا مع العولقي في المسجد واتحاد الطلبة المسلمين، بأنه كانت هناك الكثير من الأمور التي تذكر بنشأته اليمنية.

لم يكن العولقي خلال دراسته في الجامعة ميالا إلى التشدد أو التحرر المفرط. ونجح في الحصول على رئاسة اتحاد الطلبة في منافسة مع طالب سعودي كان أكثر تشددا.

وقال صديقي: «أذكر قول العولقي (إنه ينادي بأن تغطي والدتك وجهها لكني لست كذلك)».

ويبدو أن رحلته إلى أفغانستان إبان سقوط الحكومة الأفغانية المدعومة من قبل السوفيات قد أثارت اهتمامه بترابط السياسة والدين. وارتدى قيمص تي شيرت وقبعة أفغانية وأخذ ينقل كلمات عبد الله عزام، الزعيم الروحي للأفغان العرب، العالم الفلسطيني الشهير الذي قدم التبريرات العقدية للجهاد الأفغاني والذي عرف فيما بعد بالمعلم لأسامة بن لادن.

يقول ممتاز حسين، 71 عاما، المهاجر الباكستاني الذي عمل في المسجد على مدى عامين، والذي يخدم ابنه في الحرس الوطني: «كان يتمتع بمعرفة واسعة، وكان شخصا رائعا، ومهذبا جدا ومتمسكا بدينه. ولم يظهر أي شعور معاد للولايات المتحدة فهذه أرضنا الآن ولن يسمح الأفراد هنا بخطب كهذه».

بعد سنوات، شبّه العولقي بين توماس غريدغرايند، مدير المدرسة المادي في رواية تشارلز ديكنز «أوقات عصيبة»، وبعض الآباء المسلمين في الولايات المتحدة الذين تمت برمجتهم للتفكير بأن الطب والهندسة هي المهن الأفضل بالنسبة لأبنائهم.

ويبدو في ذلك إشارة إلى تجربته الخاصة، فيشير بعض معارفه في الأسرة إلى وجود توترات في العلاقة بين أنور ووالده حول اختيار المهنة. لكن في عام 1994 تزوج العولقي من ابنة عمه في اليمن وتركها في اليمن ليعود إلى دراسة الهندسة وعمل كإمام غير متفرغ في الجمعية الإسلامية في دنفر.

كان العولقي مثل الكثير من رعاة الكنيسة الإفنجليكانية يدعو إلى محاربة الرذيلة والخطيئة وقيم الأسرة وتعريب النصوص، وصار له أنصار ونجح في ارتقاء منابر المراكز الإسلامية الكبرى.

بيد أنه في دنفر حدثت واقعة ربما كان من المفترض أن تكون نذيرا بنوايا العولقي فأخبر طالب سعودي في جامعة دنفر مسنا في مسجد دنفر أنه قرر، بتشجيع من العولقي، السفر إلى الشيشان للاشتراك في الجهاد ضد الروس. فما كان من هذا الشيخ، وهو أميركي من أصل فلسطيني في الستينات من العمر سوى أن ذكره بسوء الفكرة وواجه العولقي في نقاش صاخب.

ويستدعي هذا الرجل المسن الذي طلب عدم ذكر اسمه ذكرياته بشأن العولقي بالقول: «كان يمتلك لسانا عذبا ومنطقا، لكني أمرت بعدم الحديث إلى الأفراد بشأن الجهاد، ثم غادر بعد ذلك بأسبوعين».

في سن الخامسة والعشرين، عمل لمدة خمس سنوات في مسجد الرباط الإسلامي على أطراف سان دييغو، ويقول جمال علي، 40 عاما، ويعمل سائق حافلة في مطار سان دييغو: «كان يمرح مع الشباب، فكان يلعب كرة القدم مع الشباب ويصطحب الأطفال إلى قاعات الرسم، ولقد تابعت تطوره وهو يحاول استكشاف الطريقة التي يمكنه من خلالها فهم الإسلام».

