11فكرة ..والقلق واحد ..الأزمة اليمنية والمشهد السياسي بنظر شخصيات ورموز سياسية في الخارج

الإثنين 14 إبريل-نيسان 2008 الساعة 10 مساءً / مأرب برس - خاص : محمد الصالحي
عدد القراءات 7246

الأشياء تبدو من خارجها أكثر اكتمالاً، فعندما يفارق المرء ذاته لبعض الوقت ليراها من البعيد، الذي هو الآخر، سيجد صورته أكثر واقعية مما تبدو له دائماً، وبالتالي يستطيع أن يدرك إلى أي مدى يجب أن يخاف أو يتفاءل أو يقلق.

اليوم، اليمن مائرة بالأزمات والاضطرابات والإخفاقات والمخاوف، غير أننا، نحن المغموسين في خضم ما يدور، نكاد لا ندرك فداحة المآل الذي تسير إليه الأمور، هل لأن القرب يضفي على الأحداث خاصية تجعلها مألوفة ومعتادة، وغير جديرة بالتأمل!

لكن بالنسبة لليمنيين المقيمين في الخارج، فالوضع يبدو قاتماً أشد القتامة، لاسيما بنظر شخصيات ورموز سياسية مرموقة، بعضها هاجر قسرياً.

موقع "مأرب برس" بالتعاون مع صحيفة المصدر يُقدم قراءة للمشهد السياسي الملتبس عبر هؤلاء، ويبحث معهم عن حقيقة أزمة هناك من ينكرها..ونحاول ان نصل سوياً من خلال وجهات نظرهم إلى وصفة دواء ناجحة .

طبعاً النقاش توزع على محورين: توصيف وقراءة المشهد، اليمني والجنوبي على وجه الخصوص. واقتراح أفكار ورؤى يعتقد أصحابها أنها مناسبة وناجعة لإخراج البلد من المأزق السياسي الصعب والخطير.

سيجد القارئ بعض الطرح حاداً، وبعض المقترحات صعبة المنال، لكنها في نهاية الأمر جميعها أفكار آنية من أدمغة وطنية لها باع طويل في مضمار السياسية.

إنها مقاربات زاخرة بالرؤى لكن متفاوتة في وجهات النظر.. فكلًٌ يرى الأمور من منظور اجتهاداته ومساره الفكري والسياسي.. نقدمها بشفافية كما وردت هادفين إلى إثارة جزئيات ساخنة ما برحت تشغل الساحة الوطنية كثيراً.. وتشعل نيرانها دائماً.

استطلاع: محمد الصالحي

******

الاحتقان الكبير ينذر بانفجار بركان لن يبقي على شيء جميل، بما في ذلك الوحدة

علي ناصر محمد

الرئيس السابق علي ناصر محمد- دمشق:

القضية الجنوبية هي قضية سياسية أولا وأخيرا ومطلبيه بصورة فرعية، و هناك من يريد لها أن تصبح مطلبيه فقط وبشكل أساسي بين عشية وضحاها لأسباب ودوافع غير مقبولة.واعتبر الممارسات التي تمت في منذ حرب 94م كانت تنفيذا لسياسة المنتصر الذي شعر بالزهو بانتصاره العسكري وتجاهل كل شيء بما في ذلك العامل الإنساني وهو بتلك الممارسات لم يحرس الوحدة وخسر انتصاره العسكري الذي لا يُعتبر انتصاراً فابن الوطن لا ينتصر على ابن الوطن ، والوطن ملك للجميع ، والمنتصر مهزوم ولو بعد حين لأن الأمور حسمت حينها عسكرياً ولم تحسم سياسياً وهذا ما نبهت إليه في صحيفة الحياة اللندنية بعد الحرب عام 1994م.

وأما حل قضية الجنوب فعلى السلطة أن تعترف بحقيقة القضية الجنوبية كاملة غير منقوصة كبوابة لحل الأزمة ومن ثم التجاوب مع مطالب الحراك الجنوبي للبدء بحوار جدي ومسؤول بما يحقق تلك المطالب.

ولاعتقادنا بأهمية وضرورة الاصطفاف السياسي والجماهيري على حد سواء فقد كنا ننوه إلى أهمية دور أحزاب اللقاء المشترك ، وإن تأخرها في مواكبة الحراك الجنوبي لا يبرر معاداتها وينبغي التنسيق والتعاون معها في نشاطها واصطفافها لمصلحة القضية الجنوبية.

وأكد " ناصر " على أن الأزمة اليمنية عموماً وكما ذكرت عدة مرات بأنها ناتجة في أساسياتها عن عدم توفر إرادة سياسية وإدارة سياسية أيضاً وما يحصل هو رهان على الزمن وعلى المماطلة والتسويف التي لا تجدي نفعاً بل تضاعف الأزمة و يستوي في ذلك الجنوب مع الكثير من المحافظات اليمنية التي تنشد الحياة الكريمة والمواطنة المتساوية غير أنها في الجنوب مترتبة على حدث مأساوي كبير كان موجه ضدها وهو حرب 94م جعلته رهن لممارسات استعدائية وانتقامية فتعرض لحملة مصادرة متعمدة للأرض والحقوق لأكثر من 13عام .

مشيرا إلى أن السلطة إذا لم تراجع حساباتها وتقوم ببلورة المقترحات والمبادرات التي تطلق بين الحين والآخر ، فلن نكون إلا على موعد مع المجهول الخطير والخطير جدا ، والحل الذي أشرت إليه مجرد إشارة مرهون بإرادة من بيده زمام السلطة والحل والعقد ، فإذا كان هو لا يريد الحل فمعنى ذلك على الجميع انتظار المجهول الذي نعوذ بالوطن الحبيب منه ومن عواقبه .

******

على الرئيس أن يقيل من حوله ويشكل حكومة إنقاذ وطني

عبد الله الأصنج ( وزير الخارجية السابق ) - لندن:

الأزمة في اليمن تُعلن عن نفسها صباح مساء، وهي كثيرة الأوجه والتعقيدات، وعواقبها خطيرة على الحاكم والمحكوم حاضراً ومستقبلاً. فالحرب في صعدة لم تتوقف، والتسوية التي بذلت دولة قطر الكثير من الجهد والمال لبلوغها ما زالت تتأرجح، ولا يبدو أنها قد بلغت نهايتها. فالعسكر يرفضون اعتماد بنود التسوية بالكامل، والحوثيون ينشدون التعامل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، والجانب الحكومي المكلف بالمتابعة لا يتمتع بصلاحية كافية لاتخاذ القرارات المناسبة في أرض المعارك، ولا يملك سلطة كافية وتفويضاً قاطعاً يلزم القيادة العسكرية الميدانية.

