الحوثيون... من التمرد والثورة إلى الانقلاب

السبت 11 فبراير-شباط 2017 الساعة 02 مساءً / مأرب برس - العربي الجديد
عدد القراءات 2670
باتت جماعة أنصار الله (الحوثيين)، واجهة في تحالف الانقلاب على ثورة 11 فبراير/ شباط 2011، ضد نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، على الرغم من أن الجماعة كانت في بادئ الأمر، من القوى المشاركة بالثورة، وخاضت ست حروب مع النظام قبل 2011، لكن أسباباً عدة دفعت بها منذ عام 2014 إلى التحالف مع رأس النظام، الذي ثاروا عليه في السابق.
نشأ الحوثيون كتنظيم وجماعة مسلحة على عدة مراحل تأسيسية في محافظة صعدة، واشتهرت عام 2004، مع اندلاع أول مواجهة بين مسلحي الجماعة، التي كانت تُعرف آنذاك بـ"الشباب المؤمن"، وبين القوات الحكومية للنظام الذي يرأسه صالح، وبين 2004 و2010، شهدت صعدة ست حروب بين الحكومة والجماعة، قُتل فيها الآلاف، من الجنود وأتباع الحوثيين.
وبسبب طبيعة نشأة الجماعة وأهدافها، التي لا تتفق مع النظام، ثم الحروب الست، كان من الطبيعي، أن يقف الحوثيون مع الثورة التي خرجت ضد نظام صالح مع بزوغ فجر "الربيع العربي" عام 2011، باعتبارهم كانوا جماعة ملاحقة من النظام، وتحمل السلاح في وجهه.
وكان انضمام الجماعة للثورة من حيث المبدأ، خطوة إيجابية، في نظر القوى الأخرى في الثورة، باعتبار هذا الانضمام نقلة للحوثيين من الإطار المسلح إلى الإطار المدني. وكانت الآمال حينذاك أن تسهم ساحة الثورة، التي وحدت العديد من القوى السياسية ضد فساد النظام، في تذويب الخلافات بين الجماعة والفئات الأخرى وستدفع الحوثيين للتخلي عن السلاح.
شارك الحوثيون والناشطون من الأحزاب الصغيرة والقوى المحسوبة أو المتعاطفة مع الجماعة، في فعاليات الثورة، منذ الأسابيع الأولى، عبر إقامة مخيمات خاصة بالاعتصام والمشاركة بالمسيرات. وأسسوا في "ساحة التغيير" بصنعاء، كياناً عُرف بـ"شباب الصمود"، عمل على استقطاب الشباب وتوزيع المنشورات الثورية من وجهة نظر الجماعة.
كما امتد نشاط الجماعة إلى الساحات الأخرى، وخاضت اعتصامات في تعز وإب وغيرها من المحافظات، وكانت المرة الأولى تقريباً التي يجد فيها الحوثيون حيزاً ينشطون فيه، بعيداً عن الملاحقة من الحكومة، بعد أن كانوا جماعة تتمركز في صعدة، وتُتهم بالتمرد على الدولة.
وعلى امتداد فترة الثورة، التي بدأت 11 من فبراير/شباط 2011، واستمرت فعالياتها بشكل أو بآخر حتى نهاية العام نفسه، بدأت علاقة الحوثيين بالثورة تأخذ منحى خاصا. فالقوى التي جمعتها الثورة ضد صالح، لم تكن متفقة بالرؤية تجاه الواقع وبالأهداف المستقبلية المرجو تحقيقها من الثورة، فكان حزب التجمع اليمني للإصلاح (القريب من جماعة الإخوان المسلمين)، على رأس الأحزاب التي تشارك بفعاليات الثورة، وهو حزب يقف في العديد من المواقف والأفكار على النقيض من الحوثيين سياسياً واجتماعياً وفكرياً، فضلاً عن أن الحوثيين كجماعة تتبنى الوصول إلى حكم من منظور مذهبي، لا تتفق مع أغلب قوى الثورة بالأهداف، بقدر ما اجتمعت على معارضة النظام السابق.
في 21 من مارس/آذار 2011، شهد اليمن تحولاً مفصلياً، تمثل في انشقاق عدد كبير من جنرالات النظام والمسؤولين في الحكومة، وإعلانهم تأييد الثورة. وكان على رأس المنشقين، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، اللواء علي محسن الأحمر، الذي كان القائد الميداني الأول للحروب الحكومية مع الحوثيين في صعدة مع الحوثيين.