لم يكن العولقي في حياته الخاصة بالطهارة ذاتها التي يدعيها، فعلى الرغم من خطبه عن قدسية الزواج وسط إغراءات الحياة الأميركية (فكان يقول إن كل ما هو محرم متوفر خصوصا في المجتمعات الغربية)، واعتقل العولقي مرتين بالتحرش بعاهرات.

وأبدى نوعا من التفكير العملي، عندما حاول إنشاء شركة خاصة لاستيراد العسل اليمني وبدأ في حضور جلسات في لاس فيغاس تركزت حول الاستثمار في الذهب والمعادن (وخسر 20000 دولار اقترضها من أقاربه). في آخر الأمر اقترح أحد رواد المسجد إنشاء شركة شهدت نجاحا كبيرا، تقوم بطباعة محاضرات العولقي على أسطوانات رقمية.

منذ عام 2000 قام العولقي بتسجيل مجموعة ناجحة من المحاضرات تكونت من 35 أسطوانة كانت تتحدث عن حياة النبي محمد، فيما قام بتسجيل مجموعة أخرى من الأسطوانات التي تناولت حياة أنبياء آخرين منهم موسى وعيسى، وكذلك الصحابة والدار الآخرة.

كانت الأسطوانات خالية من الأفكار الراديكالية وأضاف موقع IslamicBookstore.com على موقعه على الإنترنت قوائم بأعمال العولقي قائلا إن التسجيلات تمت مراجعتها ولا تحتوي على أي أحاديث متطرفة.

ويقول شاكر محمد، مهندس مقيم في فورت كولنز والناشط في مسجد فورت كولنز، إنه أعجب بالأسطوانات ووجدها جذابة حتى بعد تكرار سماعها. لكن ما جعله يتوقف عن سماعها سماع العولقي يناقش العمليات الانتحارية ولم يدنها. وقال: «اعتقدت أن الشاب ربما يكون مؤيدا لها، وهذا ما أثار ضيقي».

* وداع غامض:

* في أحد أيام شهر أغسطس (آب) من عام 2001 دق العولقي باب جاره حجي ليودعه فقد انتقل في العام السابق إلى فيرجينيا ليصبح إماما لمسجد دار الهجرة وأنه عاد ليأخذ بعض أغراضه التي تركها.

وكما يقول حجي، عندما طلبت منه أن يعرج علينا للتحية إذا ما زار المنطقة مرة أخرى، رد علي بإجابة غريبة فقال لي: «لا أعتقد أنك ستراني مرة أخرى. فلن أعود إلى سان دييغو مرة أخرى، وعما قريب ستكتشف السبب».

في الشهر التالي عندما هاجمت «القاعدة» نيويورك وواشنطن، تذكر حجي اللقاء وارتجف واقتنع بأن جاره كان لديه تحذير مسبق بهجمات سبتمبر.

الحقيقة أن مكتب المباحث الفيدرالي أبدى اهتماما بالعولقي في عام 1999 نظرا لصلات الرجل بالمقاتلين والتي لا يزال من الصعب تفسيرها حتى الآن. في الفترة بين عامي 1998 و1999 شغل العولقي منصب نائب رئيس جمعية خيرية إسلامية صغيرة شهد عميل لمكتب المباحث الفيدرالي فيما بعد بأنها كانت واجهة لنقل الأموال للإرهابيين. وأن زياد خليل، ناشط «القاعدة» الذي اشترى بطارية هاتف أسامة بن لادن الجوال الذي يعمل بالأقمار الصناعية، قد زاره في مقر الجمعية، كما زاره أيضا مساعد لعمر عبد الرحمن الملقب بالشيخ الضرير الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة للتخطيط لتفجير مناطق حيوية في نيويورك.

