ثورة التغيير في اليمن محاولة للفهم
د. عبده سعيد المغلس
د. عبده سعيد المغلس

مدخل

ارحلوا فقد اكتفينا من فسادكم وهمجيتكم و أكاذيبكم بهذه العبارات يعبر ثوار التغيير عن شعورهم ازاء النظام. اذا فالرحيل هو الخطوة الاولى في مطالب الثوار. لقد بلغت الامور اوجها ولم يعد هناك مكان للصبر او السكوت فعندما وجد الشباب ان بلادهم تقيم عالميا بما يلي:

1- انها في قاع الترتيب بين الدول من حيث متوسط نصيب الفرد من الناتج الاجمالي للدولة على أساس تعادل القوة الشرائية.

2- وفي الترتيب العالمي في مجال الفساد يأتي ترتيبها ال 158 من اجمالي 167 دولة.

3- وفي مؤشر عدم الاستقرار، جاءت اليمن في الترتيب الأول بقرب التقييم 100 التي تمثل عدم الاستقرار المطلق، حيث بلغت 86.6.

4- تعتبر اليمن هي الأسوأ في معدل سوء التغذية ووفيات الأطفال على مستوى العالم وقد أصبح نصف أطفال البلاد معاقين بسبب سوء التغذية.

5- 40% في المئة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر.

6- وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، فإن اليمن تنفق على الصحة العامة أقل من أية حكومة في الشرق الأوسط.

واصبح الشعب اليمني يواجه منظومة سياسية حاكمة لم تعد تلبي حاجات الشعب، ولم تحقق أي نجاحات، فلا هي أنجزت مهمة اقتصادية ولا هي وفرت الأمن والاستقرار في البلاد، ولا هي حاربت الفساد، ولا هي أقامت مشروع الدولة، بل انها سعت الى تفكيك الدولة بان ازمت الامور جنوبا ودفعت الناس هناك الى المناداة بفك الارتباط وازمت الامور شمالا واوجدت الازمة الحوثية. ومارست على الوسط والتهايم منظومة القهر بأبشع صورها والتي هي منظومة الاخضاع والالغاء الامامية ولكن سلطة النظام مارستها بشكل ابشع ووسائل انكى من سلطة الامامة, بل وعممت هذه الثقافة على كل مناطق اليمن. البطالة تطحن المجتمع العاطلون عن العمل الذين يتخرجون سنوياً بعشرات الآلاف يبحثون عن عمل فلا يجدون، الباحثون عن الخدمات لا يجدونها، والباحثون عن الأمن لا يجدونه، الأغنياء يزدادون غنىً والفقراء يزدادون فقراً، والطبقة الوسطى تندثر وتتآكل وتتجه نحو الطبقات الفقيرة، مما اوجد حالة من الاستقطاب السياسي والاجتماعي بين نخبه أقلية ثرية ثراءً فاحشاً أتى في معظمه بصورة غير مشروعة وأغلبية مسحوقه تعاني من البطالة والفقر وانعدام الأمن والخدمات. واصبحت مهمة هذه المنظومة الحاكمة فقط هي السيطرة على موارد البلاد واحتكارها لنخبة من المنتفعين والفاسدين الذين حولوا ما عليها ومن عليها إلى ما يشبه الإقطاعية الخاصة بهم.

مما تقدم ندرك ان خيار الثورة اصبح امرا لا مفر منه وهذه سنة إلاهية وسنة كونية واجتماعية.

الرئيس والثورة:

لقد كان مفاجئا للرئيس صالح أن يطلب منه الرحيل، وأن يصبح خيار الشارع إسقاط نظامه،. وخياراته باتت محدودة، ومبادراته تصل إلى طريق مسدود، وبات صعبا التعاطي معها، لأنه لم يضع خيار الاستجابة لمطلب الشارع بالتنحي ضمن أجندته، فيما الشارع يصر على رحيله.

استراتيجية النظام في البقاء:

1- عمل الرئيس علي عبدالله صالح لضمان بقاءه في السلطة منذ مدة طويلة بإبقائه اليمنيين على حافة الهاوية، وبإبقائه الحلفاء والمنافسين قلقين وبإثارته إعجاب أنصاره بقدرته على تجنب الأخطار.

