لماذا نسي جمهور أهل السنة استشهاد الإمام الحسين سلام الله عليه ؟
ابراهيم  بن محمد الوزير
ابراهيم بن محمد الوزير

في العاشر من محرم نجى الله تعالى رسوله موسى على رسول الله محمد وعليه الصلاة و السلام من فرعون وجنوده ، وكان اليهود يصومونه حمدا لله على ما من الله به على نبي الله موسى ومن معه من بني اسرائيل في ذلك اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله (نحن اولى بصيامه منهم) ثم صامه وندب المسلمين الى صيامه ، وصيام يوم قبله او يوم بعده.

وفي العاشر من محرم استشهد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب وابن بنت رسول الله فاطمة الزهراء على ابيها وعليها وعلى بعلها الصلاة والسلام في حادثة اليمة محزنة ، تقشعر لهولها الابدان ويحزن بسببها قلب كل مؤمن بالله محب لله ولرسوله ولآل رسول الله ، الذين محبتهم جزء من دين الله لا يتم اسلام المرء كما يريد الله عز وجل الا به.

ومن الغريب ان يمر هذا اليوم ويقوم الخطباء في المساجد من اخواننا اهل السنةو الجماعة في يوم الجمعه او غير يوم الجمعه قبل يوم عاشوراء او في نفس اليوم او بعده فيذكرون المناسبات الاخرى التي مرت في يوم عاشوراء ولا يتكلم احد منهم عما حدث للامام الحسين ولا يتوجع لمقتله ولا لاجراء الخيل على جسده الشريف بعد استشهاده ولا لقتل الاطفال من ابنائه وابناء اخيه الحسن ، واهل بيته وسائر اصحابه الكرام رضوان الله عليهم اجمعين ، وكانما قتلت في ذلك اليوم عنزة او شاة في كربلاء ، بل لو كان الذي قتل هي عنزة او شاة بعد قتال بين جماعتين من العرب لأصبح ذكرها يتردد على الالسنة ، ويقرع الاسماع.

فيا عجباه كيف يهون سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جمهور أمة محمد ومن صاروا معروفين بأهل السنة والجماعة ، وهم في هذا الأمر بعيدون عن سنة رسول الله الذي قال بعد غزوة أحد (كل بيت من بيوت المسلمبن يبكون شهيدهم وعمي الحمزة لا بواكي له ) فخرجت نساء الأنصار تبكي وتنعى الحمزة سيد الشهداء وجئن الى باب مسجد الرسول ليسمعنه صلى الله عليه وآله بكائهن وحزنهن ونعيهن عمه الحمزه ، و هاهي الآن تمر ذكرى استشهاد الحسين بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله على جمهور المسلمين ، من اخواننا اهل السنة فلا يذكر او يتذكر احد منهم هذا المصاب الاليم لقد والله جفا جمهور المسلمين رسول الله صلى الله عليه وآله جفاءً شديداً وتولوا عن حبه الحب الصادق الذي يرضيه ، وحب آل رسول الله وهم معرضون.

ان كل من لا يحزن لمقتل الامام الحسين ويعرض عن ذلك المصاب الاليم من امة محمد اجمعين ففي قلبه مرض ، ومن يفرح بذلك ويسر به فهو منافق لا شك فيه ولا ريب.

ان هذا ما يحدث وهو امر غريب غريب جدا ولكن علينا ان نتسائل ونتامل ونحاول ان نعرف السبب في هذا الاعراض عن ارضاء رسول الله صلى الله عليه وآله ،ومواساته في سبطه وبن بنته وحبيبه الحسين بن علي على رسول الله وعليه وعلى أمه فاطمة الزهراء وابيه الامام الأعظم علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه.

فما السبب في ذلك ايها الاخوان ، أتدرون ما السبب في هذا الاعراض عن اظهار الحزن على الامام الحسين ؟ وعن مواساة رسول الله فيه وهو الذي كان حسب احاديث كتب السنة يقبل الحسين في فمه ، ويقبله في بطنة وفوق سرته ، وكان الحسين عليه السلام وهو طفل يرتحل رسول الله وهو ساجد يصلي بالناس ، فيطيل رسول الله سجوده حتى لا يعجل الحسين عن استمتاعه الطفولي بالركوب على ظهر جده رسول الله ، وكان رسول الله يقول (حسين مني وانا من حسين احب الله من احب حسينا).

