«تنظيم الدولة في اليمن» بين هالة الإعلام وحقائق الأرض

السبت 03 أكتوبر-تشرين الأول 2015 الساعة 10 مساءً / مأرب برس - صنعاء
عدد القراءات 3041

يطرح أكثر من سؤال حول تنظيم الدولة الإسلامية باليمن في ظل الفوضى والانقسام السائدين في البلاد منذ أكثر من عام. ويجمع المتابعون للشأن اليمني على أن هناك تفاوتا بين الهالة التي يسعى التنظيم لإضفائها على نفسه وحجم دوره على الأرض.

يجمع مراقبون يمنيون على أن تنظيم الدولة الإسلامية يحاول جذب الانتباه له ونيل دعم في اليمن، من خلال الظهور الإعلامي، وذلك عقب نشر موالين للتنظيم أول أمس إصدارا مرئيا بعنوان "أباة الضيم" يظهر استعراض التنظيم لقدراته القتالية في مدينة عدن جنوبي البلاد.

ويوثق الفيديو إحدى معارك التنظيم ضد الحوثيين، حيث رصد عناصر تنظيم الدولة المنزل الذي كان يتحصن فيه الحوثيون، وباغتوهم بإطلاق الرصاص عليهم من أسلحة متوسطة، مما دفع بالعديد من عناصر الحوثي للاستسلام.

ويصف محللون هذا الظهور العلني لتنظيم الدولة بأنه عملية دعائية في سياق حربه الباردة مع تنظيم القاعدة من أجل إثبات الوجود وسحب البساط، بهدف استقطاب مقاتلين سعيا لتكرار ما حققه التنظيم في العراق وسوريا.

مؤشر ضعف

وقال الخبير اليمني في شؤون تنظيم القاعدة سعيد الجمحي إن تنظيم الدولة باليمن لا يزال في بداياته مقارنة بتنظيم القاعدة، وإن التسجيل الذي نشره موالون للتنظيم أقرب للجانب الدعائي من كونه شاهدا على قوة تواجد التنظيم بعدن.

وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن التنظيم حاول في التسجيل توثيق قوة تواجده، إلا أن عمليات المواجهة التي ظهرت في الفيديو في بعض مناطق عدن قديمة حيث تعود إلى ما قبل طرد الحوثيين من المدينة، مما يعني أن تأخر إطلاق الفيلم يشير إلى ضعف الإمكانات الإعلامية لدى التنظيم.

واعتبر الجمحي أن مما يضعف خطاب تنظيم الدولة باليمن "اعتماده على أسلوب تفجير أماكن ودور العبادة (المساجد) بصورة دفعت تنظيم القاعدة إلى تأكيد استنكاره لهذا النهج، فضلا عن مشاعر السخط والغضب بين اليمنيين بمختلف توجهاتهم لمثل هذه الأعمال".

من جهته يرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية باليمن مجيب الحميدي أن التسجيل "محاولة لاستقطاب أعضاء السلفية التقليدية القتالية في ظل انشغال بعض القوى في الداخل والخارج بالعمل على مضايقة وتهميش المقاومة المحسوبة على تيار الإسلام السياسي المعتدلة والمنخرطة في صفوف المقاومة الوطنية".

صناعة استخبارية

وألمح لوجود مؤشر تبادل اختراق استخباري بين الطرفين وأن الجميع يعرف قيادات الطرف الآخر وأماكن تواجدها، موضحا أن "تنظيم الدولة صناعة استخبارية يتداخل فيها المحلي بالإقليمي والدولي وتضم في صفوفها أعضاء يوظفون من حيث لا يشعرون لإيجاد الذرائع لتثبيت بعض الأنظمة الديكتاتورية".

وقال للجزيرة نت إن الحركة الحوثية عملت بقوة على استنبات تنظيم الدولة و"دعششة (نسبة لداعش، الاسم الشائع لتنظيم الدولة) جميع من يختلف معها، حتى أصبحت هذه الدعششة مثار سخرية وتهكم كبير عندما وصلت إلى حد اتهامها لكثير من الناشطين الليبراليين العلمانيين بالدعششة لمجرد تناقضهم مع مشروع الانقلاب الحوثي العفاشي الطائفي الكهنوتي".

ويعتقد الباحث بإمكانية تصاعد وجود التنظيم إذا طال عمر الانقلاب وتأخر الحسم أو في حالة تبلور أي مشاريع تفكيكية قبل مشروع إعادة الدولة وهيكلتها من جديد، لكنه يرى أن "المشروع الحوثي بطبيعته الطائفية العسكرية يخلق المبررات للتجييش الطائفي المضاد وأنه بهزيمة هذا المشروع تختفي المبررات الاجتماعية لوجود كيانات طائفية مضادة".

وأضاف "كان واضحا أن الخطوة الثانية للمنظومة الأمنية لمليشيات الحوثي وصالح وامتداداتها الخارجية بعد عجزها عن السيطرة على الأرض الدفع بجماعات جهادية باسم المقاومة إلى الواجهة لصناعة الفوضى واستجلاب تدخل دولي يقدمون أنفسهم له أدوات طيعة لتنفيذ أجنداته.

أما الباحث في شؤون الحركات الإسلامية نبيل البكيري فيري أن "داعش أو ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية أصبحت ورقة مكشوفة وأكثر وضوحا لأي متتبع لأنشطة هذه الجماعة، التي ظهرت في دول الربيع العربي".

وقال في حديث للجزيرة نت إن ظهور هذه الجماعة مؤخرا في عدن من خلال شريط "أباة الضيم" وفي هذا التوقيت يضع حوله العديد من علامات الاستفهام التي تربط بين هذا الملف والحالة السياسية عموما التي كثر فيها التوظيف لملفات العنف.