2- الزعم أنه وحده القادر على قيادة بلد صعب مثل اليمن، وأنه يقاتل فرع تنظيم القاعدة المتنامي في البلاد، ويمنع المنطقة من الانفجار. وفي المقابلات، يستخدم صالح استعارة لفظية لوظيفته لطالما سعى من خلالها إلى تضليل الإعلاميين الغربيين الذين يقابلونه بقوله: حكم اليمن "يشبه الرقص على رؤوس الثعابين". (نقلا عن مجلة السياسة الخارجية الامريكية)

3- اعتماده على دفع أموال المحاباة ولشراء النخب في البلاد. وهو ليقوم بمثل تلك التصرفات لا يخالجه أي وخز للضمير يمنعه من استنزاف موارد البلد كلياً، وفي دراسة الفساد التي قدمتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للعام 2006 ، تكشف، من بين أمور أخرى، أن 40 في المئة فقط من عائدات الضرائب تصل إلى خزينة الدولة.

استراتيجية النظام في المواجهة:( تخويف الداخل والخارج)

بعد ان استنفذ كل المحاولات من استقطاب اللقاء المشترك ومن خلال الاستنجاد بالعلماء ومغازلة الشباب ركز النظام في استراتيجيته لمواجهة الثورة حيث اعتمد ميدانيا على ما بات يعرف ببلطجية النظام سواء كانوا بثياب مدنية او عسكرية فهم ليسوا قوة شعبية انهم مجاميع يمارسون البلطجة والعدوان لمن يدفع لهم أكثر . واعلاميا بالقول ان قيام ثورة شعبية ستكون كلفتها باهضه وكبيرة، خاصة بعد أن ظهر الرئيس صالح من خلال خطاباته أنه لن يسلم بسهولة، وقال إنه سيقاتل حتى آخر قطرة دم، مؤكدا أنه يمثل الشرعية الدستورية، كما خاطب القوات المسلحة باعتباره قائدا أعلى لها بالحفاظ على الثورة والجمهورية والوحدة. واعتبر أن الثورة الشعبية ستؤدي إلى نتائج كارثية وفي مقدمتها انهيار الاقتصاد اليمني والدخول في فوضى عارمة. ومن جانب آخر ستكون هناك فرص مواتية لإعلان انفصال المحافظات الجنوبية، واستقلال الحوثيين بالمناطق الشمالية التي تحت سيطرتهم، وسيطرة القاعدة ودخول البلد في حرب أهلية. وعمد لتضخيم المخاوف الغربية من أن أي تحديات شعبية لنظامه قد توفر المناخ لتنظيم القاعدة وأن المزيد من الاضطراب السياسي من شأنه أن يتيح مناخاً أوسع لجماعة مثل تنظيم القاعدة للاستفادة أكثر.

 متناسيا انه خلال 33 سنه من حكمه قام بإلغاء الشرعية الدستورية حيث قام بإلغاء شرعيات الثورات السابقة سبتمبر واكتوبر اذ لم يطبق أي هدف من اهدافهما وقام بإلغاء شرعية الوحدة بإلغائه كل ما نصت عليه اتفاقيات الوحدة ولم يلتزم بوثيقة العهد والاتفاق والغى شرعية الدستور حين غير وبدل وفصل فيه الى ان وصل الى مرحلة قلع العداد, اما القاعدة والارهاب فهو من اوجدها باتفاقه مع المحافظين الجدد في امريكا لخلق بؤرة صراع جديده ونقل الحرب على القاعدة الى جنوب الجزيرة العربية ليستكمل المحافظون مخططهم الذي بداؤه ومقابل ذالك يطلقون يده ليفعل في اليمن ما يريد مقابل ان يحكم اليمن هو واسرته من بعده (كما يشير بعض المحللين). اما ازمة الحوثيين فهو اوجدها ليخلق بؤرة صراع في شمال اليمن محاولا الجمع واللعب بالمتناقضات او تطبيق (سياسة الرقص على رؤوس الثعابين).