هذا الذي كان يحبه رسول الله صلى الله عليه وآله ، هذا الحب العظيم يستشهد ويقتله الذين بغوا على ابيه ، وابناء اولئك البغاه ، يقتله يزيد الفاسق الفاجر ، الذي قتل من الانصار ، وأبناء الانصار في حادثة الحرة المعروفة سبعين صحابياً او ابن صحابي ، ثم انشد :

قائلاً

ليت اشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل

لأهلو واستهلوا فرحاً

ولقالوا يا يزيد لا تشل

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزل

وقد يقول قائل ان هذه الابيات مدسوسة على يزيد ، ونقول : سواء كانت صحيحة او مدسوسه ، فمن المؤكد ان يزيد استحل قتل الانصار وابناء الانصار ، فقتل منهم سبعين صحابيا وابن صحابي في حادثة الحرة المعروفة ، والتي لا ينكرها أحد ، وقد كنا نزور المكان الذي جُمِع هؤلاء الشهداء وقبروا فيه في البقيع ، وكان المطوفون والعارفون من علماء المدينة وغيرهم من المطوفين العارفين ومن أهل المدينة كانوا يعرفون مكان دفن جثثهم رضي الله عنهم ، وكان المطوفون يقومون بتعريف الحجاج الزوار مكان دفنهم ، ويزوٌرونهم اياهم ، حتى استولى الوهابيون المتشددون على المدينة المنورة ، فهدموا القباب التي كانت على مراقد اهل البيت عليهم السلام ، وشيئاً فشيئاً منعوا زيارة شهداء الحرة والتعريف بمكان دفنهم ، مناصرة ليزيد وظلمه وجوره ، وكراهية للمظلومين من الأنصار وأبناء الأنصار ، فلا حول ولا .

قوة الا بالله العلي العظيم

أما السبب في هذا التجاهل ليوم استشهاد الامام الحسين وفاجعة كربلاء فهو في الانحراف العظيم بولاية معاوية بن ابي سفيان امر امة محمد صلى الله عليه وآله فشكل الامة الاسلامية ومعتقداتها بالشكل الذي يريد وعاونه في ذلك علماء السوء الذين لا خير فيهم ، حتى صار استشهاد الحسين امراً عادياً بل مستحباً وتولي يزيد الطاغية من الامور المستحبة بل الواجبة ، فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، ماذا جر الانحراف العظيم بولاية معاوية من سوء كبير على المسلمين لا ينتهي اثره الا بظهور المهدي من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله كما جاءت بذلك

احاديث رسول الله صلى الله عليه وآله في كتب .

السنة وغيرها

فعلينا نحن المسلمين جمع كلمتنا وأداء الواجبات وترك المنكرات ، وحب الله وحب رسوله وحب آل رسول الله والبراءة من أعداءهم وطاعة الله والانقياد له واصلاح انفسنا ومجتمعنا انتظاراً لظهور الامام المهدي الذي بشر به رسول الله ليصلح الله به امر الامة

كما نسال الله سبحانه وتعالى أن يهدي اخواننا اهل السنة الكرام الى الواجب عليهم من اظهار حزنهم على سبط رسول الله ، واحياء ذكرى يوم استشهاده والبراءة من يزيد ومن جور يزيد وظلمة.

ومما لا شك فيه ولا يحتاج الى تأكيد أننا لا نقر ضرب الانفس بالسلاسل ، واللطم الشديد فذلك مما لا يقره الشرع ، ولكن اظهار الحزن على بن بنت رسول الله ، من واجب كل مسلم مواساةً لرسول الله صلى الله عليه وآله ومناصرة للحق ، وكراهية وخذلاناً للباطل والجور والطغيان ، وبراءة منه

، وما أروع وأفضل أن تذرف عين المسلم دمعتين على الامام الحسين بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله في يوم عاشوراء ، ان ذلك لعمر الله يقربه من الله ومن رسول الله ويحط عنه كثيراً من الذنوب ويدخله ان كان صادقاً في حبه للحسين ولآل رسول الله مقتدياً بهم متبعاً منهجهم ، طائعاً لله منقاداً له محباً لله عز وجل ولرسوله محمد صلى الله عليه وآله ،ولآل رسول الله ، فليبشر والله بجنات النعيم ، مع الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين ،وحسن أولئك رفيقاً ، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً

اللهم ارزقنا حبك وحب رسولك وحب اهل بيت رسولك ، وطاعتك والانقياد لك ، وتحليل ما احللت وتحريم ما حرمت ، واحشرنا يوم القيامة مع رسولك محمد ومع اهل بيته الطاهرين ، ولا تفرق بيننا وبينهم ،حتى تدخلنا مدخلهم يا الله يا كريم ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، كما صليت وسلمت وباركت على عبدك ورسولك سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين

حسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير وعلى الله توكلت.


في الخميس 16 ديسمبر-كانون الأول 2010 12:25:15 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=8532