الصدق" للفقر "النووي": قراءة ثالثة في الصراع القادم على عرش اليمن!
دكتور/عبد الله الفقيه
دكتور/عبد الله الفقيه

لم يقل بن شملان في برنامجه الانتخابي انه سيولد الكهرباء بالطاقة الذرية أو انه سيقدم مبادرة واحدة لحل المشاكل والصراعات في الشرق الأوسط بما في ذلك فلسطين والعراق. 

ان يكذب على أهله أو يعدهم بما لا يستطيع تنفيذه أو يزايد على الآخرين على حساب مصالح بلاده. فمرشح أحزاب اللقاء المشترك يعرف جيدا إمكانات اليمن ويدرك أن الجوع يفوق في تدميره للإنسان أي قوة على الأرض. كما يعرف أيضا ان تعزيز دور البلاد على الصعيدين الإقليمي والدولي يبدأ من داخل اليمن وليس من خارجها. فالعبيد لا يصنعون الحرية والأميون لا ينتجون الكهرباء من الطاقة الذرية والعاجزون عن حل مشاكل بلدانهم هم اعجز من ان يحلوا مشاكل غيرهم أو ان يساهموا في إنقاذ البشرية.

لم يبدأ بن شملان حملته الانتخابية بتقسيم اليمنيين إلى أماميين، وانفصاليين، وانقلابيين، وعملاء للخارج. وفي الوقت الذي قدم فيه الآخرون أنفسهم كمرشحين لتجزئة البلاد يقدم بن شملان نفسه كمرشح لتضميد الجراح الذي وسعه الفساد والإستبداد.

وإذا كان الآخرون يلجئون في سعيهم إلى البقاء في السلطة والاستئثار بها إلى تهديد الناس بقطع مصدر رزقهم وبتوقيف المشاريع عنهم إذا لم يصوتوا لهم وغير ذلك من أساليب الترغيب والترهيب فان مرشح اللقاء المشترك الذي يتكلم ثلاث لغات ويحمل في عقله تجارب ثلاثة أجيال قد أنهى برنامجه بعبارة تقول " فإما الإصلاح والتغيير وإما بقاء الحال على ما هو عليه." ويعرف بن شملان قبل غيره ان غياب الإصلاح والتغيير لا يعني "بقاء الوضع على ما هو عليه." فمهما كان الإنسان متفائلا فان كل المؤشرات تؤكد ان الآتي أسوء من الحاضر ومن الماضي وان تثبيت الوضع الحالي بكل علاته لن يعني سوى اليأس الجمعي من إمكانية التغيير. لكن بن شملان يأبى الا ان يقدم نفسه كمرشح للأمل والتفاؤل.

*صاحب السلطة:

يبدأ برنامج مرشح اللقاء المشترك على النحو التالي: "الآن بوسعنا جميعا أن نقرر الوجهة التي نختارها لوطننا الغالي ، من خلال ذهابنا إلى صناديق الاقتراع لندلي بأصواتنا في أول انتخابات رئاسية تنافسية مباشرة تشهدها بلادنا ، وبهذا نكون أول جيل في تاريخ اليمن المعاصر تتهيأ له الظروف لممارسة حق اختيار من يرتضيه رئيساً لبلاده وأن ممارستنا لهذا الحق تضعنا أمام مسئولية الاختيار لتأدية الأمانة." واللافت في افتتاحية برنامج بن شملان هي انه في الوقت الذي يراهن فيه الآخرون على الدور الذي ستلعبه قلة صغيرة من المستفيدين من الفساد ونهب ثروات البلاد، فانه يراهن على دور المواطن اليمني بشكل عام. فالمواطن اليمني هو صاحب الحق الأصلي في تثبيت الوضع الحالي أو في تغييره وهو القادر إذا ما أعطي الحرية والمعلومات الصحيحة على ان يتخذ القرار الذي يخدم مصالحه. لا يقل بن شملان للشعب اليمني انه أفضل من غيره ولكنه ينبه الناخب إلى ألأهمية الكبيرة للحدث المقبل. فعندما يذهب اليمنيون إلى صناديق الاقتراع في سبتمبر القادم سيكونون الجيل الأول في تاريخ اليمن الذي تتاح له فرصة اختيار حكامه.

