القاعدة في اليمن.. تحرّكات مشبوهة وتوظيف لعمليات الاستهداف

السبت 04 مارس - آذار 2017 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس - الخليج أونلاين
عدد القراءات 2149
دون تنسيق مسبق مع الحكومة الشرعية في اليمن، نفّذت واشنطن عملية عسكرية، نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بمحافظة البيضاء، في مهمة اعتبرها مسؤول رفيع في وزارة الدفاع اليمنية "الخيار الخاطئ"، و"العملية الفاشلة"، وأن المستفيد الوحيد منها هو تنظيم القاعدة.
واعتبر محللون أن العملية تخدم التنظيم؛ بالنظر إلى الطريقة التي نُفّذت بها وخلّفت ضحايا مدنيين سيلقون مساندة وتعاطف الرأي العام، كما اعتبر البعض موعد تحرّك التنظيم والمناطق التي يتحرّك فيها يرتبط بقوى الانقلاب، التي تواجهها الشرعية في حرب مفتوحة على أكثر من جبهة.
الباحث والمحلل السياسي اليمني، علي الذهب، أشار لـ "الخليج أونلاين" إلى أن سقوط مناطق من محافظة أبين في قبضة تنظيم القاعدة أمر وارد، وليس هناك سبب خفي.
ويضيف الذهب: "محافظة أبين تمثّل المعقل الرئيس للقاعدة وقادتها الميدانيين وعناصرها المقاتلة، ومن ثم فكلما ضعف موقف السلطة وتراجعت قوتها، انقضّ أنصار الشريعة على المدن، ولعل انسحاب قوات الحزام الأمني من بعض المناطق أتاح للقاعدة العودة والسيطرة، ولا يستبعد استفادتها من أي أطراف مناوئة للشرعية"، منوّهاً بـ "ضرورة عدم إغفال أثر العملية الأمريكية على التنظيم في محافظة البيضاء، وكيف أنها حفّزته على الانتقام وتوسيع نشاطه".
ويرى الذهب أن التأثير وارد، لكن تقييمه الآن سيكون غير دقيق؛ لأن القاعدة ليست خصماً للشرعية فحسب، بل في المقام الأول للولايات المتحدة، ولذلك فستكون هدفاً مستمرّاً للطائرات دون طيار، وقد تستعيد قوات تابعة للشرعية المناطق التي وقعت في قبضة التنظيم، فيكون تأثيرها غامضاً، ومع ذلك يمكن إدراك بعض الآثار، إذ يفترض أن تكون القوات التي ستواجهها في جبهة من الجبهات التي تواجه قوى الانقلاب.
وأشار الذهب إلى أن تنظيم القاعدة في اليمن له مشروعه الخاص، ولا يستبعد أن يستفيد من أي طرف، سواء من صالح ومليشيا الحوثي، أو أي طرف خارجي، فالتنظيمات الإرهابية لا تختلف عن منظمات الجريمة المنظمة في تقاطع بعض المصالح.
وفي وقت سابق، حذّرت مجموعة الأزمات الدولية من أن الفرع اليمني لتنظيم القاعدة "أقوى من أي وقت مضى"، لافتة إلى أنه قد يفيد من عمليات عسكرية شبيهة بأول عملية أمريكية أمرت بها إدارة الرئيس دونالد ترامب، وأسفرت عن مقتل مدنيين في محافظة البيضاء وسط البلاد.
مجموعة "إنترناشونال كرايزيس غروب" أوضحت في تقرير بعنوان "القاعدة في اليمن: قاعدة في طور التوسّع"، كيف استفاد تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، ومنافسه تنظيم الدولة، من الفوضى والحرب في اليمن منذ العام 2014، وهو العام الذي شهد الانقلاب المسلّح لمليشيا الحوثي والمخلوع صالح على مؤسسات الدولة.
وأشارت إلى أن تلك الجهود ستُقوّض في حال أقدمت بلدان -كالولايات المتحدة- مهتمّة بقتال القاعدة في جزيرة العرب والفرع الناشئ لتنظيم الدولة، على اتخاذ إجراءات عسكرية تتجاهل السياق المحلّي، وتتسبب بخسائر كبيرة بين المدنيين
المحلل السياسي والباحث في العلاقات الدولية، عادل المسني، رأى أن قوى الانقلاب هي المحفّز الفاعل للقاعدة بغرض إرباك الشرعية والتحالف وإعاقة تقدّمها.
وأشار المسني، في تصريح خاص لـ "الخليج أونلاين"، إلى أن ملف القاعدة في اليمن تراجع إلى حدٍّ كبير، بحيث لم يعد مقلقاً أبداً مع انبثاق العملية العسكرية الواسعة للتحالف والشرعية، في عملية جسورة لاسترداد الأرض والمؤسسات من قوى الانقلاب، التي تحاول لفت أنظار المجتمع الدولي إلى خطر القاعدة وتضخيمه؛ في محاولة منها للتغطية على جرائمها، وحرف بوصلة الصراع باتجاه القاعدة.
واعتبر المسني محاولات الانقلابيين تلك "فاشلة" و"غير مثمرة"؛ في ظل النجاحات المتتالية للشرعية والتحالف في ضرب معاقل القاعدة في أبين وحضرموت، وإلحاق أكبر الأذى بها، وهي تمضي بعزم في معركتها الأم مع الانقلاب، مؤكداً أن خطر القاعدة تراجع مع التقدّم الكبير للشرعية والتحالف في المعارك المحتدمة في أكثر من جبهة، وأهمّها الساحل الغربي، واقتراب التحالف من آخر القلاع الحصينة للانقلاب في الحديدة، وهي المعركة الفاصلة؛ لما تمثّله من أهميّة اقتصادية وحيوية ومورد أساسي للدعم والإسناد، وآخر الموانئ التي تربط الانقلابيين بالدعم القادم من إيران.
ونفّذ التحالف العربي غارات عدة في أكثر من فترة ضد تنظيم القاعدة، كما تحرّكت قوات الجيش الوطني لحماية وتأمين بعض المناطق العسكرية لضمان عدم تمدّد التنظيم نحوها، وهي تنشط كثيراً في عمق الجنوب، وتنفّذ عدة عمليات في مناطق غالباً لا تصل إلى أماكن سيطرة الانقلابيين.
المسني نوه بأن وقع الانتصارات وصدى رجعها في صنعاء جعلت الانقلابيين وداعميهم يحاولون إنعاش خطر القاعدة؛ بغرض ابتزاز التحالف، وفرض أجندة من شأنها أن تعكّر صفو الحسم المظفّر، والجميع يدرك أن أضعف حلقات الصراع في المشهد اليمني هي القاعدة؛ لما مُنيت به من ضربات دكّت وجودها في الجنوب، وأصبح من الصعب أن تنشط وقوات التحالف تسبح في أرض الجنوب والشرعية بكل ثقلها تدير الدولة من الداخل.
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن