إسرائيل.. بين خطف أطفال اليمن وتعقيم مهاجرات إثيوبيا

الجمعة 06 يناير-كانون الثاني 2017 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - متابعات
عدد القراءات 3225

قضية أطفال اليمن الذين خطفوا أو ماتوا في ظروف غامضة، وقضية المهاجرات من إثيوبيا، عندما حاولت الدولة أن تمنع النساء الإثيوبيات من إنجاب أطفال سود في إسرائيل، هاتان القضيتان تدلان أكثر من أي شيء آخر على شعور الاستعلاء لدى رجال المؤسسة في إسرائيل ذوي العيون الزرق، الذين حاولوا إعادة تأهيل المختلفين عنهم، وتسببوا في ضرر لا يمكن إصلاحه.

لا زالت قضية أطفال اليمن التي وقعت في سنوات الـ50 والـ60 في إسرائيل تثير مشاعر كثير من الأسر، على ما يبدو، فقد غضت إسرائيل الطرف عن خطف وبيع أطفال أو دفنهم من دون أن يهتم أحد بإبلاغ آباء هؤلاء الأطفال، وكل شيء على ما يبدو، كشفت في الأسبوع الماضي الأدلة الكاملة التي كانت من شأنها أن تريح بعض الشيء هؤلاء الآباء، الذين لا زال بعضهم يتلقى رسائل عن أبنائهم، الذين من المفترض أن يكونوا ميتين، حتى وقت قريب، لدي صديق يمني، بن-درور يميني، صديق شخصي ووكيل الدعاية والإعلان في الصحيفة التي أعمل بها، اتصلت به فور معرفة موضوع الكشف، سألته إلى أي مدى، في رأيه، الكشف عن الوثائق حقيقي، وهل فتح الوثائق لمعاينة الجمهور تنهي هذه القضية المؤلمة؟ فأجابني: «كل شيء سياسة»، وأضاف: «لا يوجد أي شيء جديد في الوثائق التي نشرت، وسيظل الألم كما كان».

حسناً، سيقول العيَّابون: إننا، أبناء الطائفة الإثيوبية، بمثابة أجزاء بديلة لليمنيين، وربما يضيفون أيضاً بسخرية أو من خلال ازدراء مثبط، أنه على الأقل بالنسبة للأطفال اليمنيين كان هناك إشكناز مستعدون أن يدفعوا، ولكن الأطفال الإثيوبيين لا يريدهم أحد، على العكس، فقد حاولوا في السابق أن يمنعوكم من إنجاب مزيد من الأطفال السود في إسرائيل، ومن المؤكد أنكم تتساءلون لماذا أدعي مثل هذا الأمر؟.

في 6 يناير 2008، نشرت في «يديعوت أحرونوت»، بحروف كبيرة، مقالاً تحت عنوان «أحياء بلا أطفال» للمرة الأولى، كشف عن نسبة كبيرة نسبيّا من المهاجرات من إثيوبيا اللاتي تم إعطاؤهن حقناً لمنع الحمل، من دون أن يكونوا على دراية بالآثار الجانبية الخطيرة للحقن، أو بدون أن يحصلن على معلومات عن وسائل منع بديلة.

يدور الحديث عن حقنة من نوع ديبو-بروفيرا، التي تُعطَى مرة واحدة كل ثلاثة أشهر ولها آثار جانبية صعبة: من اضطراب الدورة الشهرية وحتى انقطاع الطمث، لدى بعض المستخدمات، توقف الحيض تماماً بعد سنة من الاستخدام، لدى النساء ذوات الميل إلى الاكتئاب، فإن الحقن من شأنه أن يحفز هذه الأعراض، ولا ينصح بالحقن للنساء اللاتي يرغبن في الحمل، أنكرت الدولة حينذاك أنها هي التي كانت تقف وراء إعطاء الحقن الضارة والممنوعة بصورة مفرطة للمهاجرات من إثيوبيا.

إنّ كون أحياء كاملة ظلت يتيمة من الأطفال السود لم يزعج أحداً، والأكثر من ذلك أنه ربما حاولت الدولة تقليص معدلات المواليد بين أبناء الطائفة. 

فقط في عام 2013، اعترف مدير عام وزارة الصحة بروفيسور روني جامزو صراحة أن النساء الإثيوبيات في إسرائيل حصلن على الحقن الضارة من نوع ديبو-بروفيرا، وذلك إما بسبب هذا المقال أو بسبب تحقيق صحافي متعمق أجرته الصحافية جال جباي، في الخطاب الذي بعثه إلى مديري مؤسسات الرعاية الصحية، أمر البروفيسور جامزو بالتوقف عن إعطاء الحقن قائلاً: «أنا أود أن أوجه كل أطباء النساء العاملين مع مؤسسات الرعاية الصحية مستقبلاً ألا يجددوا وصفات ديبو- بروفيرا للنساء من أصل إثيوبي أو نساء أخريات، فلأي سبب من الأسباب هناك خوف من أنهن لم يفهمن آثار العلاج». 

هاتان قضيتان تتعلقان بالأطفال ذوي البشرة الداكنة، فاليمنيون الذين خُطفوا، على ما يبدو، أو ماتوا ميتة غامضة وهم أطفال في سنوات الخمسينيات والستينيات، وتلك الخاصة بالإثيوبيين، التي وقعت أواخر عام 2000، عندما حاولوا منع النساء الإثيوبيات من الإتيان بأطفال سود في إسرائيل، تدل هاتان القضيتان، أكثر من أي شيء آخر، على شعور الاستعلاء لدى رجال المؤسسة ذوي العيون الزرقاء، الذين حاولوا إعادة تأهيل المختلفين عنهم، وفي الواقع تسببوا في ضرر لا يمكن إصلاحه.