الإنقلابيون واستراتيجية تجرع السم
د. عبده سعيد المغلس
د. عبده سعيد المغلس
عمد الإنقلابيون إلى تشكيل مجلس سياسي مناصفة بين المؤتمر الموالي للرئيس السابق وحلفائهم والحوثيون وأنصارهم ليحل محل اللجنة الثورية في إدارة الإنقلاب وبالتالي تم الغاء الإعلان الدستوري ولجنته الثورية وهو ما يعد دليلا لفشل الإنقلاب الذي بداء في 21 سبتمبر 2014 م.
وقد أوضح الكاتب الصحفي المعروف احمد الحبيشي مشروع مهام واستراتيجية المجلس السياسي للإنقلابيين للمرحلة القادمة كاشفاً عن خطة عمل المجلس الرئاسي والإنقلابيين وذالك في حوار مع صحيفة "الوقت" الإيرانية الصادرة بالفارسية ونشر يوم الأحد الماضي - ونقلها للعربية "يمن مونيتور" والأستاذ الحبيشي قيادي معروف في حزب المؤتمر الشعبي الموالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح وعضو اللجنة العامة ورئيس مركز الحزب الإعلامي ومن مقابلته تلك نجد أنه حدد تلك المهام والإستراتيجيات بالنقاط التالي :
أولا: سحب سلاح الدستورية الشرعية.
(و بعد عام و نصف من النجاح في إدارة مؤسسات الدولة بوسائل ثورية، بات من حقنا لا بل من واجبنا أن نسحب سلاح الدستورية الشرعية من كل من يدعيها و نضفيها على مؤسساتنا في داخل اليمن، فنحن من يقيم على أرض اليمن و نحن من يدير مؤسسات الدولة فعلياً، فما هي الدولة أصلاً؟ إنها عبارة عن مؤسسات مدنية و اقتصادية و عسكرية، هذه هي الدولة، و نحن من يديرها اليوم).
ثانيا: إيجاد اطر دستورية لأعمالهم.
(واعترف الحبيشي أنه لا أطر دستورية لهذه الإدارة التي يقومون فيها بإدارة الدولة. وأضاف مستدركاً إنه من حقهم الحصول على تلك الأطر الدستورية بتشكيل المجلس السياسي لأنهم يسيرون مؤسساتهم. وقال: "من حقنا أن نقيم سلطة دستورية)
ثالثا: الإتفاق على تشكيل المجلس:
(و جاء هذا المجلس السياسي الأعلى بعد توافق أنصار الله و المؤتمر الشعبي و كافة الحلفاء).
رابعا: مهام المجلس السياسي.
1-  مقاومة العدوان.
وأولى النقاط المتفق عليها هي ضرورة مقاومة العدوان وفقاً للآليات الدستورية، ففي دستورنا فصل كامل حول هذه المسألة ينص على مجموعة التزامات حكومية في مواجهة أي غزو خارجي. وهذه المقاومة ستتم حسب قوله من خلال:
1- تطبيق قانون الطوارئ الذي بات موجود أصلاً.
2- مجموعة أخرى من الإجراءات الدستورية الضرورية للمواطن التي لم تطبق حتى الآن، و نحن هنا ندير الأمور و نعتقل المخلّين بالأمن و نصادر أسلحتهم و نقوم بالعديد من الأمور التي هي من وظيفة الحكومة و ينص عليها الدستور.
2-  سلطة تدير البلاد.
(والمجلس السياسي الأعلى هو بمثابة أعلى سلطة تدير أمور الجيش والسلطة في البلاد )
3-  تشكيل حكومة جديدة.
(وسينتج عن هذا المجلس حكومة جديدة ).
4-  إعادة عمل مجلس النواب وتفعيل الدستور.
(وسنعيد عمل مجلس النواب وسيستعيد الدستور مفاعيله وستقدم الحكومة برنامج عمل جديد لها يراعي ما تمر به البلاد اليوم وهناك حاجة لذلك) (تفعيل الدستور من جديد و نقوم بكل ما هو ضروري لوطننا)
خامسا: طبيعة المشاورات القادمة وشروطها:
ونفى أن تكون هناك جولة مشاورات قادمة برعاية الأمم المتحدة. ووضع الحبيشي ثلاثة شروط للدخول في مشاورات مع الأمم المتحدة: (نحن و منذ الآن نقول:
1-  إننا انتهينا من كل هذه المناورات و بات لدينا معطيات جديدة و معادلات جديدة و لن نقبل بأي مفاوضات برعاية الأمم المتحدة بعد الآن إلا مع السعودية كدولة غازية و معتدية.
2-  لن نقبل أي مفاوضات مع هادي و أتباعه و لكن لا نمانع حضور أطراف أخرى كشهود.
3-  لن نقبل بأي مرجعيات إقليمية و دولية لأي مفاوضات قادمة تسببت في تدمير بلادنا.