بيد أن الأمر الأكثر إثارة للحيرة كانت صلات العولقي باثنين من مختطفي طائرات هجمات سبتمبر خالد مظهر ونواف الحازمي، كانا يصليان في مسجد سان دييغو وشوهدا في جلسات مطولة مع العولقي وأن نواف الحازمي تبع العولقي إلى مسجده الجديد في فيرجينيا، ويرى محققون في هجمات سبتمبر أن العولقي كان المرشد الروحي للحازمي.

عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية الذي استجوبوا العولقي أربع مرات في الأيام التي تلت هجمات سبتمبر خلصوا إلى أن صلات العولقي بخاطفي الطائرات والمتطرفين الآخرين كانت عشوائية، لكن تسجيلات لجنة هجمات سبتمبر في الأرشيف الوطني تظهر أن ذلك لم يكن رأي جميع المحققين.

يقول أحدهم، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إنه قال للجنة إنه يعتقد أن العولقي كان مشتركا في مؤامرة هجمات سبتمبر ولو أن أحدا على علم بالمؤامرة لكان هو، لأنه كان يعيش على الأراضي الأميركية والمرشد الروحي للمتطرفين.

وكان لدى أعضاء لجنة هجمات سبتمبر الكثير من التساؤلات بشأنه فقال أحد أعضاء اللجنة، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «هل أعتقد أنه لعب دورا في مساعدة الخاطفين هنا، وأنه كان يعلم بنواياهم. نعم. لكن هل أعتقد أنه أرسل إلى هنا من أجل هذا الغرض؟ أنا لا أملك دليلا على ذلك».

ويشير إليون هيل مدير التحقيق المشترك المستقل الذي أجراه الكونغرس إلى وجود شكوك في أن يكون العولقي جزءا من شبكة دعم الخاطفين. وقال «لم يكن لدينا دليل ملموس لكننا نعتقد أنه لا بد أن يخضع للتحقيق».

نظرا للانزعاج من إمكانية علاقة العولقي بهجمات سبتمبر وجد ريموند فورنير المحقق بوزارة العدل طريقا غير مباشر لاتهام العولقي بالاحتيال في جواز السفر بناء على مزاعم كاذبة بعد دخول الولايات المتحدة في التسعينات بأنه ولد في اليمن.

تم استصدار مذكرة لكن المدعين العامين ألغوها، نظرا لأنهم لن يتمكنوا من مقاضاته جنائيا. عاد العولقي من رحلة في الخارج في أكتوبر (تشرين الأول) 2002 - وهو أمر يقول بعض زملائه إنه كان دليلا على براءته من أي دور له في عملية هجمات سبتمبر - لما يثبت أنها آخر إقامة له في الولايات المتحدة.

وخلال تلك الرحلة قام بزيارة علي التميمي، وهو رجل دين بفيرجينيا أدين فيما بعد بتحريض المسلمين على القتال ضد القوات الأميركية في أفغانستان. وحاول العولقي التواصل مع التميمي لمناقشة قضايا مرتبطة بتجنيد شباب مسلمين، حسب ما أفادت به مذكرة تضمنتها قضيته الجنائية. ويقول أصدقاء إن التميمي فكّر في احتمالية أن يكون العولقي يحاول الإيقاع به في إطار تحقيق لمكتب التحقيقات الفيدرالي.

ولكن إذا كان العولقي يتعاون مع الحكومة، لكان ذلك أدهش أصدقاءه. وعندما اعتقلت السلطات الأميركية مسلمين بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر استشاط العولقي غضبا.

وبعد غارات في مارس 2002 على مؤسسات إسلامية وقيادات أهلية داخل فيرجينيا، كان العولقي على رأس مجموعة من الغاضبين، وأشار إلى أن بعض الأهداف تعتبر معتدلة على نطاق واسع.

وقال العولقي، بصوت مفعم بمشاعر الغضب: «إذا لم تعد هذه حرب على الإرهاب، نريد أن نكون واضحين في ذلك، إنها حرب على المسلمين! ولا يحدث ذلك في الخارج وحسب، ولكنه يحدث هنا داخل أميركا التي تزعم أنها تقاتل في هذه الحرب من أجل الحرية».