ومع هذا التحول، باتت القوى الفاعلة بالثورة بالنسبة للحوثيين لا تقل خطورة عن النظام، فأسقطوا محافظة صعدة وسيطروا عليها بالقوة، لتكون أول محافظة يمنية تخرج أغلب مناطقها عن سيطرة النظام. وبدأوأ بتحركات عسكرية وحروب توسعية، باتجاه محافظتي الجوف وصعدة، ليواجهوا مسلحين قبليين وقوى عسكرية محسوبة على الثورة، وبذلك أصبح وجودهم بالنسبة إلى خصومهم بـ"الثورة"، أقرب لتهديد يخدم النظام.
بالتزامن مع الحروب التي دارت خارج صنعاء، استمر الحوثيون بالمشاركة بالاعتصامات ولكن بعض فعالياتهم كانت إلى حد ما بنظر مشاركين بالاعتصامات تحدثوا لـ"العربي الجديد"، تتوجه ضد أطراف وقوى في الثورة، من خلال اتهامها بالتخلي عن الثورة وغيرها من الشعارات. وكانت الخلافات داخل ساحات الاعتصام، وفي مقدمتها صنعاء، هي الأمر السائد في النصف الثاني من العام 2011. 
بعد توقيع اتفاق نقل السلطة من صالح إلى نائبه عبدربه منصور هادي، بناءً على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في 23 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، ومن ثم انتخاب هادي رئيساً في 21 فبراير/ شباط 2012، كانت أغلب المكونات الثورية تخلي ساحة الاعتصام في صنعاء، بشكل تدريجي، بعد أن كانت الساحة تشمل العديد من الشوارع الفرعية على الخط الدائري أمام جامعة صنعاء. لكن الحوثيين كانوا آخر من وافق على سحب الخيام من ساحة الاعتصام، حيث استمرت خيام الحوثيين أو جزء منها، حتى أواخر عام 2014، بعد أن سيطرت الجماعة على صنعاء، بالتحالف مع الموالين للنظام الذي قامت ضده الثورة في 2011.
وتتباين الآراء بخصوص الأسباب التي قادت لتحالف الحوثيين-صالح، فهناك من يرى أن الأخير كان له اختراق على جزء من الجماعة منذ البدء. فيما الواضح أن ما جمع الطرفين فيما بعد، هو الخصومة ضد الأطراف القبلية والحزبية والعسكرية التي تصدرت الثورة من حزب الإصلاح وآل الأحمر، شيوخ قبيلة حاشد، وغيرهم من الأطراف، التي ترى أن للحوثي مشروعه الخاص للاستيلاء على الحكم، بعيداً عن فكرة الديمقراطية، ليتحالف أنصار صالح مع الحوثيين في معركة واحدة توصف بأنها ثورة مضادة. ومع توسع الحرب وتعدد الخصوم بدخول التحالف العربي، توفرت العديد من الظروف لاستمرار هذا التحالف.
في المقابل، يذهب آخرون إلى أن صالح بعد تسليم السلطة، استغل نهم الحوثيين للسيطرة على الحكم وقام بدعمهم من تحت الطاولة للانتقام من قوى الثورة. ومن هنا بدأت الأحداث التراجيدية وخصوصا من عام 2013 ومطلع 2014، حيث حرك الحوثيون مليشياتهم للتوسع العسكري جنوبا باتجاه العاصمة صنعاء، وأسقطوا على طريقهم محافظة عمران وكسروا شوكة بيت الأحمر واللواء 310 الموالي للثورة، وصولا إلى دخولهم صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014. 
واعتبروا أن يوم دخولهم صنعاء يوم انتصار الثورة، ثم السيطرة التدريجية على مؤسسات الدولة ووضع الرئيس هادي تحت الإقامة وصولا إلى الاعلان الدستوري مطلع 2015 وتنصيب لجنتهم الثورية بديلا عن الرئاسة. 
ويقول الصحافي والمحلل السياسي اليمني، مأرب الورد، لـ"العربي الجديد"، إن "ثورة 11 فبراير مثلت فرصة لا تعوض للحوثيين لتحسين صورتهم والاندماج في المجتمع والقبول بمساره في التغيير للآخر، لكن تتابع الأحداث وانكشاف حقيقتهم لمن لا يعرفهم بتحالفهم لاحقا مع من ثار الناس ضده أظهر أنهم لم يكونوا معها حقا، وإنما لديهم مشروع مغاير كليا لتطلعات اليمنيين يختزل الحكم في سلالة معينة ويمنحها أفضلية التفوق على غيرها".