هذا هو السلالي المتعصب لفك الارتباط بالمخلوع .. ولهذه الأسباب يحمل أكوما من الحقد على زعيم المؤتمر ؟

الأحد 27 أغسطس-آب 2017 الساعة 05 مساءً / مأرب برس - العرب - صالح البيضاني
عدد القراءات 6185

بسبب بساطة مظهره وحالة الصدمة التي خلفها لدى اليمنيين ، تحول محمد علي الحوثي إلى موضع للسخرية والتهكم وأطلقت عليه الكثير من النكت السياسية، كما أخذ البعض في تتبع بدايته والمهن المتواضعة التي عمل فيها قبل أن يبزغ نجمه المفاجئ، وقد التصقت به العديد من الصفات والنعوت التي بات الشارع يعبّر من خلالها عن تذمّره واستيائه من الطريقة البدائية التي أدار بها الحوثيون البلاد وأصبح محمد علي الحوثي أيقونتها.

قائد بالصدفة

من دون مقدمات وجد اليمنيون شخصا لم يسمعوا به من قبل وقد تصدر الواجهة السياسية في أعقاب الاجتياح الحوثي للعاصمة صنعاء في الـ21 من سبتمبر عام 2014. كان يبدو أن إنجازه الوحيد يتمثل في صلة القرابة التي تجمعه بزعيم الجماعة الحوثية عبدالملك الحوثي، هكذا خمّن اليمنيون للوهلة الأولى عندما شاهدوا على قناة اليمن المختطفة المذيع وهو يعلن عن تمكين رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي مقاليد البلاد.

وحتى الآن لا يعرف اليمنيون الكثير من المعلومات عن هذه الشخصية الغامضة التي تسلطت عليهم بين عشية وضحاها وبالكاد استطاع بعضهم أن يعرف اسمه الكامل “محمد علي عبدالكريم أميرالدين الحوثي” وتاريخ ميلاده “1979” وبطبيعة الحال مكان ميلاده في محافظة صعدة التي ينحدر منها معظم قادة الجماعة الحوثية، إضافة إلى موقعه العائلي في أسرة الحوثي كأحد أبناء عمومة عبدالملك الحوثي ومن فرع استطاع أن يجد له موطئ قدم في مرحلة ما بعد الانقلاب.

سجين سابق

سجله السياسي لا يوجد فيه أيّ رصيد يذكر، حيث تم تعيينه من قبل ابن عمه عبدالملك الحوثي رئيسا لما يسمّى بـ”لجنة الرقابة الثورية” في فبراير من العام 2015 وهي اللجنة التي سرعان ما تحوّلت عقب الإعلان الدستوري للانقلابيين إلى “اللجنة الثورية العليا” التي أسندت إليها مهمة إدارة مؤسسات الدولة في المناطق التي كانت آنذاك تحت سيطرة المتمردين في ظل غياب كافة الأجهزة التنفيذية في الدولة التي عمل الحوثيون على تفكيكها حتى يعاد بناؤها من جديد وفقا لأسس طائفية وحتى يتمكنوا من إحكام قبضتهم عليها من خلال فرض الموالين لهم في الكثير من المواقع الحساسة وهي المهمة التي تولى عبرها محمد الحوثي خلال فترة توليه مهام دولة مختطفة لم يكن يعرف عنها شيئا من قبل.

على الأرجح لم يشارك محمد علي الحوثي في حروب صعدة التي شهدها اليمن بين عامي 2004 و2010 بين الحوثيين والجيش اليمني حيث ظل خلال تلك الفترة قابعا في سجن الأمن السياسي بصنعاء، وهي أطول فترة يقضيها قيادي حوثي في سجون الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث كانت الوساطات القبلية في فترات الهدن التي تخللت الحروب الست تسفر في الغالب عن إطلاق سراح بعض القيادات الحوثية السياسية، وهو الأمر الذي لم يستفد منه محمد الحوثي ربما لهامشيته في ذلك الوقت في هرم القيادة الحوثية.

مواقف مفاجئة

حتى بعد إطلاق سراحه في العام 2010 لم يظهر الرجل على رادار الأحداث بالرغم من مشاركته في التظاهرات والاعتصامات ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح في العام 2011 مدفوعا بحقدين شخصيين ضده تمثّل الأول في الحرب التي خاضها صالح ضد عائلته وجماعته وقتله العشرات منهم وفي مقدمتهم مؤسس الجماعة الحوثية حسين بدرالدين الحوثي والثاني فترة الاعتقال الطويلة التي قضاها في زنازين الأمن السياسي بصنعاء، وهذه من الأمور التي لازمت محمد الحوثي وجعلته يقود الجناح المتشدد ضد صالح فيما بعد.

وفي ذكرياته عن المعتقل يكتب القيادي الحوثي المنشق علي البخيتي بعض الذكريات التي جمعته بمحمد الحوثي الذي يكنيه الحوثيون “أبوأحمد” الذي رافقه لفترة وجيزة في سجن الأمن السياسي بصنعاء في العام 2008. وعن تلك الفترة يقول البخيتي في سرده لأحداث تلك الفترة التي تعرّف فيها على الحوثي الغامض كما يسميه “كان يزورني محمد علي الحوثي (أبوأحمد) في زنزانة الأمن السياسي في 2008 خلسة ويعطيني تمرا وحليبا أثناء فترة التحقيق معي”، ويضيف “ثم تعودت عليه، وإلى الآن لا أزال ممتنا لأبوأحمد الحوثي (رئيس اللجنة الثورية)، وعند نقدي له أنتقي المصطلحات بعناية حتى لا أجرحه، وأمتنع نهائياً عن توجيه نقد شخصي له كما فعل الكثيرون، وعلى العكس من ذلك كتبت مقالا فيه إشادة به، تحدثت عن جوانب من شخصيته التي كانت غامضة على الكثير من الذين انطبعت عندهم صورة نمطية إجمالية سيئة عنه”.

وعن جوانب من شخصيته السياسية وأسلوبه في إدارة الملفات يضيف البخيتي “خطيب مفوّه، لكن في الجوانب الدينية، يمكن أن يحاضر لعدة ساعات، لديه طاقة جبارة، يدرس الملفات التي تعرض عليه بعناية بما فيها الملفات الاقتصادية والمالية ويحفظ بعضها عن ظهر قلب وبالأرقام، لكن يفتقر إلى الخبرة والحنكة السياسية”.

ووجهت انتقادات شعبية وسياسية كثيرة لطريقة إدارة اللجنة الثورية العليا لمؤسسات الدولة، إضافة إلى تحميل محمد علي الحوثي مسؤولية الكثير من عمليات الفساد التي مرّت في فترة إشراف اللجنة المذكورة على إدارة الدولة، وهو الموضوع الذي أثير مجددا من خلال اتهامات وجهها حزب المؤتمر للجنة الثورية التي قال إنها تسلّمت الدولة والبنك المركزي اليمني يحتوي على أكثر من أربعة مليارات دولار أميركي وسلّمت السلطة للمجلس السياسي الأعلى وقد أصبح البنك خالي الوفاض.

كما توجه أصابع الاتهام لمحمد علي الحوثي بالوقوف في طريق أيّ اتفاق بين الحوثيين وصالح، حيث كان الأخير يصرّ على ضرورة حلّ اللجان الثورية قبل الانخراط في أيّ تحالف، وهو ما تم بعد فترة طويلة من التجاذبات، لكن محمد الحوثي رفض لاحقا حلّ لجانه، وهو ما كان سببا في الكثير من فترات التوتر في العلاقة بين شركاء الانقلاب.

انتقادات شعبية وسياسية كثيرة توجه لطريقة إدارة اللجنة الثورية العليا لمؤسسات الدولة، إضافة إلى تحميل محمد علي الحوثي مسؤولية الكثير من عمليات الفساد من خلال اتهامات وجهها له حزب المؤتمر.

يسعى محمد الحوثي للفت الأنظار من خلال اتخاذ مواقف غير متوقعة في الكثير من الأحيان وهو لا يفوّت فرصة من أجل أن يسلط الضوء عليه، وقد كانت أزمة قطر ودول الرباعية فرصة سانحة ليطلّ برأسه في تلك الأزمة من خلال إرسال رسائل وإشارات ملتبسة ولكنها في كل الأحوال تكشف عن فتحه لقناة تواصل قديمة مع الدوحة التي تربطها علاقة خاصة بالكثير من قادة الحوثيين منذ اقتحامها الملف اليمني في العام 2007 كوسيط بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية وتورّطها بحسب تقارير في دعم الميليشيا الحوثية ماليا وعسكريا وسياسيا وهو الأمر الذي أفضى لبعث الجماعة التي كانت تلتقط أنفاسها الأخيرة في جبال “مران” بمحافظة صعدة أقصى شمال اليمن.

 أعلن الحوثي في العديد من منشوراته التي كتبها على وسائل التواصل الاجتماعي عن انحياز جماعته لقطر التي أشاد بها، وقدم لها النصح، كما أثار أزمة إعلامية عقب كشفه عن تواصل الدوحة معه بهدف إعادة افتتاح مكتب قناة الجزيرة في صنعاء قائلا إنه أحال هذا الملف للسلطات المختصة وهو ما نفته القناة لاحقا بواسطة بيان خجول أكد ضمنا مساعي القناة للتطبيع مع الحوثيين ورغبة قطر في التطبيع السياسي معهم واستئناف اللعب بهذه الورقة في سبيل إقلاق أمن المنطقة.

