دور المجلس المحلي في إدارة التنمية بقطاعي التعليم والصحة بمأرب

الثلاثاء 09 مارس - آذار 2010 الساعة 06 مساءً / مأرب برس
عدد القراءات 5152

ورقة العمل الخاصة بالمجالس المحلية والتي أعدها الأستاذ يحيى الزايدي رئيس لجنة التخطيط والمالية بالمجلس المحلي لمحافظة مأرب وحملت عنوان دور المجالس المحلية في إدارة العملية التنموية «التعليم - الصحة» ركز خلالها على دور المجلس المحلي للمحافظة على مدى ثلاث سنوات من 2006م متطرقاً بشكل عام لأدوار المجالس المحلية على مستوى المديريات مستعرضاً الخطط والسياسات التي أقرها المجلس المحلي وهيئته الإدارية والإخفاقات والمعوقات التي كانت حائلاً دون الاستمرار في الاتجاه الصحيح في إدارته ومشاركته في العملية التنموية والتي انطلق فيها من فرضيتين الأولى، إن المجالس المحلية بحكم طبيعتها والظروف الراهنة على الواقع فيما يتعلق بصلاحيتها وقدراتها والظروف الثقافية القبلية والتركيبة الاجتماعية، والظروف السياسية من ناحية تقسيم الدوائر والمديريات والقدرة على الحصول على موارد محلية وكفاءة أعضاء المجلس المحلي وقدرتهم على القيام بدورهم وتضارب صلاحيات المجالس مع جهات أخرى نفترض أنها لا تملك أي فرصة لإدارة عملية التنمية أو القيام بالدور المنوط بها، والفرضية الثانية أن هناك ظروف سياسية وثقافية واقتصادية وغيرها مواتية وممكن أن تساهم في النهوض بالمجالس المحلية وتعزيز دورها.

وإذ اعتبرت الورقة المجلس المحلي الحالي للمحافظة أول مجلس محلي رسمي منتخب يزاول صلاحياته ومهامه مبتدئاً من نقطة البداية مقارنة بمجالس المحافظات التي لا شك أنها اكتسبت خبرات عملية وإدارية في ممارسة المهام والصلاحيات من تجارب المجالس السابقة، وقد كان لتجميد المجلس المحلي في الدورة الانتخابية السابقة تأثيرات على التنمية والمشاركة في صنع القرارات والخطط والبرامج التنموية، كما أن غياب التجربة لدى المجلس المحلي الحالي في الإدارة التنموية أثرت بشكل كبير على قدراته في العمل لصالح التنمية بالمحافظة.

التعليم ودور المجلس المحلي:

اتخذ المجلس المحلي قراراً يقضي بتشكيل لجنة برئاسة أحد أعضاء المجلس المحلي وعضوية كل من مكتب التربية والتعليم والخدمة المدنية مهمتها عقد لقاءات منتظمة مع الجهات الرسمية بالمديريات ممثلة بمدير المديرية أو من ينوبه ومدير إدارة التربية في المديرية المعنية وذلك لتقصي الحقائق حول القوى العاملة فيها بمختلف تخصصاتها وما إذا كان هناك فائض أو احتياج سواء على مستوى المعلم أو الإدارة وذلك لإعادة التوزيع لسد الاحتياج وسحب الفائض الإداري للتدريس خصوصاً من يحملون مؤهلات بتخصصات لها احتياج قائم، وتعتبر تلك العملية هي الخطوة الأولى للمجلس المحلي منذ انتخابه في محاولة لإصلاح ما فسد من القضايا المتعلقة بالتعليم وقد كان لتشكيل تلك اللجنة اصداء واسعة في المجتمع تأييداً للإصلاح وشك وريبة لدى من يشعرون بأن عمل اللجنة يحد من مصالحهم أو يؤثر عليها، وقد تبين للجنة بعض مكامن القصور والخلل التي تتطلب الحلول اللازمة، وساهمت اللجنة في إعادة التوزيع مرة أخرى بما يخدم العمل التربوي وبمحاضر مثبتة ورسمية والرفع للمجلس المحلي بإحالة من تنطبق عليهم شروط الإحالة للتقاعد أو الوفاة وألزمت اللجنة الجهات المعنية بالمديرية تحديد أسماء بكشوفات للمنقطعين عن العمل بهدف عمل خطة للمجلس للتوظيف بالبدل لسد النقص في الاحتياج على مستوى المحافظة، كما تبين للجنة إعداد المنقولين خارج المحافظة وأقرت أسماء من تنطبق عليهم شروط النقل وتم الرفع بأسمائهم لاستكمال عملية النقل مالياً وإدارياً، وقد أقر المجلس المحلي وهيئته الإدارية تغيير مدراء إدارات التربية والتعليم في الخمس المديريات الكبرى، وتعيين من كان يعتقد المجلس المحلي ومعه مكتب التربية بأنهم الأفضل وقد نفذ ذلك ما عدا مديرية واحدة لم يبت فيها نظراً لممارسة كثير من الضغوط على قيادة المحافظة كما مورست علي الشخص البديل مما أدى إلى التهرب من العمل والإفصاح عن اعتذاره.