عبد الله الأصنج

وأما في مجالات الأمن والقضاء والتنمية والإعلام والموانئ والمرافق العامة والاقتصاد والاستثمار والجمارك فحدث ولا حرج.. وقد تناولت هذه الاختلالات تقارير محلية ودولية وصنفت اليمن ضمن مجموعة دول مرشحة لتكون فاشلة.. والمؤسف أن الرئيس المولَّى لا يدرك خطورة استمرار تجاهله وعدم إدراكه للمصير غير الآمن الذي ينتظر الأمة والوطن.

فالإعلام الهائم في تمجيد السلطة ومطارحة أركانها الغرام غير المشروع على شاشات التليفزيون وعبر الأثير وعلى صفحات المطبوعات الصفراء، لا يثمر غير الشوك والتشاؤم. وللوزير المولَّى صلاحيات قانونية استثنائية تخوله قمع صحف المستقلين أصحاب الرأي وانتهاك حقهم في الاجتماع والمظاهرات والتعبير السلمي عن ما يعقدوه ويؤمنون به ومن مكونات الأزمة، استمرار استمراء تطبيق سياسة إهدار حقوق الوطن والمواطن، والسكوت على مسلسل سفك دماء المواطنين المعارضين سلماً المعتصمين المتظاهرين في المحافظات الجنوبية واستخدام القوة المفرطة لتفريق ومنع الاعتصامات والفعاليات السلمية لجموع المعارضين. والأدهى والأمر في جلب المزيد من تعقيدات الأزمة، هو احتكار القرار السياسي دون شريك صنع الوحدة وفق بنود وثيقة العهد والاتفاقات، التي جرى تجاهلها وإلغاؤها من طرف واحد، والتمادي في التنكر لصلاحيات دستورية منصوص عليها تخول عند الحاجة واللزوم للبرلمان ولمجلس الوزراء والمجالس المحلية سلطات حقوق إشراف ومحاسبة واتخاذ إجراءات رادعة، ومساءلة ومحاكمة متنفذين فاسدين ولصوص المال العام، وخبراء غسيل أموال، ومهربين، وخارجين على القانون والدستور.

* فالأزمة الطاحنة التي يتحدث عنها اليمنيون شماليون وجنوبيون، تزداد حدة وتعقيداً، وتنذر بعواقب وخيمة، لما لم يتأتى للأطراف المعنية معالجتها واجتثاث جذورها. فالطغيان والفساد، يضاف إليهما الجوع والغلاء والبطالة وغياب العدل والمساواة في حقوق وواجبات الموطنة وسوء الإدارة، قد أدت مجتمعة إلى فشل النظام، الذي ارتبط بعقد ولاية لم يف بها. ولا علاج بعد يضمن تفادي كوارث عظمى إلا بيقظة ضمير، وعودة إلى عقول ذهبت في إجازة وبقرار شجاع يعلنه الرئيس بإقالة كل من حوله من معاونين كثيري الشكى والبكى من سوء الوضع همساً، وكثيري الصراخ والأصوات في مواكب الحفلات والمهرجانات والمناسبات.

- وتصوري من أجل الحل الممكن يتلخص في الآتي:

1- إن المعارضين في اليمن معنيون يبحث الأزمة، علماء وزعماء وأساتذة جامعات مستقلون في الداخل والخارج، وكذلك قادة الحراك الشعبي في المحافظات الجنوبية والشرقية، وأحزاب الإصلاح والاشتراكي والاتحاد والوحدوي الناصري ورابطة أبناء اليمن، ولتكن البداية تهيئة الأجواء، وتأكيد عنصر تبادل الثقة بين الفرقاء للحوار الوطني الشامل بين المعارضة والسلطة.

2- أن يوقف الرئيس كافة الإجراءات القمعية والتعسفية، ويعلن تكليف حكومة إنقاذ وطني، تمثل كافة مكونات المجتمع اليمني في إطار تكاملي على قاعدة المشاركة والوفاق الوطني، وفق روح وثيقة العهد والاتفاق لتتولى مسئولية إدارة دولة نظام وقانون لمرحلة انتقالية يتفق عليها الفرقاء.

3- أن يتم استبدال المحافظين وقادة الجيش والأمن في كافة المحافظات، وتعيين محافظين جدد، وقادة جيش وأمن من أبناء كل محافظة في محافظتهم.

4- أن تتولى هيئة إشراف ومحاسبة لإدارة المرافق العامة موانئ ومطارات وجمارك وحرس حدود وشؤون نفط وغاز وبنك مركزي، وذلك لتصحيح الوضع الإداري والمالي لكل منها.

5- إلغاء وزارة الإعلام، واستبدالها بهيئة مستقلة تتولى الإشراف على أداء كافة فروع الإعلام المرئي والمقروء والمسموع، بعد مراجعة قانون الإجراءات الجزائية التي تعالج التحريض والقذف والإثارة وقانون الصحافة أيضاً.

6- أن يتم إعلان إلغاء مجلسي النواب والشورى والمجالس المحلية فوراً لعدم جدوى بقائها مجرد شكل تجميلي لسلطة عاجزة عن تحمل مسؤولياتها نحو الشعب. وأن يتحدد موعد لا يتجاوز عاماً واحداً للاستفتاء على مشروع دستور جديد تضعه هيئة من علماء ومحامين وممثلين الأطراف المشار إليهم في الفقرة (1).

هذه مرئياتي ولست في تقديري الشخصي قادراً على استشراف ما سوف يجد فيه الرئيس ومن حوله والمعارضين له أو المختلفين معه من الجوانب التي يقبلون ويقتنعون بها خاصة في الجنوب.

*****

(أزمة الجنوب طائفية)

عبد الله سلام الحكيمي ( وزير مفوض سابق ) – القاهرة:

جوهر الأزمة يكمن في الصيغة الطائفية التي لا تزال مسيطرة على الحكم منذ أن جاء البرتغاليون في القرن السادس عشر. كانت هناك دولة الساحل المسيطرة على خطوط التجارة ما بين الشرق والغرب. وكان يحصل تراكم مالي، وسقطت بيد البرتغال، ثم جاءت بعدها دولة الجبل التي كانت تعتمد على اقتصاديات الغزو، أو ما يسمى اليوم بأزمة الفيد، ومازالت هذه الظاهرة تفرض نفسها حتى اليوم، رغم أن حقائق الواقع الجغرافي تتناقض كلي التناقض مع هذه الصيغة. ولذا نحن نطرح صيغة الفيدرالية لكي ننهي المشكلة التي تتوالد منها كل المشكلات من أيام الإمامه ألا تذكر زامل قبائل حاشد أمام الأمام. أحمد عندما قالوا: "سبحان من رد العوائد لاهلها.. إمامنا المنصور ومن بعده حميد".