سادسا: من سيقود المفاوضات:
(هذه هي المبادئ التي سنتبعها منذ اليوم و أي مفاوضات قد تأتي ستكون مع المجلس السياسي الأعلى باعتباره السلطة الشرعية الأعلى و الوحيدة في اليمن).
سابعا: حول تغيير روسيا لموقفها والتغييرات القادمة :
(الروس غيّروا موقفهم لأن التوازنات على أرض الواقع تغيّرت وبات الصمود والسيطرة لليمنيين جلياً، وباعتقادي أن دولاً أخرى شقيقة وصديقة عربية وإسلامية ستغيّر موقفها أيضاً وهناك حقائق على الأرض تدعم ذلك).
( إن التغير الروسي ليس الوحيد فتغييرات كبيرة ستحصل ليس فقط في الموقف الروسي إنما في مواقف دول أخرى حتى تلك التي دعمت السعودية في عدوانها، لأن من يفرض نفسه على الأرض ويستثمر معطيات صموده على الأرض هو من يبسط سلطته على العالم أجمع).
ثامنا: تقليد التجربة الإيرانية لفرض معادلات جديدة:
(التجربة الإيرانية في حربها الوطنية ضد العراق التي أسقطت ستة قرارات دولية تلزم إيران بوقف إطلاق النار إلا أنها لم توقف إطلاق النار إلا عندما اقتنعت هي بذلك و ضمنت الأفضل و الأصح لبلادها، و هذا ديدان الكثير من الدول و الشعوب التي صمدت في وجه الاعتداءات و فرضت معادلاتها هي)
تاسعا: فرض المعادلات وتغيير المواقف.
( ونحن اليوم سنفرض معادلاتنا و على العالم كله أن يتفاعل معها) وقال (موقف العديد من الدول الصديقة والقريبة جاء مختلفاً لأنه لا يوجد سلطة دستورية في اليمن لذا نحن من الآن وصاعداً سنفعّل الدستور ونعيد الشرعية لحضن الوطن، الشرعية التي يدّعونها وهم في حضن المعتدين والغزاة، و سنفرض هذا الأمر على كل المرجعيات الأممية و لن نقبل أي مفاوضات بعد الآن إلا مع السعودية كدولة معتدية و غازية لليمن). 
دعونا نناقش هذه المهام والإستراتيجيات وفق ما يخطط له الإنقلابيون ووفقا للطرح المذكور سابقا:
أولا: سحب سلاح الدستورية الشرعية.
فمن حيث سحب الشرعية فشرعية الرئيس هادي أتت عبر مرجعيات شرعية وطنية وإقليمية ودولية فعلى المستوى الوطني فقد تم انتخابه عبر انتخاب شعبي مباشر لم يحظى به أي رئيس سابق وتأييد دستوري وبرلماني وحكم من المحكمة الدستورية العليا وعلى المستوى الإقليمي نصت على شرعيته المبادرة الخليجية ومؤتمرات القمة العربية ومعترف به من كل الدول العربية وعلى المستوى الدولي أكدت تأييد شرعيته خمسة قرارات دولية منها ثلاثة تحت الفصل السابع .أما شرعيتهم فلا أساس لها على كافة المستويات الدستورية والوطنية والإقليمية والدولية وقادة الأنقلاب صدرت بحقهم عقوبات دولية بقرارات من مجلس الأمن تحت الفصل السابع.
ثانيا: إيجاد اطر دستورية لأعمالهم.
لا يوجد أي اطار دستوري يدعم انقلابهم الأول ولا الثاني ولا يستطيعوا إيجاد أي نص أو مادة دستورية تدعم مجلسهم الرئاسي كما لم يجدوا نصوص دستورية تدعم لجنتهم الثورية ولو كان هناك نصوص دستورية تدعم مزاعمهم لذكروها. وبالتالي لا يستطيعون إقامة سلطة دستورية. كما إن المبادرة الخليجية نظمت المرحلة الإنتقالية وأصبحت وثيقة دستورية وحددت في موادها المادة (4) من المبادرة الخليجية , وال (8) , (9) من آليتها التنفيذية عملية تنظيم المرحلة الإنتقالية وعلاقتها بمواد الدستور.
ثالثا: تشكيل المجلس:
هو شبيه بتشكيل اللجنة الثورية تم من أشخاص ليس لهم أي ثقل شعبي أو جماهيري مما يؤكد عجزهم عن إيجاد شخصيات اعتبارية ذات وزن اجتماعي مؤثر مما يؤكد أن انقلابهم لا يحظى بأي تأييد شعبي حسب زعمهم ولن يزيد عن أن يكون مجلسهم مجلس فيد ونهب وتوظيف وبيع للمشتقات النفطية وسرقة المال العام مثله مثل اللجنة الثوري. وثبت أنهم لا يمتلكون مقومات إدارة الدولة فليس لديهم غير الفيد ونهب الثروات.
رابعا: حول مهام المجلس السياسي وتفعيل الدستور وعقد مجلس النواب.