تقول الورقة أنه نتيجة لانتشار ظاهرة الغش بشكل فاضح في مدارس المحافظة خصوصاً في امتحانات الشهادة الثانوية لازدياد المراكز الاختبارية لظروف اجتماعية في الغالب وقد وقف المجلس المحلي أمام تلك المشكلة وتم مناقشتها بجدية باعتبار استمرار السكوت عليها يهدد مستقبل التعليم برمته وقد وضع المجلس آليات متعددة منها توفير ما يقارب ثلاثة مليون ريال موازنة إضافية تضاف إلى الموازنة المعتمدة من وزارة التربية، وتم تكليف كل عضو مجلس محلي أن يرشح ما بين (2-3) من الأشخاص الجيدين والمعروف عنهم النزاهة والجدية وممن يحملون هم إصلاح التعليم لتعيينهم رؤساء للمراكز الامتحانية وقد تم توزيع أسماء أولئك المرشحين على ما يقارب (20) مركزاً حسب الظروف الاجتماعية وكذا تشكيل لجنة لكل مركز اختباري من أعضاء المجلس المحلي والمكتب التنفيذي وتسمى اللجنة الإشرافية يرأسها عضو محلي المحافظة وتقوم بالإشراف على المركز الاختباري المعني حتى نهاية الدوام وهكذا فقد نجحت الجهود في الحد من عملية الغش وكان لها صدى كبير لدى المجتمع وقد عكست صورة إيجابية عن الوضع الاختباري في مأرب للمرة الأولى منذ التسعينيات وقد كان أهم المعوقات التي واجهت اللجان النفقات المالية اليومية والاحراجات التي كان يتعرض لها الفريق من بعض أولياء الأمور والمتجمهرين أمام المراكز الاختبارية.

أما بالنسبة لتصويب وتصحيح بعض الأخطاء في إدارات مكتب التربية والتعليم فقد دعا المجلس المحلي مكتب التربية والتعليم بالمحافظة بكافة إداراته للوقوف على أهم المشاكل المالية والإدارية وقد طلب المجلس من كل إدارة خطة زمنية بعملها على مدى العام وتم مناقشة الخطط بالإضافة والتعديل من قبل المجلس، وأقرت اللجنة توزيع النفقات التشغيلية بشكل يسمح لكل إدارة تنفيذ خطتها طوال العام، وخلال تلك الاجتماعات أضيفت مهمة أخرى لفريق التوجيه وهي تصميم استمارة لحصر الكادر التدريسي في كل المدارس ومستوياتهم التأهيلية ومؤهلاتهم وقدراتهم العملية وقد أقر المجلس المحلي تنفيذ برنامج زمني للنزول الميداني من (3-5) أيام لكل مديريات المحافظة وقد أسفرت تلك الزيارات عن وضوح الرؤية حول الواقع المتردي لمستوى الأداء العام بالمديريات وغياب معظم مدراء المديريات من التواجد بمقر أعمالهم بالرغم من البلاغات المسبقة وقد اكتشفت اللجنة توقف الدراسة في أكثر من أربع مدارس بمديرية بدبدة قبل انتهاء العام الدراسي 2008-2009م بشهرين وبقية المدارس متوقفة عن العمل ما يقارب 20 يوماً قبل تاريخ النزول، كما تبين وجود ثلاثة فصول من الصفوف الأولى في ذات المديرية يدرسون في أكواخ أو بقايا مباني قديمة نتيجة الازدحام في المدرسة القريبة بالإضافة إلى وجود بعض المدارس القديمة جداً دون إضافات جديدة ويتلقى الطلاب تعليمهم في ظلل بجانب المدرسة أو تحت الأشجار، هذا مع وجود طلاب لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس بسبب النزاعات الاجتماعية.

