مقاتلو حزب الله.. "أشباح" بكل مكان في جنوب لبنان دون أن يراهم أحد

الجمعة 28 يوليو-تموز 2006 الساعة 06 مساءً / مأرب برس
عدد القراءات 6735

ينتشرون في كل مكان يعملون بفاعلية مع قدرة على التواري تجعلهم بعيدي المنال: انهم مقاتلو حزب الله الذين تحيط بهم هالة من الاحترام المشوب بهيبة ورهبة تجعلان سكان المناطق يلزمون التكتم الشديد. ربتة ودية صغيرة من رجل يقول انه يعمل في جمعية خيرية اسلامية على كتف سمير اسعد كانت كافية ليصمت على الفور.

كان هذا المواطن يقول لتوه ان حزب الله يوزع المواد الغذائية والمياه على سكان البازورية مسقط رأس الامين العام لحزب الله حسن نصر الله في جنوب لبنان. وعند تلقيه اشارة ثانية بالصمت, يترك اسعد المسؤول عن مركز لاستقبال النازحين من النساء والاطفال الكلام لمتطوع اخر يردد الرسالة الرسمية المعدة للصحافيين.

ويصحح رضا دمرجة وهو صاحب متجر ومتطوع في جمعية خيرية اسلامية كلام اسعد فيقول "لا وجود لحزب الله هنا. كل عناصره يقاتلون اسرائيل على الجبهة". في هذه القرية البالغ عدد سكانها بضع الاف والواقعة على مسافة ربع ساعة من صور نشأ زعيم حزب الله الذي كان من قادته العسكريين قبل ان يصبح امينه العام ويتمكن, كما يرى المحللون, من تحويل مقاتليه الى ميليشيا مرهوبة الجانب قادرة على التواري بين السكان عند اللزوم.

ويقول تيمور غوكسل الاستاذ في الجامعة الاميركية في بيروت بعد ان ظل لفترة طويلة المتحدث باسم قوة الطوارئ الدولية في لبنان ومستشارها "ان اسلوبهم يقوم على عدم اظهار انفسهم". ويوضح "ليسوا بحاجة الى بنى قيادية او مقر عام. الكل يعرف مهمته وهم يعملون في مجموعات صغيرة. ويمكنهم التواري بشكل سريع".

وهذا هو احد اسباب حصيلة ضحايا عمليات القصف الجوي الاسرائيلي الفادحة بين المدنيين, فالمقاتلون الذين تريد اسرائيل القضاء عليهم جزء لا يتجزأ من المجتمع المدني في جنوب لبنان. ولا يمكن مشاهدة اي مسلح في شوارع البازورية او في بساتينها او العثور على ناطق باسم حزب الله للرد على اسئلة الصحافيين او قادة محليين يعترفون بانتمائهم الى الحزب.

و حدها اعلام صفراء تحمل شعار الحزب وصور "شهداء" سقطوا في القتال تدل على وجود حزب الله. الذين قرروا البقاء في القرى الجنوبية بالرغم من كثافة القصف يشددون على ان حزب الله "في مكان آخر". ويقول سليم وطفة الجندي المتقاعد الذي رفض مغادرة قريته "اين حزب الله؟ الاسرائيليون يؤكدون ان المقاومة متغلغلة بيننا لكن هل شاهدتم مقاتلا؟ لا توجد مقاومة هنا".

وان كان الهجوم الاسرائيلي دفع حزب الله الى العمل السرية, الا انه يسيطر بتكتم على مئات الالاف من مناصريه الذين نجح في كسب تاييدهم على مر السنين من خلال ما يقدمه من خدمات مثل العيادات الطبية والمدارس والمساكن الرخيصة. وان كان حزب الله يجيد التواري, الا انه يعرف كيف يظهر عند الضرورة كما يشهد على ذلك صحافي غربي امضى عدة ايام يحقق عن حزب الله في مدينة صور الساحلية والبلدات المحيطة بها بدون التوصل الى نتيجة.

فذات مساء حضر رجلان الى فندقه وطلبا منه العودة الى بيروت بحجة انه طرح اسئلة كثيرة فلم يتردد وعاد بسرعة الى العاصمة اللبنانية حيث يقبع خائفا حتى الان ويرفض الكشف عن هويته. واوضح تيمور غوكسيل "ان جهازهم لمكافحة التجسس متغلغل في المنطقة وينقل كل ما يجري". وحين يسأل علي محمد (56 سنة) بائع البوظة في وسط صور عن حزب الله يرفع كتفيه متعجبا ويقول "اننا لا نراهم حتى في زمن السلم. انهم جزء من السكان. لا نعرف من ينتمي الى حزب الله ومن لا ينتمي اليه. ربما يكون انت او انا".