المعارض: عبدالله سلام

يعني كانوا يبحثون عن حكم وسلطة. كانت تقوم حاشد وتقوم بكيل ضدها ومذحج طرف ثالث. حركة مجاهد القهالي التي كانت أيام الغشمي كانت تعبر عن تمرد بكيل، وحركة عبد الله عبد العالم في الحجرية كانت تعبير عن مشكلة طائفية. ولو تذكرنا الخلاف الذي نشب بين الفريق العمري رحمه الله وعبد الرقيب عبد الوهاب رحمه الله سنجد أنها كانت على صفقة السلاح التي جاءت من الإتحاد السوفيتي من يحق له أن يأخذها. إن الصيغة الطائفية التي كانت موجودة، كانت تحاول أن تحتفظ بالجيش لوحدها، ولما قامت الوحدة وأعلنت الحرب، سرح عشرات الآلاف من الجيش.

لابد على القوى السياسية، إذا أرادت أن تكون قوة تاريخية، أن تنظر ما هي مشكلة اليمن التي هي مشكلة طائفيه.

وحتى قضية الجنوب هي طائفية قبل أي شيء آخر.

الحل: هو الرجوع إلى مشروع الإمام يحي يرحمه الله الذي طرحه في عام 1924م، (عقد مؤتمر وطني لقيام وحدة يمنية على أساس فدرالي)، حينها يمكن أن تكون الدولة حديثة بالفعل، وبدون فدرالية ومبادرة الإمام يحي ستظل الأزمات تقسم اليمن إلى عشرين قسم أو كيان.

*****

انتهت وصاية الاشتراكي على الجنوب.. والفيدرالية غير مقبولة عند الشارع الجنوبي

 محمد علي أحمد علي – محافظ ابين السابق- دمشق:

* الأزمة في اليمن خطيرة جدا، وتجاهلها من قبل النظام يزيدها تعمقا يوما بعد يوم، هذه الأزمة من صنع النظام نفسه الذي أقصى الجميع وفي مقدمتهم شركاؤه في الوحدة إلى جانب بقية كل القوى الخيرة في اليمن بشكل عام، فالسكوت عن الوضع الحالي جريمة يشارك فيها كل من لا يخرج ويعلن تخليه عن هذا النظام الذي وصل غروره بأن يقول لشعبه "اشربوا من ماء البحر"، كلام كهذا دليل غرور وغطرسة وشطحات تقود اليمن إلى الصوملة، وهذا الذي لا نتمناه بسبب تصرفات فرد اقترب من الجنون والشعور بالعظمة، تساعده في ذلك مجموعة من المنتفعين الذين وضعوا أياديهم على مقدرات الشعب.

البلد، تئن، والأزمة تتعاظم يوميا، والاحتقان يتفجر في الجنوب ومع هذا لا نرى استجابة من النظام في الاعتراف بخطورة الوضع الذي يمر به اليمن، وأنا على ثقة أن اليمن إذا استمرت غطرسة النظام كما هي اليوم ستتمزق، وسيستعيد الجنوب دولته بعد هذا الالتفاف الجنوبي حول قضيتهم التي يسخر منها رأس النظام. والخوف أن تتحول الشمال إلى ساحة لصراع قبلي وانتقامات شعبية خلقتها سياسة النظام، ولعل قضية صعدة التي لا تزال مشتعلة رغم محاولات قطر إطفاءها خير دليل على ممارسات السلطة وتعاملها مع شعبها.

بالفعل الوضع خطير جدا ولم تعد هناك مساحة للنظام ليناور بها.. أصبح إعلام السلطة يطلق الأكاذيب ويمارس التضليل عن حقيقة الوضع الخطير في اليمن، لقد حاولنا ونصحنا رأس السلطة عبر المبعوث الذي أرسله إلينا، وقدمنا قائمة بالمخارج المطلوب تطبيقها لاستقرار الوضع وإنقاذ اليمن من الكارثة التي تسير إليها بفضل سياسة الإقصاء لشركاء الوحدة والرجال المخلصين لهذه الأرض، وبسبب وصول الظلم لهذا الشعب إلى مرحلة لا يتصورها عاقل، ففقد شعبنا آدميته بفعل تكالب الظالمين عليهم، منهم من بالفساد ونهب خيرات البلد من قبل عصابة حاكمة، ومنهم بفعل الطغيان والتسلط كقضية الجعاشن مثلا.

وعبر هذا المنبر نحذر النظام من الغطرسة على حقوق الجنوبيين، وعدم التقليل من قدرة أبناء الجنوب في قلب المعادلة وتحقيق ما يسعون إلى تحقيقه، فالجنوب كان دولة ذات سيادة فمن السهولة استعادة حقه في السيادة على دولته التي يعرف تاريخها العالم المتحضر، نقولها ونكرر إننا سائرون وبروح مليئة بالثقة والإرادة والتصميم لوقف هؤلاء الطغاة واللصوص والفاسدين الذين يسعون إلى جر اليمن إلى الكارثة.. سيلاحقهم الشعب معنا وسيجلبهم للحساب وما نهبوه أثناء حكمهم.

 

محمد علي احمد

- القضية الجنوبية قضية سياسية في الأساس قبل أن تكون مطلبيه أو حقوقية كما يحاول النظام أن يصورها للعالم، هم يعرفون ونحن نعرف بل ونتحدى السلطة أن تنشر كل اتفاقيات الوحدة حتى تكشف نوايا الانقلابيين، ومن هو المخالف الذي انقلب على شروط الوحدة، هل هم من تنازل عن السلطة والدولة من أجل الوحدة، أم هؤلاء الحكام الفاسدون واللصوص الذين يستنزفون ثروات الجنوب.. يجب على شعبنا أن يتمعن في المتابعة والتدقيق وحتى يحكم من هم الذين خانوا العهد ونكثوا بالاتفاقات.. هل هم الجنوبيون أصحاب الدولة التي تنازلت عن سيادتها أم هؤلاء الخونة الذين يعرفهم الشعب.