ويعرف بن شملان احتمالات التزوير لكنه كمرشح جاد يسعى لبناء ثقة الناخب بنفسه فيتحدث عما يجب ان تكون عليه الأشياء مذكرا الجميع بان الأساس الذي تقوم عليه السلطة في أي مجتمع هو "الرضا." فالشعوب هي التي تصنع الحكام لكن الحكام لا يصنعون الشعوب. ولا يخلو تأكيد بن شملان على أهمية هذه الانتخابات واعتباره لها الأولى من نوعها من دلالة ذات أهمية. فبن شملان، على عكس غيره، لا يقبل على نفسه ان يكون شاهد زور على واقعة تاريخية هامة. ونفي بن شملان لصفة التنافس عن انتخابات عام 1999 وهو تعبير عن حقيقة وليس مجرد رأي لا يعني افتقار الرئيس للشرعية خلال السنوات السابقة لان الرئيس كان يومها مرشحا للإجماع الوطني بقدر ما يعني غياب صفة المنافس عن المرشح المأجور وثبوت صفة "المحلل" مدفوع الثمن.

ولا ينسى بن شملان في خضم المعترك الانتخابي ان يؤكد وبشكل متكرر على الجوانب الدينية والأخلاقية المرتبطة بعملية اختيار رئيس البلاد. فاستدعاء مفهوم الأمانة المتجذر في وجدان الإنسان اليمني هو تأكيد مبكر في برنامج مرشح اللقاء المشترك على القيم التي يرتكز عليها المجتمع اليمني وعلى أهمية التحلي بتلك القيم والالتزام بها وعلى ان الانتخابات القادمة لن تقرر فقط شخصية رئيس البلاد ولكنها ستقرر أيضا نوع القيم التي يراهن عليها الشعب اليمني.

ويفرق بن شملان في برنامجه الانتخابي بين "رئيس" يتم انتخابه من اجل اليمن و بين "رئيس" يتم انتخابه من اجل امتلاك اليمن.. فالرئيس الذي يتم انتخابه من اجل اليمن لا بد وان يتخلى عن "الأهواء والأطماع الشخصية" وان يعمل على "ضمان تطبيق الدستور والقوانين والالتزام بقواعد الممارسة الديمقراطية" وان يلتزم في ممارسته لعمله بالمصلحة العامة. والرئيس المثالي هو الذي يشاور الناس في الأمر ويتمثل في قراراته إرادة المواطنين ويقدم للناس القدوة المثلي في السلوك ولا يختار الناس للمواقع العامة الا وفقا ل"الكفاءة والنزاهة والأمانة."

*مشاكل البلاد:

يشخص بن شملان مشاكل البلاد على أنها ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية. فسياسيا، هناك غياب لدولة النظام والقانون، و "تفشي الفساد عموماً والفساد السياسي بشكل أخص، وإهدار الحقوق" و "تركيز السلطة في يد رئيس الدولة ، دون توفر الحد الأدنى من التكافؤ بين الصلاحيات والمسئوليات ، وتعطيل مبدأ المساءلة والمحاسبة ، واستشراء مظاهر الفساد المالي والإداري ، وتنامي صفقات الفساد في قطاعات مصادر الثروة الوطنية كالنفط والغاز والثروة السمكية، وأراضي وعقارات الدولة والأوقاف وغيرها، وتزايد مظاهر العبث والإسراف في الإنفاق الحكومي الترفي."