كما تبين للجنة وجود أكثر من ثلاث إدارات فرعية بمديرية صرواح كل منها مستقلة ومرتبطة بمكتب التربية دون وجود أسباب مقبولة ومنطقية لاعتماد تلك الإدارات وذلك يعود لسوء الإدارة التربوية وللتركيبة الاجتماعية العشائرية التي تكرس مفهوم المناطقية، وقد أوصت اللجنة ضرورة وقف إصدار القرارات الإدارية بالإدارات التعليمية الغير مدروسة والتي تسبب إرباك وفوضى في العمل الإداري والتعليمي وبسبب تزايد وتفاقم في هوة الاحتياج القائم في القطاع التعليمي.

الورقة تطرقت أيضاً إلى نقص الخطط والبرامج التربوية المبنية على واقع عملي والنقص الكبير في توفير المعلم المتخصص حسب الاحتياج خصوصاً في مواد (الانجليزي، الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، الأحياء) مع وجود نقص في المناهج الدراسية طوال العام الدراسي في بعض المدارس، يضاف إلى ذلك التسيب والإهمال وعدم الانضباط الوظيفي في أغلب مدارس وإدارات التربية وتشتيت وتفريخ المدارس خصوصاً الأساسية والثانوية ساعد بشكل كبير في تشتيت الجهود في توفير المعلم، مع بروز ظاهرة تفريغ المدارس من مدرسيها واستبدال المدرس الأصلي بشخص بديل دون مراعاة للمؤهل مقابل اقتطاع جزء من الراتب للشخص البديل، كما أن ظهور ظاهرة الانتساب أثرت سلباً على التحصيل العلمي، وهو الأمر الذي ينبغي أن يتم العمل على تحفيز المجتمع وتوعيته بأهمية التعليم وخطورة بعض الممارسات السلبية وأثرها على النشء ليكونوا عوناً لعملية الإشراف والرقابة وتقبل الإصلاحات في هذا الاتجاه مع ضرورة إعادة النظر في الإدارة التربوية الحالية بما فيها الإدارة المدرسية باعتبار أن الإدارة هي الركيزة الأساسية في إصلاح العملية التربوية والتشديد على إكمال الشروط القانونية لشغل تلك الوظائف مع توفير الحوافز اللازمة لجذب المعلم المتخصص المؤهل لاستمرار في أدائه التربوي، وفيما يتعلق بكلية التربية والعلوم والآداب المؤمل منها تخريج دفعات تساهم في رفد العملية التربوية والتعليمية بالعديد من الكوادر أوصت ورقة المجلس المحلي بضرورة فصل الكلية مالياً وإدارياً عن جامعة صنعاء مع التمسك بدور الإشراف عليها.

الصحة ودور المجلس المحلي

قالت ورقة المجلس المحلي أن البنية المؤسسية للصحة في مأرب في وضع لا بأس به رغم الاحتياج في بعض المناطق البعيدة ولم تستطع السلطات المحلية الوفاء بالتزاماتها تجاهها لشحة الموارد من جهة ومن جهة أخرى للتشتت السكاني الذي ساهم في صعوبة إيصال الخدمات للسكان، مع وجود نقص كبير في الكادر الطبي المتخصص في معظم المنشآت الصحية، ناهيكم عن وجود وحدات صحية مغلقة تماماً منذ إنشائها وهي في مناطق بأمس الحاجة إلى تقديم أبسط الخدمات الطبية دون اتخاذ أي إجراءات من الجهات المختصة حيال ذلك، وهو ما يقودنا إلى القول بأن مستوى تقدم الخدمات الصحية للمرافق الصحية الحكومية ضعيف في أغلب المديريات مع وجود تفاوت في المستويات لتلك المرافق، ومع غياب دور السلطات المحلية المعنية في الرقابة والمحاسبة الحقيقية إلا أن هناك تدني في مستوى التدريب والتأهيل للكادر الإداري والصحي وغياب دور فاعل للمجتمع المحلي والرأي العام في الضغط باتجاه تحسين مستوى تقديم الخدمات الصحية بسبب المجاملات والسكوت على الأخطاء وإذ يحتاج الأمر إلى تفعيل اللوائح الإدارية والالتزام القطعي بها في عملية التعيين أو الترقية في المؤسسات والمرافق الصحية طبقاً للشروط والمعايير التي تستند على الدرجات العلمية والكفاءة الإدارية المؤهلة، فإن العمل على انتهاج أسلوب إداري جديد مبني علي الثقة والمصداقية بين الإدارات الصحية الأعلى فالأدنى والعكس بما يكفل لكل الأطراف الشفافية والوضوح في التعامل لتصب جميع تلك الجهود لمصلحة تقديم خدمات صحية أفضل.