وهنا تبرز حقيقتان:

اولا:- ان اعتماد السلطة على البلاطجة هو اعتراف مباشر أنها لم تعد لها مشروعية شعبية وأن مشروعيتها تأتي من خلال مجاميع البلاطجة.

ثانيا:- السلطة تشعر بأنها تعيش حالة من الاختناق وحالة من الحصار من قبل الشعب وهي عاجزة عن إقناع الشعب بأن لها مشروعية وعاجزة عن الحصول على تأييد شعبي واقعي في كثير من المناطق.

الشباب وروح التغيير:

ان قاطرة التغيير سائرة رغم كل الصعاب لقد حمل الشباب مشعل الثورة الحقيقية في اليمن ان ما عاشته الاجيال السابقة لم يكن ثورة حقيقية لقد كانت انقلابات نخبة لذللك سرقت واستغلت ووجهت واوصلت مثل هذا النظام الى الحكم .لقد قام شباب الثورة بما لم تستطع الاجيال السابقة ان تقوم به .لقد اتو بفكر جديد وتطلعات طموحة تتناسب مع العصر الذي يعيشونه , وهذه التطلعات مصحوبة بتحد واثق وارادة صلبة ولذالك فلا قوة الجيش ترهبهم ولا عنفوان أجهزة الأمن وبلطجيته تصد من تحركاتهم , ولا خزائن البنوك تشتت شملهم او تشتريهم . فلا تركنوا او ترتهنوا للعاجزين والخائفين انها ثورتكم وانتم تمتلكون القدرة والتمكن على ادارتها وقيادتها للنصر.

الرؤية والمنهج

اولا: ميلاد الامل من رحم اليأس.

من متابعة افكار الشباب فقد تشكل وعيا مدركا لدى شباب الثورة واصبحوا يدركون ان الثورات تولد من الأمل لا من اليأس، على عكس ما يتصوره كثيرون. صحيح أن عمق الإحساس بالظلم وعمومه في المجتمع شرط سابق على كل ثورة، (لكن تحويل هذا الإحساس بالظلم إلى أمل في التغيير وإيمان بإمكانه هو الذي يفجر الثورات. وقد تتزامن لحظتا اليأس والأمل مما يجعل التمييز بينهما عسيرا. فلحظة "البوعزيزي" في تونس مثلا كانت قمة اليأس، لكنها كانت في الوقت ذاته لحظة ميلاد الأمل والثقة في نفوس الشعب).

ثانيا: تحديد طبيعة الصراع.

ان أول ما يحتاجه قادة الثورات الشعبية هو تحديد طبيعة الصراع. فقد يكون الصراع بين الحكام والمحكومين في بعض الدول صراع بقاء لا مجال فيه لأرضية مشتركة، ولا حل له سوى التغيير الشامل، مثل الثورة ضد سلطة عسكرية مستبدة. ان عدم وضوح الرؤية حول طبيعة الصراع يربك حركة التغيير ابتداءً، ويفشلها انتهاءً. وهنا نجد ان شباب الثورة حددوا طبيعة الصراع بادراك واع مستنير ولهذا ليست لديهم انصاف حلول لانهم يقومون ويقودون ثورة حقيقية عكس البعض والذين حتى اللحظة ما يزالون يعيشون في مربع ان القضية لديهم هي ازمة سلطة تحتاج لحوار وحلول وسط.

 ثالثا: مبادئي الثورة السلمية

المبدأ الأول:

 أن السلطة المستبدة ليست جسدا واحدا أصم، وإنما هي بناء ديناميكي مركب، وهي لا تتحكم في الناس إلا لقبولهم بذلك. لذا فإن الثورة لا تحتاج إلى مواجهة النظام القمعي مواجهة مباشرة، وإنما يكفيها أن تحرمه من التحكم في المجتمع، وتظهر عجزه أمام العالم. فالتحكم هو رأسمال الحاكم المستبد، فإذا فقد التحكم في حياة الناس فقد الثقة في نفسه، وأصبح سقوطه محتما. وهو ما يعرف بمصطلح "التجويع السياسي". فالثورات السلمية لا تهدم النظام المستبد مباشرة، وإنما تستنزفه من خلال حرمانه من دعم بعض مكونات سلطته، فينهدُّ البنيان الاستبدادي من تلقاء ذاته.