أما المشكلة الاقتصادية فابرز مظاهرها " تكريس المتنفذين لسلطاتهم في مزاحمة التجار والمستثمرين ، خلق بيئة طاردة للاستثمار" ، إهدار ثروات البلاد، و الفشل الذريع لسياسات الإصلاح الاقتصادي والتي تم تطبيقها خلال العشر سنوات الماضية. ان المشكلة الاقتصادية في نظر بن شملان لا تكمن في شحة الموارد بقدر ما تكمن في "سوء وفساد إدارة هذه ا لموارد."  ولقد أدت المشكلة السياسية-الاقتصادية إلى وضع اجتماعي يتسم ب "التدهور المريع للأوضاع المعيشية للمواطنين، وللأوضاع العامة للبلاد جراء غياب دولة القانون والمؤسسات، وانعدام المساواة والعدالة، وارتفاع نسبة العاطلين عن العمل إلى أعلى المعدلات في العالم إذ تقدر البطالة الكلية بـ ( 43% ) ، وتفاقم أزمة الفقر والفقر المدقع لتشمل غالبية السكان لتصل إلى ( 59% ) حيث تم القضاء على الطبقة الوسطى في المجتمع، وتدهورت خدمات التعليم والصحة والكهرباء ومياه الشرب وبقية الخدمات الاجتماعية ، مع انخفاض مستوى دخل الفرد إلى حد مريع، ومجمل هذه الأوضاع والظروف وضعت اليمن في ذيل قائمة الدول الأكثر فقرا والأقل نمواً.." وتشخيص بن شملان لأوجاع اليمن وأمراضها المزمنة هو في مجمله تشخيص واقعي لأوضاع البلاد. ففي الوقت الذي يبدد فيه الحزب الحاكم ثروات البلاد في شراء السيارات الفارهة وبناء قصور الف ليلة وليلة، وشراء الولاءات يعيش معظم اليمنيين تحت خط الفقر. وإذا كان مرشح اللقاء المشترك قد قدر نسبة اليمنيين الذين يعيشون تحت خط الفقر بحوالي60% فان الحقيقة هي ان كل اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر بمعنى أو بآخر. فدخل الفرد في اليمن بشكل عام يجعل كل اليمنيين يعيشون على اقل من دولارين في اليوم. أما إذا فكر الإنسان في التوزيع غير العادل للدخل والذي يجعل فئة صغيرة جدا تستحوذ على ثروات البلاد فانه يدرك على الفور الخلل العميق الذي يعيشه المجتمع اليمني.

*الحلول المقترحة: لا يتوقف برنامج مرشح اللقاء المشترك عند تشخيص الأمراض التي تعاني منها اليمن بل يتع ى ذلك إلى تبني مجموعة من الحلول السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولعل أهم تلك الحلول هو ما يلي:

‌1- الأخذ بنظام المجلسين (النواب والشورى) في تكوين السلطة التشريعية ، ومن خلال انتخابات حرة ومباشرة لكل منهما.

2- تحديد مدة مجلس النواب بأربع سنوات، ومدة رئيس الجمهورية بخمس سنوات.

3- الأخذ بنظام القائمة النسبية في الانتخابات.

4- إعطاء السلطة التشريعية صلاحيات الإقرار والتعديل للموازنة العامة للدولة.

5- إلحاق الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بمجلس النواب.

6- تقييد نفاذ قرارات التعيينات التي تتخذها الحكومة لمحافظ البنك المركزي، وللسفراء، ولكبار المسئولين المدنيين والعسكريين بموافقة مجلس الشورى المنتخب.

7- إعادة النظر في وضعية وتبعية البنك المركزي للسلطة التنفيذية

8- إلغاء المحاكم الاستثنائية

9- ضمان حق المواطنين في امتلاك وإقامة مؤسسات الإعلام المرئية والمسموعة، وإزالة كل القيود التي تحول دون ممارسة هذه الحقوق

10- إيقاف مسلسل الجرع (الزيادات السعرية) التي تقوم بها الحكومة اليمنية من آن لآخر والتي اثبت العقد الماضي ان فائدتها الإيجابية تذهب إلى جيوب أباطرة الفساد في حين يتحمل الفقراء من ابناء الشعب اليمني آثارها السلبية.

11- زيادة الإنفاق الاستثماري وإعطاء الأولوية فيه لقطاعات التعليم والصحة والكهرباء والمياه والصرف الصحي و البنى التحتية

12- تخفيض30% من ضرائب الدخل على الأفراد

13- توفير نظام التأمين الصحي لكافة العاملين والمتقاعدين وتحريك معاشاتهم بما يتناسب مع تكاليف المعيشة.

*مشروع المعارضة:

لعل السؤال الذي يدور في ذهن القارئ يتركز حول العلاقة بين برنامج بن شملان ومبادرة الإصلاح السياسي والوطني الشامل التي تقدمت بها أحزاب اللقاء المشترك أواخر العام الماضي. والجواب على هذا السؤال يمكن إيجازه في عدة نقاط.

أولا، يقدم بن شملان نفسه ومن خلال برنامجه كشريك للقاء المشترك وليس كمرشح تابع. وهنا ينبغي التنبيه إلى الفارق الكبير بين المرشح "المأجور" الذي يتاجر بكل شي بما في ذلك رفاة الآباء والأجداد والذي رأى الناس أسوء عينة له في انتخابات عام 1999 وبين هامة وطنية بحجم بن شملان تقبل بالشراكة وترفض التبعية العمياء والتقديس الأحمق للفرد مهما كان موقعه ومعجزاته. فبينما كان آخرون يعدون أنفسهم للإيجار مثل الشقق المفروشة كان بن شملان يبحث دوما عن شركاء في العمل الوطني.