 الجنوب له قضية وهوية وتاريخ وثقافة وتجارب وحكم وقاد دولة ومؤسسات، ووحد 23 سلطنة ومشيخة، كل سلطنة كان لها قوانينها وتقاليدها وأسلافها، وتجاوزنا هذه التقاليد والأعراف، وحتى الثأر قضينا عليه ووفرنا الأمن للحيوان أيضا مع البشر، وحققنا الأهداف لثورة أكتوبر بما في ذلك شعارنا " لنناضل من أجل تنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية ".. وحمل رفاقنا حقائبهم على ظهورهم إلى صنعاء بإخلاص، ولكن للأسف فاجأتهم المؤامرة وواجهوا خديعة كبرى على مدى أربع سنوات من عمر الوحدة.. فكلنا يعرف مؤامرة الانقلابيين على الوحدة منذ الالتفاف على الدستور، ومرورا بقتل قيادات ورموز من الجنوب، وانتهاء بطعن وثيقة العهد والاتفاق وإعلان الحرب على الجنوب في 27 إبريل 1994 لاستكمال خيوط المؤامرة على الجنوب باحتلاله حتى اليوم.

الجنوبيون يعرفون الوحدة بأنها تعني وحدة المصالح ووحدة الشراكة السياسية وصنع القرار.. الوحدة بالنسبة لنا تعني التساوي في الحقوق والواجبات وتحترم بنهجها الوطني والمثل العلا في السلوك والنهج المتمثل بنموذج يقتدي به الآخرون، وعند ما تفقد هذه المواصفات للوحدة يعني ذلك أنها ليست فضيلة، والشق الثاني في التراجع عندما يفقد أهدافه وصفاته وهوا التراجع إلى ما قبل البداية لا يعني أنه رذيلة، بل يعني ذلك أن الهدف تشوه وفقد مضمونه ولا نريد نكذب على أنفسنا وشعبنا، ومن يريد يحذو حذونا، فالتجربة ولدت مشوهة. نعم الوحدة مصلحة ومنفعة جامعة ومتى فقدت هذه القيمة بطلت وفسدت من أصلها لأن طرفاً فيها فهمها مكسباً وغنيمة وسلطة مكملة لحكمه.

البعض يعاتب الجنوبيين عندما ينادون بالعودة إلى ما قبل الوحدة. لكن من السبب الذي دمر اتفاقها وعمل انقلاباً على ما تم الاتفاق عليه للوحدة الطوعية، واستبدلها بالحرب والقوة وإخراج الطرف الشريك من المعادلة ونسف الاتفاق الوحدوي، ماذا يريدون؟ هل يريدون أن يتقبل الجنوبيون ما فرض عليهم بالتأييد؟

للأسف الشديد النظام يرفض الاستماع إلى صوت العقل، واعتقد النظام أن بعض المستفيدين معه من الجنوبيين يعطون له الشرعية لممارسة كل هذا الغبن وهذا الاضطهاد ضدهم.. ولكن الأيام أثبتت لنا أن كل خطابات الاستهزاء بالحراك الجنوبي من قبل رئيس النظام الذي وصفهم مرة بالغوغائيين ومرة بالفقاقيع لأنهم يطالبون بحق مشروع وهو العودة إلى دولتهم السابقة، للأسف اعتقد رئيس النظام ومن معه من المتنفذين أن أبناء الجنوب سيرفعون الراية البيضاء لهم.. للأسف سقطت رهاناتهم في المعادلة عند المؤيدين والأنصار للطغاة واللصوص وعصابات الفساد والفيد في السلطة!

إن الشارع في الجنوب اليوم ليس بيدنا، شارع يريد استعادة هويته واستعادة تاريخ وحقبة الجنوب العربي، بخلاف ما كنا عليه حتى عام 1990، لأن الحزب الاشتراكي انتهت وصايته على الجنوب ودخلت قوى جديدة في الملعب السياسي.. نحن أرغمنا شعبنا بعد الاستقلال بما كنا نعتقد أنه كان صحيحا لأننا كنا نتحكم بالشارع وقتها.. أما اليوم فقد تغيرت الأمور والشارع الجنوبي ليس بيدنا.. لأننا فرضنا عليه الوحدة كما فرضنا عليه أيضا التنازل عن الهوية أثناء الاستقلال. إن اتفاقيات الوحدة فرضت على الشارع في الجنوب كما فرض عليه اسم النظام الجديد بعد الاستقلال عن بريطانيا عام 1967، فبدل اسم الجنوب العربي بتسمية جمهورية جنوب اليمن الشعبية.. نحن الآن بحاجة إلى مرحله انتقالية ينتظم الشمال فيه للقانون المدني مثله مثل الجنوبي والقاسم المشترك حكم فدرالي بين اثنين، وتوحد السياسة الخارجية على قاعدة التكافؤ، وكذلك الجيش على قاعدة الوثائق الوحدوية بـ النص وبالتكافؤ أيضا. وما يخص الثروة الوطنية في باطن الأرض بعد خصم أربعين في المائة للأقاليم مالكة الثروة وستين في المائة للدولة المركزية، والتي أقترح أن تنتقل من صنعاء إلى الوسط بين تعز وإب تبعد عن المطار تعز شمال شرق بعشرة كيلومتر إلى جنوب مدينة إب محاد للخط الحالي، وخلال هذه المرحلة الانتقالية نؤسس ونبني الدولة مؤسسات مركزية، وتكون متساوية الأعضاء من الأقاليم في تمثيل الدولة المركزية الجديدة للمرحلة الانتقالية.

إن مشروع إصلاح مسار الوحدة والفيدرالية. والكنفدرالية الذي كان مطروحا ورفض من قبل النظام، فقد أصبح من المشاريع غير المقبولة عند الشارع الجنوبي.. فبسبب المماطلة وتجاهل النظام لإرادة الشعب في الجنوب ظهر تيار جديد لديه مشروع يذكره بتاريخه وهويته المسلوبة وهي " الجنوب العربي" كهوية وتاريخ وثقافة ومدنية يفتخر بها ويناضل من أجل استعادتها، وربما يكون لهذا التيار صوت مسموع في الشارع الجنوبي بسبب غباء السلطة واستخفاف القوى السياسية في الساحة بالمطالب الجنوبية.. وأعتقد أن النظام سيستسلم في الأخير لإرادة الشارع في الجنوب.. أو كما يقول مثلنا "المكعل بديل المبهم"!!

 ومهما كان الأمر فلكل قضية حل. ليس هناك شيء اسمه صعب بلا حل. ولكن متى توفرت الإرادة والتصميم على التغيير سيكون هناك حل للأزمة التي نرى بأنها تكمن في النظام.. والحل لذلك أن تعترف السلطة بخطورة الوضع، وتعترف لشعبها بما ينتظره من مخاطر بسبب سياساتها الخاطئة وجرائمها في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والوطنية والمتراكمة على مدى ثلاثة عقود.. وأن تعترف الدولة بأخطائها وما ارتكبته ضد المواطنين في المحافظات الجنوبية منذ الوحدة وحتى اليوم، وقتها سيكون الحل بمشاركة كل القوى الفاعلة في اليمن وكما شرحته سلفا في معرض ردي على سؤالكم السابق.

