2016 عام أسود على صحفيي اليمن انتعش فيه فاسدو الانقلاب

السبت 31 ديسمبر-كانون الأول 2016 الساعة 02 مساءً / مأرب برس - الخليج أونلاين
عدد القراءات 2359
مات الصحفي المحقق محمد العبسي في ظروف غامضة، وهي كما يقول زملاؤه خاتمة مؤلمة يرحل بها العام 2016، الذي حمل معه ملفاً موجعاً للصحفيين وحرية الرأي وحقوق الإنسان في اليمن، إلى جانب صفقات فساد واتفاقيات داخل تحالف الانقلاب ألقت بظلالها السوداء على حياة اليمنيين.
في العام 2015 احتلت اليمن المركز الثاني في تقرير للاتحاد الدولي للصحفيين بشأن الدول التي شهدت أكبر عدد من جرائم القتل للصحفيين، متساوية مع العراق بعدد عشرة صحفيين، وهذا العام يقترب عدد القتلى من الرقم نفسه، إضافة إلى استمرار اختطاف العشرات وتعذيبهم، وتهديد وملاحقة آخرين.
"2016" كان مليئاً بملفات الفساد التي كشفتها تقارير صحفية، وتحقق منها المواطن البسيط؛ بعد أن كشفت المليشيا عن وجهها الدموي، وخططها للنهب والسطو على ممتلكات الدولة والمواطن، ودفع الصحفيون ثمناً باهظاً نتيجة سعيهم لنقل الحقائق للرأي العام.
- أرقام مخيفة
وإلى جانب وفاة الصحفي محمد العبسي في ظروف غامضة، والمطالبة بتشريح جثته لمعرفة الأسباب، قُتل هذا العام المقداد مجلي، مراسل صوت أمريكا، والمصور هاشم الحمران، والمخرج منير الحكيمي وأسرته، والمصور أحمد الشيباني، والصحفي محمد غالب المجيدي، والمراسل عبد الله عزيزان، ومبارك العبادي، والمصور أواب الزبيري، في حين توفي آخرون بنوبات مفاجئة أو أمراض أخرى.
مات هؤلاء، وينتظر آخرون مصيراً مجهولاً؛ حيث تستمر مليشيا الانقلاب باعتقال وتعذيب توفيق المنصوري، وعبد الخالق عمران، وأكرم الوليدي، المختطفين منذ أكثر من عام، إلى جانب حسن عناب، وعصام بلغيث، وحارث حميد، وهيثم الشهاب، وهشام اليوسفي، وهشام طرموم، وصلاح القاعدي، ويوسف عجلان.
ووفقاً لنقابة الصحفيين اليمنيين فقد تعرض الصحفي نبيل سبيع لمحاولة اغتيال بداية العام 2016، وتعافى من إصابة بطلق ناري في قدمه اليسرى.
وتعرض نائف حسان للاعتداء وسط صنعاء، وأصيب شرف الشمري، وكمال كعدش، ونائف الوافي، وهيكل العريقي، وعبد القوي العزاني، وعبد الحكيم مغلس، وذياب الشاطر، ووليد الجعوري، كما اختُطف مراسل الجزيرة في تعز، حمدي البكاري، مع طاقمه، ومحمد عبد الجليل شرف، وحسين العنسي، وعبد الله المنيفي، وعبد الله ناصر السييلي.
وأيضاً اختطف المراسلون: أمير باعويضان، ومحمد المقري، وطاهر حزام، ويحيى الجبيحي، ومختار القدسي، وحسين الشرفي، بالإضافة إلى اختطاف والد علي جعبور بعد مداهمة منزله بحثاً عنه، ونجل الصحفي طارق سعد من أمام منزله.
وكشفت النقابة في سلسلة بيانات لها عن نجاة فتحي أبو النصر وخالد دلاق من محاولة اختطاف، في حين فرّ عبد الحفيظ الحطامي من الحديدة بعد ملاحقات مستمرة من قبل المليشيا، وتعرض مرزوق ياسين، ورضوان فارع، ومحمد اليزيدي، وحمزة أمين، ومجد الدين سالم، للاحتجاز، وتم تهديد الصحفي أحمد الرمعي، وأنيس منصور، ومحمد الجعماني، وأشرف الفلاحي، ومراد السعدي، واختطاف نبيل الشرعبي، واقتحام منزل محمد شمسان بصنعاء، والاعتداء على وجدي السالمي، ووليد عبد الواسع، وأمين الوائلي، وطه العامري.