المبدأ الثاني:

أن العنف الدموي المباشر ضد السلطة المستبدة ليس خيارا مناسبا، والمقاومة السلمية أجدى وأبقى, فالثورات السلمية تنبني على فكرة "البطولة الهادئة" التي ترفض الرد على عنف الاستبداد بعنف مضاد. فالانجراف إلى العنف الدموي يمنح الاستبداد أخلاقية الرد العنيف، ويسبغ على تمسكه بذاته طابعا شرعيا.

رابعا: شروط نجاح الثورة :

(1) صلابة الإرادة والتصميم لدى الثوار.

(2) الحفاظ على الصورة الناصعة للثورة.

(3) وحدة الصف والتلاحم بين القوى الشعبية.

(4) حسن التسديد إلى مراكز ثقل النظام.

(5) الوعي بأجنحة النظام المختلفة ومخططاتها.

(6) تقديم البديل السياسي حتى لا تجد فلول النظام فراغا للتمكن.

(7) رفض السقوف الواطئة والتغييرات الشكلية في النظام.

(8) التمسك بمنطق المغالبة لا المطالبة.

خامسا: وسائل اغتيال الثورة.

(1) كسر الإرادة بالقمع والبطش.

 (2) تلطيخ صورة الثوار وتزييف الوعي الشعبي.

 (3) تفريق الثوار وتمزيقهم بالإغراء والإغواء.

 (4) توجيه جهد الثوار إلى حواشي النظام وهوامشه.

 (5) التضحية ببعض أجنحة النظام إبقاءً على البعض الآخر.

 (6) عدم سد الفراغ الذي تحدثه فوضى ما بعد الثورات.

 (7) تقديم بدائل مزيفة ترقِّع الواقع ولا تغيره.

(8) تحويل الثورة إلى حركة مطالَبة دون مغالَبة.

رابعا: فهم يأس النظام

حينما يكون رأس نظام الاستبداد في مأزق لا مخرج منه بحكم تراكم مظالمه وجرائمه، وسوء علاقته بالعالم فإنه يقاتل قتال اليائس، ويجعل ثمن الثورة غاليا. وفي هذه الحالة يحتاج الشعب الثائر إلى الاستعداد لدفع ثمن أكبر، كما يحتاج إلى شيء من العنف الدفاعي أمام سطوة المستبد اليائس.

خامسا: القيادة والعفوية والتنظيم.

ان الثورات الشعبية مزيج من العفوية والتنظيم، فالعفوية تعصمها من الاستئصال، والتنظيم يعينها على حسن التسديد. وتحتاج كل ثورة إلى قيادة، لكن القيادة في عصر الإنترنت قيادة انسيابية، وليست هرمية، وهذا ما يجعل استهدافها عسيرا، واستئصالها مستحيلا.. تطارد النظام المستبد فتدركه، ويطاردها فتفوته, فهذا النوع من القيادة الانسيابية تجعل للمجتمع اليد العليا ضد السلطة التي اعتادت الهرمية القيادية.

سادسا: الخطاب:

تحتاج الثورة الشعبية إلى خطاب، ولا بد أن يكون خطابها بسيطا، سهل الاستيعاب، وأن يكون جامعا لا مفرقا. فالثوار تجمعهم المبادئ وتفرقهم البرامج، ومن أهم شروط نجاح الثورات أن يركز الثوار على المبادئ الجامعة، ويتجنبوا الخوض في البرامج التفصيلية أثناء الثورة. فالشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال، والاختلاف وقت مقارعة الاستبداد مُهلك للثورات.