 *****

أقترح عقد مؤتمر وطني في عدن لمناقشة القضايا المعقدة

سلطان السامعي ( عضو مجلس النواب ) – القاهرة:

لم تعد أزمة اليمن واحدة. فالبلد لا شك يعيش أزمات متعددة ومتواصلة في مختلف الجوانب (سياسية واقتصادية واجتماعية) منذ زمن. وربما فقط صارت الآن أكثر تعقيدا. مما جعل العقلاء يستشعرون الخطر ويحسون بأن البلد يسير بسرعة جنونية نحو الهاوية. وحتى أولئك الذين كانوا هم السبب في إيجاد هذه الأزمات، وكانوا عادة يديرونها بما يحقق لهم مكاسب سياسية ومادية لم يعد بمقدورهم اليوم التحكم في مسارها ونتائجها أو حتى إيقافها، وهذا ما حذرنا منه في أكثر من موقف.

البرلماني: سلطان السامعي

 وأستطيع أن أقرب الصورة أكثر: إذا تصورنا اليمن سفينة شراعية تشابكت حبال الأشرعة فيها، ولم يعد بوسع البهلوانيين أن يمارسوا هواياتهم التي اعتادوها، حتى أضحت الرياح هي فقط التي تتحكم بالمسار يمينا وشمالا، شرقا وغربا، والأمواج تضرب المركب من كل اتجاه. وفي مثل هذه الحالة، فإنه إذا لم تتح الفرصة لكل العقلاء الصادقين لإنقاذ السفينة وفك حبالها المتشابكة فإن الرياح والأمواج ستدمر السفينة بمن فيها، وأول الغرقى سيكون أولئك البهلوانيين الذين يتصرفون اليوم بارتباك واضح، وقد بان عجزهم وأضحوا مسخرة بعد أن كانوا يظهرون بمهارات طالما القدر ساعدهم على تحقيقها.

قضية الجنوب ليست حقوقية كما يحب البعض من السذج تصويرها. إنها قضية شعب ووطن، شعب فقد وطنه، ووطن أسير مكبل بيد جماعة نستطيع أن نسميهم قراصنة.

والحل في نظري هو العودة إلى اتفاقيات الوحدة، وكل الأدبيات والوثائق اللاحقة لها، والقرارات، والشرعية الدولية، ومبادئ القانون الدولي في هذا الجانب، بما يضمن عدم إلغاء طرف لطرف آخر أو ضمه وإلحاقه بالقوة وتعمد إلغاء تاريخه وثقافته، والتعامل مع مواطنيه بدونية ووصمهم بالانفصالية والخيانة العظمى.

كنت قبل حوالي ثلاثة أشهر قد أطلقت مبادرة تصورت فيها كيفية الخروج من الأزمات الخطيرة، التي تعصف بالبلاد اليوم، وبإمكانكم العودة إليها فقد نشرها موقع "التغيير نت". ولا مانع من الإشارة إليها ولو باختصار: فقد اقترحت عقد مؤتمر وطني كبير في مدينة عدن، تشارك فيه كل القوى الوطنية –السياسية، والاجتماعية، والدينية، والاقتصادية، والمدنية، موالاة ومعارضة في الداخل والخارج- يناقش المؤتمر كل القضايا على الساحة اليمنية بجدية، مثل قضية الجنوب، وقضية الحوثيين، وقضية نظام الحكم، والتعديلات الدستورية، وقضية الغلاء والفساد، ومجمل القضايا المعقدة، والخروج برؤى واضحة وقرارات ملزمة للجميع، يتم بموجبها تعديل الدستور والقوانين، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لتنفيذ قرارات هذا المؤتمر وتوصياته، وتحديد اختصاص كل جهة وكل شخص ابتداءً بالرئيس وانتهاءً بالمدير، وفرض العقوبات الرادعة على من يتعدى اختصاصاته أو يهمل أو يتهاون بما كلف به. (يعني تأسيس لدولة مؤسسات. ورحم الله الحمدي).

******

لابد من وجود قوة ثالثة تتلافى الانفجار.. وتضغط على أصحاب خيار الوحدة بالقوة وأصحاب خيار الانفصال

علوي الباشا بن زبع ( الأمين العام لتحالف قبائل مأرب والجوف ) – القاهرة:

الأزمة: سياسية في الجنوب، ومنهجية في صعدة، ومطلبيه في الشرق، ومعيشية في عموم الوطن.والحل يحتاج إلى توفر الإرادة الرسمية والشعبية.

ذلك أن الأزمة اليمنية واضحة، ولا أعتقد أن هناك مجال لتسميتها بالمفتعلة إلا إذا كنا ننظر للأمور من زاوية تصوير الإعلام الرسمي للأوضاع على أن كل شيء على ما يرام، وأن الذين يتحدثون عن سوء الأوضاع هم مرضى وحاقدون وو..ألخ.

باختصار شديد، الأزمة خطيرة ومعقدة باعتراف رسمي وشعبي. وهي متعددة الأوجه. ولم يعد بالإمكان إسقاط تسمية "مطلبية" على الحراك الموجود في الجنوب. فالقضية باتت سياسية محضة.

صحيح أنها بدأت مطلبية لكنها تطورت بحكم تجاهل الحكومة لأبعاد المطالب التي طُرحت يومها، فذهب الناس هناك إلى نقل القضية من المطالب إلى الحديث عن إقصاء الشريك بحرب 94م، ثم تقرير المصير وما إلى ذلك من الخطابات التي نسمعها.

علوي الباشا بن زبع

مشكلة حكومتنا أنها تستهين بأي مشكلة تظهر ولا تتعاطى معها إلا بعد أن تكبر وتصبح قضية رأي عام، ثم قضية وجود ومصير، ثم تأتي الحكومة متأخرة جداً لتدفع "نصف المية تسعين" لمعالجة الموقف، ولكن بعد فوات الأوان.