وفي ذلك الوقت قابله جوهري عبد المالك، الإمام السابق في جامعة هوارد الذي كان يسعى للانضمام إلى طاقم مسجد فيرجينيا التابع للعولقي داخل مقهى. وقال العولقي إنه خطط لمغادرة الولايات المتحدة.

ويتذكر عبد المالك: «حاولت أن أقنعه أن المناخ ليس بالسوء الذي يتصوره، وأنه كان وقتا إيجابيا للتواصل». ولكن كان العولقي يشعر بالضيق بسبب ما كان يراه رد فعل عكسي ضد المسلمين. ويقول عبد المالك إنه على ضوء حبه للأضواء، كان العولقي يبحث عن منبر أكبر. ويقول عبد المالك: «قال إنه ربما يعمل في برنامج تلفزيوني داخل الخليج، وربما يترشح للبرلمان في اليمن، وربما يقوم بالتدريس».

وداخل غرفة محاضرات مكشوفة في لندن، انتقل إليها العولقي بعد أن ترك الولايات المتحدة، وقف خطيبا بين أتباع من الشباب وحثهم على عدم تصديق الكفار. وقال: «درس مهم نتعلمه هنا، لا تثق أبدا في كافر. لا تثق فيهم» وقد جرى تصوير هذه المحاضرة. وقال إن الكفار «يخططون لوأد هذا الدين، ويخططون لذلك ليل نهار».

ولو كانت لديه النبرة نفسها واللمسات الساخرة التي كانت موجودة في خطب سابقة، لكانت رسالته أكثر استثارة. وأكد لطلابه أنه لا يمكن تصديق الـ«سي إن إن» أو الأمم المتحدة أو منظمة العفو الدولية لأنها أيضا جزء من الحرب على الإسلام.

وقال العولقي: «نحتاج إلى أن نزداد حكمة، لا أن ننخدع». «قال مالكوم إكس: لقد خدعنا».

وشعر الكثير من المستمعين المسلمين البريطانيين الشباب، الذين اعتادوا على خطباء لهجتهم قوية، بالمتعة في مزجه بين القديم والحديث، وتنقله السلس بين الغزوات التسع والعشرين التي خاضها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والحربين داخل العراق وأفغانستان. ويقول أبو يحيى (27 عاما)، وهو طالب بريطاني من بنغلاديش شارك في محاضرات العولقي عام 2003: «كان الرجل الرئيس الذي ترجم الجهاد إلى اللغة الإنجليزية».

ويقول رحمان، وهو أحد الطلبة الذين درسوا مع العولقي عام 2003، إن العولقي أوضح أنه لا يمكن ادعاء من يدعون الإسلام في الوقت الذي يذهبون فيه إلى النوادي الليلية. وقال: «لا يمكن أن أكون محمد في الصباح وشخص آخر في المساء».

وقال طلب العولقي أن يختاروا، وأن يكرسوا أنفسهم لنهج إسلامي أصولي متشدد، أوضح الأمر. وقال رحمان: «كان يمس الجمهور تلقائيا عقولهم وأفئدتهم». وعندما زعم آخرون أن رجل الدين يغسل عقولهم، قال رحمان: «عندما تكون هناك قذارة في عقلك، تحتاج إلى غسيل. وأعتقد أنه غسل عقلي».

وزادت شهرة العولقي، وحافظت أسطواناته المدمجة على مبيعاتها، وسافر إلى مختلف أنحاء بريطانيا يلقي المحاضرات. ولكن يقول أشخاص عرفوه إنه عاش أوضاعا معيشية صعبة، وفي عام 2004 سافر إلى اليمن ليعظ ويدرس.