واستمر مسلسل توقف صدور عشرات الصحف اليومية والأسبوعية والدورية، التي كانت تصدر في صنعاء ومحافظات أخرى، وحجب المواقع الإخبارية المعارضة للانقلاب.
واكتفت المليشيا بإصدار صحف من مؤسسات الدولة التي سيطرت عليها؛ "الثورة، الجمهورية، 26 سبتمبر"، إلى جانب صحف حزبية تابعة لطرفي الانقلاب، أيضاً أوقفت مستحقات العشرات من الصحفيين الموظفين في مؤسسات حكومية؛ منها وكالة سبأ، وصحيفة الثورة.
لم تكن الأرقام التي كشفتها نقابة الصحفيين والمنظمات الحقوقية تحوي كل ما واجهه الصحفيون في اليمن؛ بل تؤكد الوقائع أن آخرين فضّلوا الصمت تجنباً لمزيد من العنف الذي تمارسه المليشيا بحقهم، بينما لا تصل المنظمات الحقوقية إلى كافة الحالات الواقعة ضمن مناطق سيطرة الانقلابيين.
- ملفات سوداء
وفاة الصحفي المحقق محمد العبسي في ظروف غامضة كشف عن ملفات فساد مليشيا الانقلاب، حيث احتوت وثائق -كان العبسي يعدها في إطار تحقيق عن "المشتقات النفطية"- أرقاماً مهولة من مادتي البنزين والديزل التي صادرتها المليشيا من مخصصات المؤسسات الحكومية والواردات عبر شركة النفط؛ لصالح تحركاتها في الجبهات.
وكما سحبت المليشيا المخزون الاستراتيجي للوزارات وجعلته تحت تصرف قياداتها، فإنها فتحت السوق السوداء أمام المشتقات النفطية والغاز المنزلي، وحتى كثير من المواد الغذائية.
البحث الاستقصائي الذي كان العبسي يعكف على إنجازه، وكلفه حياته كما يقول زملاؤه، أكد أن أكبر الشركات النفطية المحتكرة لاستيراد النفط هي كلها شركات تابعة لمليشيا الحوثي، وهي بحسب الوثائق "يمن لايف، أويل برايمر، والذهب الأسود".
يملك الأولى محمد عبد السلام، الناطق باسم الحوثيين، ويملك الثانية تاجر السلاح والمبيدات، دغسان محمد دغسان، في حين يملك عضو لجنة الوساطة بالحرب الخامسة، علي قرشة، الشركة الثالثة.
- نهب الثروات وتدمير الاقتصاد
بدورهم يؤكد مختصون اقتصاديون أن المليشيا أسهمت بشكل فاعل في انهيار العملة المحلية وارتفاع الدولار مقابل الريال اليمني؛ بسبب قيامهم بسحب العملة الصعبة من السوق وتحويلها للمتاجرة في استيراد النفط من الخارج، وقد استفردت المليشيا بإدارة سوق النفط بعد أن أغلقت وداهمت ونهبت الشركات العاملة في المجال ذاته.
المختصون بيّنوا أن صفقات الفساد التي شهدها العام 2016 كانت أكبر من أن تستطيع المليشيا إخفاءها، وتسببت في خلافات حادة بين طرفي الانقلاب، حيث تشكلت طبقة تجارية جديدة من الحوثيين في فترة وجيزة، وانعكست الحالة في شراء العقارات، وفتح الجامعات والشركات، والكشف عن نيتهم تدشين شركة اتصالات من الجيل الرابع.
انقلبت المليشيا على مؤسسات الدولة، ونهبت كل ما رأته أمامها، بل يقول المختصون إن المليشيات سعت جاهدة لإفشال كل مفاوضات السلام؛ بهدف بقاء الوضع كما هو للاستمرار في نهب الأموال، وتكوين ثروة تمكّن المليشيات من البقاء لفترة أطول.
خبراء الاقتصاد أشاروا إلى أن المليشيا جمعت ما يقارب ملياري دولار خلال أكثر من عامين على انقلابها، كما هرّبت مبالغ مالية طائلة من العملة الصعبة خارج البلاد، ما انعكس على قيمة العملة المحلية، ورغم أنها جنت الكثير من المال فإن المليشيا لم تجنِ أي شيء إيجابي يمنحها فرصة البقاء، بل فعلت كل ما يوجب إنهاء الوجود المسلح لها.