الحل العملي لقضية الجنوب إذا كان هناك نية رسمية لحلها والحفاظ على الوحدة - التي هي خيار كل يمني حريص على رفعة اليمن - هو أن تتحاور الحكومة مع قيادات الجنوب في الداخل والخارج للوصول إلى اتفاق مرضٍ للجميع،( وحتى نتفادى الخطر المحدق بالوحدة يجب ان تبلور القوى الوطنية بمخلف أطيافها السياسية والشعبية موقف إجماع وطني ضاغط على أصحاب خيار الوحدة بالقوة وأصحاب خيار الانفصال بمعنى ان تفرز قوة ثالثه لتلافي الانفجار وفرض الوفاق على غرار القوة الثالثة في اعقاب الحرب الأهلية اليمنية بعد الثورة يومها) وفي اعتقادي أن خيار الفدرالية بين الشمال والجنوب أو بين عدد من الأقاليم الفدرالية في اليمن في ظل يمن موحد هو الحل.

لا أعتقد أن هناك مشكلة في أن تصبح صنعاء أبو ظبي ثانية، وأن تصبح عدن دبي اليمن هذا أفضل من وحدة معمدة بالدم أو تقرير مصير بجنوب عربي بدون يمني لا سمح الله!!.

نحن بحاجة إلى توفر إرادة وطنية رسمية أو شعبية أو تلاقي الإرادتين معاً.

 

لو نظرنا لحقيقة الأزمة اليمنية سنجدها تكمن في أربع قضايا رئيسية هي:

1-القضية السياسية في الجنوب، وهي تحتاج لإرادة رسمية في الاعتراف بوجود مشاكل الجنوب وتحتاج إلى حوار جدي وهادف بين الحكومة والقيادات الجنوبية في الداخل والخارج للاتفاق على الحل.

2-القضية المنهجية في صعدة والمتمثلة في شعار جماعة الحوثي ومنهجه السياسي والفكري وما ترتب على ذلك من حرب ودمار هناك، وهذه تحتاج أكثر من تنفيذ الاتفاقية الموقعة بين الطرفين مؤخراً، وبغض النظر عن اتفاقنا واختلافنا مع مجريات الحرب وبنود الاتفاق، فإن وجود الاتفاق يستوجب تنفيذه لأنه أصبح عهداً والله سبحانه يقول " والموفون بعهدهم إذا عاهدوا".

3-القضية المطلبية والمتمثلة في مطالب المواطنين بالمساواة في التنمية والمشاركة السياسية وتكافؤ الفرص، كما هي ظاهرة مطالب أبناء المحافظات الشرقية، أو التي يسمونها بالمصطلح العسكري المناطق الوسطى (يقصدون مأرب والجوف)، وهذه القضية بحاجة إلى توجه رسمي منصف للتعاطي مع هذه المطالب والتجاوب معها قبل أن تذهب الأمور إلى منحنى آخر.

4-  تدهور الحياة المعيشية في أوساط عامة المواطنين والارتفاع الحاد في الأسعار، وتوجهات الحكومة المستمرة لزيادة أعباء الطبقة الواسعة من الفقراء والعاطلين عن العمل، وهذه تحتاج إلى إجراءات عاجلة ومدروسة لمواجهة الفساد والتضخم، ولرفع مستوى دخل الفرد من محدودي وعديمي الدخل، وتحريك عجلة التنمية أكثر مما هي عليه الآن، وذلك على حساب تقليص الإنفاق الحكومي غير الضروري والحد من الإفراط في المشاريع الإنشائية غير الضرورية.. إلى ما هنالك من الحلول التي بيد الحكومية أن تخلقها في مواجهة الأزمة، ولإنقاذ حياة الفقراء وكرامة الموطن المعيشية. أما إذا افترضنا انعدام أو تباطؤ هذه الإرادة فإن البديل هو الإرادة الشعبية وحتى لا نستغرق في متطلبات أو أولويات هذه الإرادة للتعاطي مع الأزمة فإنها بالإجمال تكمن في استمرار الضغط الشعبي وفق الاحتياج السلمي المشروع، بحيث يتزامن مع ذلك مبادرة وطنية يتفق عليها أطراف العمل الوطني خارج السلطة وينتهي بمؤتمر وفاق وطني (سمه المصالحة، سمه انقاذ، سمه ما شئت) المهم أن تخرج الإرادة الشعبية بأجندة حلول جدية وممكنة لمعالجة الأزمة، وتطرحها على الطاولة أمام الإرادة الرسمية لوضعها أمام الأمر الواقع.

*****

كمن يهدم عشة ليسكن قصراً لكنه يجد نفسه في العراء

الشيخ حسين العجي العواضي:

بالتأكيد ثمة أزمة خطيرة وتهدد حاضر ومستقبل اليمن.. وهي لاشك نتيجة لتراكمات تاريخية.

ولعل أهم أسبابها غياب بناء الدولة وتعثر المشروع الوطني وقد أتيحت فرصتين تاريخيتين لبناء الدولة والنهوض بالمشروع الوطني إلا أنهما أجهضتا.

كانت الأولى هي فترة الشهيد إبراهيم الحمدي، والذي عمل على وضع الأسس لبناء الدولة الحديثة في الشمال، والتوحد مع الجنوب، الذي قطع أشواطاً لا بأس بها في بناء الدولة، دولة النظام والقانون، رغم بعض الأخطاء السياسية والفرصة الثانية جاءت بإعلان الوحدة، إلا أن النظام الحالي أجهض الفرصتين.

الأولى باغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي.

 

حسين العواضي

والثانية أجهضت بإفراغ اتفاقيات الوحدة من مضامينها، والتآمر على الشريك في صنع الوحدة، ومن ثم شن حرب صيف 94، التي مثلت الضربة القاضية لتقويض المشروع الوحدوي النهضوي.

لا شك أن القضية الجنوبية ليست مطلبية. وهي سياسية وطنية بامتياز هي أزمة هوية في اليمن قاطبة.

وهذا هو شعور كل مواطن يمني، إلا أن هذا الشعور لدى أبناء الجنوب أعمق، لأنهم أناس كانت لهم هويتهم وكيانهم حتى إعلان الوحدة، وأنا أشبه أبناء الجنوب ودخولهم الوحدة ومعاناتهم بعدها كمن كان يسكن "عشة" فهدمها على أمل أن يسكن قصرا فإذا به يجد نفسه في العراء.

أعتقد أن الحل يكمن في حفاظ الإخوة الجنوبيين على وحدة صفهم، وعدم ضياع البوصلة، وامتلاك الرؤية الوطنية البعيدة، والاستناد إلى عمقهم التاريخي والوطني والنضالي بعيدا عن ردود الأفعال التي يحاول النظام أن يجرهم إليها بممارساته الصلفة واللاوطنية. كما أن الأمر يتطلب من كل القوى والفعاليات في الشمال إذا كانت حريصة على الوطن والوحدة الخروج إلى الساحات والالتحام مع إخوانهم في الجنوب ووضع قضية الجنوب في أعلى سلم الأولويات الوطنية.