وفي منتصف 2006، وبعد أن تدخل في نزاع قبلي، سجنته السلطات اليمنية 18 شهرا. وحسب ما ذكره بعد ذلك على مدونته، عاش في حبس انفرادي معظم الوقت، واستغل هذه الفترة لدراسة القرآن وقراءة الأدب (يحب ديكنز، ولكنه لا يحب شكسبير)، وفي النهاية درس العلوم الإسلامية عندما سُمح له بذلك.

ومن الواضح أنه أحب أعمال سيد قطب، وهو من منظري الإخوان المسلمين، ساعدته الفترة التي قضاها داخل الولايات المتحدة على أن يكون أبا للحركة الجهادية الحديثة المعادية للغرب في الإسلام.

وكتب العولقي: «بسبب الأسلوب السلس لسيد، كنت أقرأ ما بين 100 و150 صفحة في اليوم، وكنت أحس أن المؤلف يسيطر علي، وكنت أشعر أن سيد في زنزانتي يتحدث معي مباشرة».

واستجوبه عميلان من مكتب التحقيقات الفيدرالي داخل السجن اليمني، وحمل العولقي الولايات المتحدة مسؤولية حبسه الطويل. وكان على حق؛ قال جون نيغروبونت، مدير الاستخبارات الوطنية حينئذ، لمسؤولين يمنيين إن الولايات المتحدة لا تعارض اعتقاله، حسب ما ذكرته مصادر يمنية وأميركية.

ولكن، بنهاية عام 2007، أشار مسؤولون أميركيون، البعض منهم يشعرون بالقلق بسبب سجن مواطن أميركي من دون تهم، إلا أنهم لم يعودوا يصرون على سجن العولقي، وأطلق سراحه.

ويقول رجل يمني يعرف العولقي جيدا: «كان مختلفا بعد ذلك – أشد». وبدأ العولقي موقعه الإليكتروني، ليصل على جمهور أكبر من أي وقت سابق. ولكن بعد أن كان يتعرض لتعقب مستمر من الأمن اليمني داخل العاصمة اليمنية صنعاء، انتقل إلى منزل قريب له في شبوة، وهي محافظة جنوبية ذات تضاريس وعرة.

ويقول أصدقاء إنهم سمعوا في أكتوبر (تشرين الأول) صوت طائرة من دون طيار تحوم في السماء. وهرب العولقي إلى الجبال حيث خاف أن يتعرض أقاربه لمخاطر. وعلى الرغم من أن دوره غير واضح في تنظيم القاعدة بشبه الجزيرة العربية، يعتقد مسؤولون أميركيون أنه أصبح «مخطط عمليات» إرهابية ضد الغرب، وليس مجرد مصدر إلهام لها.

ويرسل العولقي من مخبأه رسائل مصورة من حين لآخر. ولكن تأثيره المزعوم على المشتبه في محاولة تفجير ميدان تايمز، شاه زاد، يظهر أنه بغض النظر عما يحدث له، فإن إرثه الإلكتروني آمن. وسوف تبقى رسالته في المئات من لقطات الفيديو والصوت التي أرسلها أتباعه على شبكة الإنترنت. وقد ترك العولقي حالة من الحيرة والغضب والترقب بين الكثير من الأشخاص الذي عرفوه وصلوا معه داخل الولايات المتحدة. ويقول صديقي، زميله الجامعي، إنه «شعر بالدهشة والإحباط».

وأضاف: «إنه يدير ظهره للدولة التي ولد فيها وللإخوة والأخوات المسلمين في هذا البلد». ويقول عبد المالك إن الإمام السابق بأحد مساجد فيرجينيا «إرهابي» وإن العولقي ومَن يفكرون مثله يحاولون حصر الإسلام في «قَبَس من الماضي».

ويقول عبد المالك إن بعض العائلات المسلمة تتساءل هل يجب عليها الاحتفاظ بأسطوانات العولقي. ويقول لهم إن القرار خاص بهم، ولكنه ينصح المحلات التجارية بعدم بيع حتى المواد الأولى الخاصة بالعولقي.

* خدمة «نيويورك تايمز»

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الحرب على القاعدة