صرخة برغلي!!
احمد طه خليفة
احمد طه خليفة

يا برغليييي .. كلمة صرخ بها سائق سيارة كان يحاول أن يحشرها وسط الزحام حتى ولو دفع غيره إلى المهالك وعندما لم أعيره أي اهتمام أعاد الكرة مرة أخرى يا برغلي ياعدن .. وأنا لم أكن أعرف معنى كلمة فرغلي فهي جديدة علي .. أنا أعرف أن فرغلي إسم يشيع استخدامه في مصر لكن في اليمن من المؤكد أنه يحمل معنى آخر وكانت الصدمة ..

عندما سألت عرفت أن الكلمة هي برغلي وليست فرغلي وأنها تعني ربما يا ناقص أو ما شابه ذلك .. تصوروا أن يرمى شخص كرس حياته في القراءة والبحث وطلب المعرفة في كافة المجالات وينتمي لأسرة عريقة في الكفاح ضد المستعمر و في إيواء المناضلين والثوار بعد ثورة 48 وقبلها ويصعب حصر أسماء من حملوا الشهادات العليا فيها وكانوا الرواد في التأليف والكتابة والتعليم والنضال السياسي وغير ذلك الكثير الكثير الذي لا يمكن أن تتشرف به أي مجموعة قبلية مهما كان عدد أفرادها ومهما أفرد لهم من الصفحات التي تمجد في نشاطهم ومهما امتلكوا من الإمكانيات التي اغتصبوها من هذا الوطن .. تصورا أن يأتي شخص ويرميني بكلمة نابية فقط لأن رقم سيارتي يحمل رقم محافظة عدن.. نرمى نحن أبناء المحافظات الجنوبية والوسطى بهكذا ألقاب فقط لأننا أكثر تحضرا وبعدا عن العنف رغم أن منا من لا يمكن مضاهاة ما يحمله من نبل أخلاق و شرف أصل شاء من شاء وأبى من أبى..

المشكلة أن هذا الفكر وتلك الثقافة راسخة في أذهان كل من له علاقة بالقبيلة فهناك سنحنة وحشدنة وخولنة في الجيش والشرطة والمؤسسات الوطنية حتى في اللجنة العليا للانتخابات فالبراغل فيها ليسوا من ذوي التأثير أو الأهمية وليس السبب في ذلك كونهم أقل من غيرهم ولكن لأنه قد أُريد لهم ذلك .. هل تصدقون أنه في الأعمال الإضافية في اللجنة العليا للانتخابات في مثل هذه الأيام يتم توظيف موظفين بشكل مؤقت ويوضعون على درجات في الأجور .. فئة أولى وفئة ثانية .. والعجيب أن الفئة الأولى تحصل على بدل مالي أعلى من الثانية مع أن الموظفين في الفئة الثانية من حملة الشهادات الجامعية بينما موظفي الفئة الأولى من حملة شهادة قيادة السيارات والانتماء القبلي .. وأصحاب الفئة الثانية من أبناء تعز وعدن وأب وغيرها من محافظات الجمهورية اليمنية .. ولقد شهدت ساحة مبنى اللجنة العليا للانتخابات اعتصاما شكل صرخة للبراغل ولسان حالهم يقول البرغلي ليس ناقصا بل هو أكثر إنتاجية في العمل وأكثر إيمانا بهذا الوطن ولا تجعلوا صبرنا ينفد .. وطبعا كانت مطالبهم إطلاق مستحقات وحقوق لا نحصل عليها إلا بعد نضال وبشق الأنفس وقد وعدهم من وعدهم كالعادة بالاستجابة لمطالبهم والله أعلم هل يصدق أم تنضم وعوده مع غيرها من الوعود التي أعطيت لليمنيين وخصوصا البراغل..!!

أقول أن العيب كل العيب أن نعيش في دولة يمارس القائمون عليها كل أشكال التمييز العنصري العرقي المتخلف ثم يتغنون بعد ذلك بالوطن والوحدة وقد أفرغوا الوطن من معنى الوطنية وأثبتوا أن وحدتهم هي وحدة القبيلة والمصلحة الخاصة مع جحافل الفاسدين والمتخلفين .. والعيب كل العيب أن يصبح أمثال هؤلاء وزراء ونواب ومحافظين وقادة عسكريين وأعضاء لجان وطنية كاللجنة العليا للانتخابات ..

أقول على هؤلاء الذين يثخنون الوطن والوحدة بالجراح والآلام أن لا يسقطوا آخر ورقة تغطي عورة الوطن لأن البلد وواقعه الوطني والسياسي والاجتماعي ما عاد يحتمل أكثر .. واحذروا أن تمتد صرخة البراغل من ساحة اللجنة العليا للانتخابات إلى كل بقاع الوطن عندها لن تجدي أي مبادرات أو مؤامرات لوقفها وعندها لن تنفع ليت ولا غيرها.. والله نسأل العافية..

وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال..


في الجمعة 27 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 06:23:54 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=6118