في اعتقادي إن مضامين وثيقة العهد والاتفاق لازالت أساسا صالحا للحل. ولكن أجزم أنه لا حل في ظل هذا النظام المتعجرف، والذي لا هم له إلا الحفاظ على السلطة وجمع الأموال حتى ولو على أنقاض الوطن. هذا النظام الذي أصبح المرء يشك بشعوره بانتمائه لهذا الوطن والشعب وهو نظام لاشك يترنح، وما استمراره إلا نتاج لعجزنا.

وعلى كل حال، أرى أن الحل الأمثل هو رحيل هذا النظام. وهذا لن يتأت إلا باصطفاف وطني حقيقي على مستوى الوطن، واستعداد كل الأطراف السياسية للتلاحم والقبول بدفع الأثمان. لأن أثمان التصدي لهذا النظام وإزالته أهون بكثير من الثمن الذي سوف يدفعه الشعب والبلد من خلال استمرار تسلط صالح وعصابته وعبثهم بمقدرات ومستقبل الوطن والشعب والذهاب إلى المجهول.

******

            ضرورة إنشاء محكمة خاصة لمحاسبة المتورطين في نهب الجنوب

اسكندر شاهر ( صحفي وباحث ) دمشق:

إذا كان ثمة شيئاً مفتعلاً في البلاد، فهو المراهنة على الوقت، ولجوء صانع القرار إلى نكران الأزمة، وإلى أساليب تطيل أمدها، من خلال الكلام عن يمن أفضل ومستقبل مشرق (في الهواء). وذلك ما تبين في أجلى صوره في خطاب الحسينية، الذي يشعر المرء- ممن لا يعرف أوضاع البلاد- أنه لم يكن في الحديدة المدينة المجروحة، وإنما في ولاية ماليزية.

وإذ يُجمع القوم -باستثناء المنتصر عسكريا في حرب 94- على أن قضية الجنوب سياسية بامتياز، فإن الجانب المطلبي في القضية ليس إلا نتيجة طبيعية لما ترتب على قرار الإقصاء السياسي وعمليات الإلحاق والفيد والنهب واستباحة الحقوق ونهب الأراضي من ملاكها الحقيقيين وأبناء الجنوب الأصليين، الذين من حقهم أن ينعموا بثروات أرضهم كما تنعم مختلف شعوب العالم بثرواتها الطبيعية.

اسكندر شاهر

وعلى كل حال، أعتقد أن المعالجة الحقيقية للأزمة تبدأ أولاً باعتراف كامل غير منقوص بأن قضية الجنوب سياسية وناتجة عن ممارسات المنتصر عسكرياً والمهزوم تاريخياً. وبالتالي إعادة الحقوق إلى أصحابها وانتزاع الأراضي من ناهبيها، وإعادتها إلى أهلها من دون تلكؤ، وهذا سيقتضي تشكيل محكمة خاصة تحاسب المتورطين أو الذين يرفضون إعادة الحقوق أياً كانوا وصولاً إلى مواطنة متساوية عادلة.

ويُبنى الحل من خلال اصطفاف وطني وحوار شامل، يسلط الضوء على القضية الجنوبية دون أن يغفل أن الأزمة اليمنية لا تكمن في الجنوب فقط، وإنما في كل أرجاء وطن يستعد لاندلاع ثورة الجياع التي ستأكل الأخضر واليابس.

 لذلك فإن الكلام عن حكم محلي حقيقي ومتكامل ليس كلاماً لخدمة الجنوب، وإنما لمصلحة اليمن عموماً، وهو مفردة من مفردات الحل الذي سيبدأ باقتلاع جذور الفساد ولن ينتهي عند منع الفاسدين من الإنجاب، فنحن أمام كارثة مستقبلية.. السلطة لم تمنع الفاسدين من الإنجاب، والنتيجة أن كل فاسد قد أنجب عدداً من الأبناء الفاسدين، وقد كبروا وذهبوا إلى أمريكا ولندن وباريس وماليزيا وغيرها للدراسة، ثم عادوا ليتولوا مناصب رفيعة -على حساب الكفاءات الحقيقية والمستحقة- يمارسون فيها ممارسات آبائهم، ولذلك فإن الكلام عن توريث الحكم لم يعد ذا قيمة أمام الكلام عن توريث الوظائف العامة وآخرها تعيين شاب في مقتبل العمر ومقتبل الحياة نائباً لوزير الشباب والرياضة متخطياً من هم بمستوى آبائه وأجداده وأساتذته ودكاترة الجامعات وكل اليمن لحسابات أسرية مناطقية ضيقة. ولذلك يبدو تصور الحل للأزمة اليمنية ضرباً من ضروب الخيال؛ وذلك ليس من قبيل اليأس بل هو السبيل لتعزيز الهمم وحشد الطاقات لإنقاذ اليمن من هذه المهزلة التاريخية العظمى التي لن تنتهي إلا بزوال هذا النظام الجاثم على صدر الوطن منذ أكثر من ثلاثة عقود.

********

تشكل هيئة من أبرز الرموز الوطنية لتسيير شؤون البلاد والإعداد لانتخابات مبكرة

الشيخ محمد قاسم أحد مشايخ مأرب ( القاهرة ):

الأزمة اليمنية ليست مفتعلة. وقضية الجنوب هي قضية تهم اليمن قاطبة، فالظلم قد عم الجميع شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً.

ولقد أصبح التغيير مطلب الجميع ويجب التغيير من القمة إلى القاعدة.

محمد قاسم

إذا أريد لليمن الخروج من محنته الحالية وتجنب ما سيحدث فلا بد إصلاحات ومشاركة سياسية للجميع ما لم فقد يصبح اليمن صومال جديد.

 وأول خطوة تقديم الحكومة الحالية استقالتها وتشكيل حكومة ائتلاف وطني من كل الشرائح اليمنية للإشراف على انتخابات جديدة لمجلس النواب والشورى والمحافظين.

على أن تتولى هيئة وطنية من أبرز الرموز الوطنية تسيير البلاد وتصحيح الأوضاع وإعداد دستور جديد يحقق المشاركة الوطنية، وإعداد البلاد لانتخابات حقيقية حرة ونزيهة ونظيفة لإعادة تكوين مؤسسات الدولة على أسس جديدة.

ومن جهتي أقترح الأسماء التالية:

الشيخ سنان أبو لحوم، على ناصر محمد، عبد المجيد الزنداني ،اللواء على محسن الأحمر ،حيدر أبو بكر العطاس، ياسين سعيد نعمان، قاسم علي الوزير ،عبد الله سلام الحكيمي ،الشيخ عبد الله مهدي.