وفي جانب آخر يتهم محمد الحوثي بتزعّم التيار المتشدد في الجماعة الحوثية الرافض لاستمرار الشراكة بين الحوثيين وصالح، وتتباين وجهات النظر حول موقفه المتصلب الذي كاد مؤخرا يفضي إلى صدام مصلح بين الحوثيين وأنصار صالح، حيث لعب الرجل كعادته دورا تخريبيا في اتجاه إفشال الشراكة بين الطرفين بل سعى إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يتهمه بعض أنصار الرئيس اليمني السابق بأنه يتبنى فكرة التخلص من علي عبدالله صالح إمّا سياسيا أو ماديا، وهو ما جعله عرضة للهجوم من إعلام المؤتمر وبعض قياداته في الآونة الأخيرة.

تحت المجهر

في أزمة المهرجان الذي نظمه أنصار صالح بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس الحزب، التي أقيمت في قلب العاصمة صنعاء مؤخرا، أجبر محمد الحوثي بصفته رئيس ما يسمّى اللجنة الثورية العليا والذي يتهم بقيادة حملة التحريض على الرئيس السابق على إصدار بيان يغلب عليه طابع التهدئة بعد أن رفع شعارات صدامية كادت تسبب في انفجار الوضع بين الحوثي وصالح، ومن بينها شعارات “التصعيد مقابل التصعيد” و”اقتحامات لا انتخابات”، وفي محاولة للتخفيف من حدة بيان سابق، يقال إنها جاءت بناء على أوامر من زعيم الجماعة الحوثية في صعدة، دعا محمد علي الحوثي الرئيس السابق للاعتذار مقابل التهدئة لنزع فتيل التوتر الذي تجاوز مرحلة المناوشات الإعلامية إلى مرحلة التهديد المباشر لصالح وحزبه، كما عبّر عن عدم قبوله “بأن تنزلق البلاد -في ظل هذه الظروف- إلى أتون صراعات داخلية”.

أطول فترة يقضيها قيادي حوثي في سجون علي عبدالله صالح هي التي قضاها محمد علي الحوثي، حيث لم يستفد من الوساطات القبلية خلال الحروب الست لهامشيته في ذلك الوقت في هرم القيادة الحوثية

في محاولة متأخرة لتفكيك شخصية القيادي الحوثي الذي يتهيأ للانقضاض على شركائه في حزب المؤتمر كشف الإعلامي نبيل الصوفي المقرب من الرئيس اليمني السابق عن معلومات جديدة حول شخصية رئيس اللجنة الثورية للحوثيين محمد علي الحوثي.

وسرد الصوفي في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك حادثة غير معروفة من قبل حدثت بين محمد الحوثي ورئيس حكومة الوفاق اليمني السابق خالد بحاح وقال “ذهب محمد علي الحوثي ليقابل خالد بحاح لكي يعينه رئيسا للجهاز المركزي للرقابة، فقال بحاح: أنت؟”.

ويضيف الصوفي أن بحاح انصدم من هيئة الحوثي وطريقة حديثه حينها، قبل أن تتطور الأحداث سريعا بعد ذلك بفترة وجيزة ويجلس محمد الحوثي في دار الرئاسة ويسكن في القصر الجمهوري بحسب وصفه.

ومضى الصوفي قائلا “يوم تشكّل المجلس السياسي كان رأي علي عبدالله صالح أن يتواجد محمد علي في المجلس السياسي، وكان رأي عبدالملك الحوثي أن يبتعد محمد علي عن طريق صالح الصماد الذي كلفه بأن يصبح صاحب القرار الأول للجماعة فيما يتعلق بالدولة في صنعاء”.

 

هذا القيادي الحوثي، كما يوصف، ليس صاحب باع في أمور الدين والقبلية بل هو “يخلق قوته بالطرق الجديدة مثل التنظيمات والتحركات وهي الأمور التي تتناسب مع شخصيته الحركية والمندفعة والتي لا تفلح عادة في مناطق قبلية محكومة بتقاليد صارمة”. وهو “شعبوي، لا يكترث للشكليات التي يقف عندها أصحاب الشعارات الدينية.. كان يترك مكتبه داخل القصر الجمهوري ويخرج يخزن مع العسكر في البوابة”، كما يقول الصوفي.

ويميط الصوفي اللثام في سياق حديثه عن سرّ المكانة التي تبوّأها محمد علي الحوثي في صفوف الحوثيين قائلا “هو أجرأ أنصار الله على تهديد التراتبيات داخل الجماعة”، كما يكشف الصوفي عن حمل والد محمد الحوثي للجنسية الأميركية حتى وفاته متسائلا “لا أدرى إن كان يحمل الجنسية الأميركية. لكن والده توفّي قبل أشهر وهو حامل للجنسية الأميركية، ولديهم شركة صغيرة في تلك البلاد”.