عندما يمرض الرئيس نريد أن نعرف أكثر
أحمد عايض
أحمد عايض

في مسيرة رئاسة استمرت لأكثر من ثلاثين عاما من عمر الرئيس علي عبد الله صالح ولأول مرة خلال هذه الفترة يعترف القصر الرئاسي بمرض رئيس الجمهورية , كاشفا عن ذلك بتصريح رسمي تناقلته وسائل الأعلام العربية والدولية, وهذا أمر جميل وحضاري في ذات الوقت في أن يكون الشعب مطلعا على حياة وصحة رئيسه .

قد يكون الاعتراف بالحالة الصحية في بلدان العالم الثالث وخاصة دول العالم العربي أمرا نادر الحصول . واحد الثوابت الملازمة لتلك القصور , مما جعل حياة ومرض الزعماء في علمنا العربي أمرُ غيبي لا يطلع علية إلا من خلقهم أو من حظي بقربهم .

التصريح الرئاسي الذي نشر في وسيلتين إعلاميتين رسميتين وكلتاهما نسبت لنفسها تصريح المصدر الرئاسي الذي كشف عن حالة الرئيس ورضوضه , ويبدو أن المصدر هو فاكس أرسل من مكتب مقرب جدا لفخامته لكل من وكالة سبأ وموقع الجيش 26 سبتمبر.

لن أخوض في الأسباب التي جعلت القصر الرئاسي يضطر إلى أن يعلن عن حالة الرئيس الصحية ويؤكد أنه لن يقدر على ممارسة مهامه سوى بعد تماثله للشفاء , ولن نقدر هنا أن نؤكد أو ننفي هل ذلك هروبا من مجزرة زنجبار , أم الانفلات الأمني الذي حصل بصورة مخيفة في تلك ألأيام , أم انتصارات الحوثي التي وصلت حتى السيطرة على مساحات حدودية مع الأخوة ألأشقاء في المملكة العربية السعودية ومحاصرة مواقع وكتائب عسكرية عدة هناك .

ويمكن القول أن الإفصاح عن حالة الرئيس الصحية , قد تكون لأسباب كثيرة وتداعيات جمة جرت في صورة متسارعة جعلت المصدر الرئاسي ولأول مرة يضطر للكشف عن ذلك .

البيان الرئاسي أو التصريح الرئاسي وكلاهما لا يفرقان في المعني أو المضمون حاول المعد لهما أن يكون حذرا في صياغته ودبلوماسيا في إخراجه , لكنة فيما يبدوا زاد الطين بله .

البيان كتب بطريقة أفهمت القارئ أن الرئيس مريض , لكن عباراته تضمنت غموضا , وكل عبارة تبحث عن إجابة .

فعلى سبيل المثال قال المصدر " أن الرئيس أصيب برضوض , لكنة لم يحدد نوعية تلك الرضوض وأماكنها فهل هي في يديه أم قدميه أم أماكن أخرى .

وأضاف أن الحادث وقع وأثناء ممارسة الرئيس لرياضته المعهودة, دون أن يحدد المصدر نوعيه تلك الرياضة وذلك أمر كل ألأولى الكشف عنة على أقل قليل ليعرف الشعب أن لدية رئيسا رياضيا .

كثير من الناس تندر من التصريح الرئاسي بأن الرئيس يمارس رياضته المعهودة لأنهم لم يتعودا أن يظهر الرئيس وهو يمارس أي رياضة , كما أن غالبية الشعب وقد تصل النسبة إلى " 99,9" لا يعرف ما هي رياضة الرئيس المعتادة .

فالفضائية اليمنية صورت وقدمت لنا الرئيس فقط على النحو التالي إما أن يستقبل كبار المسئولين وهو يضع رجل على رجل أو قائما يصافح زائريه , أو يمشي في الجبال والأودية لتفقد الرعية على قدميه ونادرا ما يكون ذلك , أو وهو سائق لأحدث موديلات السيارات في المناطق الجبلية مما ولد لدى الشارع اليمني شعورا مفاده أن الرئيس سائق محترف .

الخيل والسقوط

وعودا على بدء فإن مصادر مطلعة تؤكد أن الرئيس سقط من على ظهر حصانه , وأظن والله أعلم " لو كان الرئيس يمتطي ناقة لكشف البيان " أنه كلرياضتة على ظهر احد النياق العتاق .