سابعا: النهايات:

ان أخطر ما في الثورات ليس البدايات، وإنما النهايات. ففي عام 1948 قاد أحرار اليمن الثورة على حكم الإمام يحي وقتل الامام، وفشلت الثورة. فانقلب الامام احمد على الثوار ا تقتيلا وتنكيلا. وصور عبد الله البردوني ضعف الإدارة وسوء التخطيط، شعرا جاء فيه:

والأباة الذين بالأمس ثاروا *** أيقظوا حولنا الذئاب وناموا

حين قلنا قاموا بثورة شعب *** قعدوا قبل أن يُروا كيف قاموا

ربما أحسنوا البدايات لكن *** هل يحسُّون كيف ساء الختامُ

وأحيانا تنجح الثورة في معركة الهدم، فتهدُّ النظام القائم هدًّا، لكنها تفشل في معركة البناء، ويقطف ثمارها آخرون من فلول النظام القديم، أو من المتسللين تحت غبار المعركة. وأسوأ ما يصيب الثورات أن يصادر ثمارها متسلقون في جنح الظلام، فيحيلونها نسخة منقحة من النظام الاستبدادي القديم، أو أن يتحول بعض مَن أشعلوا الثورة إلى وقود للثورة المضادة، جرَّاء أنانية سياسية مزمنة، أو لمجرد سوء التفكير والتقدير. إن غاية الثورات الشعبية ليست استبدال حكام بآخرين، بل حكم الشعب نفسَه بنفسه، وبناء آليات التصحيح الذاتي سلميا، ويقسِّم الحرية والعدلَ بعدلٍ. فالحذرَ الحذرَ من التنافس على مغانم الثورة، أو رفع المطالب الجزئية في لحظات الحسم الكلية. فغاية الثورة تحرير الشعب لا حكمه. ولذا فان إقامة مؤتمر تأسيسي عام يضم كل القوى المعارضة يسهم في وضع نهاية ناجحة وحسنا فعل الشباب حين وحدو جهودهم ونسقوها.

ثامنا: فهم الثورة المضادة.

ان وجود الثورة المضادة هو أبلغ دليل على أن الثورة تحمل رسالة تغيير جدية. ويرافق ميلاد كل ثورة ثورة مضادة، تحاول وأدها في مهدها، أو تحريفَها عن مسارها، أو السطو على ثمراتها وعلى شباب الثورة ادراك ذالك جيدا حتى لا تسرق ثورتهم.

الموقف الراهن:

لقد قررت قوى التغيير البقاء في الميادين وباتوا أكثر قناعة باسترداد بلادهم المسلوبة واستعادة كرامتهم المغتصبة واعادة نسيجهم الاجتماعي الممزق . مؤمنين أن خيارات القوة لن تجدي ولم تعد وسيلة لائقة بالعصر و تؤدي إلى مزابل التاريخ. وما تشهده المحافظات اليمنية هذه الأيام في الشمال والجنوب هو حالة ثورة شعبية رافضة للوضع القائم ورافضة للسلطة وتدعو إلى إسقاط النظام ,ان قوى الثورة تجاوزت النخب السياسية في السلطة وفي المعارضة و لا تقاد او تنقاد من قبل أحزاب سياسية ويشارك فيها الكثير من العناصر الشبابية المنضوية في احزاب - فقدت الثقة بقياداتها العليا- فما تطرحه هذه الثورة الشعبية من شعارات فاجأ القوى السياسية ولم يكن وارداً لا في البرامج السياسية ولا في قرارات المؤتمرات والهيئات الحزبية لهذه الاحزاب. وزخم هذه الثورة يتزايد يوما بعد يوم.

وهنا تبرز الحقائق الأتية:

اولا:-

ان تلاحم أبناء عدن ومأرب والجوف وصنعاء وعمران وذمار وحجة وتعز وإب ولحج وحضرموت للخروج في مسيرة واحدة فهذا دليل على أنهم لا يسعون إلى تفكيك اليمن.

ثانيا:-

ان تلاحم القبائل و شباب القبائل (قبائل من اجل التغيير) مع الثورة الشعبية يحرق كروت القبلية التي تحاول السلطة ان تلعبها.

ثالثا:-

ان تلاحم الكثير من القيادات العسكرية والافراد من مختلف افرع القوات المسلحة يحرق كرت استخدام القوات المسلحة ضد الشعب كما يهدد ويتوعد.

رابعا:

ان الاستقالات التي حصلت من الحزب الحاكم وانضمام اصحابها الى ثورة التغيير يؤكد ان هناك احرارا كثر في الحزب الحاكم.