ولا غرابة إذا ان يأتي برنامج بن شملان ليمثل مزيجا من حكمة بن شملان وتميزه ومن مبادرة اللقاء المشترك التي تمثل رؤية إستراتيجية لمستقبل البلاد. وبرغم التطابق بين برنامج بن شملان وبين مبادرة اللقاء المشترك في جميع الجوانب الإ ان هناك تمايز ملحوظ في مسألة الإصلاح السياسي.. فبن شملان كمرشح مستقل للرئاسة وكوطني يسعى لتنفيذ إستراتيجية يؤمن بها وبفائدتها للبلاد يدرك جيدا بان التحدي الماثل الآن ليس في كون النظام رئاسيا أو برلمانيا ولكنه يتمثل في كون النظام استبداديا، فرديا، وفاسدا. ولذلك يتبنى مرشح اللقاء المشترك في برنامجه إصلاحات سياسية جوهرية تطيح بالطبيعة الاستبدادية للنظام وبغض النظر عن شكله. واهم تلك الإصلاحات تتمثل في تقييد سلطة التعيين والتي يدرك بن شملان بان سلطة التعيين المطلقة هي "مفسدة مطلقة" للحاكم أي كان. كما يتبنى إحداث شراكة في السلطة بين الفروع المختلفة.

ثانيا، كان بن شملان موفقا في تبنيه إستراتيجية تدرجية للإصلاح الشامل في الجانب السياسي وتمثل الخطوات التي التزم مرشح المعارضة بتنفيذها في حال حصوله على الثقة أهم الخطوات التي تحتاجها اليمن في الفترة الحالية. ففي مواجهة الفساد الذي بات هو الحاكم الفعلي للبلاد لا بد من تقصير فترة خدمة الرئيس وعضو مجلس النواب وإعادتها إلى الوضع السابق الذي انقلب عليه الحزب الحاكم في عام 2001. وتقصير فترة خدمة كل من رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس النواب يمثل ترجمة حقيقية للنص الدستوري الذي أكد بان الشعب مالك السلطة ومصدرها. فالتعديل الذي وعد بن شملان بتنفيذه يعطي الشعب صاحب الحق في السلطة الأداة التي يستطيع من خلالها محاسبة ممثليه بشكل دوري. فتحديد فترة مجلس النواب بأربع سنوات تجعل ممثلي الشعب موضع مساءلة من قبل ناخبيهم خلال فترة زمنية معقولة. 

كما ان الأخذ بنظام المجلسين المنتخبين انتخابا مباشرا من قبل الشعب مع إحداث تمايز في الوظائف المعطاة لكل مجلس يمكن ان يحقق هدفين في نفس الوقت: توسيع المشاركة الشعبية من جهة، وتعزيز قدرة الشعب على ممارسة الرقابة على ممثليه من جهة أخرى. ويمثل التزامه بتحرير سوق الإعلام المسموع والمرئي تمكين للشعب من ممارسة رقابة يومية على حكامه.

ثالثا، اظهر مرشح اللقاء المشترك في برنامجه الانتخابي التحاما كبيرا بالمعاناة الشعبية وركز في طرحه في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي على تبني حلول سريعة وعاجلة للأوضاع الصعبة التي يعيشها الناس قبل الالتفات إلى الخطط والإستراتيجيات. وقد نجح في ذلك من خلال تقديم نفسه كمرشح للإنقاذ الوطني قبل ان يقدم نفسه كمرشح لإجتراح المعجزات.

رابعا، لا يتوقف التغيير الذي يتبناه بن شملان والهادف لبناء الدولة اليمنية الحديثة عند "تغيير الأشخاص" ولكنه يمتد ليشمل "تغيير المناخات والظروف القائمة" بما في ذلك " تصحيح كافة السياسات والممارسات الخاطئة التي تسيء إلى الوحدة اليمنية ، وتضعف عرى الوحدة الوطنية، وتوفير كافة الشروط التي تعزز دعائم الكيان اليمني الموحد ، وتقوي الروابط بين أبنائه.. وتحقيق مصالحة وطنية شاملة تمكن شعبنا من تصفية وإزالة الآثار السلبية لحرب 1994م ، ومعالجة المشكلات الناجمة عنها ، وتسوية المشكلات الناجمة عن الحروب والصراعات السياسية بما في ذلك أحداث 1978م وحرب صعدة." ويلاحظ من النص السابق ومن نصوص أخرى كثيرة بان بن شملان يحاول في برنا جه القصير استيعاب مطالب مختلف الفئات الاجتماعية وخصوصا تلك الفئات التي تضررت من سياسات وإجراءات النظام الحالي.

