كم سيدفع هادي ثمن الكرسي
علي بن ياسين البيضاني
علي بن ياسين البيضاني

يبدو أن ثمن كرسي هادي وبقاءه عليه سيكون مكلفًا كثيرًا على حياة اليمنيين ومصادر تمويلهم ، مع ارتباط هادي بعصابات الحوثيين المارقة على النظام والقانون والقيم وأخلاق الشعب اليمني العظيم ، ومع ذلك نجد أن الرئيس هادي يسير في فلكهم ، ويدور حيثما داروا ، دون مبالاة بمكانته وسلطانه ، ولا بحياة وسعادة اليمنيين ، همّه الكبير والعظيم هو كيف يبقى رئيسًا فقط ..

قرأنا ورأينا وثيقة نشرت بالأمس عن قيام الرئيس هادي بصرف مبلغ مائة مليون ريال للحوثيين بنظر المستشار / صالح الصماد – مقوَّت سابق – لتمويل احتفالية مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين فقط ، وبغض النظر عن صحة هذه الوثيقة من عدمها ، فالذي نُهِبَ من البلاد من قبل الحوثيين من سلاح ثقيل ومتوسط وخفيف وأموال منقولة وغيرها يقدّر بملايين الدولارات إن لم نقل مليارات الدولارات ، وقد آلمني كثيرًا الإستهتار بمقدرات الأمة ، وبعثرتها لاحتفالات بدعيَّة ما أنزل الله بها مـــن سلطان ، ولو كان رسول صلى الله عليه وسلم حيًا بيننا لتبرأ من كل نسل ، ولقطعه من جذوره بكل من ادعى زورًا وبهتانًا محبته لينهب بها أموال المسلمين على احتفالات فارغة ، ليس الغرض منها المحبة ، فهم والله أبعد من ذلك بُعد المشرقين ، والكل يعلم أن الغرض منها النهب المنظم للمال لتمويل أنشطتهم التوسعية ثم الدعاية المذهبية والسياسية .

حديثنا الآن ليس الغرض منه ذكر بدعية أو سنية مثل هذه الإحتفالية الفارغة ، لكن التساؤل هو : من حَق من يصرف هادي مثل هذا المبلغ الكثير ، وبأي شرعية قانونية ولعصابة مسلحة ؟! وما هي الأغراض السياسية لذلك ؟! ثم ما هي الأثمان القادمة التي سيدفعها هادي من أموال اليمنيين مقابل بقائـه على كرسي الحكم ؟ 

يبدو أن راسمي السياسة الإيرانية فى اليمن ارتأوا أن من صالحهم استغلال حاجة الرئيس هادي لبقائه على الكرسي لتمويل مشروعهم التوسعي الإيراني الفارسي ، وبأموال يمنية بسبب انخفاض مصادر دخلهم نتيجة لانخفاض البترول عالميًا ، وتوسّع مشاريعها فى العراق وسوريا ولبنان والبحرين والسعودية ولم تعد قادرة على التكاليف الباهضة لذلك ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فالحوثيون يرون أنهم الدولة الآن وهم أحق بالمُلْك وأمواله ونفقاته ، وفي نظرهم هادي ما هو إلا أجيرًا لديهم ، وليس من حقه التمنّع والرفض ، كما أنهم يعلمون مدى حرصه على كرسي الحكم فاختلقوا تعمدًا الإعلان والتجهيز لإقامة الإحتفالية والترويج لها بصورة واسعة أنها ستكون في ميدان السبعين ، ثم الترويج بإمكانية اقتحام القصر الرئاسي ، مما جعل الرئيس يفتدي الكرسي بمائة مليون ريال مقابل إلغاء الحفل فى السبعين ، وتغيير موقعه إلى مقر الفرقة الأولى مدرع – حسب ما أعلن عن ذلك - ، ولم يكن يهمهم فى الأصل إقامة الحفل كما يهمهم ابتزاز الرئيس وأخذ الثمن ، وللأسف الشديد نجد هادي يساهم دون أن يعلم أو هو يعلم في تضييق الخناق على رقبته وعلى رقاب اليمنيين ..

السؤال المطلوب الإجابة عليه : ما الفرق بين فساد علي عفاش وفساد الحوثيين في صرف الملايين على الإحتفالات ، والرئيس هادي كان سابقًا الرئيس الحصري للجنة العليا لإحتفالات النهب العام إبان عهد عفاش ، وهو يعلم كم كان يُنْهب من أموال على احتفالات واهية جوفاء والشعب يئن من الفقر والجوع ؟ لا فرق إذن إلا فى تحديد المناسبة ، ذاك ينهب الأموال العامة بإسم احتفالات الجمهورية ، والحوثيون ينهبـون بإسم / رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن وجهة نظري أن النهب الأخير هو أشد وضاعة وقُبحًا أن يتم إقاحم إسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهب البلاد والعباد ..

ثم أين هي اللجان الثورجية الشمطاء التي تريد أن تحارب الفساد والمفسدين ، وهل بعد قتل الناس عدوانًا وظلمًا ، وتفجير المساجد ، ومدارس تحفيظ القرآن ، ودور الأيتام وبيوت الناس أو اقتحامها من فساد أشد ؟! ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم المحتفَل بميلاده زورًا وبهتانًا :" لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل من سفك دم مسلم بغير حق " وروي بلفظ " لهدم الكعبة حجراً حجرا أهون من قتل مسلم " ، فأي فساد يمكن لهم أن يحاربوه ، وهم الفساد بكلّه ..

ثم السؤال ما الذي يمكن أن يقدمه هادي بعدما سلّم البلاد والعباد لهم من أثمان ليبقى على كرسي السلطة ؟ وهل يريد إيصال البلاد إلى طريق اللاعودة ( الهاوية ) ثم يرحل ويترك البلاد بحجة عدم مقدرته ، ويكون حينها قد استكمل المشاهد المسرحية العبثية بتمكين الحوثيين من مفاصل السلطة وتفاصيلها ، وتسليم البلاد لإيران ، ثم ليقطع الطريق على عفاش بقطع علاقاته بهم بهكذا تنازلات ، ويعطيهم ما لم يعطهم عفاش ، وللأسف فقد أصبحت البلاد بضاعة بين بائعين متنافسين على مشتري حاذق ، وليس في حسبان الحوثيين أي البائعَين يمكن الإرتباط به ، المهم لديهم من يقدم بضاعته لهم بشكل أفضل والبيع بالمجان ، وليس في حساب هادي أيضًا ما يمكن أن يقدمه لهم من تنازلات سواء مالية أو مناصب أو توسع فى الأراضي لطالما أنها ضمن اطار المناطق الشمالية لأنها في نظره ليست أرضه ولا ملاذه الأخير ، ولم يعد يهمه حينها ما بقي من البلاد ، والى داهية تسير ...

لكن يظل السؤال الهام : إلى متى يقف رجال اليمن وأحزابها العتيدة صامتة أمام كل ما يجري من إضاعة للبلاد وبيع للعباد ، ولا يعلمون أن اليمن مثل السفينة تغرق بأهلها .. جنّب الله اليمن شر ذلك اليوم ، وأغرق خائنيها في أوحال الخراب ..


في الخميس 01 يناير-كانون الثاني 2015 01:24:21 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=40897