يتحدثون عن مقاومة العدوان وهم الذين قاموا بالعدوان على الوطن شرعية ومشروع ودولة وشعب وحاولوا قتل الرئيس أكثر من مرة وبعدوانهم هذا مارسوا أكثر من 21 جريمة حرب ضد الشعب اليمني, والمملكة العربية السعودية والتحالف وعاصفة الحزم أتت لردع عدوانهم السافر وبشرعية وطنية تمت بطلب رئيس الجمهورية من كل من المملكة ومجلس التعاون والجامعة العربية العمل على إنقاذ اليمن بكل السبل بما فيها القوة العسكرية وبشرعية إقليمية مثلها التحالف العربي والجامعة العربية ومجلس التعاون وبشرعية دولية مثلتها خمسة قرارات من مجلس الأمن ثلاثة منها تحت الفصل السابع كلها تدعم دور التحالف بقيادة المملكة ودور مجلس التعاون في الأزمة اليمنية وبالتالي فالسعودية ليست دولة غازية ولا معتدية كما يزعمون وهي بقيادة التحالف إنما تقوم استجابة لطلب رئيس الجمهورية تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الصادرة تحت الفصل السابع حيث مثل الإنقلاب تهديد للأمن والسلم الدوليين.
أما من حيث إعلان الطوارئ فهم جعلوا الوطن كله يعيش حالة طوارئي على كل المستويات السياسية والإجتماعية والإقتصادية فسجونهم مليئة بالمعتقلين والقتلى بالألاف وكذالك المختطفين ونهب للاحتياط ومقدرات الوطن كما انهم لا يستطيعون تشكيل حكومة فكل قراراتهم وأعماله ليست شرعية لأنها أتت من سلطة انقلاب لم يعترف بها لا وطنيا ولا إقليميا ولا دوليا.
ولكونهم سلطة انقلاب غير معترف بها فإنهم لا يستطيعون تفعيل الدستور ولا الدعوة لعقد مجلس النواب كما إن مجلس النواب يستمد استمرار شرعيته من المبادرة الخليجية ولا يمتلكون الأغلبية .
خامسا: حول طبيعة المشاورات القادمة وشروطها:
من العجيب دعواهم بوضع شروط للمفاوضات القادمة فإذا كانوا لم يستطيعوا وضع شروط للمشاورات السابقة والتي تمت تعريتهم بها كونهم مجموعة انقلابية مرتبطة بأجندات خارجية لا يهمهم الشعب ومعاناته وليسوا دعاة سلام كما يزعمون أو أقلية مضطهدة كما يفترون.
ومشاوراتهم إن حصلت لأنه قد لا تكون هناك مشاورات في الأصل ستكون عبر الأمم المتحدة مع شرعية هادي لتنفيذ المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية أما من حيث عدم اعترافهم بهذه المرجعيات فليس لديهم القوة والمقدرة لتجاوزها أو عدم الإعتراف بها .
سادسا: حول من سيقود المشاورات القادمة .
هم يحلمون بأن يلعب المجلس السياسي دورا في المشاورات القادمة فالمشاورات القادمة ستكون حول تطبيق تنفيذ قرارات الشرعيات الوطنية والإقليمية والدولية التي لا يعترفون بها .
سابعا: حول تغيير روسيا لمواقفها والتغييرات في المواقف الدولية القادمة.
روسيا مؤيدة للمبادرة الخليجية ولمؤتمر الحوار ومخرجاته ومؤيدة لخمسة قرارات صدرت من مجلس الأمن ثلاثة منها تحت الفصل السابع 4 منها بالإجماع والخامس لم تمارس عليه حق النقض ما يعني الموافقة عليه ضمنيا ولا أدري ما هي معطياتهم لأحلامهم بالمتغيرات القادمة.
ثامنا: حول فرض المعادلات وتغيير المواقف.
من الواضح أن من يفرض المعادلات والمتغيرات على الساحة الوطنية والإقليمية والدولية منذ انقلابهم في 21 سبتمبر 2014م وحتى اللحظة هي الشرعية والتحالف وهم يخسرون كل يوم متغير الأنقلاب ولن يستطيع مجلسهم السياسي فرض أي معادلة أو متغير كما لم تستطع لجنتهم الثورية فرض شيئ.
تاسعا: السير على خطى إيران.
هم حقيقة يتبعون المشروع الإيراني الذي تماهى مع انقلابهم بإعلان صنعاء العاصمة العربية الرابعة التي أصبحت ضمن المشروع وإستراتيجيتهم التفاوضية في المشاورات تتبع خطوات ايران في التفاوض مع المجتمع الدولي والظاهر أنهم لن يرضخوا للسلام ويقبلون به دون أن يتجرعوا سم الهزيمة والقبول بتنفيذ المرجعيات ليكتمل تقليدهم لإيران وللخميني حين تجرع سم قبول وقف اطلاق النار في حربه مع العراق حيث قال (انه افضل له تجرع السم من قبول التوقيع على وقف اطلاق النار).


في السبت 13 أغسطس-آب 2016 11:24:28 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=42521