خامسا، يميز بن شملان نفسه عن منافسيه في اكثر من موضع في برنامجه الإنتخابي بالتأكيد على ثلاث خصائص تميز شخصيته وبرنامجه. ففي الوقت الذي يقدم فيه الآخرون كصناع ورموز للفساد، يقدم نفسه كمرشح لمحاربة الفساد معبرا بذلك عن تطلعات ال99% من اليمنيين الذين أفقرهم الفساد الحاكم بجرعاته وفرديته وسياساته الأنانية. وفي الوقت الذي يقدم فيه الآخرون كحكام فرديين يدوسون بأقدامهم على الدستور والقانون يقدم نفسه كمرشح لحماية الدستور والقانون. ولا ينسى بن شملان ان يشير وفي أكثر من موقع انه ليس طالب سلطة وانه لم يسع لطلب التزكية أو الترشح باسم أي قوة ولكنه كوطني متميز وكشخص يفاخر بسجل نزيه لم يتردد في تلبية نداء القوى الوطنية في المشاركة في إنقاذ البلاد مما ترزح تحته من نهب للثروات وإفساد للضمائر وظلم للعباد.

*حديث الصدق:

كما يبدأ برنامج بن شملان بخطاب مباشر للناخب اليمني فانه يختتم بنفس الطريقة حيث يقول مخاطبا الناخب اليمني: "أنت تتحمل عناء الفقر والجوع وضيق ذات اليد.. وقلة يعانون التخمة وينهبون الثروة باسمك وعلى حسابك. دخلك الشهري لم يعد يكفي لتأمين الغذاء الضروري لأسرتك أو لتسديد نفقات التعليم والدواء ولم تعد قادراً على تأمين الوظيفة أو العمل أو السكن اللائق، بسبب فساد الحكم القائم وفشله في الوفاء بالتزاماته. بيدك اليوم تغيير هذا الواقع .. فالعيش في حدود الكفاف لا يليق بآدميتك... نحن مصممون على تأمين كل الاحتياجات الضرورية بإصلاح الأوضاع المختلة واستئصال الفساد وبناء الحكم الرشيد."

والقارئ لبرنامج بن شملان بما تضمنه من استحضار لمعظم مشاكل البلاد وللتحديات المختلفة التي تواجهها ومن تشخيص واقعي للأسباب يشعر بصدق الرجل لثلاثة اسباب على الأقل. أولا، لم يقدم بن شملان وعودا لا يمكن تحقيقها وما يقوله الرجل باختصار هو ان ثالوث الجهل، والفقر، والمرض الذي يعيش فيه اليمنيون لا يعود إلى غياب الموارد والثروات الوطنية ولكنه يعود وبشكل أساسي إلى الفساد وسوء الاستخدام لتلك الموارد. وفي ضوء ذلك التشخيص يقترح الحلول التي من الصعب الإختلاف حول نجاعتها. ثانيا، يمتاز بن شملان عن منافسيه بسجل يتصف بالصدق والنزاهة والزهد في السلطة مما يجعله محل ثقة من أبناء شعبه. ثالثا، يمثل السياسي المستقل فيصل بن شملان مجموعة من الأحزاب الساعية إلى السلطة والتي عصرتها التجربة وأصبحت تدرك بان الترتيبات المؤسسية الصحيحة هي الحماية لها من الاستبداد مؤتمريا كان أو إصلاحيا أو اشتراكيا. ولقد كان الأستاذ محمد قحطان رئيس الدائرة السياسية في التجمع اليمني للاصلاح صادقا عندما قال بان السلطات الدستورية والقانونية المعطاة للرئيس في الوقت الحالي تجعله لا يأمن أحدا على الرئاسة حتى ولو كان احد قادة حزبه.

 

 
في الجمعة 25 أغسطس-آب 2006 05:23:54 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=445