لكن بما ان الرئيس سقط من على ظهر احد خيوله الأصيلة التي يقتنيها ,فإن الأمر يختلف هنا في نظر من صاغ البيان أو أدلى بالتصريح حيث أن التشابه بين شعار المؤتمر الشعبي العام الذي يتقلد الرئيس رئاسته وبين الدابة التي سقط من على ظهرها الرئيس " من فصيلة واحدة " , جعلت في ألأمر حرجا في فهم البعض فالأولى عدم التصريح بذلك, لأننا نشعب نحب التندر أو خوفا من فأل السوء في مطلع أي انتخابات قادمة " لا سمح الله " .

هوايات الرئيس

قد تكون مشاركته الرئيس بيوم قبل الحادث في سباقات الفروسية كمشجع لنجله خالد ولدت لدية الرغبة في ركوب الخيل , وحسب بحثي المطول عن هويات الرئيس الرياضية المفضلة لم اعثر على أي شي سوى مقابلة قديمة أجرتها مجلة الرجل في 29-8-2000م كشف خلالها فخامته أنه يمارس الرياضة وتحديدا " السباحة والبلياردو والبولنج, كما حدد أن الوقت المتاح لممارسة الرياضة بالنسبة له هو من الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر حتى الساعة السابعة مساءً , وهو التوقيت ذاته الذي سقط من على ظهر فرسه .

وفي ذلك الحوار لم يذكر الرئيس أنه من هواة ركوب الخيل , بمعنى أن الرئيس بدأ يمارس هذا النوع من الرياضة بعد العام 2000 م تحديدا, وربما مازال في طور التدريب على هذه الهواية .

وقد حاولت العثور على أي صور رياضية للرئيس خاصة في موقعه الشخصي وعند البحث في ألبوم الصور في الموقع ذاته وفي أكثر من ثمانين صورة لم أجد صورة لفخامته تظهره " كرياضي " وإنما كلها صور رسمية .

كما أن هناك صورة يتيمة للرئيس يظهر فيها وهو يمارس الجري على أحد الأجهزة الرياضية , وصورة أخرى وهو على ظهر احد الخيول ويبدو أنها التقطت في دار الرئاسة .

كما أن التصريح الرئاسي كشف عن مستشفى لم يعلم به احد , وهو مستشفى العرضي , وهو مكان أثار تساءل الكثيرين ممن لديهم اهتمامات خاصة بحياة الرئيس وسلامته , كونه معروفا أن فحوصاته وعلاجه تجرى في مستشفيات أوربية وتحديدا في ألمانيا .

كما أن ثلاثة أيام كانت كفيلة بجعل الرئيس يقف على قدميه ويضع رجل على رجل كما ظهر لنا على شاشة التلفاز ليقابل احمد قذاف الدم الموفد الخاص للرئيس الليبي معمر القذافي , وكان ذلك الظهور كفيل بقطع أي تأويلات أخرى حول صحة الرئيس .

غموض قابل للتأويل

ومع كل فإن التصريح الذي يعد ألأول من نوعه حسب معلوماتي حول صحة الرئيس قد غلف بالكثير من الغموض وعدم الوضوح , فما الضير في إظهار بيان واضح ما دام الرئيس في خير ونعمة بدلا من الغموض القابل للتأويل .

وكما أسلفت تضل هذه القضايا من ألأمور التي لم تستوعب بعد في عالمنا العربي تحديدا , وليس ببعد عنا الخبر الذي تناقلته يوم أمس وسائل الأعلام الدولية حول الوعكة الصحية التي ألمت بالرئيس الفرنسي حيث تناقلت وكالات الأنباء نقلا عن الرئاسة الفرنسية خبر " نقل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى المستشفى إثر إصابته بـ"وعكة صحية" جراء ممارسته رياضة الجري.

جميل أن يكون الشعب اليمني مطلعا على صحة زعيمة ورئيسة لكن ليس بطريقة غامضة توحي بالكثير من التأويل والجدل في مجالس الناس ومقايلهم , بل تطور ألأمر لتصبح وعكة الرئيس ورضوضه مثارا للعديد من النكات السياسية في اليمن , تكشف حقيقة الدعابة في نفسية هذا الشعب الذي تسيطر علية روح المرح والدعابة رغم كل ألآلام التي تحدق به ومن كل جهات .

وعلى كل سلامات يا ابا خالد و وطهور إنشاء الله ..


في الإثنين 27 يوليو-تموز 2009 05:29:00 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=5626