خامسا:

ان توحد الشعارات في كل ربوع الوطن يدل على ان الشعب اليمني يد واحده ولحمة واحده في هذه الثورة واسقطت كروت المناطقية والعداء بن ابناء الوطن الواحد التي اوجدها النظام.

سادسا:

تلاحم وتناغم شباب الحراك مع الثورة وقد بداء الحراك الجنوبي منذ ما بعد حرب 94 بمطالب حقوقيه ثم تطور منذ اربع سنوات الى مطالب فك الارتباط والانفصال عن ما يسميه منظومة الجمهورية العربية اليمنية وهذه المطالب تزامنت منذ بدايتها بمظاهرات احتجاجيه شبه يومية, سقط فيها العديد من الشهداء والمصابين وكانوا طليعة هذه الثورة المباركة. وتحولت الهتافات والشعارات المطالبة بالانفصال وفك الارتباط الى نفس الشعارات التي تترد في كل المحافظات اليمنية والمطالبة برحيل النظام ويعتبر هذا التغير تطور نوعي واستراتيجي يهدف الى قيام دولة يمنية وفق مفاهيم جديدة تحقق تطلعات وامال كل ابناء الشعب من صعده الى المهرة.

الخلاصة: (مكونات المشكلة الحقيقية)

هناك في نظري تصوران لجذور المشكلة هما:

1- الازمة:

وهي الازمة السياسية التي هي عبارة عن ازمة سلطة وحكم والتي يعيدها البعض الى عام 2006م وبعظهم الى عام 2003م وهناك من يعيدها الى عام 1994م واخرين الى عام 1990م وقبل الوحدة هناك محطات زمنية مختلفة تميز بها كل شطر سواء نظام الجمهورية العربية اليمنية او نظام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وتمثلت هذه الفترات الزمنية بانعكاس الصراع اما صراعا سياسيا أو صراعا دمويا مما جعل الكثير من المحللين يعتبرونها ازمة حكم وسلطة ويجذرونها زمنيا للسنوات المذكورة بينما هي اعمق من ذالك فهما وزمنا انها تتمثل بثقافة الاخضاع والهيمنة والالغاء والت تمثلت بمفهوم الامامة الخاطئ الذي مثله بعض طغاة الأئمة وضل يحكمنا حتى اليوم.

2- الثورة الحقيقية:

ان ما قام به الشباب اليوم هو الثورة الحقيقية التي استطاعت ان تصيغ مفاهيم جديدة صهرت من خلالها كل فئات المجتمع وفي كل محافظات الوطن من اقصاه الى اقصاه وهي ثورة شعب وليست ثورة نخبة. وبالتالي لفهم المشكلة اليمنية من اجل حلها لا يجب اغفال اسباب ثورة الشباب وما تنادي به وباعتقادي فان ما تطرحه ثورة الشباب هو الحل الامثل لجذور المشكلة لأنها حققت ما لم تسطع ثورات النخبة السابقة ان تحققه فلقد حققت من خلال ميادين التحرير والتغيير ما لم تحققه الثورات السابقة فقد صهرت ووحدة فيئات المجتمع المختلفة وتأخير تحقيق مطلب الرحيل هو ارادة ربانية لمزيد من تلاحم ابناء الوطن الواحد من اجل اعادة لحمة النسيج الاجتماعي الذي مزقته ثقافة الاخضاع والقهر والالغاء منذ فترة طويلة وهذه حكمة الله وثورة الشباب هي ثورة القيم المجمعة التي جمعت كل الناس بمختلف اعمارهم وتوجهاتهم ذابت فيها الحزبية والمناطقية والقبلية وبرز فيها الانسان اليمني العظيم رافعا يده صايحا بصوت واحد ارحل ليرحل مع الراحل كل الماضي بمآسيه وويلاته وثقافته.

(هذه الدراسة هي محاولة متواضعة لفهم ثورة الشباب في بلادي والذي احمد الله ان اطال الله بعمري حتى اراهم يحققوا ما لم نستطع نحن تحقيقه وقد جمعت فيها بتصرف بعض الدراسات والارقام من دراسات مختلفة)


في الجمعة 15 إبريل-نيسان 2011 04:51:48 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=9892