ومن لم يعجبه هذا الرأي يشرب من ماء البحر على غرار ما قال الرئيس.

******

الحل يكمن في استقالة الرئيس الحالي وتشكيل مجلس حكماء مؤقت

منير الماوري ( كاتب ومحلل سياسي ) واشنطن:

الأزمة الحالية تمثل حصاد 30 عاما من سياسات الفساد المالي والإداري والسياسي والقضائي، نجم عنها أخيرا تذمر شعبي واسع، وجوع وفقر يصعب تحملهما، ورغم خطورة الوضع فما زال هناك مجال لإنقاذ الوطن ولكن ليس عن طريق القيادة الحالية.

الحل المنطقي لأزمة اليمن هو أن يقدم الرئيس الحالي استقالته ويرحل بسلام، وأقترح أن يجتمع مجلس النواب لإجراء تعديلات دستورية أو إعلان دستوري مؤقت لتشكيل مجلس حكماء من عشرة أشخاص كالتالي:

منير الماوري

علي محسن الأحمر، وحميد الأحمر، وعبدالكريم الإرياني، ومحمد اليدومي، وعبدالعزيز عبدالغني، وعلي ناصر محمد، وحيد العطاس وياسين سعيد نعمان، وعبدالرحمن بافضل، ومحمد قحطان.

ويتولى أعضاء مجلس الحكماء اختيار رئيس مؤقت من بينهم لإدارة شؤون البلاد في فترة انتقالية محددة،على أن تخضع قرارته لإقرار مجلس الحكماء، ويتم تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة من كل القوى السياسية تكون مهمتها إعداد البلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية حرة، على أن لا يسمح لأي حزب سياسي أن يستخدم موارد الدولة وإمكاناتها في حملته الانتخابية، وأن يكون المرشحون للرئاسة من السلك المدني.

وبشأن الأزمة الجنوبية فإن حل مشكلة المركزية كفيلة بحلها ويجب أن نعي أن الوحدة بين الشمال والجنوب قامت على تبييت الغدر وانكشف الأمر بعد بدء الاغتيالات والملاحقات للقيادات الجنوبية، ثم اندلاع الحرب ودخول عدن في 7- 7- 1994 وهو التاريخ التي تم القضاء فيه على الوحدة الطوعية وانتقلنا إلى مرحلة الوحدة الجبرية. ونحصد الآن ليس فقط نتائج سياسات ما قبل الوحدة، بل أيضا سياسات ما بعد حرب 1994 التي أحيل فيها نصف شعب الجنوب إلى الشارع. وبالتالي يمكن التأكيد أن قضية الجنوب ليست مطلبية وإنما سياسية، وحلها لن يتم إلا بقرار سياسي يتم من خلاله منح المحافظات الجنوبية حكما ذاتيا، وإشراك الجنوبيين في إدارة ثرواتهم بشفافية كاملة. وعلى الرئيس الحالي أن يدرك أن الانفصال أو الحرب الأهلية هي البديل لسياساته. وإذا لم يبادر بالاستقالة فسوف يذكره التاريخ كقاتل للوحدة بدلا من أن يظل يفاخر أنه صانعها، وعليه أن يتعلم من مصير شريكه علي سالم البيض الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه كزعيم وحدوي وخرج من التاريخ كرمز انفصالي. ومصير علي عبدالله صالح سيكون مشابها وسيذكره التاريخ كصانع للفساد، ومدمر للقيم إذا لم يسارع بإنقاذ البلاد من النفق المظلم الذي تمضي إليه.

****

وثيقة سياسية جديدة لتلبية التنوع السياسي

عبد الرقيب الشرجبي ( سياسي وباحث )- القاهرة:

هناك أوضاع بائسة تمر بها البلاد على امتداد مساحتها الجغرافية جنوبا وشمالا غربا وشرقاً، على الرغم من وجود انجازات متحققة هنا وهناك لكنها عاجزة عن تلبية متطلبات المرحلة الحالية والواقع الجديد لليمن الموحد وللمتغيرات الإقليمية والدولية، سواء في أبعادها السياسية أو الحقوقية للأفراد والجماعات. ولعله من المفيد هنا أن نتذكر خطاب المرحوم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في الدورة الثانية للمؤتمر العام الثالث للتجمع اليمنى للإصلاح في 12-2-2005 م حين قال:

 " إن ما وصلت إليه الأمور في بلادنا سياسيا واقتصاديا يقتضي وقفة مسؤولية وجادة من جميع القوى السياسية والاجتماعية في البلاد، والعمل بروح جماعية تقدم المصلحة الوطنية على كل المصالح الفردية والحزبية لإخراج البلاد من النفق المظلم الذي تسير إليه وقبل أن يصبح من العسير علينا الخروج منه" و"إن الحالة الاقتصادية والمعيشية تنذر بكارثة خطيرة، وإن إضافة المزيد من الأعباء المعيشية على المواطنين سيؤدي إلى المزيد من الاحتقان، وسيزيد من رقعه الفقر في البلاد وعلى العقلاء جميعا أن يسعوا لتلافى الكارثة قبل وقوعها".

عبدالرقيب الشرجبي

بالنسبة للقضية الجنوبية فإن لها طابعاً مزدوجاً، فهي سياسية لأن الجنوب كان دولة مستقلة وذو كيان سياسي مستقل، وتوحد باتفاقيات دولية تم إيداعها المنظمات الإقليمية والدولية وتحققت الوحدة بين الدولتين في 22مايو 1990م، وفي نفس الوقت هي قضية مطلبيه وحقوقية. فالسياسة في الأخير هي تتويج للمطالب الحقوقية، والمطالب الحقوقية ترتقي لكونها ذات طابع سياسي، بدليل أن الصراع والتنافس على السلطة السياسية يمر عبر الوعود بالحقوق ورفع القيمة السياسية للبلاد وللأفراد والجماعات.

أظن أن حل القضية الجنوبية والأزمة اليمنية عموما لا يمكن أن يمر إلا عبر مؤتمر وطني تأسيسي عام تمثل فيه كل القوى والأحزاب السياسية والفعاليات المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني، وتستوعب فيه كل مناطق اليمن ويكون ملبيا للتنوع والتعدد الذي يحتويه اليمن الموحد. ويتم النظر في هذا المؤتمر حول الصيغة السياسية القائمة، ومدى ملاءمتها للواقع اليمني الحديث، والخروج بوثيقة سياسية جامعة يتوحد حولها كل أبناء اليمن.