وقد عمل المجلس المحلي عدد من المعالجات لواقع الصحة والتي تعاني في أغلب مرافقها من نقص في الكادر الطبي والفني وتعتبر من أبرز عوامل تدني مستوى تقديم الخدمات في بعض المرافق الصحية وأقر ضرورة توفير طبيب على الأقل وفني أشعة وفني مختبرات وطبيبة إن أمكن لمستشفى أو مركز رئيسي واحد في كل مديرية، كما تم الاتفاق على الإعلان في الصحف الرسمية لاستقدام أطباء وفنيين مقابل حوافز مشجعة تم تحديدها بخمسين ألف ريال للطبيب أو الطبيبة وإن كان من أبناء المحافظة بـ(25 ألف ريال) وعشرين ألف ريال للفني من خارج المحافظة وعشرة ألف ريال إن كان من مأرب وذلك لمواجهة عزوف الأطباء عن العمل في المحافظة وقد أقر المجلس مواجهة تلك المكافآت من اعتمادات الصحة، بالنسبة للمعوقات والصعوبات فقد كان من أبرزها ظهور عدم التعاون من قبل إدارات الصحة بالمديريات وعدم القدرة علي جلب الكوادر الطبية للعمل في المحافظة مع غياب الآلية الواضحة لمتابعة تنفيذ الخطط والإجراءات التي رسمها المجلس المحلي مع غياب التكامل والتنسيق في الأدوار للجهات المعنية وتداخل الصلاحيات وشحة الموارد المحلية وغياب روح الانسجام والتواؤم بين المجالس المحلية والمكاتب والإدارات التنفيذية في عموم المحافظة مع غياب كلي لمبدأ الثواب والعقاب.

التنمية البشرية وتوسيع صلاحيات المحليات

تشير الورقة إلى أن الظروف الراهنة والواقع الفعلي في محافظة مأرب حالت دون تطبيق أو تنفيذ أي سياسة إصلاحية تخدم العملية التنموية لقطاعي الصحة والتعليم ولازالت عائقاً أمام دور حقيقي وفعلي للمجالس المحلية في إدارة العملية التنموية بشكل صحيح، غير أنه لازال هناك الكثير من الإمكانيات والعوامل والفرص مواتية ومن شأنها أن تسهم بالنهوض بعمل المجالس المحلية وتعزيز دورها من خلال منح المزيد من الصلاحيات وتوفير قدر أكبر من الإمكانيات وتنمية القدرات البشرية وتوسيع الصلاحيات، كما أن الدفع باتجاه مزيد من التنمية واستكمال البنى التحتية والاقتصادية سيساهم في خلق الأمن والاستقرار لإيجاد أرضية مناسبة تسهل عملية الانتقال التدريجي لهذه المجتمعات من نظام الفوضى وعدم الاستقرار إلى نظام المجتمع الذي ينشد الأمن والسكينة والاستجابة للمتغيرات الإيجابية، مع ضرورة زيادة نسبة الدعم المركزي للمحافظة، نظراً لشحة وندرة الموارد المحصلة محلياً، والدفع باتجاه إقامة علاقة انسجام بين المجالس المحلية والأجهزة التنفيذية كشرط من شروط نجاح التنمية.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة المنتديات الحوارية