«صالح» ينحني لعاصفة «الحوثيين» ويقرر الاختفاء «حفاظاً على حياته»

السبت 16 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 09 مساءً / مأرب برس - صنعاء
عدد القراءات 3863

قرر الرئيس اليمني المخلوع علي صالح الانحناء أمام العاصفة الحوثية والامتناع عن أي نشاطات اجتماعية على أن يمثله في مناسبات العزاء وغيرها الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي عارف الزوكا.

وفسرت مصادر سياسية يمنية خطوة علي عبدالله صالح بالرغبة في المحافظة على حياته بعدما بلغته أنباء عن نيّة جماعة الحوثي التخلّص منه جسديا تصفية لحسابات قديمة معه.

واعتبرت المصادر نفسها الخطوة التي أقدم عليها الرئيس المخلوع بأنها نتيجة ممارسات حوثية ترفض أي شراكة بالسلطة في صنعاء.

وكان أفضل تعبير عن ذلك، بلوغ الخطاب الحوثي درجة التحدي لدول الخليج العربية وتهديدها بالصواريخ في وقت لا يزال الرئيس السابق يراهن على الوصول إلى تسوية سياسية.

وقالت المصادر إن تفرّد الحوثيين بالقرار السياسي جعل من “الشراكة” القائمة بينهم وبين المؤتمر الشعبي غير ذات معنى.

وترافق هذا التفرّد مع خطة عسكرية وأمنية محكمة قضت بتطويق “اللجان الشعبية” التابعة للحوثيين للأحياء التي يتنقل فيها علي عبدالله صالح وأفراد عائلته وإقامة حواجز ثابتة وأخرى طيّارة فيها ووضعهم تحت المراقبة الدائمة.

وفي خطوة وصفت بالمفاجئة وغير المتوقعة كشف صالح عن نقل كافة أنشطته الاجتماعية إلى الأمين العام لحزبه عارف الزوكا ليمثله شخصيا في كافة المناسبات الاجتماعية المختلفة.

وجاء إعلان صالح عن هذا القرار عقب ساعات من لقاء جمعه بزعيم الجماعة الحوثية عبدالملك الحوثي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين صنعاء وصعدة، وتسرب معلومات عن توصل الطرفين إلى اتفاق غير معلن لإنهاء الأزمة التي سادت العلاقة بين الحوثيين وحزب المؤتمر.

وترافق هذا الإعلان المثير للجدل مع إعلان مشابه لأحد المقربين من الرئيس السابق ومستشاره الإعلامي نبيل الصوفي الذي كشف عن اجتماع جمع قيادات إعلامية من حزب المؤتمر معروفة بانتقادها للحوثيين وقيادات حوثية وأخرى من حزب صالح وحملت في طياتها تهديدا غير مسبوق تجاه كل من ينتقد الحوثيين، وهو ما دفع الصوفي للإعلان عن توقفه عن الكتابة السياسية.

ورجحت مصادر “العرب” تعرض الرئيس السابق وحزبه لتهديدات مباشرة من زعيم الجماعة الحوثية، وتخييره بين الاحتجاب عن المشهد أو التعرض لعواقب وخيمة قد تطال حياته وحياة أسرته وقيادات حزبه.

ويستغرب المحلل السياسي اليمني فارس البيل إقدام صالح على هذه الخطوة التي تتناقض مع شخصيته وخصوصا أنه تعود على المشاركة الشعبية واعتمد على هذه الوسيلة طيلة تاريخه.

ويشير البيل في تصريح لـ”العرب” إلى أن نشاط صالح الاجتماعي والظهور الإعلامي يسبب إزعاجا للحوثيين، لأنه يظهره كمن يمسك بكل الخيوط وصاحب القرار، لذلك يبدو أنهم أبلغوه بهذا الأمر في إطار تفاهمات متبادلة في محاولة لإخفاء وتهدئة الخلاف الدائر بينهما.

وأضاف “تبدو تنازلات صالح وإن لم تكن بطريقة مباشرة، كأنها تأتي في إطار شعوره بالحصار والتضييق ومناورته لإطالة أمد التحالف مع الحوثيين رغم كل الأضرار التي تصيبه جراء ذلك”.

ويذهب المحلل السياسي اليمني عزت مصطفى إلى أن صالح دخل مرحلة التوجّس والشك بكل من حوله بعد أنباء عن اختراق الحوثيين لشخصيات قريبة جدا منه، وأن ذلك يقوده حتما إلى العزلة والعودة إلى تشديد إجراءات التخفي، وخصوصا أن هذا الاختراق وارد بشكل كبير منذ سيطرة الحوثيين على أجهزة الاستخبارات وخاصة جهاز الأمن القومي.

وقال مصطفى “واضح أن الشراكة بين صالح والحوثيين في آخر أيامها وأن انتهاءها معناه محاولة التخلص من الرئيس السابق خاصة وأنه لم يعد يملك ما يقدمه من تنازلات في هذه الشراكة”.

وشهدت العلاقة بين حليفي الانقلاب حالة توتر غير مسبوقة بلغت ذروتها عقب إصرار المؤتمر الشعبي على إقامة مهرجان جماهيري في ميدان السبعين بصنعاء في 24 أغسطس الماضي بمناسبة الذكرى 35 لتأسيس الحزب، وتعرض نجل صالح للإصابة جراء توقيفه في كمين حوثي مستحدث على مقربة من منزل والده، فيما لقي نائب رئيس دائرة العلاقات في حزب المؤتمر المقرب من صالح، خالد الرضي مصرعه في ذات الحادث، بالتزامن مع حملة اعتقالات واعتداءات طالت مقربين من صالح.

ومع تسرب أنباء عن اتخاذ الحوثيين لقرار التخلص من الرئيس السابق، ظهر صالح في حوار تلفزيوني على "قناة اليمن اليوم" التابعة له وقد بدت عليه علامات القلق والضعف، وقدم في اللقاء خطابا مهزوزا غلب عليه طابع الضعف وتقديم التنازلات، في مؤشر على حجم الضغوط والتهديدات التي تعرض لها، الأمر الذي يفسر حرصه على الانحناء لعاصفة الغضب الحوثية.